Herelllllan
herelllllan2

العلاقات بين إسرائيل والسعودية من النشأة للتحالف

 

لم تكن طائرة الرئيس الأميركي التي أقلعت من الرياض وحطت في تل أبيب حادثة استثنائية في مسار العلاقات بين السعودية و إسرائيل، ففي الواقع وعلى مدار السنوات الماضية قفزت العلاقات بين الدولتين لمستوى التحالف بعدما كانت تدار خلف الأبواب المغلقة منذ نشأة الكيان الصهيوني.

فخلال الأعوام الستة الماضية، وبتواتر طردي متسارع، أطلت العلاقات بين إسرائيل والسعودية برأسها إلى العلن، بعد سنوات من التستر والكتمان والإدارة من خلف الأبواب المغلقة، علاقات اقتصادية وسياسية توجت ـ بطبيعة الحال ـ بعلاقات دبلوماسية مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام بقاطرة سعودية؛ علاقات بوصلتها تبادل المصالح وتقاطعها، فمن ناحية احتاجت إسرائيل إلى توطيد جذورها المتداعية في المنطقة، بفتح مجالات تعاون استراتيجي مع دول الخليج لا يقتصر على تطبيع تجاري واقتصادي، لكن سياسي ودبلوماسي قائم على فكرة قبول هذه الدول بوجود إسرائيل في المنطقة بشكل عملي، والتعاون معها في سياسات تخدم الطرفين، سواء باتفاق مصالح استراتيجي، أو تقاطع مصالح مرحلي.
الأمر السابق إذا جرى النظر إليه بزاوية برجماتية لا يشوبه عيب خاصة أن العلاقات بين الدول وتطويرها أمر طبيعي وصحي؛ لكن بالنظر إليه عن أنه خيار وحيد لضمان استقرار الحكم لأسر حاكمة مثل آل سعود، يديرون شئون بلادهم وعلاقاتهم الخارجية على نمط قبلي متخلف ينتمي للعصور الوسطى، ويحلون خلافاتهم الأسرية عبر سياسات خارجية مساراتها تُعبد بدماء الأخريين سواء في اليمن أو في فلسطين وبنشر الإرهاب وثقافته وشرعنته وتعميمه، فذلك يمثل أدنى مراحل الانحطاط خاصة إذا كان تلاقي هذه السياسات يخدم كيان عنصري استيطاني إحلالي مثل الكيان الصهيوني، بالتوازي مع إصباغ الرياض على تحالفها مع إسرائيل صفة المركزية والقيادة للدول العربية والإسلامية على أرضية مذهبية وطائفية تستثمرها تل أبيب لصالحها ليس فقط على قاعدة المدخل التقليدي المتمثل في “مبادرة السلام السعودية” 2002، أو حتى إدارة العلاقات خلف الأبواب المغلقة طيلة عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، بل تجاوز هذا في السنوات الثلاث الماضية إلى حد التحالف الذي يفرضه الواقع غير السوي لسياساتهما في الداخل والخارج، والحاجة الاستراتيجية لكل من الرياض وتل أبيب المتعقلة ببقاء الكيان وآل سعود على حساب الأخرين، بعيداً حتى عن التسوية الشاملة ظاهرياً المراد عقدها بين الكيان الصهيوني والدول العربية.

هذا الأمر لم يكن جديداً أو سابقة أولى من نوعها، فالعلاقات السعودية – الإسرائيلية قديمة منذ نشأة الكيان الصهيوني، وربما حتى قبل ذلك عندما كان في طوّر نشأة كل من الدولة السعودية الثالثة وبدايات الهجرة الصهيونية إلى فلسطين؛ فنرى أن أول حاكم عربي يوافق بريطانيا في سعيها إنشاء دولة لليهود في فلسطين كان الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ما لم ينقطع بعد 1948 ووصل إلى التعاون العسكري بين الرياض وتل أبيب ضد مصر إبان حرب اليمن أواخر خمسينيات القرن الماضي.

في السنوات الأخيرة نجد أن محاور العلاقات الإسرائيلية – السعودية تلاقت عند أهداف مشتركة على مستوى المنطقة، سواء في إيجاد حيز علني للعلاقات الموجودة أصلاً وتجذيرها شعبياً ليس فقط على مستوى ثنائي ولكن على مستوى دول الخليج ثم الدول العربية بقاطرة سعودية، أو إيجاد تسوية شاملة تُدمج إسرائيل في المنطقة التي من المفترض أن تدار من جانب قطبيها:

الرياض وتل أبيب وتدور باقي دولها في فلك هاتين الدولتين، وأخيراً وهو الأهم والمحرك الرئيسي للطفرة الحالية في العلاقات بين السعودية وإسرائيل هو التصدي لإيران ومحور المقاومة، ما بدأ في توحيد الموقف من الاتفاق النووي، وسعيهم المشترك على عدة مستويات لإجهاضه، ما تطور إلى موقف موحد من حركات المقاومة، التي كان أخرها استخلاص السعودية لقرار عربي عبر الجامعة العربية باعتبار «حزب الله» تنظيماً إرهابياً، وإلحاق حركة «حماس» بها في قمم الرياض الأخيرة على لسان ترامب، الذي أشاد بسعي القادة العرب نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما اعتبره نتنياهو هدية استراتيجية من جانب حلفاء الاعتدال العربي!

