Herelllllan
herelllllan2

أنصار الرسول والرسالة يجددون العهد ويتقدمون الصفوف لنصرة غزة

في زمن تكالبت فيه قوى الطغيان العالمي على الأمة الإسلامية، وتكشّفت فيه خيوط المؤامرة التي تستهدف عقيدتها ومقدساتها، يعود اليمن من قلب الحصار والمعاناة ليجدد العهد مع الله ورسوله، ويثبت حضوره الفاعل في معركة الأمة المصيرية ضد العدو الصهيوني.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

إن التصعيد الصهيوني المستمر في غزة ، وما يصاحبه من صمت دولي وتواطؤ أنظمة التطبيع، يجعل من الموقف الشعبي والرسمي اليمني نموذجًا نادرًا في زمن التخاذل، ومصدر إلهام يعيد الاعتبار لقيم الجهاد والكرامة، ويؤكد أن روح المقاومة لم تنطفئ.

ويأتي هذا التقريرفي لحظة رمزية بالغة الدلالة، حيث يستعد الشعب اليمني للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، ذكرى مولد النبي الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله،  الذي جاء برسالة الحق والعدل، ونادى بنصرة المستضعفين، ومحاربة الظلم والطغيان،  وهذه الذكرى، التي تحولت في اليمن إلى مناسبة تعبئة إيمانية وشعبية هائلة، تكتسب هذا العام بعدًا أعمق، في ظل تصاعد العدوان على غزة، واستمرار العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر بحق الأبرياء في غزة .

 

المولد النبوي وامتداد النصرة

إنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في اليمن لا يُختزل في طقوس أو فعاليات شكلية، بل هو إعلان ولاء متجدد لرسول الله صلوات الله عليه وآله، وتجديد للعهد بالسير على نهجه، والتمسك برسالته، والوقوف مع قضايا أمته في كل زمان ومكان، وما موقف اليمنيين من القضية الفلسطينية، اليوم، إلا امتداد لذلك الإرث النبوي العظيم.

فكما نصر الأنصارُ النبيَّ صلوات الله عليه وآله ، في المدينة يوم خذله البعض، ينهض اليمنيون اليوم لنصرة القدس وفلسطين، يوم خذلها الحكام، وتآمرت عليها بعض العواصم، وسكت عنها من رفعوا يومًا شعار حقوق الإنسان.

يأتي هذا التقرير ليوثق الدور الريادي الذي يقوم به الشعب اليمني في التصدي للمؤامرات الصهيونية، ويُبرز العلاقة الوثيقة بين الوعي الإيماني المتجذر في نفوس اليمنيين، وبين موقفهم العملي تجاه قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

كما يسلّط الضوء على كيف أن الاستعدادات الجارية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف لا تنفصل عن الاستعداد للمواجهة الكبرى، وأن اليمن أرض الإيمان والحكمة  يجمع بين الولاء للرسالة السماوية والاستعداد للتضحية في سبيلها .

 

وعي شعبي متجذر.. وموقف ثابت

منذ تصاعد العدوان الصهيوني على غزة وتصاعد حملات التهويد في القدس والضفة الغربية، لم يتوانَ الشعب اليمني في التعبير عن موقفه الصريح والرافض لهذه الانتهاكات، ليس ذلك بجديد على هذا الشعب، الذي اعتاد أن يقف إلى جانب المظلومين والمستضعفين، مستندًا إلى هويته الإيمانية ووعيه الديني والتاريخي.

المسيرات المليونية التي خرجت ومستمرة في الخروج،  في مختلف المحافظات اليمنية، من صعدة إلى صنعاء، ومن إب إلى الحديدة، لم تكن مجرد تعبيرات آنية أو ردود فعل عاطفية، بل كانت بمثابة رسائل قوية وواضحة لكل من يراهن على صمت الشعوب أو تواطئها.

يرى كثير من المحللين والمراقبين أن موقف الشعب اليمني في هذه المرحلة ليس إلا امتدادًا طبيعيًا لدور الأنصار في المدينة المنورة قبل أكثر من 1400 عام، حين ناصروا الرسول محمد صلوات الله عليه وآله،  ودافعوا عن الرسالة، واحتضنوا الدعوة رغم التحديات والصعاب.

إنّ ما يقوم به أبناء اليمن اليوم، سواء على الصعيد السياسي أو الثقافي أو الإعلامي أو حتى العسكري، يعكس جوهر هذا الامتداد التاريخي، فهم يعتبرون أنفسهم حماة الإسلام وورثة المشروع الإلهي، وهم يحملون على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن المقدسات، ونصرة المستضعفين، وفضح مشاريع التطبيع والخيانة التي تقودها بعض الأنظمة العميلة.

 

العدو الصهيوني وحلفاؤه .. ومخاطر المرحلة

إنّ المرحلة الراهنة تُعدّ من أخطر المراحل التي تمر بها القضية الفلسطينية، في ظل استمرار الاحتلال، وتصاعد الاستيطان، والتطبيع العلني بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية، وتغييب واضح لقيم العدالة والحرية التي تتغنى بها المنظمات الدولية.

