الشيخ فارس روبع: قبائل اليمن تنتظر إشارة القائد لزلزلة عروش الطغاة و”النفير والنكف” شفرة كرامة اليمنيين

يمانيون| حاوره: محسن علي

أكد الشيخ فارس هلال روبع مديرية مديرية السلفية بمحافظة ريمة وأحد أبرز مشايخ الضمان في المحافظة أن المشيخة ليست لقباً يُورث، بل هي “ميثاق شرف وأمانة” تُكتسب بالنزاهة والحكمة وخدمة الناس.
وأوضح في حوار خاص لـ موقع القبيلة اليمنية الاول «يمانيون» أن الأعراف القبلية الأصيلة كـ”النفير” و”النكف”  “شفرة الكرامة للقبائل اليمنية” التي تتفعل تلقائياً نصرةً للحق ودفاعاً عن المستضعفين وتلبي نداء الواجب في أي وقت وظرف لمواجهة المخاطر والتحديات الداخلية والخارجية, وتنتظر إشارة قائد الثورة لخوض غمار المعركة الفاصلة مع قوى الشر والاستكبار العالمي وأذيالهم في المنطقة.
كما بعث بعدة رسائل هامة وحاسمة لمحور الشر الأمريكي الصهيوني-البريطاني وادواتهم في المنكقة بأن “تهديداتهم لا تزيد قبائل ريمة واليمن بشكل عاما إلا بأساً”، مشدداً على أن القصاص العادل هو الموقف القبلي الوحيد من خلايا الخيانة والتجسس،  وتطرق لعدة قضايا ومواضيع قبلية وخدمية وتنموية هامة وشيقة ذات صلة تعرفونها في سياق تفاصيل هذا اللقاء..

. بدايةً شيخنا، نرحب بتواجدكم معنا في هذا اللقاء.. حبذا لو تعرف المتابع الكريم نبذة عن شخصيتكم ومهامكم القائمة اليوم؟
.. بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على من بُعث رحمة للعالمين، وعلى آله الأطهار..أما بعد، فأنا ابن هذه الأرض الطيبة، فارس هلال احمد روبع، أما عن صفتي، فهي خادمٌ لأهلي وربعي في مديرية السلفية، وهذا هو الشرف الذي أعتز به، وأما عن مهمتي، فهي أمانةٌ ورثناها عن الأجداد، نحملها في أعناقنا كـ “شيوخ ضمان”، لا لنحكم، بل لنخدم، ولا لنتسيد، بل لنصلح، فمكانة الشيخ تُقاس بعطائه لا بلقبه، وبخدمته للناس لا بسلطانه عليهم.

الضمير الحي للقبيلة
. يبرز مصطلح “شيخ الضمان” في الهيكل القبلي ويعول على دوره في سلم المعاملات والاجراءات الرسمية والقبلية بما فيها القضايا والمواقف وانتم أحد من يطلق عليهم هذا التوصيف في «عزلة الدومر».. كيف يمكن تعريفه وما هي أبرز المهام التي تقع على عاتقكم اليوم؟
.. “شيخ الضمان” ليس مجرد مصطلح، بل هو ميثاق شرف وعهدٌ غليظ، هو الركن الذي تستند إليه القبيلة في الشدائد، والميزان الذي يضمن العدل، والسد الذي يحمي الضعيف من بطش القوي، مهامه ليست مكتوبة في أوراق، بل محفورة في ضمائرنا: أن نحقن الدماء، وأن نصلح ذات البين، وأن نكون صوت من لا صوت له، وأن نحفظ للقبيلة هيبتها وللمجتمع تماسكه، هو باختصار، الضمير الحي للقبيلة.

