المولد النبوي الشريف منبر للوحدة الإسلامية ومواجهة العدو الحقيقي للأمة

تحلّ ذكرى المولد النبوي الشريف كل عام حاملة معها معاني عظيمة تتجاوز حدود الاحتفال، لتشكل محطة جامعة للمسلمين بكافة أطيافهم ومذاهبهم، يتوحدون فيها على محبة رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله، ويستلهمون من سيرته العطرة معاني الصبر، والثبات، والوحدة، ومواجهة التحديات.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

إنها ليست فقط مناسبة روحية، بل شعيرة من شعائر الله، وفرصة لتجديد الولاء لله ورسوله، وتوجيه بوصلة الأمة نحو عدوها الحقيقي، بعيدًا عن الفرقة والتنازع.

في هذا السياق، يبرز الشعب اليمني كنموذج فريد في كيفية تحويل هذه المناسبة إلى حالة من التماسك المجتمعي، والوعي الجمعي، والوحدة الوطنية، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

 

المولد النبوي .. شعيرة توحّد الأمة وتُعيد الوعي ببوصلة العداء

قال الله تعالى: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” [الحج: 32]، والمولد النبوي الشريف ،هو من أعظم هذه الشعائر، لأنه يتعلق بمولد خاتم الأنبياء، وقائد الإنسانية، ورسول الرحمة، فهو مناسبة للتأمل في سيرته، وتوحيد الصفوف على نهجه، وإعادة الأمة إلى مركز هويتها الإسلامية.

هذه المناسبة، في ظل ما تواجهه الأمة من تحديات، ليست طقسًا روحيًا فحسب، بل منصة لتصحيح المسارات، وتوجيه الأنظار إلى العدو الحقيقي، الاحتلال الصهيوني الذي يحتل أرض فلسطين ويستبيح مقدسات الأمة، ويرتكب أبشع الجرائم في غزة، والهيمنة الغربية التي تسعى لتفتيت المجتمعات الإسلامية عبر الحروب الناعمة والتضليل الإعلامي، والجماعات التكفيرية التي تزرع الفتنة وتُحرف البوصلة عن قضايا الأمة المصيرية.

الاحتفاء بالمولد في هذا السياق يصبح موقفًا سياسيًا وثقافيًا واعيًا، يعيد الأمة إلى روحها الواحدة، وعدوها الواحد.

 

المولد النبوي .. محطة سنوية لتجديد الولاء لله ورسوله صلى الله عليه وآله

في زمن كثرت فيه المذاهب الفكرية والتيارات الثقافية التي تسعى لإضعاف الهوية الإسلامية، تأتي ذكرى المولد النبوي الشريف ، لتعيد الأمة إلى أصلها النقي، الإيمان بالله، واتباع النبي صلوات الله عليه وآله، وتعظيم شعائره، واستلهام معاني العزة، والعدل، والكرامة، والجهاد في سبيل المستضعفين، والأثر الإيجابي لهذه المناسبة يظهر في ترسيخ معاني الرحمة والتسامح والتعايش بين المسلمين، والتذكير بأخلاقيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في توحيد صف المسلمين وجمع الكلمة، وتعزيز الانتماء للدين، والتصدي لمحاولات التغريب والتشويه، وإحياء القيم النبوية في النفوس، كالزهد، والصدق، والكرم، والشجاعة.

 

اليمن ..نموذج حي في توظيف المولد النبوي للوحدة والتماسك المجتمعي

في السنوات الأخيرة، أثبت الشعب اليمني أنه نموذج فريد في كيفية تحويل مناسبة المولد النبوي الشريف من احتفال فردي أو تقليدي، إلى ظاهرة مجتمعية متكاملة تعبّر عن الوعي الإسلامي العميق، والتماسك الشعبي، والهوية الإيمانية الجامعة.

الفعاليات المركزية التي تُقام في صنعاء ومحافظات اليمن سنويًا بمناسبة المولد، تحوّلت إلى مظاهر حضارية تعبّر عن وحدة الشعب حول رسالته، وتوجيهه لبوصلته نحو قضاياه المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وفي كل عام يوجه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي خطاباً متجدداً بالهدى القرآني، مؤكداً على توحيد الكلمة، وتجاوز الخلافات، ونبذ الطائفية، وتجديد العهد مع رسول الله صلوات الله عليه وآله ، على مواصلة نهجه في مواجهة الاستكبار.

وتشمل فعاليات المولد النبوي الشريف على حملات تثقيف ديني حول السيرة النبوية واستلهام الدروس ، وأنشطة الإحسان والتكافل.

 

دعوة للأمة .. تعظيم الشعائر وتوحيد الصفوف

في ظل ما تشهده الأمة من صراعات، وانقسام مذهبي، وتشرذم سياسي، فإن المولد النبوي الشريف يقدم فرصة عظيمة للعودة إلى الجذر النبوي الذي يوحّد ولا يفرّق، يُصلح ولا يفسد، يُعزّ ولا يُذل، وعلى الأمة أن تُعلي من شأن شعائرها الجامعة، وأولها حب النبي صلوات الله عليه وإحياء مولده الشريف، وتضع خلافاتها تحت مظلة الولاء المشترك لله ورسولهصلى الله عليه وآله وسلم ، وتوجّه جهودها نحو أعدائها الحقيقيين، لا نحو بعضها البعض، وتستلهم من اليمن نموذجًا في وحدة الشعب رغم الحصار والعدوان.

 

خاتمة

المولد النبوي الشريف مناسبة متجددة تُنعش في الأمة روحها، وتُعيد ترتيب أولوياتها، وشعيرة من شعائر الله، تحمل في طياتها القدرة على توحيد المسلمين، وتجديد الوعي، وتحفيز الأمة على النهوض ومواجهة التحديات.

وفي وقت باتت الأمة بأمسّ الحاجة إلى مشروع جامع، يُمثل اليمن نموذجًا يُحتذى به في كيفية تحويل المناسبات الدينية إلى أدوات للبناء المجتمعي، وتعزيز الهوية، وتثبيت الوعي الجمعي، وتوجيه البوصلة نحو العدو الحقيقي.

فلتكن هذه المناسبة منطلقًا لوحدة تتجاوز الخلاف، ووعي يُعيد للأمة عزتها، وموقف يجمع المسلمين حول رسولهم الكريم صلوات الله عليه وعلى آله، جامع الكلمة، ورافع راية الحق في وجه الباطل.