فضيحة غذائية تهز الأسواق .. صحة البيئة بصنعاء تكشف شبكات لإعادة تدوير الأغذية الفاسدة

يمانيون |
كشفت إدارة صحة البيئة بمحافظة صنعاء عن واحدة من أخطر القضايا الصحية والاقتصادية في البلاد، تتعلق بوجود شبكات تجارية تمارس إعادة تدوير الأغذية الفاسدة وتحويلها إلى منتجات تباع في الأسواق على نطاق واسع، في جريمة تمسّ حياة المواطن اليمني وصحته بشكل مباشر.

وأوضح مدير عام إدارة صحة البيئة ماجد عواض أن فرق الرقابة ضبطت معامل سرية تابعة لتجار معروفين في العاصمة صنعاء، تحتوي على خزانات وأوعية ضخمة تُستخدم لإعادة تصنيع مواد غذائية منتهية الصلاحية بإضافة خليط من المواد الكيميائية والألوان والنكهات الصناعية.

وأشار عواض إلى أن هذه المعامل تقوم بتفريغ العسل الفاسد والمنتهي الصلاحية في أوعية خاصة، ليُعاد إنتاجه بعد مزجه بمواد شمعية وكيميائية لتغيير قوامه ولونه ورائحته، قبل تعبئته مجددًا في عبوات تحمل علامات تجارية متداولة في الأسواق. كما يجري التعامل بالطريقة ذاتها مع عصائر “الفيمتو” ومشروبات النكهات المنتهية الصلاحية، حيث تُضاف إليها ملونات ومنكهات مجهولة المصدر ثم تُسوَّق كمنتجات جديدة.

وأكد أن النشاط التجاري لهذه المعامل ازدهر خلال العامين الماضيين بصورة لافتة، وأن التحقيقات الأولية تشير إلى أن بعضها يعمل منذ أكثر من عشر سنوات دون ترخيص رسمي أو إشراف صحي، مشيرًا إلى أن هذه الشبكات استطاعت عبر أساليب تمويه دقيقة إغراق الأسواق اليمنية بمنتجات مغشوشة تهدد صحة المستهلكين.

وأضاف أن وزارة الصناعة والتجارة أصدرت توجيهات بسحب المنتجات المرتبطة بهذه المعامل من الأسواق، وتشمل أسماء تجارية معروفة مثل عسل الغابة السوداء، فيينتو المشاهير، حلويات وشكاليه لوبي، شكاليت اللؤلؤة، نعناع الزعامة، وجيلي المشاهير، مؤكدًا أن التحقيقات جارية لتحديد المسؤولين عن توزيعها وتمويلها.

ولفت عواض إلى أن ما جرى كشفه لا يعد مجرد خرق صحي، بل يمثل “جريمة منظمة ضد المجتمع اليمني”، مضيفًا أن بعض التجار يتعاملون مع الغذاء كوسيلة للربح السريع حتى لو كان ذلك على حساب حياة الناس. وأشار إلى أن الأجهزة المعنية تعمل على تتبع مصادر المواد الكيميائية المستخدمة في هذه العمليات، وتحديد الجهات التي تسهل دخولها أو تغضّ الطرف عن تداولها.

وأكد مدير صحة البيئة أن هذا الإنجاز الأمني كشف عن “لعبة قذرة” تُمارس منذ سنوات، تستهدف اليمنيين في قوتهم اليومي، داعيًا جميع الجهات الرسمية والمجتمعية إلى مضاعفة الجهود لمواجهة هذا “السمّ الصامت” الذي يتسلل إلى موائد المواطنين دون علمهم.

وشدد على أن الحفاظ على صحة البيئة في اليمن يتطلب تعاونًا مؤسسيًا واسعًا بين وزارة الصحة والصناعة والداخلية والسلطات المحلية، إلى جانب تعزيز دور الرقابة الشعبية والإعلامية، باعتبار أن الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول في وجه مثل هذه الجرائم الاقتصادية والصحية.

واختتم عواض حديثه بالتأكيد على أن الهدف المشترك اليوم هو الوصول إلى بيئة نظيفة وغذاء آمن، مشيرًا إلى أن المعركة ضد الفساد الغذائي لا تقل أهمية عن أي معركة وطنية أخرى، لأنها تتعلق بكرامة الإنسان اليمني وحقه في حياة صحية كريمة.

You might also like