المشيخة لا تورث كالأرض بل تكتسب كالحكمة وهو الضمير الحي للقبيلة 

حافظنا على السلم الاجتماعي في محافظتنا بسلاح الوعي والهوية الإيمانية فارتدت سهام الفتن إلى نحور مطلقيها

النفير العام والنكف القبلي شفرة الكرامة اليمنيين 

معيار النزاهة والحكمة لا النسب
. كيف يتم اختيار شيخ الضمان في إطار محافظتكم؟ هل هو دور متوارث أم يعتمد على معايير أخرى كالكفاءة والقبول المجتمعي؟
.. المشيخة في أعرافنا لا تورّث كالأرض، بل تُكتسب كالحكمة، قد يرث الابن اسم أبيه، لكنه لا يرث مكانته إلا بفعله، والمعيار هو القبول الذي يفرضه الرجل بأفعاله لا بنسبه؛ بنزاهته التي يشهد بها الخصوم قبل الأصدقاء، وبحكمته التي تحلّ أعقد القضايا، وببابه المفتوح الذي لا يُغلق في وجه ملهوف، المشيخة هي ثقة، والثقة لا تورّث بل تُبنى.

جذروها حق وباطل
. من واقع خبرتكم الطويلة، ما هي أبرز القضايا والنزاعات التي تقومون بحلها بين أفراد القبيلة؟ وهل تغيرت طبيعة هذه القضايا مع مرور الزمن؟
قضايا الناس هي مرآة زمانهم، قديماً، كانت الأرض والماء هي جوهر الخلاف، أما اليوم، فقد تشعبت القضايا كما تشعبت الحياة، لكن جذورها واحدة: الحق والباطل، سواء كانت قضية قديمة على حدود أرض، أو نزاعاً حديثاً أشعلته فتنة وسائل التواصل، فإن مهمتنا واحدة: أن نطفئ النار قبل أن تلتهم الأخضر واليابس، وأن نعيد الحق إلى نصابه، فبقاء الود بين الناس أثمن من أي شيء آخر.

بسلاح الوعي والهوية الإيمانية
. على الصعيد السياسي والأمني وفي ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد، كيف حافظتم في ريمة على السلم الاجتماعي وتجنبتم الانزلاق إلى الصراعات الداخلية؟
.. ريمة، كجبالها الشامخة، عصية على الانكسار والفتنة، لقد حافظنا على سلمنا الاجتماعي بسلاحين: الأول هو وعي أبنائها الذين أدركوا أن الرصاصة التي تُطلق في الداخل لا تخدم إلا العدو في الخارج، والثاني هو هويتنا الإيمانية التي هي صمّام الأمان والحصن الحصين، وبفضل الله بنينا جداراً من التكاتف حول مجتمعنا، فارتدت سهام الفتنة إلى نحور مطلقيها.

عقيدة راسخة وايمان واع
. عُرف عن قبائل ريمة ورجالها الشجاعة والصلابة، كيف تصفون دور أبناء المحافظة في التصدي لقوى “تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي” طوال السنوات الماضية؟
.. رجال ريمة لا يحتاجون إلى من يصف شجاعتهم، فأفعالهم في ميادين الشرف تتحدث عنهم، فمنذ أن دقت طبول الحرب والعدوان الغاشم على بلدنا، لم يتخلف رجل من ريمة عن تلبية نداء الواجب، ودماؤهم روت تراب هذا الوطن، وصمودهم كان جبلاً آخر أضيف إلى جبال صمود قبائل اليمن الشاهقة، وانطلقت القبائل للجهاد في سبيل الله ومواجهة المعتدين، عقيدة وايمان راسخ وواع، ولهذا كان صمود شعبنا أسطورة، وانتصارنا حتمي بإذن الله.

