الشيخ نعيم قاسم: مشروع (إسرائيل الكبرى) يتواصل بتمويل أمريكي والمقاومة جاهزة لإفشاله
يمانيون |
في خطابٍ شاملٍ حمل أبعادًا استراتيجية وسياسية عميقة، أكّد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن ما يجري في المنطقة من تصعيد وعدوان أمريكي صهيوني إنما يأتي في إطار مشروع (إسرائيل الكبرى) الذي تسعى واشنطن وتل أبيب لتثبيته عبر أدوات مختلفة، أبرزها خطة ترامب الأخيرة لغزة التي وصفها بأنها “خطة إسرائيلية بلبوس أمريكي”، هدفها الأساس تصفية المقاومة وتجريدها من عناصر قوتها.
جاء ذلك في كلمةٍ ألقاها الشيخ قاسم مساء السبت، خلال إحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائدين الجهاديين الشيخ نبيل قاووق وسهيل الحسيني، حيث قدّم قراءة شاملة لمجمل التطورات السياسية والميدانية في المنطقة، رابطًا بين ما تتعرض له غزة اليوم وبين المخططات الأمريكية التي تستهدف محور المقاومة منذ عقود.
وقال الشيخ قاسم إن كل ما تشهده المنطقة اليوم هو جزء من مشروع الاحتلال الممتد، المدعوم بالكامل من الإدارة الأمريكية، مضيفًا أن “(إسرائيل) لا تتحرك بمعزل عن واشنطن، وأيّ تراجع تكتيكي من العدوّ إنما يأتي لخدمة أهداف أوسع ضمن هذا المشروع”.
وتناول في حديثه خطة ترامب لغزة، موضحًا أنها “خطة مليئة بالأخطار، إسرائيلية الهوية، أمريكية الصياغة، تهدف إلى إعادة رسم واقع القطاع بما يخدم أمن العدوّ وتوسّعه السياسي”، مشيرًا إلى أن الخطة قد عُرضت على عدد من الأنظمة العربية التي أدخلت تعديلات شكلية عليها لتتناسب بالكامل مع مصالح الكيان الصهيوني.
وأضاف أن “الهدف الحقيقي للخطة هو سلب المقاومة الفلسطينية قوتها، وتحويل النصر الذي حققته غزة إلى ورقة ضغط تُستثمر سياسيًا لصالح العدوّ”، مشيرًا إلى أن توقيت طرح الخطة مرتبط بمحاولات أمريكية وصهيونية لـ”تجميل صورة الكيان أمام العالم بعد موجة الإدانة الواسعة في الأمم المتحدة، ولتخفيف الغضب الشعبي المتصاعد في الغرب ضد الإبادة الجماعية في غزة”.
وشدّد الشيخ قاسم على أن الموقف الفلسطيني واضح وصارم، قائلاً: “المقاومة هي من تقرر الموقف النهائي، والاستسلام ليس في قاموس الفلسطينيين”، مؤكدًا أن المشروع الأمريكي الصهيوني سيُهزم كما هُزم في لبنان وسوريا واليمن.
وأشاد قاسم بالمواقف الدولية التي تناهض الإبادة الصهيونية في غزة، موجهًا التحية لإسبانيا التي قال إنها “حملت القضية الفلسطينية بموقف شجاع ومشرّف”، داعيًا الدول العربية إلى أن تحذو حذوها في نصرة فلسطين ورفض التطبيع. كما أثنى على أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة، معتبرًا إياه “دليلًا على انحدار صورة كيان الاحتلال وافتضاح زيف ديمقراطيته أمام العالم”.
وفي الجانب اللبناني، قدّم الشيخ قاسم قراءة معمقة لخمس نقاط أساسية قال إنها أفشلت مخططات العدوّ في لبنان، وأبرزها:
- تجنّب الانجرار إلى ردود انفعالية على الخروقات الصهيونية، إذ قررت المقاومة ترك الرد للدولة اللبنانية حفاظًا على التوازن الداخلي.
- المشاركة السياسية الفاعلة لحزب الله في مؤسسات الدولة، والتي أبطلت مساعي الأمريكيين لعزل المقاومة وإضعافها من الداخل.
- قوة المعادلة الداخلية التي حالت دون تمكّن العدوّ من تحقيق ما عجز عنه في الميدان عبر السياسة، مشيرًا إلى التمثيل الكامل للمقاومة وحلفائها في المجلس النيابي (27 نائبًا من أصل 27).
- إفشال مؤامرة الفتنة بين الجيش والمقاومة التي كانت تهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية تحت شعار “حصرية السلاح”، بفضل الحكمة المشتركة بين المؤسستين.
- التفوق المعنوي والإرادة الصلبة التي تتميز بها المقاومة، رغم عدم تكافؤ القوى، بفضل الإيمان بالحق والتمسك بالوطن واستعداد الشعب للتضحية.
وفي ختام كلمته، وجّه الأمين العام لحزب الله رسائل مباشرة إلى المسؤولين اللبنانيين، محذرًا من أن لبنان في قلب العاصفة الصهيونية، ومطالبًا الحكومة بالتحرك الجاد في ثلاثة ملفات محورية:
- استعادة السيادة: ودعا الحكومة إلى جعل قضية مواجهة العدوان الصهيوني وطرد الاحتلال “قضية يومية” تُناقش باستمرار في أروقة الدولة، مؤكدًا أن “السيادة هي رأس استعادة الاستقرار وبناء الدولة”.
- إعادة الإعمار: وذكّر بالتزام الحكومة في بيانها الوزاري، مشددًا على ضرورة وضع خطة عملية وتخصيص موازنة لإعمار المناطق المتضررة، “لأن الإعمار ليس فئويًا بل مصلحة وطنية جامعة”.
- قانون الانتخاب: ورفض أي تعديل انتخابي “مفصّل على مقاس قوى خارجية”، كاشفًا أن أحد الزعماء اللبنانيين أقرّ صراحة بأن هدفه من تعديل القانون هو “ضرب حزب الله والشيعة”، مؤكّدًا أن المقاومة لن تسمح بفرض قانون انتخابي تحت “وصاية أو ضغوط خارجية”.
واختتم الشيخ نعيم قاسم كلمته بالتأكيد على أن المعركة مفتوحة ومصيرية، وأنّ مشروع الاحتلال الأمريكي الصهيوني “سيُدفن بأيدي المقاومين في غزة ولبنان واليمن وكل محور المقاومة”، مضيفًا أن دماء القائدين قاووق والحسيني ستظل “وقودًا للكرامة، ومنارة تهدي الأحرار في مواجهة الطغيان”.