معركة الوعي والصمود تكشف عملاء وأدوات العدو الصهيوأمريكي
في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة وتصاعد التهديدات الموجهة ضد الأمة، يمثل خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله في ذكرى جمعة رجب 1447هـ، مرجعاً أساسياً لفهم طبيعة التحديات الراهنة واستراتيجيات المواجهة المستقبلية، يتناول الخطاب بقوة ووضوح أبعاد الصراع مع المشروع الصهيوأمريكي، مسلطاً الضوء على محاولات التجريد من القوة، واستهداف الوعي المجتمعي، وضرورة الحفاظ على السلاح كعنصر حماية واستعداد، وتكمن أهمية الخطاب باعتباره خارطة طريق شاملة تجمع بين التحليل السياسي والاستراتيجي، والتعبئة المجتمعية، والاستعداد العسكري، لتقديم قراءة متكاملة لمسار المقاومة، وإبراز دور الشعب اليمني كنموذج متفرد في الصمود والتعبئة الشاملة.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
معركة الوعي وتعرية عملاء الصهيونية
ركز السيد القائد في خطابه على معركة الوعي، محذراً من الدور الخطير الذي تلعبه أطراف داخل الأمة تعمل كعملاء للصهيونية، يسعون إلى صرف الأنظار عن أنفسهم عبر شيطنة قوى المقاومة، وتحميل المظلومين مسؤولية ما يقع من عدوان، والدلالة الأبرز هنا هي التأكيد على أن الصراع لم يعد عسكرياً فقط، بل أصبح صراعاً على المفاهيم، حيث يجري قلب الحقائق، وتجريم من يمتلك أدوات الدفاع عن الأمة، في مقابل تبرير الاذعان والتطبيع، ويشير هذا الطرح إلى وعي عميق بطبيعة الحرب الناعمة التي تستهدف تجريد المجتمعات من إرادتها قبل تجريدها من سلاحها.
سلاح المقاومة بين الحماية والتجريم
تناول السيد القائد يحفظه الله مسألة السلاح، وخصوصاً الحملات التي تستهدف سلاح قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، معتبراً أن الدعوات إلى نزع السلاح ليست سوى غطاء لتجريد الأمة من حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها، وفي مقابل ذلك، أشار إلى مفارقة لافتة تتمثل في السماح بل وتشجيع امتلاك السلاح لمن يقبل بالارتهان للولايات المتحدة وإسرائيل، شريطة أن يُستخدم هذا السلاح في تفكيك الداخل وإشعال الفتن، لا في مواجهة العدو، هذه المقارنة تكشف عن المعايير المزدوجة التي تحكم المشهد الإقليمي.
النموذج السوري والتطبيع كمدخل لنزع السلاح
استحضر السيد القائد النموذج السوري ليقدمه كحالة دالة على خطورة مسار التطبيع، حيث اعتبر أن الجماعات المسيطرة على سوريا، بسعيها العلني للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، تفقد أي مشروعية لامتلاك السلاح، خصوصاً في المناطق القريبة من فلسطين المحتلة، ويحمل هذا الطرح رسالة واضحة مفادها أن السلاح الذي لا يُوجَّه إلى العدو يتحول إلى أداة تهديد داخلي، وأن فقدان البوصلة العقائدية والسياسية يحول القوة العسكرية إلى عبء على الشعوب لا وسيلة لحمايتها.
الهيمنة الأمريكية على القرار العسكري العربي
كما سلط السيد القائد الضوء على واقع الارتهان العسكري لبعض الأنظمة العربية، حيث تُشترى الأسلحة المتطورة، لكنها تبقى خاضعة للتحكم والتشغيل الأمريكي، ويعكس هذا الطرح فهماً لطبيعة التبعية البنيوية التي تُفرغ الجيوش من دورها السيادي، وتحولها إلى أدوات ضمن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
الاستعداد للجولات القادمة وتغيير الشرق الأوسط
حذر السيد القائد من أن العدو الإسرائيلي، بشراكة أمريكية كاملة، يعد لمزيد من التصعيد تحت عنوان تغيير الشرق الأوسط، مؤكداً أن الجولات القادمة مع العدو حتمية، وفي هذا السياق، شدد على ضرورة اليقظة المستمرة، والجاهزية الروحية والجهادية، والالتزام بالمنهج القرآني في الإعداد، هذه الرؤية الاستشرافية تعكس قراءة استراتيجية تعتبر ما يجري حالياً مجرد محطة ضمن مسار أطول من الصراع، ما يستوجب استعداداً دائماً لا ردود فعل مؤقتة.
النموذج اليمني في التعبئة والصمود
خصص السيد القائد مساحة في خطبه التاريخي للإشادة بالشعب اليمني، كنموذج فريد في التعبئة الشاملة، من خلال، الخروج الشعبي المليوني نصرةً للقرآن الكريم، والأنشطة العلمائية والجامعية والمدرسية، والمشاركة النسائية الواسعة، وكذلك الوقفات القبلية المسلحة بوصفها تعبيراً عن الأصالة والعزة الإيمانية، كما أشاد بالجهود الأمنية في حفظ الاستقرار الداخلي، والدور المتقدم للإعلام في معركة الوعي.
ويحمل هذا الاستعراض دلالة هامة تركز على تثبيت الجبهة الداخلية من جهة، وتقديم النموذج اليمني كحالة مقاومة شاملة من جهة أخرى.
الاستعداد العسكري والإسناد لفلسطين
أكد السيد القائد أن مسارات الاستعداد العسكري، من تصنيع وتطوير وتأهيل، مستمرة دون توقف، في إطار التوجه الإيماني، مشدداً على أن عمليات الإسناد لغزة لم تتوقف رغم العدوان الأمريكي، وأن الولايات المتحدة فشلت في كبح هذا المسار.
ويبرز هنا البعد الإيماني في امتلاك السلاح وتطويره، حيث وصفه بأنه سلاح بأيدي أمة معتمدة على الله، في إشارة إلى أن مصدر القوة الحقيقي ليس العتاد وحده، بل الإيمان والاعتماد على الله.
ختاماً
خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في هذه المحاور الهامة، هو إعلان وعي واستنفار، يجمع بين تشخيص دقيق لطبيعة التحديات، وتأكيد على ثبات الموقف، واستعداد مفتوح لكل الاحتمالات، وهو خطاب لا يكتفي بالتعبئة والحث على الصمود، بل يسعى إلى بناء رؤية متكاملة لمعركة طويلة الأمد، عنوانها، وعي لا يُخدع، وسلاح لا يُنزَع، وأمة لا تنام عن عدوها.