الحرب الناعمة سرطان صامت يفتك بالأرواح والأعراف القبلية والقيم هي خط الدفاع الأول

شق الطرقات لقبائل ريمة يعادل بناء مدينة في سهل وباب أمل لآلاف الأسر

تهديدات محور الشر لا تزيد شعبنا إلا بأسا وكل رجل منا مشروع شهيد

القبائل اليمنية جيش لا ينفد وسيل لا يتوقف ورهن إشارة قائد الثورة في أي وقت

إيماننا بالله وبعدالة القضية
. نلاحظ زخماً كبيراً في مسارات التعبئة والتحشيد، خصوصاً ما يُعرف بدورات “طوفان الأقصى”، ما هو حجم اندفاع أبناء ريمة للانخراط فيها؟ وما الذي يدفعهم لذلك؟
.. إن ارتباط شعبنا اليمنيين بفلسطين ليس ارتباطاً سياسياً، بل هو ارتباط الروح بالروح، والدم بالدم، وما ترونه من اندفاع في ريمة ليس مجرد حماس، بل هو بركان من الغضب المقدس، ووفاءٌ لعهد قطعه أجدادنا بأن فلسطين هي قضيتنا المركزية، وما يدفعنا هو إيماننا بالله، ونخوتنا التي لا تقبل الضيم، وصرخة طفل في غزة هي صرخة في قلب كل رجل من ريمة،  وبالنسبة لدورات “طوفان الأقصى” فهي مصانع الرجال الذين ينتظرون إشارة واحدة من قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (حفظه الله) لترجمة الغضب إلى فعل يزلزل عروش الطغاة.

واجب مقدس وليست خيار
. ارتبط الموقف اليمني بقوة بنصرة فلسطين، خاصة في معركة “طوفان الأقصى”، كيف يتجلى هذا التضامن عملياً في ريمة؟ وكيف تساندون كقبائل، القوات المسلحة اليمنية في هذا الموقف التاريخي؟
.. تضامننا ليس حبراً على ورق، بل هو دمٌ ورجالٌ وموقف، يتجلى في كل رجل من ريمة يعتبر نفسه جندياً في هذه المعركة المقدسة، ويتجلى في المسيرات التي تخرج لتقول للعالم إننا مع فلسطين قلباً وقالباً، ومساندتنا لقواتنا المسلحة ليست خياراً، بل هي واجب مقدس، نحن كقبائل، لسنا مجرد عمق استراتيجي، بل نحن الجيش الذي لا ينفد، والسيل الذي لا يتوقف، ونحن رهن إشارة قائدنا في هذا الموقف الذي سيكتبه التاريخ بأحرف من نور.

تهديداتهم لا تزيدنا إلا بأسا
. كيف تستعد قبائل ريمة لأي تصعيد محتمل من قبل محور الشر ” الأمريكي الصهيوني البريطاني” ضد اليمن أو فلسطين؟ في ظل تصاعد وتسارع التوترات الإقليمية؟
.. نحن لا نستعد، لأننا جاهزون منذ الأزل، الجاهزية تسري في عروقنا كما تسري دماء أجدادنا،  ولذا فإننا قومٌ وُلدنا في ميادين الكرامة، وتربينا على أن الموت في سبيل العزة هو أسمى أشكال الحياة، فليأت الصهاينة والامريكان والبريطانيين والسعوديين والاماراتيين واداوتهم من الخونة والعملاء بخيلهم ورجلهم بحديدهم ونارهم، وسيجدون أمامهم بحراً من البشر، كل رجل منهم مشروع شهيد، وكل طفل منهم قنبلة موقوتة، تهديداتهم لا تزيدنا إلا بأساً، وتصعيدهم لا يزيدنا إلا ثباتاً.

شفرة الكرامة اليمنية
. مفاهيم “النفير العام” و”النكف القبلي” لها جذور عميقة في موروثنا وتقاليد شعبنا، كيف يتم تفعيل هذه الأعراف اليوم في ريمة لضمان الجاهزية الدائمة في صفوف رجال القبائل؟
.. “النفير” و”النكف” ليسا مجرد أعراف، بل هما شفرة الكرامة اليمنية ولا نحتاج لتفعيلها، فهي تتفعل تلقائياً حين يُمس الشرف أو يُنتهك الحق أو يُستباح الدم، اليوم، “النفير العام” هو استجابة لنداء قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (حفظه الله)، و”النكف القبلي” هو ما نراه اليوم نصرةً لغزة، هي ليست أوامر عسكرية، بل هي فزعة الروح التي تجعل القبيلة كلها تقف كرجل واحد، جاهزة للموت قبل أن يمسها العار.

