طفولة تذوي تحت نيران الحصار.. وصمت العالم يكمل الجريمة

يمانيون|بقلم:عادل حويس
مرة أخرى تلفظ طفلة أنفاسها الأخيرة ليس بسبب مرض مستعص ولا حادث مفاجئ بل تحت وطأة الجوع الذي فرضه حصار ظالم. لم تكن رقماً في إحصائية بل كانت حياة تبدأ.. وأملاً يغادر قبل أن يزهر.
هذه ليست مجرد وفاة عابرة بل جريمة مكتملة الأركان ترتكب أمام أعين العالم يشهد عليها ضمير الإنسانية الذي أغمض عينيه. جريمة أدواتها سياسة التجويع الممنهج، وضحاياها أبرياء لم يقترفوا ذنباً سوى أنهم ولدوا في أرض محتلة.
الحصار الذي يخنق الأنفاس قبل أن يخنق الأجساد ..يحصد الأرواح واحدا تلو الآخر، بينما يقف العالم متفرجا في مشهد مريب. صمت الدول والمنظمات يشكل تواطؤاً صارخا وغيبوبة الضمير العالمي أصبحت جزءاً من المشكلة.
إن جوع هذه الطفلة يصرخ في وجه الإنسانية: أين حقوق الطفل؟ أين المواثيق الدولية؟ أين الشعارات البراقة عن حقوق الإنسان؟ لقد أصبحت هذه المفاهيم مجرد حبر على ورق أمام آلة القتل بالجوع.
كل من يصمت اليوم شريك في الجريمة. كل نظام يتعامى عن معاناة الأطفال في الأرض المحتلة شريك في هذه الجريمة. وستبقى أرواح الأبرياء شواهد حية على تخاذل الأنظمة وخيانة الضمير الإنساني.
إنها ليست قضية سياسية بل قضية إنسانية تمس جوهر إنسانيتنا المشتركة. فحين يموت طفل جوعا فإن الإنسانية كلها تموت قليلاً. وحين يقف العالم متفرجا.. فإن إنسانيتنا تتعرض لأقسى اختبار.
لنذكر أن التاريخ سيسجل هذه اللحظات وسيسأل الأجيال القادمة: أين كنتم حين كانت الطفولة تدفع ثمن الصراعات؟ أين كانت ضمائركم حين كانت البراءة تدفن تحت أنقاض الجوع؟
إن صرخة هذه الطفلة لن تذهب سدى فكل روح بريئة تزهق ستظل شاهدا على الظلم وستبقى منارة تذكرنا بأن الصمت في وجه الظلم خيانة للذات قبل أن يكون خيانة للآخرين.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com