Herelllllan
herelllllan2

حرب الجبهات المتعددة.. عندما تسقط “ثاد” وتنهار خزينة تل أبيب

يمانيون | تقرير
في مشهد يعكس انقلاب المعادلات الاستراتيجية في المنطقة، كشفت تقارير أمريكية وصهيونية متزامنة عن حجم الانهيار التدريجي في منظومة الردع الأمريكية-الصهيونية، جراء تصاعد الضربات من إيران، الذي بات يفرض إيقاعه الخاص على قواعد الاشتباك، ويستنزف الخصمين الأكبرين في المنطقة: الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني.

وبحسب ما نشرته مجلة “نيوزويك” الأمريكية، فإن منظومة الدفاع الجوي الأمريكية “ثاد”، التي كانت حتى وقت قريب تُعد ذروة التكنولوجيا العسكرية الأمريكية، تعرّضت لاستهلاك واسع النطاق، بلغ 20% من مخزونها العالمي خلال الأسابيع القليلة الماضية، في ظل محاولات محمومة لحماية كيان العدو من الضربات الإيرانية الدقيقة.

هذا الرقم وحده، في السياق العسكري، يُعد مؤشرًا مرعبًا لدى صناع القرار في واشنطن. فالتفوق الأمريكي في الردع الصاروخي قائم على قدرة السيطرة والانتشار وتعدد الجبهات. وحين يضطر البنتاغون إلى توجيه خمس ترسانته الدفاعية لمجرد حماية كيان الاحتلال من إيران، فإن ذلك يُعبّر بوضوح عن عجز استراتيجي لا يمكن إخفاؤه.

تكاليف مرهقة.. “ثاد” يلتهم المليارات
التقرير أورد أن تكلفة الصواريخ التي أطلقت ضمن منظومة “ثاد” تجاوزت 820 مليون دولار خلال الجولة الأخيرة، وهو مبلغ ضخم حتى على مقاييس الجيش الأمريكي، خاصة وأنه يتعلق بجبهة واحدة فقط من أصل جبهات متعددة في العالم.

وتُقدّر كلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد اليوم بـ 15 إلى 18 مليون دولار، وقد تصل إلى 27 مليون دولار إذا أُضيفت إليها نفقات التطوير والاختبار، وهو ما يعني أن كل عملية اعتراض أصبحت تُماثل في كلفتها تشغيل سرب طائرات مقاتلة!

فشل دفاعي متعدد الجبهات.. من إيران إلى اليمن
المجلة الأمريكية لم تتوان عن تأكيد الإخفاقات المتكررة في اعتراض عدد من الضربات الإيرانية، رغم رصدها وتتبّعها، وهو ما يعكس تطورًا نوعيًا في التقنيات المستخدمة من طرف طهران، بما يشمل التحليق المنخفض، والتشويش، واستخدام موجات صواريخ تغرق الدفاعات في وقت واحد.

لكن الأخطر أن هذا الفشل لم يقتصر على الجبهة الإيرانية، بل تمدد ليشمل العجز عن اعتراض الصواريخ اليمنية التي بدأت تُشكّل تهديدًا مباشرًا للمرافئ والمنشآت في عمق فلسطين المحتلة.

وتؤكد مصادر أمنية صهيونية أن الضربات اليمنية الدقيقة فاجأت الجيش الصهيوني من حيث نوعية الأهداف وقدرة الاختراق، رغم غطاء دفاعي أمريكي مشترك يشمل منظومات باتريوت وثاد وباراك، الأمر الذي يُثير علامات استفهام خطيرة حول مستقبل الحرب متعددة الجبهات التي يُحذّر منها الجنرالات في تل أبيب منذ أشهر.

صراع داخل كيان العدو.. والمال يُفجّر الخلافات
توازيًا مع الانكشاف العسكري، يشهد كيان العدو أزمة تمويل عميقة تنذر بانقسام داخلي غير مسبوق، كشفته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، التي تحدّثت عن خلاف محتدم بين وزارة الحرب ووزارة المالية حول تمويل الحرب ضد إيران.

