3 مليارات دولار خسائر أولية.. مواجهة إيران تفضح هشاشة الجبهة الداخلية الصهيونية وتضع اقتصاد العدو على المحك
يمانيون | تحليل
في مواجهة غير مسبوقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تعرض كيان العدو الصهيوني لهزة عسكرية وأمنية واقتصادية كشفت عمق هشاشة جبهته الداخلية، التي لطالما رُوّج لها على أنها متماسكة وقادرة على الصمود.
الأرقام التي أوردتها وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأميركية جاءت بمثابة صفعة مدوية للمؤسسة الصهيونية، بعدما قدّرت الخسائر الأولية خلال 12 يوماً فقط من المواجهة بنحو 3 مليارات دولار.
خسائر مباشرة بـ10 مليارات شيكل
وبحسب تقرير بلومبيرغ، فإن الأضرار المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية والشركات بلغت نحو 10 مليارات شيكل، أي ما يعادل 3 مليارات دولار، خُصصت لإصلاح المباني التي استُهدفت بالصواريخ الإيرانية، إضافة إلى تعويض الشركات المحلية التي تعرضت لأضرار مباشرة أو توقفت عن العمل بفعل حالة الشلل العام التي سادت معظم المناطق.
وقد تصدرت هذه الخسائر عناوين الصحف الصهيونية والغربية على حد سواء، ما عكس صدمة رسمية وشعبية غير مسبوقة، كون هذه الكلفة جاءت في أقل من أسبوعين من المواجهة، ولم تشمل حتى الآن الحسابات العسكرية الكاملة أو كلفة الاستنزاف الممتد.
أكثر من مجرد قصف.. تفكيك للأمن الاقتصادي
لم تقتصر الخسائر على الجانب المادي فحسب، بل امتدت إلى زعزعة ثقة الشارع الصهيوني بقدرة حكومته على احتواء الضربات أو توفير الحماية الكافية.
فخلال أيام المواجهة، توقفت المدارس، أُغلقت آلاف المؤسسات، وشُلّت القطاعات غير الحيوية، في حين تعهدت حكومة الاحتلال بدفع تعويضات أولية للمؤسسات بقيمة 1.5 مليار دولار، بحسب تقديرات وزارة المالية الصهيونية.
المواجهة كانت بمثابة اختبار علني للبنية الداخلية للاقتصاد الصهيوني، الذي وُصف في السنوات الأخيرة بأنه قوي ومتنامٍ، لكن الهجوم الإيراني كشف عن هشاشة عميقة، دفعت حتى محافظ بنك الاحتلال أمير يارون إلى الإقرار بأن التوقعات الاقتصادية للعام الجاري قد تتراجع عن النسبة المقدرة سابقاً بـ3.5%.
أزمة تقديرات.. والفاتورة مفتوحة
فيما قدّر وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش الكلفة الإجمالية المتوقعة للحرب بنحو 12 مليار دولار، حاول أمير يارون التقليل من الرقم دون نفي الآثار الجسيمة التي تسببت بها الضربات.
هذا التضارب يعكس ارتباكاً داخل المؤسسة الصهيونية التي تواجه ضغوطاً متزايدة من الرأي العام المحلي، والقطاعات الاقتصادية التي تطالب بالتعويضات والحلول.
إضافة إلى ذلك، تؤكد بلومبيرغ أن هذه التقديرات لا تشمل بعد الكلفة الحقيقية لاستبدال منظومات الدفاع الجوي، والأسلحة التي تم إطلاقها خلال أيام المواجهة، فضلاً عن الخسائر المرتبطة بوقف حركة الملاحة والتجارة في مناطق الاستهداف، ما يعني أن الفاتورة النهائية مرشحة للارتفاع إلى مستويات قد تضع ميزانية الاحتلال أمام عجز كارثي.
التعتيم الإعلامي.. ومحدودية القدرة على الإخفاء
وفي محاولة للتقليل من وقع الأزمة، عمد الإعلام الصهيوني إلى التركيز على الرواية الأمنية التي تتحدث عن “نجاح القبة الحديدية” و”تصدي أنظمة الدفاع”، متجنباً الحديث المفصل عن الخسائر الفعلية في المنشآت المدنية والمراكز الصناعية.
إلا أن صور الأقمار الصناعية، والتقارير الصادرة عن شركات تأمين ومؤسسات اقتصادية محلية، فضحت حجم الدمار، خصوصاً في المناطق الصناعية القريبة من تل أبيب، وفي المراكز الحضرية التي تأثرت بشدة، رغم الحديث الصهيوني المتكرر عن “الجاهزية”.
الرسائل الاستراتيجية: الحرب لم تكن تقليدية
ما تكشفه هذه المواجهة، أن إيران، ومن خلفها محور المقاومة، لم يتعاملا مع الحرب كمجرد رد فعل عابر على اعتداءات، بل كفرصة لإعادة رسم قواعد الاشتباك وفرض معادلات ردع جديدة، تمثلت في الضربات الدقيقة التي تجاوزت القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الأمريكية، وأصابت أهدافاً ذات قيمة اقتصادية وعسكرية مرتفعة.
وقد أشار المدير العام لما يسمى “هيئة الضرائب الصهيونية”، شاي آهارون فيتش، في تصريح صادم، إلى أن “هذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها حجماً من الأضرار بهذا الشكل.
إسرائيل لم تشهد مثيلاً له في تاريخها”، وهو اعتراف يختصر حجم الانكشاف الداخلي، ويفضح تهاوي صورة “إسرائيل القوية” التي حاول العدو تصديرها لعقود.
كيان العدو أمام تحول استراتيجي خطير
يرى مراقبون أن هذه الجولة القصيرة مع إيران كانت بمثابة بروفة لحرب أكبر قادمة، وأن الفشل الصهيوني في حماية عمقه الاقتصادي والأمني سيعيد ترتيب أولويات المؤسسة العسكرية، ويُربك حسابات حلفائه في واشنطن والغرب.
ووفق التحليلات، فإن أي مواجهة مستقبلية واسعة النطاق مع أطراف محور المقاومة، خصوصاً مع انخراط صنعاء وحزب الله، ستكون مكلفة على نحو وجودي، قد لا يحتمله الكيان على المستوى المالي، أو النفسي، أو الأمني، في ظل الانقسام الداخلي، وانعدام الثقة بقيادته السياسية والعسكرية.
كيان في مهبّ الأزمات
بين خسائر مباشرة تُقدّر بالمليارات، واستنزاف للمنظومات الدفاعية، وشلل اقتصادي شامل، يمكن القول إن المواجهة الأخيرة مع إيران وضعت كيان الاحتلال أمام واقعه الحقيقي: كيان هش، يعتمد على الدعم الخارجي، ويعيش في ظل وهم الحماية الأمريكية، لكنه في عمقه، عاجز عن الصمود أمام قوة صاعدة ومحور مقاومة بات يمتلك اليد الطولى في الميدان.
وإذا كانت هذه مجرد مواجهة محدودة الزمان والنطاق، فإن ما ينتظر العدو في حال تطورت المواجهة إلى حرب مفتوحة، سيكون أكثر من مجرد خسائر اقتصادية… بل انهيار لمعادلة الوجود التي تأسس عليها الكيان منذ نكبة 1948.