Herelllllan
herelllllan2

مياة المجاري.. بؤرة التلوث الفتاكة

كتب – منير الشامي :

مع التطور العمراني العشوائي والغير مدروس الذي شهدته مختلف المدن اليمنية خصوصا العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات خلال العقود القليلة الماضية تمخض عنه كارثتين كبيرتين على المجتمع اليمني دون أن يلتفت أحدا إليهما من الجانبين الرسمي والشعبي، بل على العكس فقد كان لهما دورا مباشرا في خلق الكارثتين وزيادة حجمهما، وكلاهما نتاج مباشر للتوسع العمراني.

الكارثة الاولى:- وتمثلت في القضاء على مساحات زراعية شاسعة.

الكارثة الثانية:-

وهي ماسنتحدث عنه اليوم لخطورتها المتزايدة على المجتمع وعلى البيئة اليمنية بوجه عام وتتمثل في مياة المجاري في المدن وعواقب استخدامها في ري المحاصيل الزراعية والخضروات.

هذه الكارثة أيضا هي من نتائج التوسع العمراني على الأراضي الزراعية إذ أن التوسع العمراني في المدن تسبب بزيادة عدد السكان في المدن زيادة كبيرة وهذه الزيادة تعني زيادة في كمية مياه المجاري وزيادة في عدد المواد الملوثة لها سواء تلك التي يتم تصريفها بحفر البالوعات، أو تلك التي يتم تصريفها عن طريق شبكات الصرف الصحي إلى خارج المدن.

ولكل عملية من عمليتي تصريف مياة المجاري السابقتين اخطارها وطرقها في تلويث البيئة على المدى القريب والمتوسط والطويل، وفي الحاضر والمستقبل خاصة في ظل عدم وجود بنى حقيقية وصحيحة لمعالجتها ونظرا لأن المجال لا يسعنا للحديث عن كل الأخطار فسنقتصر الحديث عن أهم الأخطار الناتجة عن مياة المجاري التي يتم تصريفها عبر شبكات الصرف الصحي إلى خارج المدن بسبب استخدامها في ري المزروعات كون ذلك أشد الأخطار أثرا، وأوسعها انتشارا واسرعها نتائجا.

فنظرا لشحة المياة في المدن بسبب الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، في ري القات وتلك التي يعتمد عليها سكان جميع المدن الرئيسية في اليمن، فقد وارتفعت اسعار المياة بشكل جنوني وأصبح المزارعين بضواحي كل مدينة عاجزا عن آي محاصيله الزراعية بمياه نقية فأتجه أغلبهم إلى رأيها من مياة المجاري أو من مياة البواليع الطافحة بعد شفطها، ونظرا لعدم وجود الرقابة على ذلك وﻹهمال النظام السابق في بناء بنية صحيحة وصحية لمعالجة مياة الصرف الصحي ولأن مياه المجاري في المدن لا تقتصر في احتوائها على فضلات الإنسان فقط بل أصبحت تحتوي على مئات المواد الكيميائية الأخرى كالدهون المصنعة ومواد التنظيف ومخلفات المنشآت بمختلف أنواعها فصارت بذلك بؤرة جامعة لكل الملوثات من المواد الكيميائية الخطيرة والسامة، وعند ري المزروعات بهذه المياة والتي غالبا ما تكون من الخضروات ينتقل جزء كبير من تلك المواد إلى داخل الثمار وتصبح جزء من مكوناتها وبتناول الإنسان لهذه الثمار تنتقل المواد الخطرة إلى جسمه ولا تزول بغسلها بمياة نقية، وتتجمع تلك المواد شيئا فشيئا في جسم الإنسان وتتراكم فيه وتتسبب له على المدى القريب بأمراض التسمم الغذائي والاسهالات، وعلى المدى المتوسط بظهور أمراض مستعصية كالسرطان والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض الخطيرة الأخرى.

كما أنها تنتقل هذه الملوثات إلى الحيوانات اللاحمة التي تغذى من مزروعات تسقى من مياة المجاري ومنها إلى الإنسان الذي يتناول لحومها أو منتجاتها.

والملاحظ أن هذه الأمراض من أكثر الأمراض المفتشية في المجتمع اليمني خلال العقود الأخيرة في الرجال والنساء والأطفال وتعتبر مياة المجاري واحدا من أهم أسباب ظهورها

وهو ما يفرض على الجهات الرسمية المختصة معنية بدرجة رئيسية بالقيام بمسؤولياتها لمعالجة هذه الكارثة، والتخفيف من حدتها، ويتحمل الجانب الشعبي معها ذلك وهو معني أيضا بالقيام بالدور المناط به تجاه ذلك ، وأول خطوة يجب على الجميع تنفيذها هو تنظيم حملات توعوية عن خطورة ذلك بمختلف الوسائل وبشكل مستمر بحيث تتضمن حملة التوعية المجتمعية الإشارة إلى حجم الأضرار وخطورتها وإلى حجم الخسائر التي يتكبدها المجتمع نتيجة بؤرة التلوث الخطيرة هذه.

المصدر : الإعلام الزراعي والسمكي

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com