لكن أمام هذه المؤامرة الكبرى، يقف الشعب اليمني كشوكة في حلق العدو، وكسور منيع في وجه مخططاته،  فالخطاب السياسي والإعلامي للقيادة الثورية والسياسية اليمنية، إضافة إلى حالة التعبئة الشعبية الواسعة، تثبت أن اليمن ليس فقط حاضرًا في المعركة، بل هو في مقدمتها.

 

من الساحات إلى الجبهات .. شعب على العهد

مع تصاعد الجرائم الصهيونية في فلسطين المحتلة، كان الشعب اليمني ولا يزال ،سبّاقًا إلى ترجمة مواقفه من ساحات التظاهر والهتاف، إلى ميادين الفعل والجهوزية الكاملة، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ليست فقط قضية تضامن، بل قضية عقيدة وهوية ووجود.

فمنذ بداية العدوان الصهيوني على غزة، تحوّلت شوارع المدن اليمنية إلى ساحات للغضب الشعبي، وخرج الملايين في مظاهرات حاشدة، يرفعون فيها الأعلام الفلسطينية، مرددين شعارات تنادي بزوال الكيان الصهيوني وتندد بخيانة الأنظمة المطبعة،  ولم تكن تلك الحشود مجرد استجابة عاطفية، بل كانت نتيجة تعبئة مستمرة وتعبير عن مدى الارتباط الوثيق بين القيادة والشعب، هذه المسيرات شكلت أرضية صلبة لإعداد النفوس والقلوب، وخلق بيئة مهيأة للتضحية، جعلت من كل فرد يشعر أنه جزء من معركة كبرى، وأن عليه دورًا يؤديه، ولو بالكلمة أو الوقوف مع الحق.

وبما يتوافق مع وسام رسول الله صلوات الله عليه وآله لأهل اليمن، ’’الإيمان يمان والحكمة يمانية’’، لم يتوقف الدعم اليمني عند حدود الكلمة، بل تجاوز ذلك إلى رسائل عملية وواضحة للعدو الصهيوني ولكل قوى الاستكبار، ويطل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله كل أسبوع مجدداً في خطاباته ثبات الموقف تجاه غزة والقضية الفلسطينية، والجهوزية العالية لخوض الالتحام المباشر مع العدو الصهيوني إذا ما توفرت الفرصة لذلك ، ودعا الدول المجاورة لفلسطين المحتلة أن تفتح طريقاً للمجاهدين اليمنيين الذين هم في إطار الجاهزية للالتحام مع العدو بمئات الآلاف من المجاهدين، هذه الدعوات لم تكن دعائية أو إعلامية، بل تبعها تحركات فعلية على الأرض، ومعسكرات تدريبية للمجاهدين في كل المحافظات الحرة، واستعدادات لوجستية وعسكرية أثارت قلق العدو وأربكت حساباته.

هذا التحول من الساحات إلى الجبهات بعث رسائل في أكثر من اتجاه ، وأول هذه الرسائل موجهة  للعدو الصهيوني، أن الشعب اليمني ليس مجرد متفرج، وأن أي تصعيد في فلسطين قد يجر إلى معركة إقليمية واسعة، وللشعوب العربية والإسلامية، أن المقاومة ليست حكرًا على جغرافيا معينة، وأن الأمة لا تزال قادرة على النهوض متى ما وُجد الوعي والقيادة، ولأنظمة التطبيع،  أن الشعوب لا تموت، وأن ما تم تمريره عبر اتفاقيات الخيانة لا يمثل الإرادة الشعبية.

إن هذه الروح الاستشهادية لدى اليمنيين لم تُثنها ظروف الحرب والحصار المفروض على البلاد منذ سنوات، فبرغم المعاناة، والحصار الاقتصادي، والدمار الذي لحق بالبنية التحتية، ظل الشعب اليمني متمسكًا بعقيدته، وجاهزيته للمواجهة، معتبرًا أن الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن كرامته ودينه.

 

 مسؤولية تاريخية وعهد لا ينكسر

اليوم، يتحمل الشعب اليمني مسؤولية تاريخية في مرحلة خطيرة من تاريخ الأمة، حيث تتكالب القوى الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية، ولضرب هوية الأمة وتفكيك مجتمعاتها، وتواطئ الدول العربية المطبعة ،  إلا أن الموقف اليمني الصلب يُعيد الأمل، ويؤكد أن الراية لا تزال مرفوعة، وأن دماء الأنصار لا تزال تجري في عروق هذا الشعب العظيم.

فما بين الأمس حيث وقف الأنصار مع الرسول صلوات الله عليه وآله، واليوم حيث يقف اليمنيون مع القدس، يتجدد التاريخ، وتثبت الأمة أنها لا تموت، وأن جذوة الإيمان والحرية لا تنطفئ في قلوب الأحرار.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com