عامان من الطوفان… واليمن فارس الميدان
أسماء الجرادي
مرّ عامان على انطلاق عملية طوفان الأقصى، واليمن لم يغادر الميدان . كان وما يزال، سيفًا مشرعًا في وجه الطغيان. من صنعاء إلى البحر الأحمر والعربي، ومن صعدة إلى إيلات ويافا، خاض اليمن ملاحم الإسناد، وواجه تحالفات دولية، وقدم من أبنائه الأوفياء شهداء، لكنه لم يتراجع.
منذ اللحظات الأولى للعملية، خرج الشعب اليمني معبّرًا عن فرحته واستبشاره بتلك العملية العظيمة التي أفرحت قلوب المؤمنين. وحين بدأ العدو عدوانه على غزة ، خرج من قلب الجراح، ليقول للعالم:غزة ليست وحدها.. فنحن في الميدان.
وانطلقت الكلمة التي أصبحت شعارًا خالدًا يردده اليمنين:لستم وحدكم، نحن معكم. ومنذ تلك اللحظة، بدأت ملحمة لا تُشبه إلا اليمن نفسه. شعبٌ محاصر لأعوام يخرج بالملايين أسبوعيا ، يهتف لفلسطين وغزة، ويُرسل رسائل الغضب بصوت يهز الأرض.
حالة تعبئة شعبية مستمرة امتدت على مدار عامين كاملين حيث وصل عدد المجندين أنفسهم لمواجهة الصهاينه ما يقارب المليون يمني.فيما كل جمعة، وكل مناسبة، وكل مجزرة في غزة، كانت تُقابل بخروج جماهيري يمني يُجدد العهد، ويُعلن أن القضية هوية وطنية مغروسة في وجدانهم.
شعب عمل على مقاطعة المنتجات التابعة للعدو وداعميه، وجمع التبرعات لتصل للمجوعين في غزة ، وكذا قدّم الدعم للصناعات العسكرية، لتتضاعف قدرات اليمن في إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة. فيما القوة الصاروخية اليمنية عملت ليلًا ونهارًا، جاهدة حتى أن تكون هجماتها ذات تأثير كبير على العدو. فصنعت وطورت وأُطلقت الصواريخ والمسيّرات.
واجه اليمن تحالفًا صهيوامريكي وبريطاني استهدف الأعيان المدنية والمؤسسات الخدمية، ظنًا منه أن اليمن سيخضع، لكن عزيمة الشعب وارتباطه بقيادته وقواته المسلحة كانت أقوى من كل غاراتهم.فخرج اليمنيون من تحت الأنقاض، جرحى، مغمورين بالدماء، ويهتفون:هذه الجروح وهذه الدماء لن تثنينا عن موقفنا في دعم غزة ومقاومتها… نحن مع غزة حتى آخر نفس.فقدّم اليمن الشهداء من كل الفئات ،وكان منهم رئيس الحكومة وعدد من وزرائه، الذين ارتقوا جراء غارات على العاصمة صنعاء.
ولكن في كل جنازة كان الهتاف واحدًا:ليست دمائنا اغلى من دمائهم ولا شهداؤنا اغلى من شهدائكم.. ولن نتراجع عن موقفنا.
في قلب هذه الملحمة، ظل السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حاضرًا، لا يغيب.خطاباته الأسبوعية كانت إلهامًا لشعبه وأبناء أمته، تُرشدهم وتوجههم وترافقهم،وفي كل حدث طارئ، كان يُطلّ بخطاب استثنائي، يُتابع مجريات الأحداث في فلسطين، واليمن، ولبنان، ويُرسم خارطة الوعي المقاوم من قلب اليمن.
الحكومة اليمنية بجميع مؤسساتها كانت فاعلة، أعادت تشغيل ما تم استهدافه، وسخّرت إمكانياتها لهذه المواجهه. الوزارات والهيئات شاركت في التعبئة، والوقفات التضامنية، والتوعوية. القوات المسلحة، فقد وسّعت قدراتها البحرية والجوية، لتكون بمستوى التحدي.
منذ أكتوبر 2023، بدأت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ مراحل تصعيدية متدرجة: من المرحلة الأولى الى السادسة: حصار بحري على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر. تليها إدراج السفن الأمريكية والبريطانية والشركات الداعمة للصهاينة ضمن قائمة الأهداف، ردًا على اعتداءاتهم.
وتوسيع العمليات لتشمل خليج عدن والبحر العربي، وكذا عمليات مزدوجة من خلال مواجهة مباشرة مع التحالف الأمريكي في البحر ، وإطلاق صواريخ ومسيرات نحو الأراضي المحتلة باستهداف تل أبيب ويافا وحيفا وام الرشراش والنقب وفرضت حصار جوي واستهداف مطارات العدو. العمليات كانت نوعية ومفاجئة، أربكت العدو وأعوانه، وأثبتت قدرة اليمن على الردع.
خلال العامين، واجه اليمن عدوان عسكريا ، وحصارًا اقتصاديًا وبحريًا من خلال استهدف الموانئ والمطارات. وحملات إعلامية دولية لتشويه الموقف اليمني. ولكن الرد كان حاضرًا، وسريعا، حاسمًا، وموجعًا باستهداف حاملات الطائرات الامريكية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وغادرت جميعها المنطقة خائبة منكسرة.
كما تسببت الضربات اليمنية بإسقاط طائرتين حربيتين للعدو في البحر. واسقاط 22 طائرة تجسسية امريكية في اجواء اليمن ، وإغراق عدد من السفن التابعة والداعمة للعدو.
وكذا إصابة بوارج ومدمرات بحرية تتبع العدو بضربات يمنية غاضبة. وفي الداخل المحتل تسببت الضربات اليمنية بإصابة ميناء إيلات بالشلل التام، مما أدى إلى إعلان إفلاسه.وتسببت بخسائر اقتصادية فادحة لشركات الشحن المرتبطة بإسرائيل، وارتفاع تكاليف التأمين البحري بنسبة 400%.وتوقفت شركات دولية عن رحلاتها إلى مطارات العدو، فيما فقد المستوطنون الصهاينة شعورهم بالأمان، مما دفع الآلاف منهم إلى الرحيل.
واليوم وفي الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، يقف اليمن ليقول: نحن لا نخاف ولانُساوم، أو نُهادن،نحن في الميدان، ولن نتراجع عن موقفنا حتى يرحل آخر محتل صهيوني من أرضنا العربية المقدسة، وتربتها الزكية الطاهرة بدماء الشرفاء الأبطال المجاهدين.
سنقاوم بكل ما نستطيع، وبكل ما في أيدينا من أدوات الحرب… حتى بالقلم.