Herelllllan
herelllllan2

الدولة القاسمة في اليمن.. إرث ديني وحضاري عريق وتأصيل هوية لا ينساها التاريخ

شهد اليمن في عهد أئمة الدولة القاسمية إبان فترة حكمهم لليمن من 1597 إلى 1962م تحولات كبيرة ونهضة كبرى في مختلف المجالات, بعد أن توجت كل مراحل حياتهم الجهادية وإلى جانبهم الشعب اليمني إلحاق الهزيمة الكبرى بالعثمانيين ودحره من اليمن 1636م حيث سجل هذا اليوم الأغر نيل اليمن استقلاله الكامل وتحقيق حريته بسواعد أبنائه’  وعلى مدار فترة الحكم حظوا بتأييد شعبي كبير في أوساط القبائل التي أظهرت ولائهم الكبير لهم، حيث كانوا يُعتبرون أئمة شرعيين يمثلون مصالح الشعب وقادته وقدواته, وتركوا إرث علمي وفكري وتاريخي لا ينساها التاريخ والشعب اليمني.

وهنا نستعرض سيرة ومسيرة مختصرة لقادة الدولة القاسمية وإنجازاتها في اليمن خلال تلك الفترة وعلى النحو التالي:

يمانيون | أعد المادة للنشر: محسن علي الجمال

 

الأئمة في اليمن

شملت سيرة الأئمة البارزين في اليمن العديد من الأحداث والمواقف الهامة في حياتهم, وعكست مواقفهم في تاريخ اليمن نوردها باختصار على النحو التالي:

-الإمام القاسم بن محمد (1597-1620 م): ولد في مدينة صعدة في شمال اليمن, ودرس فيها العلوم الدينية والفقهية, ثار ضد الغزو العثماني وأسس الدولة القاسمية بعد طرد الغزاة.

– الإمام المؤيد محمد بن القاسم (1620-1644 م) ولد بمدينة صعدة وتلقى فيها علومه الدينية والفقهية , وخلف والده في حكم اليمن’ ووسع نفوذ الدولة القاسمية.

-الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم (1644-1676 ميلادي) ولد بمدينة صعدة وتلقى فيها علومه الدينية والفقيهة وخلف والده في حكم اليمن, وقاد حروبا ضد العثمانيين لطردهم.

-الإمام المهدي أحمد بن الحسن (1676-1681 ميلادي): واصل سياسة والده في مقاومة العثمانيين

-الإمام المتوكل أحمد بن الحسن (1716-1727 ميلادي): قاد حركة إصلاحية في اليمن

إنجازات تاريخية

لعب الأئمة دورًا هامًا في تاريخ اليمن السياسي والاجتماعي، وساهموا في تطوير البلاد وتحسين حياة الشعب اليمني ومن أبرز الإنجازات: تأسيس الدولة القاسمية, ومقاومة الغزو العثماني وطردهم ’تطوير الاقتصاد اليمني وتحسين التجارة والصناعة’ تشجيع ونشر التعليم والعلوم الدينية في مختلف المجالات.

 

إحياء الزيدية في اليمن

لعب أئمة الدولة القاسمية دورا كبيرا في إحياء المذهب الزيدي وكان لهم تأثير كبير من الناحية الدينية والسياسية أيضا, حيث قاموا بجهود كبيرة لتعزيز ونشره على نطاق واسع في مختلف مناطق اليمن ومن أبرز هذه الجهود:

– التعليم, حيث قام الأئمة بتأسيس المدارس والمنشآت التعليمية والعلمية وتعليم الناس مبادئ الدين وترسيخها في المجتمع اليمني ونشرها  بالإضافة إلى التشجيع على الأداب والفنون, كذلك العمل على تعزيز الوحدة الدينية, وتشجيع المجتمع على التعاون في مختلف المجالات, بالإضافة إلى القيام بحفظ الكتب والمخطوطات, وتوثيق التاريخ وحفظه.

