Herelllllan
herelllllan2

الخطيئة الأموية من المرجعية الى التداعيات

 

إبراهيم محمد الهمداني

حاول بنو امية واشياعهم تقديم أنفسهم كأصحاب مشروع سياسي مدني، مستغلين ممكنات ومقولات وسلطات الخطاب الديني، التي جحدوا بها سلفا في حق الامام علي عليه السلام، صاحب المشروع الحقيقي، بينما هم لم يقدموا في حقيقة الامر الا مشروعا تسلطيا أنانيا، يسعى لاستثمار الدين والعاطفة في قلوب الجماهير لتطويعهم لطاعته، وترويضهم على العبودية له، وسلبهم حقهم الالهي في التفكير، بحجة ” ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ” فهو يغنيهم عناء التفكير ويحمل عنهم مشقة البحث ومخاطر المعرفة، وهو يفكر نيابة عنهم، وليشتغلوا هم بما هو اجدى لهم وأنفع لحياتهم اليومية ومصالحهم الانية، وبهذا المنطق الفرعوني الإبليسي المتعجرف المتطرف، سعى الامويون عبر العصور، وفي مختلف الأشكال والصور الى ارتياد فعل الخطيئة الاولى، متفوقين على إبليس الرجيم في شرعنة جريمتهم وان تركوا لمن حولهم هامشا من تفكير ، فليس الا من قبيل “أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي ” ، وهو هامش سطحي جدا، يسعى الى تسطيح العقل وتقزيمه وتعليبه، في افق ضيق جدا، يصور الظاهرة العابرة، حجة دامغة ودليلا لا يقبل الشك، ولذلك لم يحتج عليه احد بالقول ان ملك مصر كان لمن سبقك قبل ان يصل اليك، وان طبيعة امتلاكك له تسلطية فجة، تدعي ما لا تملك وتُعطى ما لا تستحق، ورغم انه احتج عليهم بما يدعي انه يمتلكه، لم يحتجوا عليه بعدم قدرته على التصرف الفعلي نفعا وضرا وتغييرا في ذلك الملك، ولم يسأله احد إن كان بإمكانه تغيير مجرى الانهار من تحته وجعلها تسير خلافا للعادة والطبيعة، فقط كبرهان على صدق قولته ودليل اثبات لزعمه، ذلك لأنه استخف قومه فأطاعوه، رغم انه ذبح أبناءهم واستحيا نساءهم ، واستضعف طائفة منهم بقوة طائفة اخرى، ونالهم منه بلاء عظيم، لكنهم لم يفكروا مرة واحدة بأن الاله الحقيقي لا يجدر به فعل ذلك بعبادة، ربما لأنهم استمرأوا طعم العبودية، واعجبهم طابع الامتهان والمذلة والاحتقار الذي أذاقهم إياه، وذلك جزء من طبيعة تكوينهم الشخصي الجاحد المعاند المكابر الرافض للحق والحقيقة، بخلاف ذلك عندما جاءهم موسى عليه السلام بالخلاص والحق والنور الالهي المبين، تعنتوا وتدللوا وجادلوا وقالوا أرنا الله جهرة، وقالوا لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، وقالوا انا لن نصبر على طعام واحد، ورفضوا الامتثال لأوامر الله تعالى ودخول الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، وبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم، واعتدوا في السبت، وعموما كل ما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون، ولم يقف الامر عند ذلك الحد بل طالما احتجوا على أوامر الله ومطلق إرادته وحكمته، ورفضوا الانصياع لأوامره وقالوا أنَّى يكون له الملك علينا، وقالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا، وبذات العقلية المتحجرة والتفكير القاصر لم تكن حجتهم الا ان قالوا لم نسمع بهذا في أبائنا الأولين، وقالوا ءإنا لمبعوثون أوأباؤنا الأولون، وقالوا إنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، فقصروا وجود ابائهم الاولين في احتجاج ظاهراتي تافه، ولم يتعد منظورهم السماع والحضور والسلوك الفعلي، وهي كلها مشاهد مادية لا حجة لها في ذاتها، وانما فيما تترتب عليه وتتمخض عنه، ألم يكن جميع من عاش في عهد إبراهيم عليه السلام يشاهدون السماء وأبراجها ونجومها وأفلاكها، بلى…. ولكن كم واحدا منهم اتخذ من الرؤية سبيلا للتفكير وطريقا للهداية؟؟!!! هنا فقط تكمن المفاضلة والفضل، وهنا فقط يتجلى خطاب العقل وتميزه وحكمه وحكمته، وما عدا ذلك فالإنسان وبقية الحيوانات فيه سواء، لأنهم لم يحفزوا حواسهم ولم يعملوا عقولهم، أولئك كالأنعام… بل هم أضل، لأنهم أبطلوا التفكير الذي ميزهم الله به، دون سائر الحيوانات، واكتفوا بالمقولات الجاهزة والأفكار والتصورات الغيرية المسبقة، متكلين على نتاج عقول غيرهم، مهما كان فيه من مغالطة لهم وظلم بحقهم وإلغاء لذواتهم، ولا تعوزهم الحيلة والكذب ان يشرعنوا لغبائهم وإبطال عقولهم بقوله تعالى ” تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ” جاعلين من هذا النص المقدس حجة يلقمونها من يحتج عليهم بالعقل، في افتراء واضح وانتهاك صريح لمجمل النص المقدس ومفصله، الذي لا يني بين فينة وأخرى يوبخهم ويدعوهم ويأمرهم ” أفلا يعقلون ” “أفلا يبصرون ” “أفلا يتفكرون “، مخصصا ما تضمنه هذا الكتاب من الاعجاز والبراهين الساطعة والحقائق الواضحة بأنه ” لقوم يعقلون ” و “لقوم يتفكرون ” و “لقوم يبصرون” وينتج عن إعمال العقل والفكر والبصر بأن يصبح ذلك الكتاب “لقوم يؤمنون” تحقق فيهم كمال الإيمان، عن طريق العقل والفكر والبصر، وهي مدارك المعرفة ومستقبلات الحقيقة.

