Herelllllan
herelllllan2

نعمة الهداية والقرآن الكريم .. قراءة دلالية للشهيد القائد رضوان الله عليه

في زمن طغت فيه الماديات وطُمست فيه القيم، برز فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) ليعيد البوصلة نحو القرآن الكريم، باعتباره النور الحقيقي الذي يُخرج الناس من ظلمات الجهل والخنوع والتيه، في هذه القراءة الصحفية، نسلط الضوء على الدلالات العميقة التي استخرجها الشهيد القائد من الآية الكريمة الواردة في سورة إبراهيم، قال تعالى : {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ…}، ومكانتها في مشروعه الثقافي القرآني.

يمانيون / تحليل / خاص

 

 مركزية القرآن في مشروع الإنقاذ الإلهي

يبدأ الشهيد القائد رضوان الله عليه قراءته للآية: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ} ، ببيان أن هذا ’’لكتاب’’ أي القرآن هو أعظم ما أُعطي للرسول صلى الله عليه وآله، وهو مشروع إلهي متكامل لإخراج البشرية من واقع الظلمات إلى واقع النور، أي من الاستضعاف والتبعية، من الجهل والانحراف، إلى الوعي والكرامة والعدل،  فالقرآن ليس فقط نصوصًا تُتلى، بل مشروع عملي يُفعّل في الواقع.

 

الظلمات والنور.. بين الواقع والمفهوم

يرى الشهيد القائد أن الظلمات الواردة في الآية ليست محصورة في الكفر العقائدي، بل تشمل، الظلمات السياسية، من استبداد الطغاة والهيمنة الأجنبية، والظلمات الأخلاقية، من شيوع الفساد والانحلال، والظلمات الاقتصادية والاجتماعية، من فقر واستغلال وهيمنة، أما النور فهو نور الإيمان، لكنه أيضًا نور في الفكر، في الوعي، في الموقف، في السلوك، فيكون القرآن عندها بمثابة المصباح الإلهي الذي يهدي الأمم إلى كرامتها وحريتها.

 

{بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} .. الهداية الإلهية لمن يتهيأ لها

من أبرز ما يتناوله الشهيد القائد في دلالة الآية لقوله تعالى: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}، تركيزًا على أن الهداية منحة إلهية لمن يتهيأ لها بالنية والصدق، ويعبر عن ذلك بقوله إن القرآن يصنع هذا التأثير فقط فيمن يعرفون قيمته ويخشون ربهم، مشيرًا إلى أن الفهم والتأثر بالقرآن ليس مسألة تلقين، بل مسألة استعداد روحي وعقلي.

 

{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} .. غاية الهداية

إن غاية هذا الإخراج من الظلمات إلى النور كما تشير الآية هو الوصول إلى: {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وهنا يوضح الشهيد القائد أن الله لا يريد للمؤمنين فقط النجاة في الآخرة، بل أن يسيروا في الحياة على صراط العزة، القوة، الكرامة، والسيادة.
والصراط هنا ليس مجرد طريق عبادي، بل طريق حضاري يُحقق للمؤمنين الرفعة في الدنيا والآخرة.

 

النعمة الحقيقية .. ليست فقط ما يُرى

من أهم الدلالات التي يستخرجها الشهيد القائد من هذه الآية، أنها تكشف لنا عن جوهر النعمة الكبرى التي يغفل عنها الناس فهو يذكر بعظمة النعمة،  أليست هذه نعمة كبيرة؟!
بهذه العبارة يلفت الأنظار إلى أن أعظم النعم ليست الطعام والشراب أو الأمن الظاهري، بل الهداية، الوعي، والقرآن نفسه.

ويُذكّر بقول الله: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} (الحجرات: 17) ، فالمفهوم هنا أن الهداية مشروع إنقاذ جماعي، لا مجرد نعمة شخصية، وهي مسؤولية تتطلب شكراً عمليًا عبر العمل والجهاد والبراءة من أعداء الله.

 

خاتمة .. آيةٌ تختصر مشروعاً نهضوياً

في تأمل الشهيد القائد لهذه الآية الواحدة، نجد مشروعاً كاملاً للنهوض بالأمة، من موقع الهداية، إلى فهم الظلمات والنور، إلى الإيمان بكرامة الإنسان، إلى السعي نحو العزة، فالآية التي تبدأ بـ {الر كِتَابٌ …} ليست آية للتلاوة فحسب، بل هي إعلان إلهي عن مهمة نبوية وقرآنية مستمرة حتى قيام الساعة.

إن فكر الشهيد القائد يعيد للقرآن حيويته، فيجعله كتاب حياة، لا كتاب موت، ويجعل من آياته مفاتيح لفهم الواقع وتغييره، لا مجرد أوراد محفوظة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com