 

النهضة الإقتصادية

حققت الدولة القاسمية إبان حكمها لليمن نهضة كبيرة في مختلف المجالات, وتركت إرثا كبيرا من الإنجازات سيما في الجانب الاقتصادي الذي أولته بالغ الأهمية, لا تزال أثارها عامرة إلى اليوم ومن أبرزها:

البنية التحتية الشاملة

– القيام ببناء وتطوير الطرق والجسور, وبناء المساجد والمدارس في مختلف المناطق اليمنية,  وفيما يخص الاقتصاد فتم تشجيع المزارعين على الزراعة وتطوير أساليب الري’ بالإضافة إلى تعزيز التجارة وتطوير العلاقات التجارية مع الدول المجاورة وغيرها, وهذه المآثر تعكس تأثير الأئمة على اليمن وتاريخها، وتظهر جهودهم في بناء الدولة وتطوير المجتمع.

 

علاقة أئمة الدولة القاسمية بأهل اليمن

سجل التاريخ تمكن أئمة الدولة القاسمية من بناء مداميك صلبة وعلاقات متينة وقوية ومتميزة بأهل اليمن كان لها التأثير الإيجابي على مختلف الجوانب والمجالات, وحظوا بتقدير واحترام ومحبة كبيرة من كافة أبناء القبائل ومن أبرز جوانب هذه العلاقة:

الدعم الشعبي

حظي الأئمة القاسمية بتأييد شعبي كبير في اليمن، حيث كانوا يُعتبرون أئمة شرعيين يمثلون مصالح الشعب, كما أظهرت قبائل اليمن ولائها الكبير للأئمة, ووقفوا إلى جانبهم في مواجهة العثمانيين, وكانوا على تواصل دائم معهم, يسمعون إلى مشاكلهم واحتياجاتهم, وعبر خط التواصل استطاع الأئمة توفير الرعاية الاجتماعية, وكان الاهتمام بالتعليم والصحة والاقتصاد على سلم أولويات حكمهم.

 

العلاقة بالقبلية

لم يغفل الأئمة عن ارتباطهم بالقبائل اليمنية على الإطلاق, بل كانوا على تواصل قوي ودائم مع الشعب والمشايخ البارزين في القبل, واستمر العمل الدؤوب على تعزيز هذه العلاقات’ عبر عدة مسارات كانوا يستخدمونها:

وعلى رأسها التعبئة الدينية وتكثيف الخطاب التعبوي لتحريك القبائل ضد الغزاة واعتمادهم بشكل أساسي على القبائل في مواجهة الغزاة, والتحفيز على الجهاد والتحرك والتأكيد على الدفاع عن الدين والأرض, وكذا توزيع الغنائم على القبائل المشاركة في المعارك, بالإضافة إلى توفير الحماية للقبائل اليمنية والدفاع عنها ضد الغزاة, أثمرت حينئذ عقد تحالفات عديدة مع عدد من القبائل بمختلف المناطق’ وتعزيز هذه الروابط, وتمتين جسورها, حيث كانت ولا تزال القبائل اليمنية تتمتع بقوة عسكرية كبيرة, هذه العلاقة القوية بين الأئمة وأهل اليمن ساهمت في تعزيز استقرار اليمن ونيل استقلاله, وتعزيز سيطرة الدولة , وتقوية نفوذها, ونموها وازدهارها خلال فترة حكم الأئممة.

 

إحياء العادات والتقاليد اليمنية

ساهم الأئمة في إحياء على إحياء العديد من العادات والتقاليد اليمنية الأصيلة التي كان قد اندثرغالبيتها وتلاشى خلال الاحتلال العثماني، ومن أبرزها:

العادات الاجتماعية, المتمثلة بالكرم والضيافة, وتعزيز التكالف الاجتماعي بين أفراد المجتمع, إضافة إلى إقامة الشعائر الدينية والاحتفالات بمناسباتها, كذلك العمل على تعزيز ما يعرف بالصلح القبلي بين أوساط القبائل, والتحكيم القبلي, وتعزيز الهوية اليمنية والاعتزاز بها ’ وإحياء الآثار التاريخية والثقافية, حيث عكست كل هذه العادات والتقاليد جهود الأئمة في إحياء التراث اليمني وتعزيز الهوية الوطنية والإيمانية.

 

الزوامل والموشحات ودلالاتها

حافظت الدولة القاسمية على إحياء الزوامل الشعبية  الحماسية والموشحات الدينية أيضا والتي كانت تعد جزءا هامة من الثقافة اليمنية, وكان لكل منها نصيب ودلالة أنذاك, فعلى سبيل المثال: كانت الزوامل الحماسية تعبر في عهد الدولة القاسمية عن الشجاعة والفخر’ فيما الدينية منها كانت تعبر عن الإيمان والتقوى والولاء لأهل البيت عليهم السلام, وكان للموشحات الصوفية حضور بارز أيضا , حيث كانت تعبر عن الحب الإلهي والشوق إلى الله.

