الفراغ والانفلات .. بوابة الحرب الناعمة على شباب الأمة
في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المجتمعات العربية، وما يرافقها من تحديات فكرية وثقافية عميقة، باتت فئة الشباب والشابات في مواجهة أخطر أشكال الاستهداف غير المباشر، حيث يتقدم الانفلات القيمي والفراغ الفكري والروحي كعاملين حاسمين في تهديد استقرار الفرد والمجتمع على حد سواء، وهي أحد أخطر أسلحة العدو التي لا تقتصر في مظاهرها السطحية فحسب، بل في تداعياتها بعيدة المدى على الهوية والانتماء والوعي، وفي اليمن قدمت المسيرة القرآنية المباركة بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، نموذجًا عمليًا في تحصين المجتمع، وتعزيز الانتماء الإيماني، وملء الفراغ بالوعي والمعنى، بما يسهم في حماية الشباب والشابات من مخاطر الضياع والانفلات، وبناء شخصية متوازنة قادرة على مواجهة التحديات،
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
خطورة الانفلات والفراغ على الشباب والشابات
الفراغ، حين لا يُملأ بالوعي والمعنى، يتحول إلى مساحة مفتوحة لكل أشكال التأثير السلبي، فالشاب الذي لا يمتلك هدفاً واضحاً، ولا يعيش حالة انتماء حقيقي لقيمه وهويته، يصبح أكثر عرضة للضياع، سواء عبر الانجرار وراء أنماط حياة استهلاكية، أو الوقوع في فخ التقليد الأعمى، أو التماهي مع أفكار وسلوكيات غريبة عن مجتمعه.
أما الانفلات، فيمثل النتيجة الطبيعية لهذا الفراغ، حيث تتراجع الضوابط الأخلاقية، ويضعف الالتزام بالمسؤولية الفردية والجماعية، ويتحول الشاب من عنصر فاعل في البناء إلى كائن مشتت، يعيش اللحظة دون وعي بالعواقب أو الإطار القيمي الذي ينتمي إليه.
من الواقع العربي
تكشف الشواهد المتعددة في الواقع العربي عن صورة مقلقة لما يمكن أن تؤول إليه المجتمعات حين يُغيَّب التمسك بالقرآن الكريم، وتُهمَّش قيم الدين وموجهاته في الحياة العامة، ففي كثير من البلدان العربية، حيث تراجع الحضور الواعي للدين كمنهج حياة، برزت ظواهر اجتماعية وسلوكية خطيرة، تعكس حالة فراغ عميق وانفلات متزايد، خاصة في أوساط الشباب والشابات.
وقد استغل العدو هذه الحالة، ووجه كل أدواته ووسائله الناعمة إلى نشر المظاهر السلوكية الهدامة من بوابة الحداثة والانفتاح ، وانتشرت أنماط خطيرة، تتنافى مع الفطرة السليمة، وتُفرغ الإنسان من مسؤوليته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه،
وفي هذا السياق، تظهر بوضوح حالات التفكك الأسري، وتصاعد معدلات الجريمة، وانتشار المخدرات، واتساع دوائر العنف والانحراف، إلى جانب حالة الاغتراب النفسي التي يعيشها كثير من الشباب، نتيجة فقدان البوصلة القيمية وغياب المعنى، كما أسهم الفراغ الديني والروحي في جعل فئات واسعة من الشباب أكثر قابلية للتأثر بالمحتوى الإعلامي الهابط، والخطابات التي تروّج للتفاهة والانحلال، وتعمل على تطبيع القطيعة مع الهوية الدينية.
المسيرة القرآنية كمعالجة واقعية وحصانة مجتمعية
في مقابل هذا الواقع، برزت المسيرة القرآنية المباركة في اليمن، بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، كنموذج عملي لمعالجة جذور الانفلات والفراغ، لا من خلال الحلول السطحية، بل عبر إعادة الاعتبار للقرآن الكريم كمنهج حياة، وبناء وعي إيماني وثقافي متجذر، وقد ركزت المسيرة القرآنية على تعزيز الانتماء الإيماني الواعي، الذي يربط الشباب بالله، وبالقرآن، وبالرسول صلوات الله عليه وآله وأعلام الهدى من أولياءه، وقد أكد السيد القائد على خطورة هذا الواقع حيث قال : (( إن أخطر شيء على شبابنا وشاباتنا في هذه المرحلة هو الانفلات والفراغ، لافتا إلى أنه إذا لم يعش الإنسان معنى الانتماء الحقيقي لهذا الإسلام والتمسك بالقرآن والانشداد للرسول صلوات الله عليه وآله ، فسيكون ضحية لحملات الحرب الناعمة)) ، واتجهت بذلك المسيرة القرآنية نحو البرامج التطبيقية العملية التي ملأت الفراغ بالوعي والمعرفة، من خلال الدروس الثقافية والأنشطة التربوية التي تخاطب العقل والروح معاً، وتمنح الشباب معنى لوجودهم ودورهم في الحياة، وتحصين الشباب من الحرب الناعمة، عبر كشف أدواتها وأساليبها، وتنمية الحس النقدي والبصيرة القرآنية، التي تمكّنهم من التمييز بين الحق والباطل، وصولاً إلى إعادة بناء الشخصية المتوازنة، القادرة على الجمع بين الالتزام الديني، والوعي بالواقع، وتحمل المسؤولية تجاه المجتمع والأمة.
أسهم هذا التوجه في خلق حالة من الصمود والوعي لدى شريحة واسعة من شباب وشابات المجتمع اليمني، حيث تحوّل الكثير منهم من حالة الفراغ والضياع إلى عناصر فاعلة، تمتلك قضية، وتتحرك وفق رؤية واضحة، مستمدة من القرآن الكريم .
ختاماً
إن الانفلات والفراغ ليسا قدراً محتوماً، بل نتيجة غياب المشروع الواعي الذي يحتضن الشباب ويمنحهم المعنى والانتماء، وتجربة المسيرة القرآنية المباركة في اليمن تقدّم نموذجاً عملياً لكيف يمكن للقرآن، حين يُفهم ويُعاش، أن يكون خط الدفاع الأول في حماية الشباب والشابات من الضياع، وأن يصنع مجتمعاً متماسكاً، قادراً على مواجهة أخطر أدوات الاستهداف والحرب الناعمة.