إبراهيم محمد الهمداني
لم يتوقف مسلسل السرقة والنهب العفاشي، عند المستوى المادي المتعارف عليه، في ثروات وخيرات وأموال الشعب عامة، بل تجاوز ذلك، إلى مستوى سرقة هوية الشعب ومنجزاته وصوته الصادح، المعبر عن سيادته وطموحاته، ورؤيته وتطلعاته المستقبلية، وشراكته الفعلية في صناعة وتنفيذ القرار، في مسيرة النهضة الشاملة، من خلال منبر “المؤتمر الشعبي العام”، الذي قدم أبهى صور الشراكة والمسؤولية الجمعية، وأرقى نماذج ممارسة الديمقراطية، قبل أن يغتالها الدكتاتور “عفاش”، ويسرق حصيلة منجزاتها، ويعيث فسادا في خططها ومشاريعها التنموية، ويجهض ويشوه معظمها، ويقتل التكامل المجتمعي الحكومي الوليد، وبعقلية قطاع الطرق القتلة، استباح “علي عبدالله صالح عفاش”، دم رجل التنمية ورائد الديمقراطية الأول، الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، واستولى – بطبعه اللصوصي – على إرث تنموي نهضوي هائل، مدعياً ملكية ما لم يستطع طمسه، وما عجز عن محوه.
حاول “عفاش” تغييب الشعب اليمني، في جثمان قائده الرئيس الشهيد “الحمدي”، لكنه لم يستطع محو ذكراه من الوجدان الجمعي، ولم تفلح محاولات تشويه صورة الرئيس الشهيد، في انتقاص قيمته ومكانته، بين أبناء شعبه، الذين امتزجوا به صدقا ووفاء، وحملوه في قلوبهم صورة ناصعة البياض والنقاء، وذكرى جليلة خالدة، وتاريخاً مقدساً موروثاً، عصياً على النسيان أو التشويه، ليشهد الزمن بلسان “الجمعيات التعاونية”، عن أعظم نهضة تنموية حضارية، وليتحدث التاريخ من منبر “المؤتمر الشعبي العام”، عن أرقى تجربة ديمقراطية، وأنجح تجربة شراكة سياسية، على مستوى المنطقة كلها.
كان “المؤتمر الشعبي العام”، عبارة عن منظمة مجتمع مدني كبيرة، تهدف إلى تحقيق التكامل بين الشعب والنظام الحاكم، لتعزيز الديمقراطية وتحقيق النهضة الشاملة، وتشهد الوثائق والحقائق الثابتة، أن مؤسس “المؤتمر الشعبي العام”، في صيغته الرائدة السالفة، هو الرئيس الشهيد “إبراهيم الحمدي”، وليس اللص القاتل “علي عبدالله صالح عفاش”، الذي جعل “المؤتمر الشعبي العام”، حزبا سياسيا عفاشيا خالصا، وحوَّله إلى ملكية خالصة لنفسه، بعد أن سلبه هويته الشعبية، وأفقده فاعليته وقوته الجمعية، وحصر مشروعه السياسي الريادي الكبير – وفقا لمنظوره الشخصي – في دور انتهاج الهيمنة من موقع التفرد بالسلطة، أو دور ممارسة المكايدات والمماحكات، من موقع الشراكة والمعارضة.
يمكن القول إن يوم 24 أغسطس، ليس إلا دليلا على حقيقة الإجرام العفاشي الممنهج، وشاهدا على أبشع عمليات تزوير واغتيال التاريخ، حيث تعمد إزاحة ومحو حوالى ستة أعوام، من عمر “المؤتمر الشعبي العام”، الذي أعلن عن تأسيسه، الرئيس الشهيد “الحمدي”، عام 1977م، حسب ما نصت عليه صحيفة “الثورة” الرسمية آنذاك، وأكدته مقابلة تلفزيونية – في العام ذاته – مع شخص الرئيس الحمدي، تضمنت حديثا مفصلا، وتعريفا شاملا لطبيعة ودور، ذلك المكون الجمعي الوليد، المسمى “المؤتمر الشعبي العام”، بما تعنيه مدلولات كلمة “مؤتمر”، في صبغته الشعبوية الجامعة لكل نخب وفئات المجتمع، ومساره التكاملي العام، وتلك المقابلة موجودة على منصة “اليوتيوب”، وفيها ما يدحض المزاعم العفاشية، عن ذكرى يوم التأسيس، ويؤكد أن يوم 24 أغسطس 1982م، كان – كغيره من أيام الزمن العفاشي – شاهدا على إحدى جرائم “عفاش” الكبرى، بحق اليمن التاريخ والإنسان، ولذلك فإن احتفال العفافيش بهذا اليوم، هو بمثابة عملية “كي” للذاكرة الجمعية، بقضبان النهج الإجرامي القذر، الذي ورَّثه الطاغية “عفاش” لأولاده من بعده، ولأتباعه “العفافيش” الذين استخفهم فأطاعوه، وأُشربوا في قلوبهم ضلاله وفساده.