 

شخصيات يمنية في مسار التولي

برزت العديد من الشخصيات اليمنية إلى الساحة في عهد الأئمة ولعبت دورًا هامًا في مختلف المجالات, ومن أبرز ها:

علماء الزيدية, ومنهم : الشيخ عبد الله بن حمزة والشيخ علي بن محمد الربعي, والشيخ محمد بن علي الأهدل, حيث كان يعد من أبرز العلماء وصاحب دور كبير في نشر العلم والفقه, بينما كان للشعر حضوره أيضا كان من أبرز الشعراء: عبدالله بن علي الوزير, ومحمد بن إبراهيم الوزير’ حيث كان لهما دور كبير في تعزيز الأدب اليمني,

أما فيما يخص الجانب العسكري فقد كان برز عدد من القادة في جيوش الأئمة على رأسهم: علي بن محمد الصليحي, والقائد عبد الله بن محمد القاسمي, حيث كانا يعدا من أبرز القادة العسكريين في عهد الأئمة ، وسجل التاريخ لها دور كبير في المعارك ضد العثمانيين.

وفي الشأن السياسي أيضا , فقد كان هناك حضور لافت للشخصيات السياسية الحاضرة في الساحة والميدان, وكان لهما دور كبير في تأسيس الدولة القاسمية وهما: الإمام القاسم بن محمد, فيما كان لنجله الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم دوره الكبير في تعزيز نفوذ الدولة.

 

تأصيل الهوية الإيمانية

ركزت فترة حكم الأئمة بشكل كبير على تأصيل الهوية الإيمانية وتعزيزها في المجتمع اليمني, ومن أبرز مظاهر ذلك:

التعليم الديني, والتربية الدينية الصحيحية بداء من الأطفال, وكذا التوجيه الديني للشباب’ والدعوة إلى الله والتحفيز على العمل الصالح’ وفعل الخير’ وتعزيز الوازع الديني, والتحذير من الإنحراف بكافة أنواعه وخطورته على الواقع.

 

المهارات وتعزيز القدرات

تعلم أبناء اليمن العديد من المهارات التي ساهمت في تعزيز قدراتهم وتطوير مجتمعهم,ومن أبرز هذه المهارات:

المهارات العسكرية: الفروسية والرماية, حيث تعلم أبناء اليمن الفروسية والقتال على الخيل، والرماية بالسهام مما ساعدهم على الدفاع عن بلادهم وتطوير مهاراتهم القتالية,

وفيما يخص المهن الحرفية, فقد تعلم أبناء اليمن : النجارة وصناعة الأثاث والبيوت’ والحدادة وصناعة الأدوات المعدنية’ والزراعة لمختلف المحاصيل الزراعية

وفيما يخص المهارات العلمية, فقد شهدت الفترة أنذاك انتشار واسع للعلوم العربية مثل النحو والصرف والبلاغة , والفقه والحديث والتفسير.

كما لعبت دورًا ثقافيًا هامًا في ربط أهل اليمن بخط الولاية والاتباع للأئمة ومن أبرز مظاهر ذلك:

تعزيز الوعي الديني ونشر العلم مما ساهم في تعزيز الوعي الديني لدى أهل اليمن, بالإضافة إلى توفير التعليم ما ساعد على فهم مبادئ الدين والولاء للأئمة, وكذا التشجيع على زيارة المشاهد الدينية, وأضرحة الأعلام, ما أسهم أيضا في تعزيز الروابط بين أهل اليمن والأئمة بشكل عام,

 

 ‎حروب الأئمة ضد العثمانيين

كانت سلسلة من المعارك والمواجهات التي حدثت في اليمن خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي لعدة أسباب ومن أهمها: الاحتلال العثماني لليمن في القرن السادس عشر ميلادي, وكذلك رفض الزيدية في اليمن الحكم العثماني واعتبارهم له احتلالا, ومن أبرز هذه الحروب:

 

أحداث الحروب ونتائجها

-ثورة الإمام القاسم بن محمد-: خرج الإمام القاسم بن محمد في ثورة ضد العثمانيين في عام 1597 م لاستعادة الاستقلال والسيطرة على اليمن وقد نجح في ذلك, ومن أشهر المعارك التي حدثت في القرنين السادس عشر والسابع عشر للميلاد وذلك على النحو التالي:

معركة ذي مران: حيث درات هناك معركة كبيرة بين الإمام وأنصاره من قبائل اليمن من جهة’ وبين الغزاة العثمانيين , انتهت بانتصار الإمام وانصاره والسيطرة عليها, ما أدى إلى تمكنهم من طرد العثمانيين من معظم مناطق اليمن.

