اليمن كل اليمن

عبدالسلام عبدالله الطالبي

في مثل هذا اليوم، وبالتحديد قبل أسبوع من تاريخ اليوم، احتشد اليمن بكل رجاله ونسائه، كباره وصغاره، من عموم القرى والأحياء والمناطق، في خروج مليوني مهيب، ملأ جميع الساحات المهيأة والمجهزة بأفضل الترتيبات والتجهيزات في عموم المحافظات.

خروج فوق المهيب، عبّر فيه جميع أبناء اليمن عن عظيم وصدق ولائهم للرسول الأكرم محمد صلوات الله عليه وعلى آله.

خروج مليوني لا نظير له، جاء في الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب والمواجهة بين شعبنا اليمني والعدو الإسرائيلي.

خروج مليوني مهيب حمل في طياته رسالة تعبير عميق، أكد فيها اليمانيون استمرارهم، ومن واقع شعورهم بالمسؤولية، وبحكم ارتباطهم الوثيق بالرسول صلوات الله عليه وعلى آله.

فهم بخروجهم قد أكدوا استمرارهم في مناصرة الشعب الفلسطيني في مظلوميته، وضرورة التنكيل بالكيان الغاصب جزاء جرائمه التي لا ولن يمكن السكوت عليها، مهما ترتب على ذلك من تضحيات.

خروج مليوني كان – للأسف – هو الوحيد على مستوى العالم العربي والإسلامي، بمعنى أن الاحتفاء بذكرى مولد الرسول الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله صار لا يعني الكثير من الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية.

لذلك عزّ على اليمن أن يكون حاله كحال بقية الشعوب في هذه المناسبة، فمن خلالها يعزز اليمانيون ارتباطهم بالرسول الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

ومن خلال هذه المناسبة نتعرف أكثر وأكثر على شخصية الرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله، في رحمته وجهاده ولين جانبه وعطفه وإحسانه وقيمه وأخلاقه، وكل ما جاء به من التعاليم والقيم والمبادئ.

ولقد كان لقوة بأسه على الكافرين مساحة كافية للاهتداء والاقتداء، وكم نحن بحاجة للمضي على أثرها في واقع اليوم، الذي يسعى فيه أعداء الله للهيمنة الكاملة والسيطرة على رقاب الناس، كما هو الحاصل اليوم في قطاع غزة الجريحة، في ظل صمت عربي مهين لا ينسجم مع توجيهات الله في كتابه الكريم، ويتنافى مع كل ما جاء به الرسول الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله.

ولهذا كله فقد اتخذ اليمن موقفاً حكيماً، استندوا في تحركهم عليه على ضوء ما ورد في كتاب الله من توجيهات صريحة للرسول الأعظم، ومن ذلك قول الله تعالى في الآية الكريمة:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

نعم، إن المرحلة اليوم تقتضي التحرك الصادق والمسؤول من كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أن يتحركوا بصدق انتماء واهتداء واقتداء، لمواجهة الكفار والمنافقين دون خوف أو وجل، والوقوف صفاً واحداً في وجه الأعداء، كوقفة اليمانيين المشرفة والصادقة في ساحات العزة والكرامة عند خروجهم المليوني للاحتفاء بذكرى مولد النور والهداية والرحمة والقدوة والأسوة محمد صلوات الله عليه وعلى آله، في أعظم مشهد قد يكون هو الأرقى والأكبر على مر التاريخ بفضل الله تعالى.

وصدق رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في حديثه المشهور عن اليمن:
((الإيمان يمان والحكمة يمانية… إلى آخر الحديث)).

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com