الشهيد اللّواء الغُماري.. من فولاذيّة الأركان إلى سرمديّة الجِنان
زينب إبراهيم الديلمي
صولاتٌ وجولاتٌ أغمت عدواناً عُرِفَ بتوحّشه المعهود وصَلَفه اللامحدود منذُ أحد عشر عاماً، وكانت كابوساً لحلم مملكة النّفط ودويلة الزّجاج وصولاً إلى كيان الشّر الصّهيوني وشريكه الشّيطان الأمريكي،
الذين أصيبوا جميعاً بصَرَع التّعجّب، ودَوَار الاستغراب عن سرّ هذا التمريغ المُستمر لتلك الأساطيل المُضخّمة إعلاميّاً، والمُنصهرة ميدانياً أمام البأس اليمانيّ المعروف بفولاذيّته القتاليّة لقراصنة الجشع العالمي.
تلك الصّولات والجولات الحيدريّة التي خاضها شهيدنا المقدام ورجل المسيرة وتلميذها الفريد، والفوبيا الذي لازم أعين الأعداء وتفكيرهم.. الشّهيد القائد محمد عبدالكريم الغُماري، ذلك النّجم اليمنيّ الذي خيَّل برّاق شجاعته وإقدامه في مُجابهة العدوان، وهو الأكاديميّة الرّافدة للجبهة العسكريّة التي تروّضت لذود التُّراب اليمنيّ، وإسناداً للقضيّة الفلسطينيّة.. بعد عقودٍ علقميّة شهدها الجيش اليمنيّ من العبث والسّطوة والخدمة المُطلقة للنّزوة الأمريكيّة، فكان شهيدنا الغُماري أحد الكوادر الفريدة في إعادة الهيبة العسكريّة اليمنيّة إلى مقامها المحمود.
لم يجعل من اسم “القوّات المُسلّحة اليمنيّة” مُجرّد يافطةً تتزيّن في أزقّة الشّوارع وأخبار النّشرات، بل واقعاً ملموساً يترقّب العدوّ خشيةَ تطوّرها المُستمر، واستبشاراً تُطمئن به نفوس الأحرار، شَهِدتْ له عبر قيادته لرئاسة هيئة الأركان العامّة المدى المنظور للعمليّات التأديبيّة للعدوان السّعودي الإماراتي؛ حتّى رضخ الأخير مُرغماً صاغراً لإيقاف طغيانه، واستسلامه لقوّة وهيبة وفاعليّة الصّواريخ والمُسيّرات اليمنيّة التي كان الشّهيد الغماري له الفضل بعد الله والقيادة القرآنيّة في سموّها وعلوّها إلى مراتب الألف ميل.
وفي معركة الفتح الموعود والجهاد المُقدّس، تصدّر شهيدنا الغُماري هاشتاق الذّعر الصّهيوني؛ لعظيم ما صنعه في تكتيكيّة الإرباك لحساباتهم وخيلاء أهدافهم.. ممّا جعلهم يحسبون لحضوره ألف حساب، وقاموا بتدوين اسمه في لائحة إحداثيّاتهم المُعبّرة عن فشلهم وعجزهم عن إيقاف عزيمته القرآنيّة وحنكته الفطنة في رسم المعركة وحسمها براً وبحراً وجوّاً.
بقدر ما تاق شوقاً للجهاد، وشغفاً لختام تكليفه الدّنيويّ بحياة الشّهادة المعطاءة مُذ أن كان تلميذاً في ميدان المسيرة المُباركة.. وبقدر ما كان لواءً في التّواضع والأخلاق والقيم النّبيلة، والتي لم تكن بالنّسبة له رتبةً عسكريّةً توضع في نياشين التاريخ، فقد نال لواء الشّهادة في أقدس المعارك؛ حياضاً عن القضيّة والمُقدّسات، رافعاً بيارق الحريّة اليمنيّة التي قاومت العدوان بشتّى توحّشه وتشكيلاته.
فسلامُ الله تغشى شهيدنا اللّواء الغماري، وسلامٌ لبطولاته ونجيعه المُشيّدة نصراً واستمراراً للنّهج الذي ابتدأه، وسلامٌ لجهوده الجبّارة التي هيكلت الإرادة اليمنيّة من رأسها إلى أخمصها.