طاغوت العصر يهاجم القيم والهوية .. والقرآن حصن الأمة
يقدم خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في كلمته بمناسبة جمعة رجب رؤية واضحة وحاسمة حول التحديات الكبرى التي تواجه الأمة والمجتمعات البشرية في عصرنا الراهن. فالخطاب لا يقتصر على تحليل سياسي أو اجتماعي، بل يسلّط الضوء على أبعاد أخلاقية وفكرية وروحية أساسية، تتمثل في مواجهة طاغوت العصر، الذي يسعى إلى تدمير القيم والأخلاق، ونشر الرذائل، وتحقيق الهيمنة على وعي الأمم وضمائرها، تكمن أهمية الخطاب في أنه يربط بين التهديدات المعاصرة للإنسانية وبين الحاجة الملحّة للتمسك بالهوية الإيمانية والارتباط بالقرآن الكريم، ما يجعله وثيقة تحليلية عميقة لفهم صراع الحضارات والقيم في الوقت الراهن .
يمانيون / خاص
ركّز السيد القائد في خطابه على توصيف طاغوت العصر، ’’أمريكا وإسرائيل والدول الغربية’’، بوصفه نموذجاً غير مسبوق في التاريخ في خطورته ومن حيث تجميعه لأنواع الظلم والمفاسد والجرائم، وخروجه عن القيم الإنسانية والإلهية، وأشار إلى أن هذا الطاغوت يمتلك إمكانات هائلة ووسائل تأثير متقدمة لم تتوفر لأي قوة سابقة، سخّرها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية، ويبرز في هذا الطرح بعدٌ تحليلي يربط بين تطور أدوات السيطرة الحديثة، وبين اتساع نطاق التأثير على المجتمعات، بحيث لم يعد الطغيان مقتصراً على الاحتلال العسكري، بل امتد إلى الوعي، والقيم، وأنماط التفكير والسلوك.
استهداف القيم والأخلاق كمدخل للهيمنة
من أبرز محاور الخطاب التحذير من سعي قوى الطغيان إلى نشر الرذائل والمفاسد والمجاهرة بها، والعمل المنظّم على تدمير المنظومة الأخلاقية داخل المجتمعات، لا سيما في أوساط الشباب والنساء، عبر عناوين جذابة ومخادعة تفتقر إلى أي مضمون إنساني حقيقي، ويرى السيد القائد أن خطورة هذا المسار تكمن في كونه يجرّد الإنسان من فطرته السليمة، ويفقده حريته وكرامته بمعناهما الصحيح، ما يؤدي إلى تحويل المجتمعات إلى كيانات فاقدة للمناعة، يسهل التحكم بها وتوجيهها.
الهوية الإيمانية كحائط صدّ
أكد السيد القائد أن الانتماء الإيماني الأصيل يمثّل الحصانة الأساسية للمجتمعات في مواجهة مشاريع الإضلال والإفساد، مشدداً على أن استهداف الهوية الإيمانية هو أخطر أشكال الاستهداف، لأنه يفتح الطريق أمام السيطرة الشاملة على الأمة.
وفي هذا السياق، دعا إلى تصحيح واقع الأمة من الاختلالات والانحرافات، وتنقية الاتجاه الإيماني من الشوائب، بما يحقق الرشد الثقافي والفكري، ويعيد للأمة قدرتها على الفعل والاستقلال.
القرآن الكريم في قلب المواجهة
أشار السيد القائد إلى وجود فجوة في واقع الأمة على مستوى الاهتداء بالقرآن والالتزام بمفاهيمه، واعتبر أن الأعداء يستهدفون القرآن الكريم لأنه يمثّل صلة مباشرة بين الإنسان وربه، ويفضح مشاريع الطغيان، ويكشف أهدافها الحقيقية،
وأوضح أن محاولات فصل الأمة عن القرآن تبدأ بضرب قدسيته في النفوس، والإساءة إليه، وقياس ردود فعل المسلمين تجاه ذلك، لافتاً إلى أن ضعف المواقف الرسمية تجاه هذه الانتهاكات يعكس مستوى خطيراً من التهاون، حيث أكد أن كثير من الحكومات والزعماء لا يتخذون حتى أبسط المواقف من أجل القرآن فيما يتخذون ما هو أقوى منها بكثير لاعتبارات تافهة وثانوية
التعليم والإعلام كأدوات تأثير
تطرّق السيد القائد حفظه الله إلى دور المسارات التعليمية والإعلامية في تشكيل الوعي، محذّراً من تحويل أنظار الأمة إلى الخارج لاستقاء الرؤى والمفاهيم، بدلاً من الارتباط بالقرآن كمرجعية فكرية وأخلاقية، مشيراً إلى وجود اختراقات ثقافية تتجاوز الأنظمة إلى المجتمعات، عبر منظمات وبرامج تستهدف فئات محددة.
ختاماً
يعكس خطاب السيد القائد في جمعة رجب رؤية شاملة للصراع الدائر، لا بوصفه صراعاً سياسياً فقط، بل صراعاً على القيم والهوية والوعي، ويقدّم القرآن الكريم باعتباره خط الدفاع الأول والأخير عن إنسانية الإنسان وكرامته، وعن استقلال الأمة وقدرتها على مواجهة التحديات.
ويخلص الخطاب إلى أن ما تمتلكه الأمة من رصيد إيماني وقيمي لا يزال مثار قلق لدى خصومها، وأن الحفاظ عليه وتفعيله هو مسؤولية جماعية تتطلب وعياً، والتزاماً، وعودة جادة إلى هدى الله.