رغم كل ذلك نجد الخط الجاحد المعاند المنافق، يسير متسلسلا في مساره التاريخي كعدو تقليدي للإيمان والحق والحقيقة، ولذلك ليس بمستغرب ان نجد من يقف مع العدوان في عدائه الصريح للانسانية، ومن يدعي الحياد مساويا بين الضحية والجلاد، وهؤلاء هم المنافقون حقا، الذين جعلوا من عماهم وتعاميهم عن الحق حجة – بزعمهم- على المناهضين للعدوان، وهؤلاء هم المنافقون ولم يخل عصر من العصور منهم، وعلى شاكلتهم أولئك الذين جعلوا عليا عليه السلام ومعاوية الطليق بمنزلة واحدة، وانهما من الصحابة وكلاهما كتب الوحي وبشر بالجنة، وأنهما ممن تعنيهم الاية في قوله تعالى “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا” في تحوير وتحريف واضح لمعنى الاية الكريمة، وافتراء بين ظاهر على التفسير الصحيح والتأويل الحقيقي، متجاهلين عمدا عددا لا يستهان به من الأحاديث الصحيحة في شأن علي عليه السلام ومكانته، فإذا كان الحق مع علي فمن وقف على النقيض منه ماذا سيكون غير الباطل، واذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه واله، تنص اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، أليس من عاداه وحاربه ونصب له العداء مطلقا، عدوا لله تعالى ومحاربا لجلاله وجبروته، واذا كان علي عليه السلام موصوفا بملازمة الحق له وملازمته للحق بنص الحديث الصحيح ” علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيث دار ” فهل يعقل أن يصدر منه باطل او ما يشبهه؟؟!!!

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com