نشاط عملاء المشروع الصهيوأمريكي .. ’’السلام المزعوم’’ حصان طروادة لاختراق اليمن
في الوقت الذي يخوض فيه اليمن معركة وجودية دفاعاً عن سيادته وهويته، وفي ظل استمرار الموقف الشعبي والرسمي الداعم للقضية الفلسطينية، تتكشّف ملامح مشروع تآمري متعدّد الأبعاد، يستهدف الداخل اليمني سياسياً وإعلامياً ومؤسساتياً. هذا المشروع الذي تُديره قوى صهيوأمريكية عبر أدوات محلية، يسعى لإعادة توجيه البوصلة الوطنية بعيداً عن قضايا الأمة، وبخاصة القضية الفلسطينية، مستخدماً شعارات براقة مثل ’’السلام’’، الذي يوظّف كغطاء لاختراق الوعي وزرع مفاهيم انهزامية.
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
يأتي هذا التقرير ليسلط الضوء على شبكة التحركات والأدوات المحلية التي تُسهم في تنفيذ هذا المشروع، بدءاً من الترويج لمفهوم مشوّه للسلام عبر النخب السياسية والإعلامية، مروراً باستمرار النفوذ الموجّه داخل مؤسسات الدولة، وصولاً إلى كشف الخيوط الخفية التي تربط هذا النشاط بالتيار العفاشي المدعوم إماراتياً، والذي يُعاد تصديره كواجهة سياسية للمشروع الأمريكي في اليمن.
كما يناقش التقرير كيف ينظر هؤلاء العملاء إلى المتغيرات الإقليمية والدولية كفرصة للتقارب مع المحور الأمريكي الإسرائيلي، مستغلّين مناخ التطبيع المتسارع في المنطقة لتبرير الارتهان والالتحاق بالمشروع المعادي.
في ضوء هذه التحركات، يخلص التقرير إلى أن واجب التصدي لهذه المؤامرة لم يعد خياراً سياسياً، بل هو واجب وطني وأخلاقي، يستدعي الوعي الشعبي والرسمي، ويستلزم خطوات عملية لكشف وفضح العملاء والمتواطئين، صوناً للدماء والتضحيات، وحمايةً للموقف اليمني التاريخي والراسخ في دعم الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة.
السلام المزعوم .. أداة للإلهاء والإشغال
اللافت في تحركات عملاء المشروع الصهيوأمريكي أنهم يُروّجون للسلام وكأنه بديل عن الصمود، ويقدّمونه كخيار عقلاني في ظل متغيرات دولية، بينما هم في الحقيقة يهدفون لإلهاء الشعب اليمني عن قضاياه الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، عبر تسويق سلام مفرغ من أي مضمون سيادي أو أخلاقي، وتُمرر هذه المفاهيم المضللة من خلال نخب سياسية وإعلامية مُنتقاة بعناية، تتبنى خطاب التماهي مع المحاور الدولية المعادية، لا سيما الأمريكي والإسرائيلي، وامتداده السعودي الاماراتي .
النفوذ في مؤسسات الدولة
رغم كل التضحيات الجسيمة ، لا يزال لهؤلاء العملاء موطئ قدم في عدد من الوزارات والمؤسسات، يمارسون نفوذهم عبر شبكات بيروقراطية متجذرة، ويوجهون سياسات الدولة نحو الارتخاء والتطبيع التدريجي مع مفاهيم انهزامية، هدفها إضعاف موقف اليمن تجاه قضايا الأمة ، وفك الارتباط التدريجي بالقضية الفلسطينية، التي كانت وما زالت جزءاً من الهوية الوطنية، هؤلاء يُشكّلون جسر عبور للمشروع الخارجي، من خلال زرع الإحباط، وتضليل الرأي العام، وتشويه المواقف ، والتشكيك في جدوى المواجهة للعدو
خيوط المؤامرة .. التيار العفاشي والارتباط الإماراتي
التيار العفاشي المرتهن للخارج هو من أبرز الأدوات المحلية التي تنخرط بفاعلية في هذه المؤامرة ، والذي أعاد تشكيل نفسه خلال سنوات العدوان برعاية وتمويل مباشر من الإمارات، هذا التيار يعمل اليوم كذراع رئيسية للمشروع الأمريكي الصهيوني في اليمن، عبر تبني خطابات ناعمة ظاهرها السلام وباطنها إعادة دمج اليمن في الفلك الخليجي المطبع مع العدو الصهيوني.
