الثاني من ديسمبر.. نافذةُ الوعي في ظلام الخيانة
يمانيون/بقلم: طوفان الجنيد
رُبَّ ضارة نافعة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.. ومهما علا الظلمُ وتجبر واستفحل، ومهما تعددت أقنعته الوطنية المخادعة، فإن نهايته محتومة، ويأتي يومٌ تُكشف فيه الحقائق، وينجلي الليل بصبحٍ مُشرق.
لأكثرَ من ثلاثة عقود، عاش الشعبُ اليمني تحتَ وطأة نظامٍ فاسدٍ وخائن، يمارس القهر والتجهيل باسم الوطنية، فيما هو غارقٌ في خدمة الأجندات الخارجية.
لكن طيبة هذا الشعب وصمته لم تستمرّا إلى الأبد؛ فجاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لتحرّره من القيود، وتعلن رفضه للوصاية الأجنبية.
لكن الخونة لم يرق لهم تحرّر الشعب؛ فما كان منهم إلا أن دبّروا المكائدَ تحت شعارات برَّاقة، وعقدوا التحالفات مع الأحرار ليخدعوهم مرة أُخرى.
حتى جاء اليومُ المشؤوم: الثاني من ديسمبر، ليُعلنوا فيه خيانتَهم على الملأ، وينقلبوا على كُـلّ العهود والشراكات، داعين ميليشياتهم لإشعال الفتنة والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.
في ذلك اليوم، تجلّت الخيانة بكل وضوح: من ادّعى محاربة العدوان تحالف معه، ومن تظاهر بالدفاع عن الدماء سكبها، ومن تحدث عن السيادة خانها.
لكن إرادَة الله وإصرار الأحرار كانتا أقوى من كُـلّ مكرهم.
المرارة والوعي: درسان من يوم الخيانة
يحمل الثاني من ديسمبر ذكرى موجعة، لكنه أَيْـضًا كان نافذة أظهرت ما كان مخفيًا.
لقد كشف هذا اليومُ أن الخيانةَ قد تأتي ممن يرفع أعلامَ الوطنية، وأن الولاء الحقيقي لا يُقاسُ بالشعارات، بل بالثبات في ساعات المحنة.
لقد دفع اليمنيون ثمنًا باهظًا لهذه الخيانة: تشتّت الأسر، وانهيار البنى التحتية، وضياع الأحلام.
لكن الأهم من ذلك كله كان الجرحَ النفسي العميق، والسؤال المُلحّ عن معنى الانتماء في زمن يبيع فيه البعضُ وطنَهم بأبخس الأثمان.
من هذا الألم، وُلد وعيٌ جديد.
أدرك اليمنيون أن الحريةَ والكرامة والسيادة خطوطٌ حمراءُ لا تقبل التفريط، وأن الخيانة مهما تلوّنت تبقى جريمة في حق الأجيال.
كما تعلّموا أن الوعي الشعبي هو الحصن الحقيقي الذي يحمي الوطن من الاختراقات الداخلية والخارجية.
الخاتمة: وعي لا ينطلي عليه الزيف
لم يعد الثاني من ديسمبر مُجَـرّد تاريخ في الذاكرة، بل أصبح علامةً فارقةً في مسيرة اليمن.
فهو اليوم الذي انكشفت فيه الأقنعة، واتضحت فيه المسارات.
ولن تنطليَ على الشعب اليمني بعد اليوم أية محاولة لتجميل هذه الخيانة أَو إعادة ترويجها تحت أي شعار.
فالأحرار -بعون الله وتوفيقه- ماضون في طريق التحرّر والبناء، واعين لكل المكائد، ثابتين على مبادئهم، مؤمنين بأن العاقبة للمتقين، وأن يد الله مع الجماعة التي تنصر الحق وتذود عن حياض الوطن.