العودة إلى الحق فضيلة
ما هي رسالتكم التي توجهونها عبر هذا المنبر لـ “المغرر بهم” من أبناء ريمة خاصة واليمن عامة، الذين يقاتلون في صفوف أدوات العمالة والإرتزاق؟ وما هي دعوتكم لهم للعودة إلى الصف الوطني؟
إلى كل أخ وابن ما زال يحمل بندقيته في وجه أخيه خدمةً لعدوه: أي عارٍ أكبر من أن تكون خنجراً في ظهر وطنك؟ وأي ذلٍ أعظم من أن تبيع دمك بثمن بخس لمن ينهب أرضك؟ إن حضن الوطن أدفأ من كل كنوز العالم، والعودة إلى الحق فضيلة، أبواب قبائلكم لم توصد، وقلوب أهاليكم ما زالت تنبض بأمل عودتكم، فعودوا قبل فوت الأوان، فتاريخ الأوطان لا يرحم الخائنين.

القصاص العادل وفاء لدماء الشهداء
ما هو موقف أبناء قبائل ريمة ممن تورطوا بالخيانة في خلايا التجسس التابعة للأعداء والتي تم الكشف عنها مؤخراً؟
.. الخيانة هي الموت الأخلاقي، وهي الجريمة التي لا تغتفر في عرفنا القبلي، من يبع وطنه للعدو، فقد باع شرفه وعرضه ودينه، هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم النجسة، وقبائل ريمة الشريفة تتبرأ منهم كما يتبرأ الجسد من العضو المسموم، ومطلبنا واحد وواضح هو: القصاص العادل والرادع، فدم الشهداء أمانة في أعناقنا، والتهاون مع الخونة هو خيانة لتلك الدماء الطاهرة.

شق الطرقات أولوية قصوى
. إذا ما تحدثنا على الصعيد التنموي.. تُعرف ريمة بطبيعتها الجبلية الصعبة، ما هي أبرز التحديات الخدمية (مياه، طرق، صحة، تعليم) التي يعاني منها أبناء المنطقة من وجهة نظركم؟
.. إن أصعب ما في جبالنا ليس صخورها، بل وعورة الوصول إليها، التحدي الأكبر والأم هو الطرقات، فهي شرايين الحياة التي إن فُتحت، تدفقت معها كل الخدمات من صحة وتعليم ومياه، إن شق طريق في ريمة يعادل بناء مدينة في السهل، فهو يحيي القرى المعزولة ويعيد الأمل لأهلها الصابرين.

حشد الجهود وتوحيد الصفوف
. في ظل محدودية الموارد الرسمية، كيف تساهمون كشيوخ ضمان في حشد الجهود المجتمعية والمبادرات الذاتية لمواجهة هذه التحديات؟
.. اليمني لا ينتظر، بل يبادر. حين تقصّر يد الدولة، تمتد أيادي المجتمع فالفرد في القبيلة لا ينتظر وإنما يبادر، ودورنا كشيوخ هو أن نكون الشرارة التي تشعل همم الرجال، نحشد الجهود ونوحد الصفوف، فتتحول المعاول إلى معاول بناء، وتتحول سواعد الرجال إلى روافع تقهر الصخر، والمبادرات المجتمعية في ريمة ليست مجرد حلول مؤقتة، بل هي دليل حي على أن إرادة الإنسان اليمني أصلب من جباله،  وكما يقال في المثل الشعبي السائد «ما تكاتف عليه الرجال خف ثقله»

صرخة أبناء غزة صرخة في قلب كل يمني ويمنية ودورات طوفان الأقصى مصانع لإعداد الرجال 

