صرخة إلى الأنظمة العربية والإسلامية: اسندوا الأمر أهله
مبارك حزام العسالي
“إسناد الأمر إلى أهله” ليس مجرد عبارة عابرة، بل هو مفهوم راسخ الجذور في أعماق الفكر الإسلامي والحكمة الإنسانية جمعاء. إنه المبدأ الذي يقوم على تكليف المسؤوليات والمهام، صغيرها وكبيرها، للأشخاص الذين يمتلكون الكفاءة والقدرة اللازمة لإدارتها واتخاذ القرارات الصائبة بشأنها؛ إنه حجر الزاوية في بناء مجتمع منظم وعادل، مجتمع تُوزع فيه الأمانات على أساس الجدارة والاستحقاق، لا على أساس المحسوبية أو القرابة أو أي اعتبارات أخرى لا تمت للكفاءة بصلة.
من هذا المنطلق، وفي ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، يرتفع صوت من اليمن، المثخن بالجراح والرازح تحت وطأة الحرب والحصار، ليُجلجل في آذان الأنظمة العربية والإسلامية: حان الوقت لتسليم الإمكانيات والقدرات العسكرية لليمن بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، لكي يقوم بتوظيفها في مكانها الصحيح.
إن اليمن، رغم كل التحديات والصعاب التي تواجهه، يقف اليوم شامخًا، مساندًا للقضية الفلسطينية ولأهل غزة بكل ما أوتي من قوة.
تاريخٌ جديد يُسطر بأحرف من نور، يشهد على صلابة هذا الشعب وإيمانه العميق بقضايا أمته، وعلى استعداده للتضحية في سبيل الحق والعدل، رغم شح الموارد والحصار الخانق المفروض عليه.
في المقابل، ماذا سيحفظ التاريخ لتلك الأنظمة العربية والإسلامية التي آثرت الصمت والخذلان؟
كيف ستنظر الأجيال القادمة إلى هذا العجز المخزي عن نصرة الأشقاء في غزة؟
لا شك أن التاريخ سيسجل بأحرف سوداء صفحة مليئة بالخزي والعار والذل، صفحة ستلاحقهم وصمة عارها إلى الأبد.
إن السكوت عن الظلم ليس خيارًا، والتقاعس عن نصرة المظلوم ليس موقفًا مشرفًا. إن الله سائل كل ذي سلطان عن رعيته، وكل من امتلك القدرة ولم يحرك ساكنًا لنصرة الحق. إن العقاب الإلهي العادل قادم لا محالة، وسيُسأل المتخاذلون عن صمتهم وعن تخاذلهم.
إن إسناد الأمر إلى أهله في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، يعني تمكين القيادة اليمنية التي أثبتت بالفعل صدق نواياها وجرأتها في نصرة الحق، من استخدام القدرات المتاحة لخدمة هذه القضية العادلة.
إنها دعوة إلى الصحوة، دعوة إلى تحمل المسؤولية التاريخية، ودعوة إلى الوقوف صفًا واحدًا في وجه الظلم والعدوان.
فلينظر قادة الأمة العربية والإسلامية إلى اليمن، هذا البلد الصامد الذي يقدم أروع الأمثلة في التضحية والفداء، وليتعلموا منه معنى العزة والكرامة. وليعلموا أن التاريخ لا يرحم الصامتين، وأن المستقبل لا يحمل في طياته إلا الخزي والعار للمتخاذلين.
إنها لحظة الحقيقة، لحظة تتطلب شجاعة القرار وحكمة التصرف؛ فهل ستستجيب الأنظمة العربية والإسلامية لنداء الواجب والتاريخ، وتُسند الأمر إلى أهله، أم ستختار أن تبقى حبيسة صمتها المخزي، لتسجل على نفسها وعلى أجيالها القادمة صفحة سوداء لن تمحوها الأيام ؟!