Herelllllan
herelllllan2

في ذكرى مولد النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله .. آن للأمة أن تنهض للجهاد ونصرة غزة

في أشد لحظات الأمة وجعًا ، تطلّ علينا ذكرى مولد النبي محمد صلوات الله عليه وآله، الحدث الأعظم في تاريخ البشرية، الذي غيّر وجه الأرض، وأخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الطغاة إلى عبادة رب العباد، لكن ما أقسى أن تأتي هذه الذكرى اليوم، فيما دماء الأطفال في غزة تنزف، وأشلاء الأبرياء تحت الركام ما تزال تصرخ، والعدوان الصهيوني الوحشي يواصل جرائمه أمام صمت مريب وخذلان عربي وإسلامي مخجل، من هنا، لا يمكن أن تمرّ هذه المناسبة  العظيمة مرورًا عابرًا، دون أن يعيد فيها الشعوب العربية والإسلامية حساباتهم ومواقفهم وأن يقفوا وقفة جادة وصادقة مع النفس. 

يمانيون/ تقرير / طارق الحمامي

 

إن المولد النبوي الشريف ليس مجرد تذكير بمولد نبي عظيم صلوات الله عليه وآله ، بل هو تجديد للميثاق مع الرسالة، وإعادة ربط الأمة بنبيها، لا بالشعارات، بل بالعمل والفعل والموقف.

وهذا التقرير يسلّط الضوء على هذه الرابطة المنسية، محاولًا الإجابة على سؤال للأمة وهي تستعد لاستقبال مولد النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله ، وهي تتخلى عن واجبها الشرعي في نصرة المستضعفين من الأطفال والنساء والشيوخ في غزة ،دون أن تترجم الولاء لمحمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله ، إلى مواقف حقيقية تجاه غزة وفلسطين؟ وما هو دور الشعوب الإسلامية اليوم في ظل خيانة الأنظمة وغياب القرارات الشجاعة؟ ومَن الذي يُجسّد القدوة والامتثال الفعلي لتوجيهات الله ورسوله في واقعنا المعاصر؟

 

 المولد النبوي الشريف .. محطة تجديد العهد

ليس المولد النبوي مجرد مناسبة للاحتفال والابتهال، بل هو محطة لإعادة تقييم موقع الأمة من قضاياها المركزية، وعلى رأسها قضية فلسطين،  لقد وُلد الرسول الكريم صلوات الله عليه وآله، في زمن الجهل والظلم، فجعل من رسالته منارة للتحرر والكرامة والعدل، وسار على درب المواجهة والصبر والثبات.

واليوم، تُستدعى هذه الروح المحمدية من جديد، في وجه العدو الصهيوني المحتل، الذي يرتكب أبشع المجازر ضد شعب أعزل لا يملك إلا إيمانه وكرامته.

 

الشعب اليمني .. قدوة في الولاء والامتثال

في هذا السياق، يبرز الشعب اليمني كنموذج فريد في الولاء العملي للرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله، إذ يحيي مناسبة المولد النبوي الشريف كل عام بزخم جماهيري هائل ومظاهر حب صادقة تُجسد التفاعل الحقيقي مع رسالة النبي وقيمه.

لكن الأهم من الاحتفال هو أن هذا الشعب يُجسّد الامتثال لتوجيهات الله ورسوله صلوات الله عليه وآله، عبر مواقفه المشرفة من قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية،  لقد برز اليمن في السنوات الأخيرة كأحد أشد الأصوات صدحًا ضد العدوان الصهيوني، من خلال المسيرات، الخطابات، الدعم المعنوي، بل والمشاركة العسكرية الميدانية عبر استهداف سفن العدو في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة إلى قلب كيان العدو،  دعمًا لغزة ومقاومتها.

وهكذا، يُظهر اليمنيون أن الولاء للنبي صلوات الله عليه وآله ، لا يكون فقط بالاحتفال، بل بالامتثال العملي لما دعا إليه، من مقاومة الظلم ونصرة المستضعفين والوقوف في وجه الطغيان.

 

 شعوب الأمة أمام مسؤوليتها

في خضم الجرائم اليومية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق شعب غزة المقاوم، لم يعد السكوت خيارًا مقبولًا، ولا الحياد موقفًا يُغتفر،  لقد تجاوز العدوان كل الحدود، وكشف عن وجه العدو القبيح، وعن عجز وتواطؤ الأنظمة، ما يجعل العبء الأكبر على عاتق الشعوب الحرة، التي ما زال في قلوبها بقايا من الإيمان والكرامة والانتماء.