هذا التيار، الذي كان جزءاً من السلطة التي أسهمت سابقاً في تسليم القرار السيادي للخارج، يحاول اليوم من جديد، وبغطاء ’’السلام’’، تمكين الأجندة الإماراتية الصهيوأمريكية، عبر تهيئة الأجواء السياسية والإعلامية للارتباط بالعدو الصهيوني، وتشويه المواقف المناهضة له، كما يُعتبر من أبرز المروّجين لفكرة أن السلام مع العدو الإسرائيلي أمر حتمي، مستنداً إلى ما يجري من تطبيع إقليمي، ويقدّم نفسه كشريك مطيع للغرب والخليج في أي ترتيبات قادمة.
الظروف الإقليمية .. فرصة للارتهان
تحوّل المتغيرات الإقليمية من فرصة لتعزيز المواقف السيادية إلى ورقة يُوظّفها هذا التيار وأشباهه لتبرير الارتهان والتطبيع، والترويج لفكرة أن الوقت قد حان للارتباط بالمشروع الأمريكي، والانسلاخ من محور المقاومة، ويجري ذلك عبر ضغوط إعلامية وتحركات سياسية تهدف إلى إعادة تعريف الصراع في الوعي اليمني، وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها التحرّري والإنساني.
المشروع القرآني .. مشروع أمة عصيّة على المؤامرات
في مقابل هذه التحركات الناعمة والخبيثة، يتصدر المشروع القرآني كصمّام أمان فكري وأخلاقي وثقافي، يعيد تشكيل الوعي الجمعي للشعب اليمني، ويحصنه من التلاعب السياسي والثقافي، هذا المشروع لا يواجه المؤامرات بردود أفعال مؤقتة، بل يُقدّم رؤية شاملة لبناء الإنسان المقاوم، الذي لا يساوم على قضاياه، ولا يخضع لإملاءات الخارج، ولا ينخدع بشعارات السلام التي تُدار من غرف الموساد والبنتاغون.
إنه مشروع يُعيد للأمة ثقتها وهويتها، ويجعلها عصيّة على الاحتواء، من خلال ترسيخ القيم القرآنية، وتحديد العدو من موقع الوعي، لا من موقع الوهم والخداع السياسي. وهو بذلك، يُشكّل الجبهة الحقيقية لمواجهة المشروع الصهيوأمريكي، ويمنح الشعب القدرة على الصمود والمواجهة، مهما تنوّعت الأساليب وتعدّدت الأدوات.
التصدي والكشف .. واجب وطني وأخلاقي
في ظل هذه المعطيات، تقع على عاتق الأحرار في هذا البلد مسؤولية تاريخية في كشف هذه الخيوط، وفضح أدوات الارتباطات الخارجية التي تغلّف نفسها بشعارات السلام والتنمية، بينما هي في الحقيقة جزء من مشروع استعماري متكامل. والتصدي لهؤلاء لا يجب أن يقتصر على الجانب الإعلامي، بل يجب أن يكون نهجاً مؤسسياً وشعبياً يضع حداً للنفوذ المسموم داخل مؤسسات الدولة، ويُعيد الاعتبار للهوية اليمنية المقاومة.
وعيٌ لا يُخترق، وموقف لا يُباع
إن ما تتعرض له اليمن اليوم ليس فقط عدواناً عسكرياً واقتصادياً، بل هو غزو فكري وسياسي ناعم، تُديره قوى دولية، وتنفذه أدوات محلية مأجورة، تسعى لإرباك الداخل، وشقّ الصف الوطني، وضرب الموقف الثابت تجاه فلسطين.
لكن في المقابل، يُثبت الشعب اليمني بقيادته الثورية ومشروعه القرآني ، أنه ليس لقمة سائغة في فم المطبعين والعملاء، بل أمة واعية، عصيّة على الترويض، راسخة في انتمائها، صلبة في مواجهتها، فلا سلام مع العدو، ولا كرامة مع التبعية، ولا حرية مع السكوت عن الخونة.