جرحى ومرتزقة العدوان .. من الخيانة إلى الإهانة والخسران
في مشهدٍ تختلط فيه الدماء بالخذلان، تتكشف فصولٌ موجعة من حكاية أولئك الذين ارتضوا أن يكونوا أدواتٍ بيد العدوان السعودي الإماراتي، فخانوا وطنهم، ورفعوا السلاح في وجه أبناء شعبهم، طمعًا في المال والوعود الزائفة، لكن ما لبثوا أن اكتشفوا بعد أن سالت دماؤهم وتهشمت أجسادهم، أن الخيانة لا تُثمر إلا ذلًّا، وأن من باع وطنه لا يشتريه أحد.
يمانيون / تقرير / خاص
يرصد هذا التقرير واقع الجرحى من مرتزقة العدوان في مأرب وتعز وعدن، ويكشف حجم الإهمال والإذلال الذي يتعرضون له من قبل مشغليهم، وكيف تحوّلوا من مقاتلين من أجل شرعية مزعومة، إلى عبء ثقيل ومشهدٍ يُرثى له في شوارع المدن التي كانت معاقلهم، كما يسلّط الضوء على الدور المظلم لقيادات حزب الإصلاح التي استخدمتهم وسيلة للارتزاق السياسي والمالي، وجعلت من دمائهم وأجسادهم وسيلة للتسول والنهب، دون أدنى حس بالمسؤولية أو الإنسانية.
إن أهمية هذا التقرير تكمن في أنه يكشف حقيقة العدوان وأدواته، ويقدّم درسًا بليغًا في أن من يضع نفسه خادمًا للمحتل، ينتهي به الحال مهانًا منبوذًا حتى ممن استخدمه.
المرتزقة .. أدوات تُستخدم ثم تُرمى
منذ الأيام الأولى للعدوان، كانت الإمارات والسعودية تتعاملان مع المقاتلين المرتزقة كأدوات حرب، لا كأشخاصٍ ذوي كرامة وحقوق، جُنِّد الآلاف منهم عبر الإغراءات المالية والوعود بالعلاج والتعليم والمناصب، فاندفعوا إلى جبهات القتال ليكونوا وقودًا لمعارك لا تخدم سوى أجندات الخارج.
لكنّ الصورة تغيّرت تمامًا حين توقّفت الحرب عن تحقيق مكاسب لتحالف العدوان ، فقد تحوّل هؤلاء المرتزقة إلى عبءٍ لا يُراد له أن يبقى، وبدأت عمليات تصفية وإهمال ممنهج، حتى أن بعض الجرحى حُرموا من أبسط حقوقهم في العلاج والرعاية، كثيرون تُركوا في المستشفيات دون دواء أو متابعة، وآخرون أُلقوا في الشوارع أو المخيمات، بلا راتب ولا اهتمام، وكأنهم لم يكونوا يومًا جزءًا من تلك الحرب.
في مأرب وتعز، تنتشر قصص العشرات من الجرحى الذين يروون بحسرة كيف تم تجاهلهم من قادتهم ومن دول العدوان، بعد أن كانوا يضحّون بأطرافهم وأرواحهم طاعةً لتوجيهاتٍ كانوا يظنونها شرعية، اليوم يكتشفون أن الشرعية المزعومة لم تكن سوى ستارٍ لمشروع احتلالٍ وتمزيقٍ للوطن.
الإصلاح .. سماسرة الدم والوجع
لم يكن مصير الجرحى أكثر مأساوية من دور قيادات حزب الإصلاح في قضيتهم، فبدلاً من أن يقفوا إلى جانب من قاتلوا تحت رايتهم، حولوا ملف الجرحى إلى بابٍ للثراء والفساد، تُنهب المساعدات باسم الجرحى، وتُصرف المخصصات لأقارب القيادات وأتباعهم، فيما يظل الجرحى الحقيقيون في طوابير الإهانة والانتظار.
