السعودية .. الشرطي الإقليمي في خدمة المشروع الصهيوني
منذ عقود مضت، اعتُبرت السعودية من الدول التي تُعبِّر رسميًا عن دعمها للقضية الفلسطينية، في حدود الموقف الإعلامي فقط، ولكن في السنوات الأخيرة ظهرت تحولات في الموقف السياسي السعودي أثارت جدلاً واسعًا بين المراقبين والمحللين، وتحول الدور الآن للسعودية إلى أن تسهّل أجندات أمريكية_إسرائيلية في المنطقة، وبات لديها دورًا يُشبَّه بدور الشرطي الذي يُراقب المواقف العربية ويضبطها بما يتوافق مع مصالح الأطراف الكبرى.
يمانيون / تقرير
التحالف الاستراتيجي مع أمريكا وإسرائيل
السعودية تربطها علاقات أمنية قوية مع أمريكا، تشمل مبيعات أنظمة الأسلحة، التعاون الاستخباري، كما تدعم أمريكا تحالفات على مستوى الإقليم تقودها السعودية لصالح الكيان الإسرائيلي ، وفي تقارير حقوقية أكدت أن السعودية حظيت بدعم أمريكي عسكري غير محدود خصوصاً في عدوانها على اليمن، ووثقتها منظمات حقوقية.
وفي تصريحات أدلى بها محمد بن سلمان، قال إن الطريق إلى التطبيع مع إسرائيل يمر عبر مقترحات لضمانات أمنية، في إشارة لمطالب سابقة للمملكة تطلب دعمًا في الشؤون النووية أو التكنولوجية كجزء من صفقة أكبر مع الكيان، وأن الخطوات نحو التطبيع تتقدم كثيراً ..
كما أن بعض التقارير الصحفية تُشير إلى أن التطبيع مع العدو الإسرائيلي يُعتبر جزءًا من الحزمة التي تتفاوض عليها السعودية مع واشنطن فيما يخص التعاون الدفاعي والتكنولوجي.
الضغط السياسي على الفصائل الفلسطينية
يبدو أن الدور السعودي بات يشمل التأثير على المفاوضات الفلسطينية، والضغط على الأطراف الفلسطينية لقبول تسويات معتدلة أو تنازلات، لصالح العدو ، وهو ما يُنظر إليه من بعض الأطراف كطريقة لتقويض مواقف المقاومة أو تحجيم مطالبها الكبرى.
ويتجلى هذا الأمر في موقف السعودية من العدوان على غزة وحرب الإبادة المستمرة منذ عامين ، حيث لم تراوح التصريحات الرسمية بين الدعوة إلى التهدئة والامتناع عن المواجهة الحادة، وأعلى سقف في موقفها تجاه العدوان على غزة كان بيان عبرت فيه عن القلق ودعت فيه الطرفان إلى التهدئة، دون إدانات شديدة ضد العدو الإسرائيلي لما ارتكبه من جرائم حرب ومجازر لم يحدث لها مثيل في التاريخ، وهو ما اعتبره كثير من المحللين والإعلاميين والنشطاء دوراً استفزازياً وموقفاً هزيلاً فيه محاباة وتواطؤ مع العدو الإسرائيلي، حتى محاولاتها ’’غير النزيهة’’ في لعب دور الوساطة كان في صالح الكيان الإسرائيلي وكانت تمارس فيه دوراً خطيراً للضغط على الدول الرئيسية للوساطة لكي تسير مجريات المفاوضات وفق ما يرده الكيان وكان آخر هذا الموقف هو الإعلان الذي كان بمثابة تهديد واضح لفصائل المقاومة الفلسطينية بأن عليها الموافقة على خطة ترامب وليس أمامها أي حل خارج هذا المقترح الأمريكي ، بلغة تهديد صريحة وواضحة في صالح العدو الإسرائيلي، بعض المحللين يرون أن هذا الدور يُستخدم لتثبيت واقع الاحتلال، من خلال تسويات جزئية تُرضي العدو الإسرائيلي، دون المساس بجوهر المشروع الصهيوني.
خطوات التطبيع .. من السر إلى العلن
تصريحات محمد بن سلمان الصريحة عنن التطبيع في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، قال: إن التطبيع يقترب كل يوم، وأكد أن بوادر فتح الباب للتعاون التقني والتجاري باتت كثيرة وفي طور التنفيذ ، وفي تقارير على قنوات إسرائيلية، ذكرت أن الباب أصبح مفتوحًا أمام التعاون التجاري والتكنولوجي بين شركات سعودية وإسرائيلية، وأن السعودية تبدي استعدادًا لأن تتطور العلاقات تدريجيًا ، وهو ما أكده محمد بن سلمان لذات القناة.
السعودية .. شرطي الصهيونية الإقليمي
بعد أن اتخذت المملكة قراراً بتوسيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، أصبح دورها الجديد ’’شرطي الإقليم’’ دورًا معلنًا، مارسته المملكة من خلال التأثير على السياسات العربية لمنع أي تطور يعارض المشروع الصهيوني، وممارسة الضغوطات على الحركات المقاومة في مواقفها، وتقديم غطاء سياسي أو اقتصادي لانعكاسات مؤذية على المقاومة أو الدول المناهضة للتطبيع.
من هذا الدور، تُفسّر بعض التحليلات تصرفات السعودية بأنها لا تهدف بالضرورة فقط إلى تطبيع العلاقات، بل إلى إعادة توزيع الأدوار الإقليمية لصالح المشروع الأميركي _ الإسرائيلي في المنطقة العربية والإقليم.
دعم غير مباشر للاحتلال
أشارت عدد من التقارير والنقاشات التحليلية في عدد من القنوات العربية والدولية إلى أن هناك استثمارات وساطة بين رجال أعمال سعوديين وإسرائيليين، أو تسهيلات للتعاون التكنولوجي المقيم بين شركتين من البلدين أو عبر دول أخرى، وحظي الإحتلال بدعم مباشر للكيان سواءً على المستوى الإقتصادي أو السياسي أو العسكري، هذا الغياب في الموقف عربياً والفاعل مع الجانب الصهيوأمريكي يُعدّ، في نظر المحللين، شكلاً من أشكال الدعم المباشر والغطاء للجرائم الصهيونية في غزة .
واتجهت السعودية إلى التركيز الإعلامي على تهويل الموقف الإيراني، حيث أطلقت في الإعلام الداخلي والخارجي تصويرًا كبيرًا لإيران كعدو مركزي، لتخفيف الضغط على العدو الإسرائيلي من الزاوية السياسية في العالم العربي، ويحوّل البوصلة بعيدًا عن المقاومة في فلسطين.
خاتمة
التحولات التي حدثت في السياسة السعودية، والمواقف التي تفضّل الحذر أو التوازن على المواجهة، تفتح الباب أمام قراءة مفادها أن المملكة أخذت تدريجيًا دور ضابط الإيقاع في الساحة العربية، لما يتماشى مع المشروع الأمريكي _ الإسرائيلي.
وهذه القراءة بعد تتبع لدورها المرتبط بأجندة المشروع الصهيو أمريكي، وتطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة والإقليم وطموح سعودي على حساب قضايا الأمة لن يعدو أكثر من أحلام ستتبعثر قريباً في هواء الاستباحة الصهيونية التي تلتهم الأخضر واليابس ولن تكون السعودية خارج حسابات هذا المشروع بالتأكيد .