وكان لهذه الانتصارات أثار عظيمة على الواقع اليمني كان أهمها : تأسيس الدولة القاسمية, واستعاد اليمن استقلاله واستقراره السياسي بعد فترة من الاحتلال العثماني’ وتعزيز وحدة اليمن وتماسكه.

معركة صنعاء:حيث دارت المعركة في عام 1607 م, انتهت بهزيمة العثمانيين على أيدي الأئمة وانصارهم, واستعادة السيطرة على مدينة صنعاء.

معركة تعز: حيث اندلعت المعركة عام 1626م تكللت بالنصر على العثمانيين ومن خلالها توسع نفوذ الأئمة في جنوب اليمن.

حصار العثمانيين في مدينة الحديدة: تمكن الأئمة من فرض حصار مطبق على العثمانيين عام 1635م ما أدى إلى انسحاب الغزاة من المدينة وإجبارهم على الرحيل.

 

طرد العثمانيين من اليمن

وفي يوم مشهود وعلى أيدي الأئمة, توجت كل مراحل الجهاد والتعبئة التي قاموا بها مع الشعب اليمني ضد الغزاة والمستعمرين, بإلحاق الغزو العثماني الهزيمة الكبرى ودحره من اليمن في عام 1636م’ حيث سجل هذا اليوم الأغر نيل اليمن استقلاله الكامل وحقق الحرية, بعد أن خضوعه لفترة من الاحتلال العثماني’ ما يعكس صمود الأئمة من وخلفهم قبائل الشعب اليمني في مواجهة الغزو وتمكنهم من استعادة السيطرة على اليمن.

 

المعالم التاريخية للدولة القاسمية في اليمن

ساهمت الدولة القاسمية خلال فترة حكمها لليمن موروث علمي وثقافي وأثري وتاريخي شملت العديد من المواقع والمنشآت التي تعكس تاريخهم وثقافتهم. ومن أبرز هذه المعالم:

المساجد:

-الجامع الكبير بصنعاء : أحد أقدم وأشهر المساجد في اليمن، وقد تم تجديده وتوسيعه جزء منه خلال فترة حكم الأئمة القاسمية

-مسجد الإمام القاسم: وهو مسجد تاريخي في مدينة صعدة، وهو أحد المعالم الهامة المرتبطة بتأسيس الدولة القاسمية

 

القلاع والحصون:

-قلعة القاهرة-: قلعة تاريخية في مدينة تعز، وقد تم بناؤها وتحصينها خلال فترة حكم الأئمة القاسمية

-حصن التعكر-: حصن تاريخي في محافظة إب وقيل في محافظة عدن

المدارس والمنشآت التعليمية

-المدرستان الشمسية والعمرية: وهي مدرستان تاريخيتان في مدينة صنعاء، وقد تم بناؤهما خلال فترة حكم الأئم

القصور

-قصر غمدان, وقصر السلاح وهما قصيرن تاريخيين في مدينة صنعاء لا تزال بعض من أثارهما موجود حتى الآن

‎كل هذه المعالم التاريخية تعكس تاريخ وثقافة الأئمة القاسمية في اليمن، وتعتبر جزءًا هامًا من التراث اليمني.

المراجع:

-المطهر بن محمد الجرموزي (ت 1077هـ/1666م) بناء الدولة القاسمية في اليمن في عهد المؤيد محمد بن القاسم (990-1054هـ /1582-1644م)

– تاريخ اليمن عصر الاستقلال عن الحكم العلماني الأول، ت( 1170هـ – 1757م)

–  المقتطف في تاريخ اليمن

الحسن بن علي الروسي،  البراهين المضيئة في السيرة المنصورية، مكتبة الإمام زيد صنعاء مخطوط .

-الجوهرة المنيرة

ومصادر أخرى معتبرة…

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com