وقالت الصحيفة إن الجيش طالب بتجديد مخزون الصواريخ الاعتراضية بشكل عاجل، إلا أن وزارة المالية رفضت الاستجابة، متهمة الجيش بإهدار الميزانية على “قوات الاحتياط” دون نتائج ملموسة.

ويُطالب جيش العدو بما لا يقل عن 60 مليار شيكل (نحو 18 مليار دولار) لتغطية تكاليف الحرب مع إيران، وكذلك العملية العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، في وقت لم تُخصّص فيه هذه النفقات ضمن الميزانية الجديدة، ما يعني أن الخزانة الصهيونية تواجه فجوة مالية يصعب تجاوزها دون تقليص النفقات الاجتماعية والاقتصادية الداخلية.

12 مليار دولار كخسائر مباشرة.. والرقم مرشح للارتفاع
بحسب التقديرات التي أوردتها “يديعوت”، فإن الخسائر المباشرة للحرب مع إيران بلغت 12 مليار دولار، وتشمل الإنفاق العسكري، تعويضات الأضرار، تكاليف إعادة الإعمار، والنفقات الطارئة.

وتوقعت الصحيفة أن يرتفع هذا الرقم إلى 20 مليار دولار إذا استُكملت تقديرات الأضرار غير المباشرة، خاصة تلك المرتبطة بتعويض الجبهة الداخلية، وخسائر القطاع الخاص، وتوقف المشاريع الاستثمارية.

هذا الرقم يُعادل تقريبًا نصف ميزانية الدفاع السنوية للكيان الصهيوني، ويزيد من القلق داخل الأوساط الاقتصادية الصهيونية، خصوصًا مع استمرار الاحتجاجات الداخلية، وتراجع الجاذبية الاقتصادية لفلسطين المحتلة في أعين المستثمرين، وهروب الكفاءات نحو أوروبا والولايات المتحدة.

اليمن وإيران يغيران المعادلة بالكامل
يؤشر هذا المشهد إلى تحول نوعي في الصراع، لم يعد فيه كيان العدو قادرًا على فرض شروطه، ولا الولايات المتحدة قادرة على دعمه دون أن تتكبد كلفة استنزافية مباشرة.

لقد نجحت إيران واليمن، في نقل المعركة إلى داخل الجبهة المعادية، لا عبر الضربات الصاروخية فقط، بل من خلال فرض حرب استنزاف طويلة الأمد تُنهك الاقتصاد والسياسة والمجتمع الصهيوني.

كما أن هذا التحول يُعيد تشكيل العقيدة الدفاعية الأمريكية، التي باتت تُواجه لأول مرة اختبارًا وجوديًا حقيقيًا لمنظوماتها. فالحديث عن 20% من مخزون “ثاد” لم يعد تفصيلًا لوجستيًا، بل مؤشراً على تآكل تدريجي في جاهزية الجيش الأمريكي لأي مواجهة كبرى مع خصومه التقليديين، مثل الصين وروسيا، ما يثير الذعر في أوساط القيادة المركزية الأمريكية.

 الردع انكسر.. والمعركة لم تبدأ بعد
تكشف هذه التطورات المتسارعة أن منظومة الردع الأمريكية-الصهيونية قد تصدعت من الداخل، وأن الحسابات القديمة القائمة على التفوق العسكري والانكفاء الآمن لم تعد قائمة.. ففي زمن الصواريخ الذكية، والطائرات المسيّرة، والاقتصادات المرنة لدى إيران واليمن، لم تعد كلفة الحرب تقاس بميزانيات الجيوش فحسب، بل بقدرة الشعوب على الصمود، وإرادة القوى على فرض معادلات جديدة.

الواقع يُشير إلى أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد، وأن ما يجري حتى الآن ليس سوى مقدمات لمرحلة ردعية جديدة تتشكل من طهران إلى صنعاء، ومن بيروت إلى غزة، وأن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وجدا نفسيهما عالقين في حرب استنزاف لا نهاية لها، تخسر فيها واشنطن ترسانتها، ويخسر العدو صموده الداخلي، بينما تكسب المقاومة زمام المبادرة يومًا بعد يوم.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com