«طوفان الأقصى».. معركة هزّت الكَيان واليمن صانع المعادلة
عبدالمؤمن محمد جحاف
في السابع من أُكتوبر تمرّ الذكرى الثانية لمعركة «طوفان الأقصى»، المعركة التي أعادت تعريف موازين الصراع وفضحت هشاشة الكيان الصهيوني أمام مقاومة صلبة تمتلك الإيمان والعزيمة.
لقد كان اليوم الذي انكشفت فيه حقيقة «الجيش الذي لا يُقهر»، لولا غطاء الخِذلان العربي والإسلامي الذي حال دون سقوط الكيان المحتلّ سقوطًا مدويًا.
عامان مرا على تلك اللحظة التي هزّت وجدان الأُمَّــة، فعرّت أنظمة طالما تشدّقت بشعارات الحرية والعدالة، فإذا بها تصطف خلف العدوّ، وتستجدي سلامًا زائفًا من البيت الأبيض، وتُهرول نحو مبادراتٍ خادعة صاغها ترامب وورثتها تل أبيب بوجهٍ أكثر وقاحة.
لم يكن طوفان الأقصى مُجَـرّد مواجهةٍ عسكرية، بل ميزان غربل الأُمَّــة ما بين منافقٍ يتذرّع بالمصالح ومؤمنٍ صادقٍ يصدع بواجب النصرة.
وفي الوقت الذي انكشف فيه زيف العالم الغربي ومنظماته التي طالما تغنّت بحقوق الإنسان، أشرق في المقابل موقفٌ عربيٌّ عظيم من اليمن الإيماني، الذي وقف منذ اللحظة الأولى في صفّ الجهاد والمقاومة، وفاءً لتكليفٍ ديني وأخلاقي، واستجابة لتوجيهات قائدٍ ربّاني السيد المفدى عبد الملك بدرالدين الحوثي -رعاه الله-.
فمنذ انطلاق الطوفان، كان اليمن حاضرًا في ميدان الإسناد بعملياته الصاروخية والبحرية وتأثيره في معادلة الردع، وبخروجه المليوني المتواصل تأكيدًا على أن القضية الفلسطينية ليست شأنًا قوميًّا محدودًا، بل فريضة إلهية وعقيدة أُمَّـة.
لقد خاض اليمن معركته بعنوان «الفتح الموعود والجهاد المقدس»، لا اندفاعًا ولا تهورًا، بل بوعيٍ قرآني يضبط البوصلة الأخلاقية والإنسانية والدينية، مستندًا إلى قول الله تعالى: «وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباطِ الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم».
فما كان في وسعه فعله فَعَله، وترك النتائج لله سبحانه، وها هي العمليات الإيمانية التي تنطلق من جبهة الإسناد اليمنية تترك أثرها في العدوّ بفضل الله.
أما العيبُ والخزي فهما على أُولئك الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية الذين يعدّون بمئات الملايين، ومع ذلك لم يبلغ موقفهم مستوى بعض الدول غير المسلمة التي اتخذت مواقف مشرّفة، كفنزويلا وجنوب إفريقيا وكولومبيا.
عامان من الصمود الأُسطوري في غزة، وعامان من الفضح الأخلاقي والسياسي للعالم المنافق الذي يتغنّى بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ويمارس أبشع الجرائم بالصمت والتواطؤ.
عامان أظهرا أن طوفان الأقصى لم يكن معركةً عابرة، بل اختبارا إلهيًّا غربل الأُمَّــة ما بين من يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا، ومن يقف مع المستضعفين رغم الحصار والحرمان.
وفي الذكرى الثانية للطوفان تتجدّد الرسالة من اليمن إلى فلسطين:
نحن معكم عقيدةً وموقفًا وجهادًا، وسنواصل الإسناد بما نستطيع؛ لأَنَّ قضية فلسطين ليست خيارًا سياسيًّا بل فريضة شرعية ومسؤولية إنسانية.
وستظلّ «معركة طوفان الأقصى» علامة فارقة في تاريخ الأُمَّــة؛ إذ جعلت غزة مدرسة تُدرِّس العالم معنى الصمود والإيمان، وأثبتت أن من يملك الحق والإرادَة لا تُهزمه آلة الحرب مهما بلغت من القوة.