في السطور التالية محاولة أولية لرصد وتحليل أسباب ودواعي ومراحل التحالف الإسرائيلي السعودي ومآلاته على مستوى المستقبل القريب، كذلك التعرض لتطور محددات هذا التحالف منذ نشأة كل من السعودية وإسرائيل وتفاعل كل منهما مع المتغيرات الكبرى في مراحل تاريخ المنطقة منذ القرن الماضي حتى الأن. وكيفية الترابط الوجودي بين الدولتين على مستوى الاستمرار والاستقرار، وكيفية تعاطي كل منهما مع معضلة القضية الفلسطينية من حيث وحدة الهدف والرؤية، وصولاً إلى رؤيتهما لمستقبل المنطقة ودورهما المستقبلي ودور هذا التحالف وضمانات ديمومة استمراره بما فيها مساعي خلق واقع استراتيجي جديد في المنطقة.

النشأة

لا تشذ محددات العلاقات السعودية الإسرائيلية بمراحلها المختلفة عن سبب رئيسي في نشأة كل من الدولة العبرية والدولة السعودية، فكل منهما نشأ كوليد للاستعمار وربيبين له؛ وكذلك ارتباط استمرارهما حتى الأن بشكل رئيسي على علاقة كل منهما به سواء في المرحلة البريطانية، أو المرحلة الأميركية، هذا الارتباط في النشأة يلخصه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود بخطابه الشهير لضابط المخابرات البريطاني / الصهيوني بيرسي كوكس عشية الحرب العالمية الثانية وبالتوازي مع خطاب بلفور، حيث أقر عبد العزيز في خطابه:

“أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الفيصل آل سعود، أقر واعترف ألف مرة، لسير برسي كوكس، مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم، كما تراه بريطانيا، التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصيح الساعة”، هذا التلاقي تحت جناح بريطانيا سرعان ما تطور إلى ركن أساسي في سياسة المملكة تجاه إسرائيل، ليس فقط على أرضية أن كل من الدولتين شكلا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتحولا في الوكالة من بريطانيا إلى الولايات المتحدة لقاعدتين متقدمتين في المنطقة لتنفيذ سياسات الأخيرة بشكل مباشر أو غير مباشر بشكل منفرد مقابل توفير الأخيرة لمظلة حماية سياسية وعسكرية لكل منهما، لكن أيضاً دور تل أبيب والرياض في تعطيل مسارات التحرر الوطني في المنطقة بداية من عقد الخمسينيات وتحديداً في العدوان الثلاثي في الحالة الإسرائيلية، وحرب شمال اليمن 1962، التي تلاقت فيها الدولتين ضد مصر وعملا بشكل ميداني ضد الجيش المصري إبان تواجده هناك واستنزافه.

هذه “المفاجأة” التي كشفها أحد الباحثين الإسرائيليين على ضوء وثائق عسكرية ودبلوماسية وأمنية تشكل عملية معقدة سرية في العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وهو الأمر الذي لم يكن ترجمة لتوافق بينهما في سياسات إقليمية استهدفت في مجملها مشروعات التحرر الوطني كسياسة عامة حاكمة لاتجاه السياسات الخارجية لكل من الدولتين، فكشفت الوثائق الإسرائيلية وأكدت للمرة الأولى وبشكل رسمي ليس فقط تقاطع مصلحة تل أبيب مع مصلحة الرياض في استهداف مصر عبد الناصر في اليمن بشكل برجماتي، لكن أيضاً على العمق التاريخي لمراحل التقارب والتعاون بينهما حتى ولو كان ضد دولة عربية مثل مصر، على أرضية أن إضعاف القاهرة – قاطرة مشروعات التحرر الوطني في المنطقة وأفريقيا – يأتي في صالحهما، حيث أن مصر دعمت الجمهوريين بعد لجوءهم إلى عبد الناصر عقب فرار الإمام محمد بدر حميد الدين إلى السعودية وتكوينه جيش من القبائل بمساعدة وتمويل وتخطيط كل من بريطانيا والسعودية والأردن، فكان من مصلحة إسرائيل أن تدخل هذا التحالف ضد مصر عبد الناصر لاستنزاف قوة الجيش المصري هناك. ويشير الباحث الإسرائيلي إلى ملاحظة هامة مفادها “ما وجد في الأرشيف يكشف عن تورط عسكري إسرائيلي في الحرب الأهلية اليمنية، هذا التورط يضعف ما يحلو لبعض المعلقين وصفه بصراع أثني تقليدي بين السُنة والشيعة، أو بين السعودية وإيران”.
وعن هذا المقتطف السابق، فأن تاجر السلاح السعودي الشهير عدنان خاشقجي أكد في شهادته أمام لجنة تحقيق في الكونجرس الأميركي عام 1987 بشأن ما عُرف وقتها بفضيحة “إيران جيت” أنه التقى بشيمون بيريز – كان يشغل منصب مساعد وزير الدفاع وقتها- في فرنسا عام 1963 لبحث طلب غير مباشر من رئيس الاستخبارات السعودية آنذاك، كمال أدهم – صهر الملك فيصل – بتعزيز إسرائيل لجسرها الجوي المنطلق من جيبوتي إلى شمال اليمن، بالتوازي مع سعي سعودي لتعزيز دور المرتزقة البريطانيين وغيرهم من جنسيات أخرى في الشأن نفسه بتمويل سعودي.

