مفاهيم الطوارف الملزمة وصفات الشخصيات التي تسند إليها المهام في القبيلة أو الغرم وفق قواعد العرف المسنونة والغصابة الجزء الـ”5”

يمانيون| أعد المادة للنشر : محسن علي

تميزت قواعد العرف القبلي بنظام إداري خاص جعل من المجتمع اليمني قويا ومترابطا في كل طارفة ملزمة تهم القبيلة أو المغرم الواحد, وحددت مهام قيادية وشوروية لمن تسند إليه المهام في وقت الشدة والضيق لإنقاذها من أي خطر محدق, يجسد ذلك الحديث النبوي الشريف “…والحكمة يمانية” كون تلك القواعد استمدت من نهج الدين الإسلامي الحنيف ومبادئه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم وردع الظالم والحفاظ على حقوق الناس وأموالهم ودمائهم وأعراضهم وقائمة على أساس التعاون والتكافل والضبط والردع في كل الجوانب.

وعند قيام حرب أو حدوث طارئ يستهدف القبيلة أو المغرم فإن ذلك يستلزم الشلات (القيام) من قبل جميع الغرامة لمواجة الخطر, وعادة ما تحتاج هذه المواجهة لعدة مهام وتدابير ومنها : التشاور لتدارس ما يجب اتخاذه من قرارات حيال ذلك.. وهو ما سنستعرض مفاهيم الطوارف الملزمة وكيفية إيلاء المهام في القبلية أو المغرم في هذا الجزء الخامس تتابعا لسلسلة الحلقات الأسبوعية التي تعنى بنشر قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن:

 

المفهوم العرفي للطوارف:

الطوارف: جمع طارفة, وهي كل قضية طارئة تهم عامة القبيلة أو المغرم الواحد دون استثناء (غرم الدم والدرهم) والذي يتوجب فيها قيام جميع الغرامة للدفاع عن قبيلتهم أو حماهم أو أنفسهم دفاعا فعليا بالنفس (الدم) أو مادي بالمال في إطار الشراكة الاجبارية التي أساسها الغرم الغصاب والتي تسمى عرفا : المتقي.

 

مفهوم المتقي: يعني المدافع الفعلي بالنفس او المادي في الطارفة الملزمة.

الطوارف الملزمة

حددت قواعد العرف القبلي الطوارف الملزمة لأبناء القبيلة والمغرم حيث شملت اثنا عشر بند للمتقي والتي يقضى ويسلف بين الغرم وغرامه ودفع الغرم المالي إلزاما على حاضرهم وغائبهم وعلى النحو التالي:

متقي الحمي: المدافع عن حدود الأرض الجغرافية التي تحوزها وتمتلكها القبيلة أو المغرم الواحد ويستفيدون من خيرها ويتحملون شرها.

متقي الصُرم: وهو الاعتداء على تجمع يضم في إطاره عدد عشرة إلى عشرين منزلا.

متقي صد حرابة: وهم المخرجيون الذين يقومون بإعلان الحرب على القبيلة أو المغرم.

متقي رد نهابة: وهم الذين يهاجمون على حمى غيرهم بغرض النهب والسلب بدون وجه حق, ويفرض في هذه الطوارف  النوع الأول من الغرم وهو غرم الحد ومن مصادره الثلاثة الرئيسية (الإنسان ’الحيوان, الأرض).

متقي رديم الصلح: وهو الشخص الذي أدخل وجهه ضمينا لتنفيذ بنود صلح زمني عقد بين طرفي الصراع والخصومة .

متقي لزيم القوم: وهو من التزم على قبيلة أو قرية أو جماعة وكان التزامه عليهم في أمور متعارف عليها حسب ثوابت العرف القبلي.

متقي الدفاع عن الوجه (بشرع الضماناتي): وهو الشخص الذي أدخل وجهه ضمينا على شخص أو جماعة في قضية ثم خيبوا وسودوا وجهه بعد الوفاء بما ضمنه عليهم, وهنا يحق للضمين صاحب الوجه حق الدفاع عن وجهه حتى يبيض وجهه أمام الآخرين.

متقي ملام أعوج: يعني اللوم والذي يعبر عن سواد الوجه لعدم الوفاء, والملام يعبر عنه في العرف القبلي برفع الليامة, وهي عبارة عن قطعة سوداء من القماش يتم وضعها في الأماكن العامة,  ويقوم برفعها طرف على آخر تعبيرا عن سواد وجه غريمه الذي عليه حق ويماطل في تسليمه, ويعتبر ذلك تشويها للطرف الملتام.

متقي مواجهة غريم البعد: وهو الخصم المخرجي الذي لا ينتمي للقبيلة أو المغرم نفسه.

متقي غرام القروفة جيز: القروفة تعني : قضية أو موقفا معارضا, والجيز, معناه أجازه أصحابه مسبقا, ويعني ذلك : الشخص الذي ذهب ممثلا لأبناء قبيلته أو أسرته في قضية عارضة, وتم تكفيته من قبل أصحابه مسبقا في تمثيلهم.

متقي زبين الوجه (وليد الساعة النكراء ) وهو : الشخص الذي يستنجد بشخص أو جماعة طالبا منهم الحماية بسبب خطر طارئ يحدق به, وكان استنجاده خوفا من تلف في عرضه أو في دمه أو ماله, ويفترض في هذه الطوارف المذكورة الغرم من مصدر واحد وهو ا(لإنسان).

متقي طارفات الدم: وهو القتيل الذي لم يتم القضاء به ولا يزال دمه دينا في ذمة الطرف الخصم في حال سقوط ذلك القتيل , وبحسب أسباب القضية ’ فإن كانت الأسباب تعود للحمى يفرض غرم الحد, وإن كان السبب آخر يفرض غرم الساحة.

