Herelllllan
herelllllan2

العدوان على اليمن .. استهداف للحاضر والمستقبل وحقد على الماضي وأمجاده

صواريخ العدوان تنتهك حرمة قلعة القاهرة بتعز .. وتواصل غيها في صعدة التاريخية

العدوان على اليمن .. استهداف للحاضر والمستقبل وحقد على الماضي وأمجاده

تحقيق/عبدالباسط النوعة

لم يقتصر العدوان السعودي على استهداف حاضر ومستقبل اليمن بل امتد ليشمل الماضي الذي يعد عنواناً لشموخ الإنسان اليمني وعراقته وأصالته , فهذا العدوان الغاشم والاعمى لا فرق لديه بين البشر والحجر ولا بين الماضي والحاضر، أصبح يستهدف كل شيء في هستيريا لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا وسط صمت وخنوع دول العالم لا سيما تلك الدول المتشدقة بحقوق الانسان والمنادية الى السلام بين بني البشر، فقد سقطت الأقنعة وأصبحت تلك الدول أسيرة للريال السعودي الذي ربما جعلها تغض الطرف وتتعامى عن رؤية ما ترتكبه آلة الحرب السعودية ضد اليمن شعبا وأرضاً تراثاً وحضارة .

ولعل استهداف طائرات العدوان لتاريخ وآثار اليمن السعيد يمثل صورة واضحة لمدى الحقد الذي تضمره الشقيقة الكبرى (في المساحة) لكل ما هو أصيل وجميل في هذا البلد فما هو ذو قيمة لهذا الشعب بات هدفاً لهذا العدوان بداية من الانسان وانتهاءً بمواقع ومعالم التراث .

هاهي صواريخهم تواصل غيّها باستهداف المعالم التاريخية والاثرية لتطال هذه المرة واحدة من أهم المدن التاريخية في اليمن مدينة صعدة التاريخية بمعالمها الفريدة وبالذات جامعها الكبير ( جامع الإمام الهادي ) فضلا عن استهدافها لإحدى أهم القلاع اليمنية على الاطلاق والتي أنفق عليها أكثر من (4) مليارات ريال في مشروع رائد أعاد لها رونقها وبهاءها واستمر لمدة أربعة عشر عاما ولم يمض الكثير من الوقت على افتتاحها فالعام لم يكتمل بعد على هذا الافتتاح .

وزارة الثقافة وهيئتا الآثار والمدن التاريخية أصدرتا بيانات استنكار وإدانة على أفعال العدوان ومناشدات لكل منظمات العالم المعنية بالحفاظ على التراث العالمي لحماية التراث اليمني من استهداف طائرات ما يسمى بالتحالف الذي تقوده السعودية وتوالت البيانات مع استمرار الاستهدافات لمواقع التراث الثقافي في اليمن , كان آخرها البيانات التي أصدرت لاستنكار القصف على قلعة القاهرة بتعز ومدينة صعدة التاريخية .

كما قامت الوزارة وهيئاتها المعنية بحصر المعالم والمواقع التي استهدفها العدوان ورفعت كشوفات بها الى الجهات ذات العلاقة وكذا المنظمات الدولية المعنية بالتراث وعلى رأسها منظمة اليونسكو , وشكلت الوزارة خلال اجتماع موسع قبل يومين برئاسة نائب وزير الثقافة الأخت هدى أبلان لجنة لمتابعة وحصر الأضرار بالاشتراك مع المكاتب المعنية بالمحافظات وضمت اللجنة التي ترأستها الدكتورة أمة الملك الثور وكيل وزارة الثقافة لقطاع الآثار والمتاحف والمدن التاريخية مسؤولين ومختصين من هيئتي الآثار والمدن التاريخية ومكاتبهما في المحافظات .

وأكدت وزارة الثقافة وهيئاتها في بيان صدر قبل يومين أن حجم الاضرار التي لحقت بالتراث الثقافي والانساني في اليمن جراء العدوان كبير وكارثي وطالبت بإخراج هذا التراث من دائرة الصراع والاستهداف الذي يمثل استهدافا لحضارة بلد وتاريخ أمة وجريمة تتعارض مع كافة الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها كافة دول العالم ومنها اليمن .

عدوان سافر

وتقول هدى أبلان نائب وزير الثقافة: إن التراث اليمني يتعرض اليوم لواحدة من الحروب الشرسة ولم يكن في خطر كما هو الآن عليه منذ سنوات طوال , فهذا التراث الذي يعد إرثاً حضارياً وإنسانياً ليس لليمنيين فحسب بل لكل شعوب العالم يواجه عدوانا سافرا أتى على بعض ملامحه ولازال يهدد البعض الآخر في صورة لم يسبق لها مثيل .

وأكدت أن وزارة الثقافة تتابع بقلق بالغ وحزن شديد تلك الاستهدافات التي تعرض لها عدد من المواقع والمعالم وخاطبت الجهات المعنية داخل البلد وخارجه بنتائج هذه الاستهدافات وواقعها الأليم على حضارة وتراث اليمن .