العرف القبلي طريق للصلح وحفظ الود وقواعده تؤكد أن الخيانة موت أخلاقي وجريمة لا تغتفر 

دماء الشهداء أمانة في أعناقنا جميعا والتهاون مع العملاء والجواسيس خيانة

هيئة شؤون القبائل مظلة جامعة لتوحيد الجهود ودورها بارز في حل المعضلات والقضايا الكبرى

ضرورة التشجيع وأهمية الدعم
. الزراعة هي عصب الحياة في ريمة، ما هي الصعوبات التي تواجه المزارعين اليوم؟ وكيف يمكن دعمهم للحفاظ على نشاطهم، خاصة في زراعة البن الشهير وبعض الفواكه؟
.. الزراعة اقتصاد وسلاح كرامة وهوية واستقلال وسيادة، وللأسف المزارع اليوم يصارع وحده: يصارع شحة الدعم إلا ما ندر وغدر السوق، وهي فرصة للدعوة إلى تشجيع ودعم المزارعين كضرورة استراتيجية، وأن نكرمهم بفتح الأسواق العامة له، وتسويق منتجاتهم وحماية كنزه “البن وما تصدره ريمة من الفواكه وأنواع الحبوب” من عبث التجار، وتوفير ما يلزم لتبقى أيديهم خضراء، فكل حبة بن تُزرع في ريمة خاصة واليمن عامة تعتبر رصاصة في وجه الحصار الاقتصادي.

امتداد لدورها التاريخي
. لاحظنا دوراً متزايداً للمرأة في المبادرات التنموية، كيف تنظرون إلى هذا الدور؟ وهل تدعمون مشاركتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي وفق التوجه العام بما لا يتعارض مع قيم ومبادئ القبيلة؟
.. المرأة في ريمة لم تكن يوماً على الهامش. هي ليست نصف المجتمع، بل هي من تصنع المجتمع كله، هي الأم التي تربي الأبطال، والأخت التي تساند، والزوجة التي تصبر، والمزارعة التي تشارك الرجل عناءه، دورها اليوم هو امتداد طبيعي لدورها التاريخي نحن ندعم ونبارك كل يدٍ منتجة، وكل عقلٍ مبدع، ما دامت المرأة جوهرة مصونة في إطار قيمها ودينها، فهي شريكة الكفاح وشريكة البناء.

شق الطرقات باب أمل لآلاف الأسر
. من وجهة نظركم، ما هو الشيء الأكثر إلحاحاً الذي تحتاجه محافظة ريمة اليوم لتحسين حياة الناس؟
.. نناشد الجهات الرسمية والتجار ورجال الأعمال بالاشتراك مع أبناء القبائل عبر المبادرات المجتمعية بتوسيع وفتح شبكات الطرقات في المحافظة كونها جبلية وعرة، وهي مفتاح كل خير مغلق، وبداية كل مشروع تنموي، افتحوا طريقاً، تكونوا قد فتحتم باب أمل لآلاف الأسر.

سرطان صامت
. إلى جانب التحديات العسكرية، هناك ما يُعرف بـ”الحرب الناعمة ما هي أبرز مخاطرها على قيم وهوية الجيل الصاعد من وجهة نظركم؟
.. الحرب الناعمة هي سرطان صامت، أشد فتكاً من الصواريخ، هي حرب لا تستهدف الأجساد، بل الأرواح،  وخطرها يكمن في أنها تسرق أبناءنا منا ونحن ننظر إليهم؛ تقتل فيهم النخوة، وتميع فيهم الهوية، وتجعلهم مسوخاً بلا قيم ولا قضية، وهي حرب تهدف إلى هزيمتنا من الداخل بعد أن عجزوا عن هزيمتنا من الخارج.