أصبح كثير من أولئك الجرحى اليوم مجبرين على التسول أو بيع ممتلكاتهم البسيطة لتغطية تكاليف علاجهم، بينما يتنعم قادتهم في الفنادق والعواصم، لم تكتفِ تلك القيادات بسرقة أموالهم، بل سلبتهم كرامتهم مرتين، مرة حين أضلّوهم باسم الدين، ومرة حين تاجروا بجراحهم بعد أن انتهى دورهم في الميدان.
لقد أعاقوهم دينيًا ووطنياً قبل أن يُصيبهم الإعاقة الجسدية، فالتضليل الذي مورس عليهم باسم الجهاد، والدفاع عن الشرعية المزعومة، جعلهم يسيرون إلى مصيرهم المظلم وهم يظنون أنهم على حق، ليكتشفوا لاحقًا أن الدين منهم بريء، وأنهم كانوا أدوات في يد أعداء وطنهم.
المشهد الإنساني .. بؤس بلا نهاية
تصف التقارير القادمة من مأرب وتعز وعدن أوضاع الجرحى بالكارثية، مستشفيات مكتظة، دواء مفقود، وأجساد مبتورة تتوسل العلاج بلا جدوى، بعض الجرحى يعيشون على مساعدات بسيطة يقدمها الأهالي أو منظمات محلية، بعد أن تخلّى عنهم تحالف العدوان وقياداتهم.
في مأرب مثلاً، تنتشر مخيمات بدائية يقيم فيها المئات من الجرحى مع أسرهم، دون مياه أو كهرباء أو رعاية طبية، تُوثّق شهاداتهم كيف يُمنعون أحيانًا من دخول المستشفيات التابعة لما يسمى وزارة الدفاع التابعة للمرتزقة، ويُطردون بحجج واهية. في المقابل، يُمنح المقربون من القيادات تسهيلات ومخصصات مالية، ما عمّق الإحساس بالظلم والإذلال.
حقيقة العلاقة بين المحتل والمرتزق
العدوان السعودي الإماراتي لم يكن يومًا حليفًا أو شريكًا للمرتزقة، بل كان يعتبرهم مجرد وقودٍ للحرب ومخزونًا بشريًا رخيصًا. فالمحتل لا يؤمن بالصداقة أو التحالف، بل بالمنفعة المؤقتة، وحين تنتهي الحاجة إلى الخدمات، ينتهي وجود العملاء.
ما يجري للجرحى اليوم هو الوجه الحقيقي لتلك العلاقة القائمة على الاستغلال، كل مرتزق كان يظن أنه يحمي مصالح تحالف العدوان، بات اليوم شاهدًا على غدره وخيانته.
عبرة ودرس للأجيال
قصة جرحى ومرتزقة العدوان ليست مجرد فصلٍ من فصول الحرب، بل درسٌ للأجيال عن معنى الولاء والخيانة، فكل من يظن أن المال يمكن أن يعوّضه عن الوطن، يجد نفسه في النهاية بلا مالٍ ولا وطنٍ ولا كرامة.
إنها رسالة واضحة لكل من تسوّل له نفسه السير في طريق العمالة، أن المحتل لا يصنع أبطالًا، بل عبيدًا، والمرتزق لا يخرج من حربه إلا منبوذًا، تلاحقه لعنات الناس وسخرية من استخدموه ثم رموه.
أخيراً .. النهاية المحتومة
هكذا تنتهي حكاية المرتزقة الذين باعوا أوطانهم بثمنٍ بخس، بين مأرب وتعز وعدن، تمتدّ صور الإذلال والعجز، لتكون شاهدة على خسة المحتل وغدره، وعلى حماقة من ظنّ أن الخيانة طريقٌ للمجد.
ويبقى الوطن وحده هو الباقي، يطهر أرضه من الخونة، ويكرم أبناءه الأوفياء الذين صمدوا ورفضوا أن يكونوا سلعةً في يد الأجنبي.
إن ما يعيشه جرحى العدوان اليوم هو تجسيدٌ حيٌّ لحقيقة أن من خان وطنه عاش ذليلًا ومات منبوذًا، وأن الخيانة، مهما تجمّلت، لا تلد إلا الخسران والعار.
فيما يلي مقطع مرئي بقدم صورة لما يتعرض له الجرحى من مرتزقة تحالف العدوان