ولفتت الى أن مدينة صعدة التاريخية تعد من أبرز مواقع التراث اليمني وهاهي اليوم تصرخ وتستنجد من وطأة هذا القصف الذي طال جانبا من مكوناتها ومنها سورها القديم والذي ظل محافظا على وجوده وقاوم عوامل الزمن وتقلباته على مدى الازمنة السالفة , ليجيء هذا القصف وينال منه ويأتي على أجزاء كبيرة منه , ولم يسلم جامعها الشهير جامع الإمام الهادي أيضا من هذا القصف .

لجنة لحصر جرائم العدوان على التراث

من جهتها قالت وكيلة وزارة الثقافة الدكتورة أمة الملك الثور: إن استهداف قلعة القاهرة بمحافظة تعز يمثل جريمة جديدة لقوى العدوان الغاشم فهذا المعلم الذي يعد عنواناً عريقاً وشامخاً ويعبر عن أصالة وعراقة مدينة تعز هاهو يتعرض للقصف فجر الاثنين الماضي بصورة وحشية ولم يتم مراعاة الخطورة التي تشكلها هذه القلعة على المنازل الكائنة أسفل الجبل الذي يحتضن هذه القلعة وعلى السكان وهم كثر .

وأضافت : إن استمرار استهداف مواقع التراث اليمني يمثل جريمة حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وهو أمر ليس بغريب أو مستغرب على عدوان يقتل الأطفال والنساء دون هوادة أو ضمير .

ولفتت الى أن وزارة الثقافة وهيئتي الآثار والمدن التاريخية في لقاءات واجتماعات مستمرة لمناقشة الأوضاع الراهنة وما يستجد من عدوان على مواقع ومعالم التراث الانساني حيث تم إعداد كشف حصرت فيه كافة المعالم والمواقع التي استهدفها العدوان .

وأشارت الى أن بعض المعالم التي تم استهدافها دمرت كليا منها المسجد الاثري في دار الحيد وضريح العلامة عبدالرزاق الصنعاني المتوفى سنة 211 للهجرة بالاضافة الى معالم تضررت من القصف وبصورة كبيرة أو جزئية منها مدينتا براقش وصرواح الاثريتين وكذا مدينة صعدة التاريخية ومعالم فيها مثل جامع الإمام الهادي وقلعة القشلة بالاضافة الى منازل تاريخية عديدة وكذا دار الحسن التاريخي بالضالع وقلعة صيرة وقصر السلطان بعدن وقرية عطان التاريخية بصنعاء وآخرها قلعة القاهرة بتعز .

وأوضحت أن هذه الاحصائيات تعد أولية وأن تقييم الأوضاع في تلك المعالم ومعالم ربما تكون قد استهدفت ولم يتم معرفتها وكل هذه الامور سوف تتضح بعد وقف العدوان، فمثلا مدينة صعدة التاريخية لم نتمكن من معرفة الأضرار بصورة كاملة ودقيقة بسبب الوضع الاستثنائي في هذه المحافظة التي أضحت هدفا كاملا لطائرات العدوان وانقطعت كافة الاتصالات إليها بعد ضرب أبراج الاتصالات , وبقية المحافظات تمتلك ظروفا مشابهة وإن كانت على مستوى أقل وما تعيشه البلد منعت وزارة الثقافة والهيئات المعنية والفروع في المحافظات من تقييم أوضاع المواقع التاريخية والاثرية التي تم استهدافها .

استهداف اليمن أرضاً وإنساناً

عند تواصلنا مع عدد من المسؤولين والمختصين سواءً في صعدة أو في تعز وحتى في صنعاء وجدنا صعوبة بالغة في الوصول اليهم فهاهي وكيلة الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخة أمة الرزاق جحاف وبعد محاولات عديدة للتواصل معها كان تلفونها مغلقا لانعدام الكهرباء وبعد ساعات من المحاولات انفتح هاتفها ولكن على وقع عدوان هو الأعنف، ذلك العدوان الذي استهدف جبل نقم الاثنين الماضي لم تستطع الكلام بشكل واضح واضطرت الى قطع الاتصال لأنها لم تقدر على مواصلة الحديث فقط كانت تدعو للخالق عز وجل وتقول إن بيتها يهتز بشكل كبير جراء هذا الضربة .

ومن ضمن ما قالته أمة الرزاق حجاف قبل إنهاء المكالمة إن ما يتعرض له اليمن من عدوان وحرب إبادة لا يستثنى منها شيء جعلوا كل شيء على أرض هذا الوطن أهدافا لهم .

وأشارت الى أن جزءاً من هذه الحرب هي في الأساس حرب ثقافية تهدف الى طمس الهوية التاريخية والحضارية لليمن وبالتالي باتت هذه الحرب تشمل الأرض والانسان والتاريخ والثقافة .