ضبط بوصلة الإيمان نحو الله
.كيف يمكن لـ”أسلاف وأعراف القبيلة”، مثل الشرف والنجدة والحمية، مع الهوية الإيمانية، أن تكون خط دفاع أول في مواجهة هذه الحرب وتحصين الشباب؟
.. إن درعنا الحصين هو مزيج فريد لا يملكه غيرنا: هوية إيمانية تضبط البوصلة نحو الله، وأعراف قبلية أصيلة تترجم هذا الإيمان إلى سلوك، فالشرف، والنجدة، والحمية، والغيرة على العرض والأرض؛ جينات روحية ورثناها عن أجدادنا، فحين نغرسها في صدور شبابنا، فإننا نمنحهم جهاز مناعة فطرياً يلفظ كل فكر مسموم وكل ثقافة دخيلة.

نبني الرجال بالمواقف في حل القضايا
. ما هي جهودكم العملية كشيوخ ضمان لتعزيز هذه القيم الأصيلة في أوساط الجيل الجديد؟ وهل هناك مجالس قبلية منتظمة أو أنشطة مخصصة لهم؟
.. جهودنا ليست خطابات موسمية، وإنما عمل دؤوب وممارسة يومية، نحن لا نبني الرجال بالمواعظ، بل بالمواقف، أما عن الآلية، فهي واضحة ومتجذرة في حياتنا:
أولاً، نعم، لدينا مجالس قبلية منتظمة، وهي ليست مجالس للسمر وتبادل الأخبار فقط، بل هي مدارس مفتوحة للرجولة والحكمة، في هذه المجالس  (مجالس المقيل)، يتعلم الشاب أصول العرف، ويستمع لتاريخ الأجداد، ويرى بأم عينه كيف تُحل القضايا وتُصان الحقوق، هي الجامعة التي يتخرج فيها الرجال.
ثانياً، لا ننتظر أن يأتي إلينا الشباب، بل نذهب إليهم، نشركهم بشكل عملي في تحمل المسؤولية؛ في لجان الصلح، وفي المبادرات المجتمعية، وفي استقبال الضيوف، فحين يشارك الشاب في حل قضية أو إنجاز مشروع، يشعر بقيمته وتنمو في نفسه بذور المسؤولية والرجولة.
ثالثاً، أنشطتنا المخصصة لهم هي ميادين الفعل نفسها، حين ندعوهم للمشاركة في تأمين المنطقة، أو في فعالية وطنية، أو في “نكف” قبلي لنصرة مظلوم، فهذه هي الأنشطة الحقيقية التي تصقل شخصياتهم وتعزز انتماءهم، نحن نؤمن بأن أفضل نشاط للشاب هو أن تمنحه ثقتك وتكلفه بمهمة رجل.

مكانة الشيخ تُقاس بعطائه لا بلقبه وبخدمته للناس لا بسلطانه عليهم

كل حبة بن تُزرع في اليمن تعتبر رصاصة في وجه الحصار الاقتصادي

المرأة اليمنية شريكة الكفاح والبناء ما دامت جوهرة مصونة في إطار قيمها ودينها

نصيحة مشتركة
. ما هي نصيحتكم للآباء والشباب على حد سواء، لتحقيق التوازن بين مواكبة العصر والحفاظ على أصالة الهوية اليمنية؟
.. للآباء أقول: لا تتركوا أبناءكم فريسة للذئاب الإلكترونية، كونوا لهم القدوة والصديق، ارووا لهم قصص الأجداد، واغرسوا في قلوبهم عزة الانتماء للدين والهوية لهذه الأرض.
وللشباب أقول: أصالتكم هي كنزكم، لا تخجلوا منها، خذوا من العصر ما ينفعكم من علم ومعرفة، وارموا ما يضركم من انحلال وفساد، وكونوا كالجبل، جذوره في الأرض ورأسه يعانق السماء.

