موقف يمني متصاعد وهتافات مليونية تكشف عمق الرسائل السياسية والدينية
في مشهد مهيب غطّى الساحات اليمنية من صنعاء إلى مختلف المحافظات الحرة، خرجت حشود مليونية في فعالية جماهيرية حملت عنوان: “رفضًا للمؤامرة الصهيوأمريكية… وثباتًا مع غزة حتى النصر”. لم يكن الحدث مجرد مسيرة تضامنية عابرة، بل موقف شعبي يزداد رسوخًا يوماً بعد يوم، يعكس حجم الالتزام السياسي والديني والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، ويبعث برسائل حادة تجاه الأطراف الدولية والإقليمية المتورطة أو المتقاعسة.
يمانيون / خاص
شكلت الملايين المحتشدة في صنعاء وكل الساحات في جميع المحافظات اليمنية الجرة، مشهداً متكرراً في الوجدان اليمني منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، غير أن ما يميز هذا الحشد هو توقيته، وتزامنه مع الاعتداء على أسطول الصمود، ومع تصاعد المؤشرات على تورط أمريكي مباشر في تغطية سياسات العدو الإسرائيلي.
الهتافات المرفوعة لم تكن شعارات فضفاضة، بل حُملت بعناية لتعبر عن رؤية سياسية عميقة، ومنها رفض للخطة الأمريكية، حيث هتفت الجماهير المليونية بهتاف : (خطة ترامب الملعون.. إنقاذ لبني صهيون)، وكذلك (الخطة أكبر خداع .. تنهي القدس مع القطاع)، وهي هتافات تعبّر عن رفض مطلق لما يُعرف بـخطة ترامب، وتُصوّرها كغطاء لتصفية القضية الفلسطينية.
وتضمنت الهتافات أيضاً الإشادة بنضال الأحرار من كل أنحاء العالم في هتاف:(نشكر كل نشاط قائم.. في نصر فلسطين يساهم)، وكذلك (يحيا أسطول الصمود .. من أسقط زيف اليهود)، وهي رسائل تضامن مع الجهود العالمية التي تسعى لكسر الحصار على غزة، وتأكيد على عالمية النضال الفلسطيني.
كما عبرت الحشود أيضاً في هتافاتها عن غضبها من العدو وفهمها العميق لطبيعة الصراع معه ، من خلال الهتافات :(الصراع مع اليهود.. يعقبه الفتح الموعود)، وكذلك (مع غزة لله أجبنا.. لم نعمل إلا واجبنا) ، وهنا، يتضح البعد العقائدي في وعي الجماهير وهتافاتها، حيث يُنظر إلى المعركة باعتبارها واجبًا دينيًا.
كما وجهت هتافات الجماهير المليونية رسائل داخلية وخارجية، بهتاف : (يا غزة يا فلسطين.. معكم كل اليمنيين)، وكذا (مع غزة يمن الأنصار.. فرض على إسرائيل حصار)، وهي هتافات تجمع بين الفخر الوطني والانتماء القومي والإسلامي، وتحمل تحذيرات ضمنية للعدو وداعميه.
المسيرات وجهت اتهامًا صريحًا لأمريكا، باعتبارها الراعي السياسي والعسكري للكيان الصهيوني، معتبرة أنهما وجهان لعدوان واحد، وتُصوّر الخطة الأمريكية كمشروع استعماري جديد يسعى لتصفية ما تبقى من حقوق الفلسطينيين.
كما عبرت الحشود عن أسفها وغضبها أيضاً من الأنظمة العربية المتخاذلة، الخانعة والعميلة،
الحشود دعت الشعوب العربية إلى النهوض والضغط على حكوماتها لكسر الحصار ووقف التطبيع.
لم تكن الهتافات مقتصرةً على البعد السياسي، بل غلب عليها الطابع الإيماني والوجداني، حيث تكررت هتافات :(بالله القيوم الدائم.. سنواصل موقفنا الداعم)، وكذلك هتاف :(مهما ضحينا وبذلنا.. معنا الله ولن يخذلنا).
وهذه الهتافات تعكس عقيدة راسخة في وعي الجماهير بأن الانحياز لغزة وفلسطين هو التزام شرعي قبل أن يكون موقفاً سياسياً، وفي ذات الوقت، إنسانية عالمية تدعو لرفع الحصار ووقف جرائم الحرب بحق المدنيين في القطاع.
إن المليونية اليمنية في صنعاء وكل الساحات اليوم تعبّر عن لحظة فارقة في وجدان الشارع العربي، وتؤكد أن اليمن رغم معاناته من الحصار والعدوان لا يزال يعتبر فلسطين قضيته المركزية، والحشود المليونية تعد مؤشرًا واضحًا على أن الشارع اليمني بات لاعبًا جماهيريًا في معادلة الصراع مع العدو ومخططاته في المنطقة العربية برمتها .