إن الحديث عن نصرة فلسطين اليوم لا يمكن أن يُختزل في المشاعر ولا البيانات الموسمية، بل يجب أن يتحول إلى مواقف عملية تعبّر عن الولاء الحقيقي لله ولرسوله صلوات الله عليه وآله ، وللمستضعفين من عباده، وتُعيد للأمة بوصلتها، فالشعوب الإسلامية والعربية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تنهض بمسؤولياتها التاريخية والدينية، وتفرض إرادتها على أنظمتها، وترفع صوتها بالحق دعمًا للمقاومة، أو تبقى رهينة الصمت والتبعية والخوف، وتكون شريكة في الجريمة بصمتها وتخاذلها.

المسؤولية اليوم لا تقتصر على الحكومات والجيوش، بل تبدأ من كل فرد في هذه الأمة، من الطالب في جامعته، إلى التاجر في سوقه، والعامل في مصنعه، والإعلامي في منصّته، والعالم في منبره، كل هؤلاء يمكنهم أن يكونوا جنودًا في معركة الوعي والموقف، معركة الكلمة، والدعاء، والتعبئة، والمقاطعة، والضغط، والتحشيد، بل ومعركة الفعل الشعبي إذا اقتضى الأمر.

 زمن التبرير انتهى .. من الضغط الشعبي تبدأ التغييرات

من غير المقبول أن تستمر الشعوب في تبرير عجزها بضعف الإمكانات أو قمع الأنظمة، لقد أثبتت تجربة الشعب اليمني، أن الشعوب عندما تتحرك بصدق، تغيّر المعادلات، وإن الوقوف مكتوفي الأيدي في زمن تُستباح فيه غزة، وتُباد عائلات بأكملها، ليس حيادًا، بل خيانة لتكليف إلهي، وركون إلى الذين ظلموا، والله سبحانه وتعالى يقول 🙁 وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْـمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِـمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)،

ولذا فقد بات واضحًا أن أغلب الأنظمة الحاكمة اليوم لا تمثّل نبض الأمة ولا إرادتها، بل تمضي في دروب التطبيع والخيانة، وتغلق المنافذ بوجه أي دعم فعلي للمقاومة، مما يجعل الضغط الشعبي ضرورة لا ترفاً .

 

 الجهاد في سبيل الله الفريضة الغائبة

قال تعالى في محكم كتابه: ( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْـمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْـمُحْسِنِينَ )(التوبة – 120)، في هذه الآية الكريمة، يوجّه الله تعالى نداءً واضحًا إلى الأمة كلها، ألا تتخلّف عن الصفّ المحمدي المقاوم، وألا تفضل راحتها وسلامتها على نصرة دين الله ورسوله صلوات الله عليه وآله، هذا النداء ما زال قائمًا، والجهاد لم يُرفع تكليفه، سواء كان بالنفس أو بالمال أو بالكلمة أو بالموقف.

 

على درب محمد صلوات الله عليه وآله 

في ذكرى المولد النبوي الشريف ، لا بدّ أن نُعيد تعريف علاقتنا برسول الله صلوات الله عليه وآله ، لا كمجرد شخصية تاريخية نحتفي بها سنويًا، بل كرسول وقائد وقدوة، أُمرنا باتباعه، والانتصار لقيمه، والسير على خطاه، لقد كان صلوات الله عليه وآله ، رمزًا للصبر في وجه الأذى، والثبات أمام الباطل، والكرامة في زمن الانكسار، والجهاد في سبيل الله دون تردد أو مساومة، إن الاحتفاء الحقيقي بهذه المناسبة  يكون بـالصدق في الولاء، ووضوح الموقف، والالتزام بالفعل، وقد آن للأمة أن تُترجم محبتها لرسول الله صلوات الله عليه وآله، إلى وقوف صريح مع المستضعفين في غزة، وأن تتعامل مع العدو الصهيوني كعدو شرعي وإنساني وحضاري، لا كجهة تفاوض أو تطبيع.

وليكن الشعب اليمني، الذي رفع راية النصرة دون خوف، نموذجًا يُحتذى، في زمن تكالبت فيه قوى النفاق والخيانة. وليكن صوت الشعوب أداة الضغط القادمة، وسلاح التغيير الأهم، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وختامًا .. يقول الله سبحانه وتعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، على درب محمد صلوات الله عليه وآله نمضي، نصرةً للحق، وجهادًا في سبيل الله، ووفاءً لدماء غزة، ورفضًا لكل أشكال الخنوع والخيانة، فالطريق واضح، والحق أبلج، والجهاد اليوم، فرض عين على كل مسلم ومسلمة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com