سند الدولة وذراعها
. كيف تصفون العلاقة بين مشايخ الضمان والسلطة المحلية في المحافظة؟ هل هناك تكامل في الأدوار أم تداخل؟
.. العلاقة هي علاقة الجسد الواحد، علاقة تكامل وتناغم، فالسلطة المحلية هي الرأس المدبر، ونحن كشيوخ قبائل، نمثل القلب النابض واليد المنفذة في عمق المجتمع،  نحن سند للدولة وذراعها التي تصل إلى حيث لا تصل الإجراءات الرسمية، نعمل معاً لهدف واحد:  رضى الله وخدمة المواطين وتحقيق الامن والاستقرار المجتمعي ومواجهة الغزاة والمعتدين.

العرف طريق الصلح
. عادة عندما تحدث نزاعات كبيرة أو قضايا جنائية، كيف يتم التنسيق بين العرف القبلي والقانون الرسمي للدولة؟ وأيهما يلجأ إليه الناس أولاً؟
.. الناس بطبيعتهم يلجؤون أولاً إلى العرف، لأنه طريق الصلح الذي يحفظ الود ولا يترك في النفوس ضغينة، ودورنا كشيوخ هو احتواء الموقف ومنع انفجاره، كإطفاء الحريق في أوله، أما في الجرائم الكبرى، فالعرف يمهد الطريق للقانون ولا يلغيه، نحن نأخذ الضمانات ونحقن الدماء، ثم نقول لكلمة الدولة والقانون: لكِ الفصل والحكم.

مظلة تجمعنا
. ما مدى علاقتكم مع “الهيئة العامة لشؤون القبائل”، خاصة في جهود حلحلة قضايا الثأر المعقدة؟
.. الهيئة العامة لشؤون القبائل هي المظلة التي تجمعنا وتوحد جهودنا، علاقتنا بها وثيقة ومبنية على التعاون، فهي تلعب دوراً حيوياً في القضايا التي تتجاوز حدود القبيلة الواحدة، كقضايا الثأر العابرة للمحافظات، وتنسيق الموقف القبلي ليكون صفاً واحداً صلباً في وجه التحديات الوطنية.

النظر بعين المسؤولية
. ما قبل الختام.. ما هي رسالتكم الجامعة التي توجهونها عبر هذه المقابلة لأبناء المحافظة من جهة، وللسلطات المعنية من جهة أخرى؟
رسالتي لأهلي وربعي في ريمة: يا أهل الجبال الشم، قوتكم في وحدتكم واخواتكم وتفاهمكم، وكرامتكم في أرضكم، ومستقبلكم في سواعدكم، لا تسمحوا لشيء أن يفرقكم، فأنتم السيل الذي لا يقف في وجهه سد.
ورسالتنا للسلطات المعنية: ريمة أعطت أغلى ما تملك فداءً للوطن، وتنتظر منكم أن تمنحوها ما تستحق من اهتمام، انظروا إلى جبالها بعين المسؤولية، فخلف كل صخرة قصة صمود تستحق أن تُروى، وحاجة تنتظر أن تُقضى.

إكمال مسيرة راية الحق
. أخيراً، بصفتكم شيخ ضمان «عزلة الدومر» ما هو الإرث الذي تأملون أن تتركوه للأجيال القادمة في قبيلتكم ومحافظتكم؟
.. الإرث الحقيقي ليس مالاً ولا منصباً، فكل هذا إلى زوال، الإرث الذي أرجو من الله أن يوفقني لتركه هو سمعة طيبة وذكرٌ حسن، أن يقال بعد رحيلي: “كان رجلاً يسعى في الصلح، ويحقن الدماء، ولا يخشى في الحق لومة لائم” وأن أترك خلفي جيلاً من الشباب أشد بأساً، وأعمق إيماناً، وأكثر حباً لوطنهم ووفاء لأمتهم، يكملون المسيرة في نصرة المستضعفين في غزة وفلسطين ويرفعون راية الاسلام واليمن عالية خفاقة، هذا هو الإرث الذي لا يفنى.

You might also like