Herelllllan
herelllllan2

الفتح الموعود والجهاد المقدس: اليمن يواجه صناع “إسرائيل”

يمانيون – متابعات

تأكيداً لإصرارهما الكبير على حماية الكيان الصهيوني ودعمه لمواصلة إبادة الشعب الفلسطيني، اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قرار الاعتداء العسكري على اليمن، وشنتا عشرات الغارات الغادرة، فجر الجمعة، على عدد من المحافظات اليمنية ومن ضمنها العاصمة صنعاء، في محاولة بائسة لفرض إجراء ردع ضد معادلة الحصار البحري المؤثر والفعال الذي تفرضه القوات المسلحة على كيان العدو في البحر الأحمر، الأمر الذي كشف عن سوء تقدير كبير لدى الحكومتين الغربيتين اللتين تجاهلتا بحماقة تحذيرات واضحة ومعادلات استراتيجية حرصت القيادة اليمنية على تحديدها بشكل مسبق بخصوص الرد على أي اعتداء يطال اليمن، في خطأ تأريخي ستثبت الأيام القادمة فداحته، لأن رد الفعل الرسمي والشعبي على الاعتداء جاء مشحوناً بتأكيدات صارمة وقاطعة على أنّ الثأر لن يتأخر وسيكون مزلزلاً، وأنّ معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” ليست مجرد عنوان، بل واقع سيجد الأمريكيون والبريطانيون صعوبة كبيرة في تجاهله وتجاوز مفاعيله.

تفاصيل الاعتداء

حول تفاصيل الاعتداء الأمريكي البريطاني الغادر، أوضح المتحدث باسم القوات المسلحة، في بيان رسمي أنه تضمن 73 غارة، استهدفت كلّ من العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، وأدّت إلى ارتقاء خمسة شهداء وإصابة ستة آخرين من أبطال القوات المسلحة.

وعلى عكس ما حاول الأمريكيون والبريطانيون الترويج له في حملة التهويل الدعائية التي رافقت الاعتداء، حيثُ زعموا أنّ الغارات استهدفت القدرات العسكرية اليمنية المستخدمة في العمليات البحرية، فقد أكّد ناطق “أنصار الله” محمد عبد السلام، في تصريحات لقناة الجزيرة، أنّ معظم الأماكن التي تم استهدافها قد تم قصفها سابقاً خلال السنوات الماضية، وأنه لا وجود للأضرار التي يتحدث عنها العدو.

وفي حديثه لقناة الجزيرة أوضح عبد السلام، أنّ من يقف وراء العدوان بشكل كامل هي الولايات المتحدة وبريطانيا، وبرغم أنّ واشنطن حاولت حشد أسماء مجموعة من الدول في بيان مشترك حول الاعتداء، فقد كشف عبد السلام أنّ معظم تلك الدول قد تواصلت بصنعاء وأكّدت عدم علاقتها بالضربات العدوانية على اليمن.

معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس:

لكن المسألة بالنسبة للقيادة اليمنية والشعب اليمني، لا تتعلق بتفاصيل القصف فقط، فمسألة الاعتداء على اليمن كانت حاضرة وبقوة خلال الأسابيع والأيام الماضية كخط أحمر يمثل تجاوزه دخولاً في مرحلة استراتيجية جديدة، حرص قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بنفسه على توضيح العديد من معادلاتها وملامحها بشكل مسبق، حتى أنّه وضع لها عنواناً رسمياً يتمثل في “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، وهي رسالة واضحة للأمريكيين والبريطانيين بأنّ المغامرة في اليمن لن تخضع لحساباتهم وتقديراتهم، بل لحسابات ومعادلات أعدها اليمن مسبقاً بناء على نظرة عقائدية عميقة للصراع مع أمريكا كصراع فاصل وحاسم لا مفر منه.

