تحركات صهيونية مريبة تقودها أمريكا.. مؤشرات لعدوان أوسع على لبنان
يمانيون|تحليل|أحمد داوود*
يتحرك كيان العدو الإسرائيلي بوتيرة متسارعة لاستئناف الحرب وتوسيعها على لبنان، مشفوعاً بدعم وإسناد أمريكي لا محدود، وتواطؤ سعودي، ورغبة من قبل الخونة والعملاء اللبنانيين.
وبحسب صحيفة “اللواء” اللبنانية، فقد تلقت الدوائر الرسمية اللبنانية تهديدات صريحة باستهداف العاصمة اللبنانية والمطار وعدد من المقار الرسمية خلال الأيام المقبلة، فهل يكون لبنان كاملاً هو التالي بعد غزة؟ أم أنها مجرد ضغوط متنوعة لإجبار حزب الله على تسليم سلاحه كما يرغب الصهيوني الأمريكي والإسرائيلي؟
وبحسب الوقائع الميدانية فإن لبنان لن يكون بمنأى عن استهداف عسكري محتمل، فالمؤشرات على ذلك كثيرة، وفي مقدمتها سخونة تصعيد الخروقات للعدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية، وقصف للقرى والبلدات، والمزاعم التي يسوقها العدو باغتيال قيادات من حزب الله، واستهداف مواقع لتخزين الأسلحة.
وخلال الأيام الماضية تعرضت العديد من البلدات والقرى اللبنانية لغزارة نيران من قبل جيش العدو الذي يزيد من منسوب الخروقات من يوم إلى آخر، في مشهد أشبه ما يكون بالبداية للانزلاق إلى المواجهة الشاملة. وهنا ينفذ الكيان الصهيوني الغارات اليومية وعمليات الاغتيال دون محاسبة أو رادع من أحد.
وحتى الآن، لا تزال المقاومة الإسلامية اللبنانية (حزب الله) تتعاطى مع الخروقات بالمزيد من الصبر والحكمة، فحزب الله ينقل المشهد إلى المواطن اللبناني لتوضيح الصورة لديه حول حقيقة العدو الإسرائيلي وعدم التزامه بالمواثيق والعهود، وأن الخطر المحدق على لبنان ليس من الداخل، وإنما من الخارج الذي يسعى لابتلاع لبنان واحتلاله من جديد.
وإلى جانب الخروقات المتواصلة، أنهى العدو الإسرائيلي مناورة كبيرة استمرت أسبوعاً في شمال فلسطين المحتلة، أجرتها “الفرقة 91” أو ما يسمى بفرقة “الجليل”، بالتعاون مع “سلاحي الجو والبحرية والشرطة” التابعة للعدو، بهدف رفع الجاهزية، حيث حاكت المناورة كيفية التعامل مع سيناريوهات متعددة، من أهمها قيام حزب الله بعمل مشابه لعملية السابع من أكتوبر.
وتحمل المناورة أكثر من رسالة، فهي موجهة في المقام الأولى إلى حزب الله، وهي بطبيعة الحال نذير شؤم، ورسالة ضغط عسكري موازية للضغط السياسي الذي تفرضه أمريكا والسعودية على الرئاسة والحكومة اللبنانية التي تطالبها بالتحرك بشكل أكبر نحو “نزع سلاح” حزب الله، حيث تتهم واشنطن حليفها الرئيس اللبناني جوزيف عون بالتباطؤ بعد أن وعد -قبل تنصيبه رئيساً- بأن يعالج هذه الإشكالية في غضون 3 أشهر من توليه المنصب، لكن الأمريكيين باتوا اليوم يشعرون بالضجر من الرئيس عون لعدم قدرته على التحرك في هذا الملف.
وبموازاة المناورة الصهيونية كشفت وسائل إعلام عبرية عن وجود ضباط أمريكيين داخل مقر “القيادة الشمالية” في مغتصبة [صفد] شمالي فلسطين المحتلة، موضحة أن الضباط يتابعون العمليات لحظة بلحظة، وهذا يعني أن كل هجوم في لبنان يُنفّذ بـ«ضوء أخضر» أمريكي، يُمنح قبل الضغط على الزناد، وهو تطور مهم في طبيعة الدور الأميركي.
و لا يزال اللبنانيون يتناقلون بقلق كبير تصريحات المبعوث الأمريكي توم براك التي أطلقها قبل أيام عبر منصة “اكس”، وحذر فيها من أن فشل لبنان في “نزع سلاح حزب الله” قد يدفع العدو الإسرائيلي إلى تحرك عسكري أحادي، معتبراً أن العواقب ستكون “خطيرة للغاية”، مشيراً إلى أن “حزب الله سيكون في مواجهة كبرى مع “إسرائيل” في لحظة قوتها وضعف الحزب المدعوم من إيران، في حين سيواجه جناحه السياسي عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات 2026″ بحسب براك.
تُعَدُّ هذه التصريحات تهديداً مباشراً للبنان باستخدام القوة العسكرية، وهو ما يضع لبنان عملياً في مواجهة حرب محتملة في أية لحظة، وخاصة أن العدو الأمريكي والصهيوني يدركان جيداً حساسية موضوع “نزع السلاح”، وأن حزب الله قد قالها أكثر من مرة بأن حدوثه مستحيل، حتى وان اضطر الحزب إلى المواجهة العسكرية، وكما قال أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في تصريح سابق فإن الحرب إذا فرضت عليهم فإنهم سيخوضونها حرباً كربلائية، لأن سلاح المقاومة هو أساس بقائها، ومصدر عزة وكرامة لبنان ككل، وإذا ما تم التخلي عن السلاح فإن العدو لن يتردد في استباحة لبنان واحتلاله بكل بساطة، والتجارب في هذا الشأن كثيرة ومتعددة.
ولا يستبعد أن يقْدِم العدو الإسرائيلي على تنفذ عدوان على لبنان، فرغبة العدو الإسرائيلي والمجرم نتنياهو هي في استمرار الحرب وليس التهدئة، في حين ترغب الولايات المتحدة في إلحاق أكبر ضرر لمحور المقاومة الذي تراه أكبر تهديد لها ولكيانها الإسرائيلي المؤقت.
ومع ذلك، فإن الدخول إلى الحرب ليس بالأمر الهين، فحزب الله لا يزال يمتلك الكثير من أدوات الردع لإجبار العدو الإسرائيلي على التراجع وعدم تحقيقه حلمه في احتلال لبنان، فقد حققت المقاومة صموداً أسطورياً في المواجهة الأخيرة رغم ما لحق بها من أضرار نتيجة اغتيال قادتها وفي مقدمتهم سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ولهذا فإن صبر الحزب على الخروقات قد لا يطول، ومن المتوقع أن يوجه حزب الله ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي، وخاصة إذا ما استمر في تماديه، أو توسع للحرب الشاملة.
وتبقى الجبهة مفتوحة على كل السيناريوهات، ومنها سيناريو التصعيد المحدود، بحيث يواصل العدو الإسرائيلي ضربات جوية واستفزازات ميدانية دون حرب شاملة، لفرض ضغوط سياسية على حزب الله، أو قد ينفجر الوضع، لنكون أمام سيناريو المواجهة الشاملة، والذي قد يكون بتعمد خطإ ميداني أو عملية اغتيال كبرى، ما سيدفع حزب الله إلى رد واسع، أو قد نكون أمام سيناريو التهدئة المشروطة، بفعل التدخل الأمريكي أو الفرنسي للتهدئة، وعدم فتح جبهات حرب أخرى في المنطقة.
*نقلا عن موقع أنصار الله.