هل بدأت حرب إقليمية بالمنطقة وما المتوقع من زيارة ترامب المرتقبة؟
قال الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي إن ما يجري في المنطقة من عمليات عسكرية متزامنة يشير إلى أننا دخلنا فعليا في خضم حرب إقليمية، وليس مجرد تهديد باندلاعها، في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل في أكثر من جبهة.
وأضاف -خلال مشاركته في تغطية خاصة بشأن الهجوم الصهيوني على اليمن- أن إسرائيل لا تواجه أي رادع قانوني أو أخلاقي أو عسكري، مما يفسر اندفاعها نحو توسيع دائرة الهجمات، مستغلة الغطاء الأميركي والدولي، ودون أن تتحمل كلفة فعلية لما تقوم به في قطاع غزة وسوريا ولبنان واليمن.
وأكدت مصادر أميركية لموقع “أكسيوس” أن الغارات الصهيونية امس على الحديدة تمت بتنسيق مسبق مع واشنطن.
المنع لا الردع
ورأى الدكتور مكي أن إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 باتت تتبنى عقلية “المنع لا الردع”، وتسعى لضرب قدرات خصومها حتى قبل أن تتشكل لديهم إرادة المواجهة، دون تمييز جغرافي بين غزة أو صعدة أو بيروت أو دمشق، مما يهدد أمن الإقليم برمته.
وانتقد ما وصفه بغياب الموقف العربي الموحد، مشيرا إلى أن دولا كبرى في الإقليم كتركيا وإيران والسعودية ومصر والأردن تقف عاجزة عن تشكيل تحالف حتى ولو مؤقتا، يبعث برسالة مفادها أن هذا الانفلات الإسرائيلي مرفوض جماعيا.
وتابع أن كل دول المنطقة متضررة بشكل أو بآخر، مشيرا إلى أن إيران تتعرض لاستنزاف، وسوريا تنزف من جبهات متعددة، والعراق مهدد، في حين يزداد الضغط على الخليج، مما يجعل الصمت أو التردد مكلفا لكل الأطراف.
بدوره، اعتبر المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مارك فايفل أن توقيت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة سيكون بالغ الحساسية، خاصة أنه يسعى للعب دور الوسيط في ظل تعقيدات متزايدة على أكثر من جبهة.
زيارة ترامب
وكان البيت الأبيض أعلن مؤخرا أن ترامب سيزور السعودية وقطر والإمارات من 13 إلى 16 مايو/أيار الجاري، في حين نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي قوله إنه لا جدوى حاليا من زيارة ترامب لإسرائيل في إطار هذه الجولة.
وأشار فايفل إلى أن ترامب سيواجه ملفات ملتهبة من بينها الحرب على غزة والبرنامج النووي الإيراني، والتوتر في البحر الأحمر، الذي بات يشكل تحديا ميدانيا وتكلفة عسكرية متصاعدة للولايات المتحدة.
أولويات ترامب
وعن أولويات ترامب خلال زيارته المرتقبة إلى السعودية وقطر والإمارات، أوضح فايفل أنها ستركز على محورين: الأول محاولة عزل إيران ودفعها للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، والثاني العمل على وقف إطلاق نار مستدام في غزة.
كما يسعى ترامب، وفق فايفل، إلى استعادة مسار اتفاقيات أبراهام التي كان قد أطلقها في نهاية ولايته الأولى عبر تعزيز التطبيع مع دول عربية جديدة تحت شعار إنهاء الحروب المزمنة وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
لكن لقاء مكي عبّر عن تشككه في نوايا ترامب، مؤكدا أن أولويات الرئيس الأميركي لا علاقة لها بوقف الحروب وإطفاء النيران بالمنطقة أو حماية المدنيين، بل تنحصر في ملفات اقتصادية واستثمارية، فضلًا عن السعي لترسيخ ميراث سياسي خاص به في المنطقة.
واعتبر أن ترامب قد يضغط خلال وجوده بالمنطقة على الدول التي سيزورها لإقناع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقبول صفقة وقف إطلاق النار قبل انتهاء زيارته بهدف انتزاع إنجاز سياسي يعرضه أمام الرأي العام الأميركي، في حين يواصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التصعيد لتحقيق أهدافه العسكرية على الأرض.
ويرى الدكتور مكي أن زيارة ترامب لن تُحدث تحولا جوهريا ما لم تقترن بإعادة ضبط للموقف الأميركي من الدعم غير المشروط لإسرائيل، مؤكدا أن المنطقة لن تشهد تهدئة حقيقية دون كبح جماح العدوان الإسرائيلي المتسارع.