رادارات إسرائيلية.. أبوظبي تحوّل سواحل اليمن والصومال إلى منصات تجسس لصالح العدو

يمانيون |
كشفت صور أقمار صناعية وتقارير صحفية ودبلوماسية غربية عن توسّع غير مسبوق لشبكة القواعد والمرافئ العسكرية الإماراتية الممتدة من الأراضي اليمنية إلى القرن الأفريقي، في إطار مشروع استعماري متكامل يخدم المصالح الصهيونية في البحر الأحمر وخليج عدن، عبر دمج تكنولوجيا إسرائيلية متطورة في منظومة الرادارات والمراقبة الجوية والبحرية.

ووفقاً لتقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، فقد نشرت الإمارات راداراً صهيونياً متطوراً من طراز ELM-2084 في منطقة بوصاصو شمال شرقي الصومال (بونتلاند)، ضمن اتفاق سري مع سلطات الإقليم، بهدف حماية المنشآت الإماراتية ومراقبة حركة الملاحة، ورصد عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر. وهذا الطراز من الرادارات هو نفسه المستخدم في منظومة “القبة الحديدية” التابعة للعدو الصهيوني.

وأشار التقرير إلى أن أبوظبي وسّعت ما وصفه بـ“دائرة القواعد” من السواحل الصومالية إلى أرخبيل سقطرى وجزيرة ميون وباب المندب، بما يشكّل حلقة نفوذ تمتد على أهم خطوط الملاحة والطاقة في العالم، وتُستخدم كممرّات لوجستية وعسكرية بين اليمن والقرن الأفريقي.

غير أن هذه التمركزات، بحسب التقرير، لا تُدار باسم الإمارات مباشرة، بل عبر وكلاء محليين، مثل ما يُسمّى بـ“المجلس الانتقالي الجنوبي” وميليشيا المرتزق طارق عفاش في اليمن، وسلطات بونتلاند و”أرض الصومال” في القرن الأفريقي، لتجنّب المساءلة وتقليل الكلفة السياسية أمام المجتمع الدولي.

وفي جزيرة ميون (بريم) اليمنية، وثّقت وكالة “أسوشييتد برس” في العام 2022 إنشاء قاعدة جوية ضخمة بمدرجٍ طوله نحو 1.85 كيلومتر، ورصدت صور الأقمار الصناعية تطويرات لاحقة خلال عامي 2024 و2025 تؤكد استمرار الإمارات في بناء منشآت جديدة ضمن مشروعها للربط العسكري بين اليمن والساحل الصومالي.

وفي المقابل، يتمدّد النفوذ الإماراتي في أرخبيل سقطرى، وخاصة في جزيرتي عبد الكوري وسمحة، حيث أُنشئت مدارج ومنشآت لوجستية جديدة تعزز مراقبة خطوط الملاحة من المحيط الهندي وحتى باب المندب، في وقتٍ تتحدث تسريبات صحفية عن وجود قاعدة إماراتية–صهيونية مشتركة على الجزيرة.

على الضفة الأخرى من البحر، تمثل بوصاصو وبربرة في الصومال نقاط ارتكاز رئيسية للمشروع الإماراتي–الصهيوني. فبوصاصو باتت مركزاً لرادارات وإنذارات مبكرة ومنصات طائرات مسيّرة، بينما تُعدّ بربرة عقدة لوجستية رئيسية بمدرج هو الأطول في المنطقة (نحو 4.1 كيلومتر)، وميناء عميق يخدم حركة الشحن والنقل العسكري بين اليمن والساحل الإفريقي.

وتتجاوز تداعيات هذه الشبكة العسكرية حدود اليمن والصومال لتطال المشهد السوداني، حيث أشارت تقارير دولية إلى أن الإمارات متورطة في تمويل وتسليح قوات الدعم السريع (RSF) عبر رحلات شحن سرّية إلى تشاد والسودان. وقد وثّقت “رويترز” و“واشنطن بوست” تسلسلاً لرحلات شحن غامضة من أبوظبي، في حين رفع السودان قضية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بدعم الميليشيا.

ويرى مراقبون أن هذا التمدد العسكري الإماراتي في البحر الأحمر والقرن الأفريقي يكرّس هيمنة مشتركة بين أبوظبي وتل أبيب، تقوم على ثلاثة مستويات:

  • عملياتي: عبر دمج الرادارات الصهيونية وأنظمة القبة الحديدية في قواعد بوصاصو وسقطرى وميون، لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية الداعمة لغزة.
  • لوجستي: من خلال تحويل الموانئ الإفريقية واليمنية إلى ممرات إمداد عسكري واستخباراتي تخدم العدو الصهيوني.
  • جيوسياسي: عبر استغلال ضعف الدول المعنية وشراء ولاء سلطاتها المحلية، بما يجعل من المنطقة “سلسلة أمنية” تحمي مصالح الاحتلال وتؤمّن خطوط الطاقة العالمية على حساب سيادة شعوبها.

ويحذر محللون من أن هذه التطورات تمثل جزءاً من الحرب الأمريكية–الصهيونية على محور المقاومة، وأن الإمارات باتت البوابة الأوسع لتمكين العدو في البحر الأحمر والمحيط الهندي. فالرادارات الصهيونية المنتشرة اليوم في القرن الأفريقي وسواحل اليمن ليست أدوات مراقبة فحسب، بل أذرع استشعار مسبق لأي عمليات قادمة من صنعاء باتجاه الكيان الصهيوني، ما يجعل من المنطقة ساحة مواجهة مفتوحة ومتصاعدة.

في المحصلة، يؤكد المراقبون أن ما يجري ليس مجرد وجود عسكري عابر، بل مشروع استعماري متكامل يسعى لفرض منظومة أمنية صهيونية–إماراتية على البحر الأحمر وخليج عدن، وتحويل القرن الأفريقي إلى خط دفاع متقدم عن الكيان الصهيوني في مواجهة اليمن ومحور المقاومة، وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي يهدد الأمن والسيادة في المنطقة بأسرها.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com