وتساءلت جحاف لماذا هذا العدوان الذي لا يوجد مايبرره على الاطلاق مهما كانت الأسباب والدوافع التي يتحججون بها ؟ فأين المنظمات الدولية التي تتشدق بحقوق الانسان وتلك التي تتشدق بحماية التراث الانساني والحفاظ عليه هل انقرضت ؟!

وأكدت أن مايحدث من عدوان سافر على مدينة صعدة التاريخية أدى الى تضرر الكثير من معالمها وبحسب المعلومات الاولية التي وصلت الى ديوان عام الهيئة فإن أجزاء كبيرة من السور تضررت وكذا تضرر أجزاء من جامع الإمام الهادي وجانب من قلعة القشلة فضلا عن السوق القديم وكذا منازل تاريخية عديدة وهو الأمر الذي يزيد من معاناة هذه المدينة التي لم تنس بعد ذلك الدمار الذي لحق بها في الحرب السادسة وهذه المرة القصف يأتيها من الاعلى وبصورة أنكى وأشد .

معالم دمرت في صعدة التاريخية

محاولات عديدة قمنا بها للتواصل أيضا مع مدير فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بمحافظة صعدة الأخ عبده جتوم كانت بداياتها صباحا لتنجح هذه المحاولات بعد العصر إلا أن الصوت لم يكن واضحا يغلب عليه التقطع وعدم الوضوح لتنتهي المكالمة قبل أوانها وهنا علينا أن نبدأ صفحة ثانية من المحاولات لا نعلم متى تنجح ولهذا سوف نكتفي بما أخذنا من معلومات , حيث أكد عبده جتوم والموجود حاليا خارج مدينة صعدة انه يجد صعوبة كبيرة في الوصول الى مدينة صعدة التاريخية لمعرفة وتقييم الأوضاع بصورة دقيقة فالكثير من الناس يحاولون النجاة بأنفسهم من هذا القصف البربري الغاشم الذي يطال كل شيء في صعدة .

وقال : مدينة صعدة التاريخية لم تشفع لها مكانتها التاريخية من أن تكون بعيدة عن مرمى العدوان الذي استهدفها بأكثر من غارة أدت الى الأضرار والتدمير للعديد من معالمها منها قلعة القشلة والسور وبعض المباني فضلا عن تأثر جامعها الكبير جامع الإمام الهادي الذي استهدفته طائرات العدوان بغارة غير مباشرة سقطت على محلات تجارية مجاورة له ودمرتها محدثة أضراراً بالغة لحقت بالجامع من الناحية الشرقية .

وأشار الى انه من الصعوبة بمكان حصر الأضرار التي لحقت بالمدينة في الوقت الراهن بسبب الحالة الاستثنائية التي تمر بها محافظة صعدة بشكل عام والتي جعلتهم وغيرهم من الناس أسر بكاملها يهجرون منازلهم باحثين عن أماكن آمنة لهم ولأطفالهم حتى لا يطالهم هذا القصف البغيض .

قلعة القاهرة رمز شموخ لأبناء تعز

وبالعودة الى مدينة تعز وقلعتها الشهيرة قلعة القاهرة المنكوبة التي لم تفرح كثيرا بإعادة الاعتبار والمكانة التي تستحقها , حيث أكدت الاخت بشرى الخليدي مدير عام الآثار والمتاحف بمحافظة تعز أن القصف الذي طال القلعة بثمانية صواريخ ألحق بها تدميرا في أجزاء كبيرة من القلعة وملحقاتها فقد استمر القصف عليها زهاء الساعة من الثانية فجرا الى الثالثة .

وأشارت الى أن هذه القصف يمثل صورة مأساوية وحزينة عاشتها الحالمة تعز التي ينظر أبناؤها الى هذه القلعة باعتبارها رمزا شامخا وعنوان هويتهم ومجدهم وعزتهم .

وقالت : هذه القلعة التي خضعت لمشروع ضخم استمر قرابة 14 عاما وأنفق عليها أكثر من 4 مليارات ريال تتعرض للقصف بهذا الشكل في صورة تنم عن عدم مبالاة لما تحمله هذه القلعة من قيمة حضارية وتاريخية لليمن , فضلا عن العواقب الوخيمة التي ستطال مئات المنازل والأسر الذين سيكونون أهدافا تنهال عليهم أحجارها وبالتالي تكون الخسائر في الأرواح والممتلكات كبيرة جدا فقد عمدنا خلال مشروع القلعة الى تدعيمها بصورة كبيرة وعمل جدران ساندة ضخمة من شأنها حماية السكان من تساقط أحجار القلعة ولكن هذه الجدران لا يمكنها حتما مواجهة مثل هكذا قصف بالصواريخ وبالتالي تكون أخطارها أكبر على السكان .

ولفتت الى وجود معالم تاريخية وأثرية هامة أسفل القلعة وهي جامع المظفر ومدرسة الاشرفية وغيرها وهذه حتما ستطالها أحجار القلعة التي زادت مع إنشاء الجدران الساندة .

 

صحيفة الثورة

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com