المعادلة الأولى هي معادلة الرد على الاعتداء، حيث حرص قائد الثورة في خطابين، آخرهما كان قبل الاعتداء بساعات، على ترسيخ ملامح هذه المعادلة بوضوح، وأكّد على نقاط هامة، أولها أنّ الاعتداء لن يمر دون رد وعقاب، والثانية أنّ حجم الرد سيكون أكبر بكثير من العملية الأخيرة، التي أعلنت القوات المسلحة تنفيذها الأسبوع الماضي ضد سفينة أمريكية كانت تقدم الدعم لكيان العدو، والتي كشف القائد أنها نفذت بأكثر من 24 طائرة مُسيَّرة وبعدة صواريخ، وقد وصفتها القيادة المركزية الأمريكية نفسها بـ”هجوم معقد”.

وهناك نقطة ثالثة ضمن هذه المعادلة كان قائد الثورة قد حددها بوضوح في خطابه قبل الأخير، وهي أنّ أي اعتداء أمريكي على اليمن، سيجعل المصالح والبوارج والسفن والملاحة الأمريكية تحت نيران القوات المسلحة.

وقد أكّد بيان القوات المسلحة بشأن الاعتداء الأخير على هذه المعادلة، حيثُ أعلن العميد يحيى سريع، أنّ “الاعتداء الأمريكي البريطاني لن يمر دون رد وعقاب”، وأنّ “القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ لن تترددَ في استهدافِ مصادرِ التهديدِ وكافةِ الأهدافِ المعاديةِ في البرِّ والبحرِ دفاعاً عنِ اليمنِ وسيادتِهِ واستقلالِهِ”.

وفي السياق نفسه أكّد رئيس الجمهورية، أنّ “الأمريكيين والبريطانيين سيدفعون ثمناً باهظاً لعدوانهم غير المبرر على اليمن”، معلناً أنّ “الدم اليمني غالٍ وثأرنا لا يبات”.

وترسخ هذه المعادلة حقيقة مهمة من حقائق مشهد ما بعد الاعتداء على اليمن، وهي أنّ عمليات نوعية كبرى ومؤلمة سوف يتم تنفيذها ضد مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا في البر والبحر رداً على الاعتداء، وهي عمليات ستخضع لحسابات القيادة اليمنية، ولن يكون بمقدور أحد أن يتحكم في إطارها أو يحاول التأثير على خياراتها بحجة تجنب توسيع الصراع في المنطقة، لأن الاعتداء على اليمن هو مبادرة فعلية نحو توسيع الصراع.

المعادلة الثانية التي حرصت القيادة اليمنية على توضيحها مسبقاً بشأن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، والرد على أي اعتداء ضد اليمن، هي أنه لن يكون بالإمكان اللجوء إلى جهود دبلوماسية لتمرير الاعتداء دون رد، حيثُ أكّد قائد الثورة في خطابه قبل الأخير وبشكل صريح بأنه إن تورطت الولايات المتحدة في أي ضربات على اليمن فلن يكون هناك مجال للبحث عن وساطات لتهدئة الوضع، لأن ورطتها ستكون “ورطة كاملة”، وهو ما يعني أنّ الأساليب المعتادة التي تلجأ إليها واشنطن للنجاة من عواقب سلوكها، لن تفلح هذه المرة، وأنّ الإقدام على الاعتداء برغم هذا التحذير الواضح، يغلق الباب أمام أية ضغوطات أو مساومات، لتجنب الرد الحتمي.

المعادلة الثالثة الرئيسية التي حددتها القيادة اليمنية بشأن الاعتداء على اليمن، هي أنّ الحصار البحري على الكيان الصهيوني في البحرين الأحمر لن يتوقف، حيثُ أوضح قائد الثورة بشكل صريح في خطابه الأخير أنّ “الموقف الأمريكي والبريطاني لحماية السفن المرتبطة بإسرائيل ليواصل الإسرائيلي جرائمه بدون ازعاج لن يثنينا”، فيما أكد بيان القوات المسلحة أنّ “العدوانَ الغاشمَ لن يثنيَ اليمنَ عن موقفِه الداعمِ والمساندِ لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ، والاستمرار في منعِ السُّفُنِ الإسرائيليةِ أوِ المتجهةِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلةِ من المِلاحةِ في البحرينِ العربيِّ والأحمر”.

