اليمن ظاهرة استثنائية .. يكتب سطور المجد بالصواريخ وملايين الأحرار دفاعاً عن غزة
في مرحلة حساسة عاشت فيها غزة واحدة من أخطر وأفظع الجرائم الكارثية جراء العدوان الصهيوني الذي استمر لمدة عامين كاملين، تكشّفت فيها مواقف الأنظمة والشعوب من هذا العدوان والايادة على أبناء غزة، وبرز اليمن كحالة استثنائية فريدة، لم يعرف لها التاريخ العربي الحديث مثيلاً، فبينما اكتفى العالم العربي في غالبه بإصدار بيانات الإدانة، وتسيير بعض الفعاليات الرمزية، دخل اليمن، قيادة وشعبًا، معركة غزة فعليًا، وبكل أدوات القوة والتعبئة، حتى بات اليوم يُشار إليه دوليًا كأكثر بلدٍ قدّم إسنادًا حقيقيًا وعمليًا للمقاومة الفلسطينية.
يمانيون / تقرير
بأكثر من 1,800 عملية عسكرية مباشرة ضد العدو الإسرائيلي، وبملايين اليمنيين في الشوارع والساحات، وبمئات الآلاف من الأنشطة التعبوية والثقافية والإعلامية والتعليمية، خط اليمن تاريخًا غير مسبوق في التضامن والدعم، لم يقترب منه أي بلدٍ آخر.
اليمن في قلب المعركة
لم يكن دعم اليمن لغزة شعاراتيًا أو معنويًا فقط، بل دخلت القوات المسلحة اليمنية ميدان الاشتباك العسكري المباشر، منفذةً آلاف العمليات النوعية بتوجيهات قائد المسيرة القرآنية وموقفه القرآني الحكيم، 1835 عملية هجومية باستخدام صواريخ باليستية ومجنّحة وفرط صوتية، وطائرات مسيّرة، وزوارق بحرية هجومية، استهدفت مصالح العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وخليج عدن.
وفرض حظر بحري شامل بنسبة 100% على السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، في خطوة جريئةوشجاعة ألحقت ضررًا هائلًا بالاقتصاد الإسرائيلي، كذلك ’’5148’’ مناورة عسكرية أجرتها القوات اليمنية، استعدادًا لمختلف السيناريوهات، و 1349 عرضًا عسكريًا، و3362 مسيرة عسكرية، أظهرت الجهوزية القتالية والدعم الشعبي المنخرط في المعركة.
هذا التدخل العسكري المنسق، جاء في توقيت حرج، وأثبت قدرة اليمن رغم ظروف العدوان والحصار المفروض عليه من قبل دول العدوان، على تغيير قواعد الاشتباك الإقليمي، وإرسال رسائل استراتيجية غير مسبوقة.
الشارع اليمني في حالة انتفاضة دائمة
في موازاة العمليات العسكرية، شهد الداخل اليمني واحدة من أوسع عمليات التعبئة الشعبية في تاريخ البلاد، إن لم تكن الأوسع على مستوى المنطقة، 49,354 مسيرة ومظاهرة جماهيرية دعماً لفلسطين، نُظّمت في مختلف المحافظات، و 94,478 فعالية شعبية متنوعة، من وقفات واعتصامات وفعاليات مركزية، وكذلك 317,785 وقفة قبلية وشعبية شارك فيها زعماء قبائل، ومجالس محلية، ومواطنون من مختلف الأعمار والانتماءات، و 350,633 وقفة طلابية نُظمت في المدارس والجامعات، في مشهد يعكس الوعي التربوي والسياسي المبكر لدى الأجيال الصاعدة.
معركة الوعي
فهم اليمنيون منذ البداية خطورة المرحلة وأهمية هذه المعركة وأن المعركة ليست فقط بالسلاح، بل بالكلمة والفكرة والوعي، ولذلك جاءت الحملة الثقافية والإعلامية موازية للحملة العسكرية، بتنفيذ 549,769 ندوة تثقيفية وتوعوية في المدارس، والجامعات، والمراكز الثقافية، والمساجد، و 81,878 أمسية فنية وأدبية تناولت القضية الفلسطينية من زواياها الإنسانية والتاريخية والعقائدية، وبرامج إعلامية وصحفية يومية تبثها وسائل الإعلام الرسمية والأهلية، تغطي آخر التطورات في غزة، وتحلل الموقف، وتفضح جرائم الاحتلال.
وإيمانًا بأن القضية تحتاج إلى رجال مستعدين للتضحية، أطلق اليمن الفريد بعقيدته وهويته الإيمانية ، برنامج دورات طوفان الأقصى، وحقق نتائج ضخمة، تمثلت في تخرج عدد 1,103,647 خريج من المستوى الأول، وعدد 132,046 خريج من المستوى الثاني.
هؤلاء يشكلون اليوم قوة بشرية مؤهلة عسكريًا وإيمانياً للدفاع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية المركزية فلسطين.
قيادة استثنائية وشعب لا يُقهر
الدعم اليمني لغزة ليس فقط وليد اللحظة، بل هو نتاج رؤية استراتيجية تؤمن أن فلسطين هي البوصلة، وأن معركة التحرر تبدأ من القدس، والقيادة اليمنية المؤمنة والصادقة وضعت موقفها بوضوح، أن الشعب اليمني جزء من محور المقاومة، ومعنيون بالدفاع عن فلسطين عسكريًا وثقافيًا وإعلاميًا، وأن الشعب اليمني أثبت أن وعيه السياسي والديني تجاوز الحدود الجغرافية، ولامس جوهر الصراع الحضاري في المنطقة.
هذا التلاحم بين القيادة والشعب، وهذه الجاهزية للتضحية، جعلت من اليمن لاعبًا محوريًا في معادلة الردع الإقليمي.
اليمن يكتب تاريخًا جديدًا
في الوقت الذي يُصنّف فيه اليمن كبلد يعاني من أزمات داخلية متعددة،لما لحقه ولا يزال من تبعات بسبب الحصار والعدوان، نجده يقف في مقدمة الصفوف في معركة الأمة، ليس بالكلمة فقط، بل بالفعل والسلاح والوعي.