Herelllllan
herelllllan2

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي﴾ .. قراءة في وعيد الله من منظور الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي

في هذا النص العميق الذي ألقاه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، تتجلى جملة من المعاني والدلالات العقائدية والتربوية والفكرية، يمكن تحليلها ضمن إطار الخطاب القرآني الإيماني الذي يرتكز عليه المشروع القرآني ، الذي يحمل دلالات حقيقية تؤثر في الوعي والسلوك والواقع،  في هذا السياق، يقدم الشهيد القائد قراءة متميزة لآية الوعد والوعيد: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه: 124)

يمانيون / تحليل / خاص

 

تُعد هذه القراءة واحدة من النماذج التي يجسد فيها الشهيد القائد رضوان الله عليه رؤيته المتكاملة لفهم القرآن؛ رؤية ترى في كل آية مفتاحًا لإصلاح حال الأمة، وتنبيهاً عميقاً لما ينبغي على المسلم أن يدركه ويتعامل معه بجدية ويقين.

إن أهمية هذا التحليل تكمن في كونه يرتقي بالوعي الإسلامي نحو إدراك حقيقي لمعاني الوعد والوعيد الإلهي، ومصداقية الحديث الإلهي، وأثر الإيمان بالآخرة في تشكيل سلوك الإنسان ومواقفه، كما أنه يؤسس لضرورة التعامل مع الآيات على أنها إخبارات من الله عن واقع لا يتخلف، وهي ليست قابلة للشك أو التأويل السطحي، بل يجب أن تُفهم وتُصدّق ويُبنى عليها وعي الأمة ونهضتها.

ومن خلال هذا النص، يدعونا الشهيد القائد إلى التأمل في القرآن بعين تبحث عن الدلالة والمعنى الحيّ، لا بعين الغافل أو المتعود على التكرار، فالدلالة التي يضعها أمامنا ليست تأملية فحسب، بل عملية وتربوية، بل وصارخة في وجه واقع الأمة المأزوم، ولعل هذا ما نحتاج إليه اليوم كمسلمين، أن نعود إلى القرآن بفهم جديد، ونتعامل مع آياته بوصفها نداءات من الله إلى العقول والقلوب والضمائر.

هذا التحليل يأتي في إطار إبراز أهمية استحضار هذه الدلالات في الخطاب الإيماني والتربوي المعاصر، والوقوف على كيفية توظيف الشهيد القائد للنص القرآني لتربية النفوس، وشحذ الوعي، وتثبيت العقيدة الحقيقية الراسخة التي تؤمن بأن ما وعد الله به واقعٌ لا محالة.

 

مركزية الوعد والوعيد في بناء الوعي الإيماني

يركز الشهيد القائد على آية الوعد والوعيد: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه:124) ، ليستخلص منها أهمية أن يتعامل الإنسان مع آيات الوعيد بوصفها حديثاً إلهياً قطعياً لا شك فيه، ويتساءل بصيغة التقرير البلاغي، (أليس هو حديث من حديث الله؟ أليس هو وعيداً؟) ، والدلالة هنا تكمن في أن القرآن ليس مجرد كلمات، بل هو تعبير عن ’’واقع غيبي آتٍ لا محالة’’، وأن الوعيد الإلهي مرتبط ارتباطاً عضوياً بالسنن الكونية والإلهية التي لا تتخلف.

 

مفهوم الصدق في الإخبار الإلهي

يؤسس الشهيد القائد لفهم الصدق القرآني من خلال مقارنة بين ’’الخبر’’ و’’الواقع’’، مشيراً إلى أن (الصدق هو أن يكون الواقع وفقاً لما أخبر به عنه) ، هذه النظرة تعيد للخطاب الديني بعده العقلي والمنطقي، وتدعو إلى إيمان واعٍ متجذر في الواقع والتفكر، فالله لا يتخلف خبره، لأنه هو ذاته من يُنشئ هذا الواقع، فالخبر الإلهي لا يحمل احتمال الكذب، لأنه صادر من الملك القادر، العالم بالغيب والشهادة.

 

إثبات الغيب من خلال التصديق بالله

يتطرق الشهيد القائد إلى آية: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (النساء: 87) ، ليشير إلى أن الإيمان بيوم القيامة ليس شعوراً غامضاً، بل هو تصديق بواقع سيقع لأنه إخبار من الله نفسه، القادر على تحقيق هذا الوعد ، وهذه الدلالة ترسّخ أن الغيب في العقيدة الإسلامية ليس مجرد افتراض روحي، بل حقيقة مستقبلية حتمية، ويجب أن تُغرس في نفس الإنسان كقوة رادعة ودافعة للسلوك الأخلاقي والمسؤولية في الدنيا.

 

البعد التربوي .. تذكير الإنسان بمصيره

من أبرز ما يميز خطابات الشهيد القائد هو البعد التربوي والتذكيري، إذ لا يكتفي بالتأصيل العقائدي، بل ينتقل إلى تنبيه الإنسان على ضرورة التذكر والانتباه واليقظة الروحية في حياته اليومية، حيث يقول: (يوم القيامة لو ترسخ في نفوسنا الخوف منه، يوم شديد الأهوال يوم وراءه جهنم، إذا لم يكن الإنسان هنا في الدنيا متنبهاً متيقظاً متذكراً … ) ، هنا يدعو الشهيد القائد إلى بناء وعي إيماني حي لا يغفل عن المصير ولا يستغرق في الغفلة، لأن الغفلة عن الآخرة تقود إلى المعاناة في الدنيا (معيشة ضنكاً ) كما في الآية الكريمة.

 

خاتمة .. الربط بين الغيب والواقع

في مجمل خطابه، يربط القائد بين المفاهيم الغيبية كالوعد والوعيد، ويوم القيامة، وصدق الحديث الإلهي، وبين واقع الإنسان المعاصر، والرسالة هنا أن الإيمان الحقيقي هو الذي يُترجم إلى يقظة ووعي وسلوك عملي في الواقع، وهنا تتجلى الدلالات العميقة في خطاب الشهيد القائد التي تظهر وعيًا قرآنيًا عاليًا يتعامل مع النصوص كحقائق ونقدًا ضمنيًا لحالة الغفلة التي قد تسود المجتمعات ، كما هي دعوة لإحياء الإيمان باليوم الآخر كوسيلة لإصلاح الدنيا ، وتأكيد على أن الخطاب الإلهي يجب أن يُعامل بيقين لا تردد فيه.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com