 

 

كيف تولي المهام في القبيلة أو المغرم:

عند قيام حرب أو حدوث طارئ يستهدف القبيلة أو المغرم فإن ذلك يستلزم الشلات (القيام) من قبل جميع الغرامة لمواجه الخطر, وعادة ما تحتاج هذه المواجهة لعدة مهام وتدابير ومنها : التشاور لتدارس ما يجب اتخاذه من قرارات حيال ذلك.

ولذلك فإن المهام القيادية والشوروية اللازمة بحسب ثوابت العرف القبلي في وقت الشدة والضيق لا توزع ولا توكل للأشخاص حسب الغرم, أو لمن يحملون الضعف والشخصيات الضعيفة غير المؤهلة للقيام بأية مهمة, بل تسند كل المهام للرجال الأقوياء القادرين على إنقاذ قبيلتهم أو مغرمهم لتجاوز الخطر المحدق, حتى لا تلحق بالقبيلة أو المغرم خسائر فادحة وجسيمة في الأرواح والأموال ناهيك عن الإضرار بسمعة القبيلة, حيث نصت القاعدة العرفية على ( لا غرم المشورة غرم ولا قسم الزعامة جرم).

 

مميزات الشخصيات التي توكل إليها المهام في القبيلة أو الغرم:

حددت ثوابت العرف القبلي 4 أصناف من الرجال ممن توكل إليهم المهام في وقت الشدة والضيق تجاه اي قضية أو نزاع وهم على النحو التالي:

العقلاء: وهم الذين يمتازون برجاحة العقل والكفاءة والخبرة والمعرفة والبصيرة والحكمة  والصبر والقدرة على تحمل كل الأعباء بمسوؤلية عالية والذي من شأنه تحقيق سلامة وعزة ورفعة الأسرة أو القبيلة.

الأزجياء: وهم الذين يتقدمون الصفوف الأولة في طوارف القبيلة أو المغرم ويسمى الشخص الزاحي عرفا (فادي نحرها بالنفس).

كبار السن: هم الأكبر سنا المشهود لهم بالممارسة الطويلة في التعامل والتعاطي مع المواقف والقضايا في القبيلة أو المغرم ويمتازون بطلاقة اللسان في الكلام والحديث والتفاوض.

الأصفياء: وهم الذين يمتازون بكتم أسرار القبيلة أو المغرم, ولا يفشونها للآخرين حرصا على سلامة الموقف والكرامة والعزة دون أي نكسة تحصل.

 

17 شخصية لا تسند إليها المهام!

كما أبرزت الثوابت العرفية مواصفات الشخصيات الضعيفة التي لا تسند إليها المهام والتي تضمنت 17 بندا بينت صفات النقص فيهم وعلى النحو التالي:

غرام داهل موقف الذمرة: يسمى غرفا “الذمرة” الذي يقع في ورطة لا تحمد عقباها, كما يعرف بأنه الذي سبق له إبداء رأي أو شور وأضر بالقبيلة وألحق بها خسائر مادية وبشرية, ويعرف أيضا بأنه الذي لا يعتاد المواجهة في الصفوف الأولى’ ويتأخر عند دفع ما عليه من الأغرام.

غرام مستبدل زناده زناد: وهو الشخص الذي اتضح بأنه ليس لديه سلاح أثناء الفزعة أ والغارة التي تهم القبيلة, متعذرا بأنه باع سلاح لشراء زاد له ولأهل بيته.

غرام أبو وجهين: وهو الشخص المتناقض في كلامه .

غرام خاقر الفزعة: وهو الشخص الذي لا يقوم وقت الفزعات مع أصحابه وغرامته في الطوارف والواجبات التي يتوجب من الجميع تلبيتها فورا.

غرام دعوى الزاد عذر السحب:  وهو الشخص الذي يترك مترسه وقته الحرب بدعوى أنه جاع أو عطش وذهب ليأكل ويشرب.

غرام ثقيل السمع: وهو الشخص الذي يدعي بأنه لا يسمع أثناء تواجده بين طرفين مختلفين, وعندما يطلب منه الإدلاء بشهادته المتعلقة بالسمع, يجب أنه لم يسمع شيئا مع أن المتواجدين يؤكدون سماعه.

غرام لا يفزع ولا يقرع: وهو الشخص الذي لا يتدخل لإيقاف عراك بين طرفين متشاجرين, ولا يمنع صاحبه من الاعتداء على غيره.

غرام خاقر بياض الوجه (ساعة معيب المغرم): وهو الشخص الذي لا يقدر ولا يعمل حساب لوجه صاحبه عندما يلتزم عليه في أمور متعارف عليها.

غرام خاقر بياض الوجه ( في الهدات والمدات): وهو الشخص الذي يلتزم عليه صاحبه بعدم الاعتداء على غيره في أوقات الشجار والفتن , فيسود وجهه ويخيب وجهه, والهدات عرفا تعني : محاولة الغريمين الوصول إلى بعضهما لغرض الاشتباك, فيما المدات تعني: وصول الغريمين لبعضهما للاشتباك.

غرام خاقر العنوة: وهو الشخص الذي فشل في مهام عديدة عند تكليفه فيها في طوارئ القبيلة أو المغرم .

غرام رابط عوج باللازم وذي ممنوع بالمسنون: وهو الشخص الذي يربط مقارناته في الأمور التي تهم قبيلته ومغرمه بين ماهو مسنون (صائب) عرفا, وبين ماهو عوج (غير صائب).

المرجع : كتاب قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن, للشيخ صالح روضان.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com