من ’’الرايات السود’’ إلى التنسيق مع العدو .. الجولاني يستكمل المشروع الصهيوني في سوريا
في الوقت الذي خرجت فيه تصريحات عن لقاء جمع وزير خارجية النظام السوري الجديد بوفد إسرائيلي في باريس، لمناقشة ملفات تتعلق بخفض التصعيد جنوب سوريا وإعادة تفعيل اتفاق العام 1974، يظهر في المشهد التناقض القائم الذي يعبث بخيوطه الجولاني وجماعته، الذي يمسك اليوم بزمام السلطة في سوريا، بعد سنوات من رفع شعارات الجهاد والتحرير ورفض التفاوض.
يمانيون / تحليل / خاص
لكن واقع الأمر يقول شيئًا آخر، فالجماعة التي قدّمت نفسها لعوام الأمة باعتبارها رأس حربة في مشروع مقاومة النظام، لم تلبث أن استدارت بالكامل حين أمسكت بالسلطة، فباشرت بتقديم تنازلات سياسية وأمنية تخدم ذات الأجندة التي يسعى العدو الإسرائيلي لتكريسها في الجنوب، تحت مسميات الاستقرار والإدارة المدنية والواقعية الثورية.
من المقاومة إلى التماهي .. أيّ مشروع يمثله الجولاني وجماعته اليوم؟
لم يكن مفاجئًا لمن تتبع مسار الجولاني وجماعته أن يصل في النهاية إلى النقطة التي تلتقي فيها مصالحه مع مصالح العدو الصهيوني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر بوابة، ضرب كل الفصائل الثورية التي ترفض مشروعه الانفرادي، وإجهاض أي مشروع مقاومة حقيقية خارج عباءته، وإقامة علاقات أمنية غير معلنة مع جهات دولية كانت تصفها سابقًا بالكافرة المعادية.
اللافت أن التنازلات التي تثار حولها الشبهات في الجنوب السوري، بما فيها ملف فصل القوات ووقف إطلاق النار وحصر النفوذ الإيراني، تجد لها نسخة موازية في شمال سوريا، حيث تعمل سلطة الجولاني على ضرب أي نشاط يذكّر بمشروع مقاومة الكيان، بحجة عدم جرّ المنطقة إلى التصعيد.
من العداء لإسرائيل إلى التطبيع
في خطب الأمس، كانت جماعة الجولاني تصف الكيان الصهيوني برأس الأفعى، أما اليوم، تتصدر في اللقاءات الجارية مع الوفود الإسرائيلية، بل نجدها في أحيان كثيرة تحاول كسب رضا أطراف دولية ترعى بقاء العدو الإسرائيلي في الجولان، وتمنح شرعية أمر واقع للمحتل الإسرائيلي.
ما حدث في باريس يؤكد أن المصلحة المشتركة هو ما يربط حكومة الجولاني بالعدو الإسرائيلي مهما كانت مبرراته أو عناوينه المخادعة ’’الحفاظ على إدارة المناطق المحررة’’.
وبهذا، يتضح أن الجولاني الذي خدع الأمة سنوات بشعارات التمكين والتحرير، ما إن تذوّق طعم السلطة، حتى بدأ بخدمة ذات المشروع الذي قاتل باسمه الآلاف من شباب الأمة، ليكتشفوا لاحقًا أنهم كانوا وقودًا لمخطط إعادة تدوير الاحتلال وتقاسم النفوذ.