وأكّد رئيس الجمهورية بدوره أنه “مهما كان حجم العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني على الشعب اليمني، سنستمر في منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى فلسطين المحتلة”، وجدّد التأكيد على أنّ “الملاحة الدولية في البحرين العربي والأحمر آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة”.

وفي السياق نفسه أكّد ناطق أنصار الله، محمد عبد السلام، أنّ “الأمريكيين والبريطانيين مخطئون إن فكروا أنهم سيردعون اليمن عن مساندة فلسطين وغزة”، مشيراً إلى أنّ “الملاحة الدولية في البحر الأحمر والعربي آمنة، والاستهداف كان وسيبقى يطال السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة”، وأنّ “اليمن مستمر في موقفه الديني والإنساني وسيظل إلى جانب غزة بكل ما يستطيع، ولن يزيده هذا العدوان إلا صلابة وقوة”.

وتمثل هذه المعادلة جداراً صلباً أمام الهدف الرئيسي المعلن للعدوان الأمريكي البريطاني والمتمثل في وقف عمليات القوات المسلحة في البحر الأحمر، بل إن هذه المعادلة تجعل الاعتداء على اليمن خطوة انتحارية بالكامل لا تتضمن حتى مكاسب ثانوية، لأن نتائجها ستكون مقتصرة فقط على تلقي ضربات يمنية مؤلمة والمخاطرة بتوسع الصراع في المنطقة بشكل ليست واشنطن ولا لندن مستعدتان لمواجهته، ولن يتضمن هذا التوسع أية إمكانية لتخفيف الحصار على الكيان الصهيوني، بل قد يتضمن فرض حصار يمني جديد على الملاحة الأمريكية والبريطانية، الأمر الذي يكشف بوضوح أن الاندفاع للاعتداء على اليمن جاء مبنياً على حسابات إرضاء الكيان الصهيوني أكثر مما كان مبنياً على أهداف واقعية.

وتجدر الإشارة إلى أنّ معادلة استمرار الحصار البحري على الكيان الصهيوني قد تضمن مؤخراً معطى جديداً كشفت عنه تحذيرات القوات المسلحة وتصريحات لناطق أنصار الله، وهو ما يتعلق بالتعامل مع أي إجراءات لحماية السفن المرتبطة بالعدو الصهيوني، في إشارة إلى أنّ أية محاولة لمرافقة هذه السفن وحمايتها ستعرض السفن المرافقة للاستهداف.

وهناك معادلة خامسة أيضا، حرصت القيادة اليمنية على تحديدها بشكل مسبق فيما يتعلق بالرد على أي اعتداء، حيثُ أكّد قائد الثورة في خطابه الأخير، على أنّ “كلّ من يريد أن يتورط وأن يعتدي على أبناء شعبنا العزيز وأن يستهدف القوات البحرية فهو يخاطر فعلاً بملاحته وبسفنه التجارية”، وهي معادلة تؤكد بوضوح أنّ أي طرف ينخرط في العدوان الأمريكي البريطاني ستنطبق عليه نفس معادلات الرد والردع.

ومن خلال هذه المعادلات الواضحة التي تتقاطع عند الكثير من التفاصيل المهمة، يتضح وبشكل جلي أنّ القيادة اليمنية قد بادرت مبكراً للتعامل مع مسألة الاعتداء على اليمن وحددت ملامح واضحة، كلها تنسجم مع قدرات القوات المسلحة ومع السقف العالي للموقف الرسمي والشعبي، وهو ما لا يستطيع الأمريكيون والبريطانيون قوله عن تحركهم الذي يفتقر بوضوح حتى إلى دعم الحلفاء المتعصبين، ولا يتضمن أي أهداف واقعية، الأمر الذي يعني أنّ اليمن سينجح مرة أخرى بفضل الإرادة الاستثنائية وتظافر عناصر الإعداد والتفاعل والإمكانات والمشروعية في فرض معادلاته على الأعداء، كما فعل خلال السنوات الماضية، لكن هذه المرة سيكون صدى انكسار الأعداء أقوى ومفاعيل النصر اليمني أوسع تأثيراً على المنطقة والعالم. +++++

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com