وفي السياق نفسه، يذكر الكاتب المصري، محمد حسنين هيكل، في كتابه “سنوات الغليان” أن إسرائيل تولت الشق العملي من تسليح ونقل المعدات إلى كل من المرتزقة الأجانب الممولين سعودياً وقوات الملكيين في جبال شمال اليمن، وسميت تلك العملية بـ”مانجو”، وامتد التعاون بين الطرفين إلى نقل تل أبيب قوات خاصة من اليهود اليمنيين الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة لتنفيذ عمليات خاصة في بيئة اعتادوا العيش والاندماج فيها، وفي هذا السياق أيضاً، يؤكد أسعد أبو خليل أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا على مسألة التعاون الإسرائيلي – السعودي المباشر ضد مصر عبد الناصر ودورها في اليمن، وما شهده من لقاءات مباشرة بين مسئولين من البلدين، في مقال له في صحيفة الأخبار اللبنانية،

ويذكر أن النظام السعودي فتح علاقة مباشرة مع تل أبيب من أجل بحث دعم الملكيين ضد القوات المصرية والثوار، ما لزم عقد لقاءات بين مسئولي الدولتين، إحدى جولات هذه اللقاءات جرت في القنصلية الإسرائيلية في بومباي، حيث تردد الدبلوماسي السعودي أحمد القاضي على القنصلية مرات عدة، بأوامر من الملك فيصل- كان يشغل منصب ولي العهد آنذاك- في إطار بحث امداد الطائرات الإسرائيلية لقوات الملكيين بالأسلحة والذخائر، مقابل معلومات تقدمها السعودية والملكيين عن الجيش المصري وتسلحيه إلى إسرائيل، كما نقل أبو خليل تصريحات سفير إسرائيل السابق لدى بريطانيا، أهارون ريميز، حول لقاءاته وآخرين “بصورة مستمرة” مع قادة من السعودية والأردن، امتدت حتى ما بعد حرب 1967، واتساع مائدة الحوار بعد ذلك لتشمل مندوبين من وزارة الدفاع السعودية ومنظمة الاستخبارات والأمن القومي الإيرانية “سافاك” وجهاز الاستخبارات العسكري الإسرائيلي “أمان”، ويتفق ما أورده أبو خليل عن استمرار التعاون بين الرياض وتل أبيب بعد انتهاء حرب اليمن الأولى مع ما ذكره الباحث الإسرائيلي في نهاية مقاله المشار إليه أعلاه، حيث ذكر أنه حتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين القوات المتحاربة فأن المرتزقة الأجانب الذين شاركوا في الحرب حاولوا الإبقاء على الجسر الجوي الإسرائيلي في مايو 1966، وطرح تدريب قوات الإمام على أراضي إيرانية بإشراف إسرائيلي أميركي وجس نبض الملك فيصل للتجاوب مع ذلك.

التطبيع السياسي بين السعودية وإسرائيل

بهذه السلاسة السابقة كان البداية الحقيقية للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، التي محورها الأساسي الإضرار بكل ما هو مناهض للهيمنة الاستعمارية بمراحلها المختلفة، وأيضاً يضمن بقاء سياسات كل من الدولتين بشقيها الرجعي والعنصري، في الداخل والخارج، في ديمومة لم تكن لترمي بالاً إلى الخلافات السياسية والعقائدية التي يروج لها إعلامياً في تلك الحقبة التاريخية قبل عقود،  ما استمر بشكل حثيث خلف الأبواب المغلقة آخذة في التطور على عدة مستويات متشابكة اقتصادية وإعلامية وثقافية، وصولاً إلى إعلانها بشكل مبادر من الطرفين وفق شروط يجوز تسميتها بالإجرائية الإعلامية، وأهمها القضية الفلسطينية وتحقيق السلام، الذي شكل عنواناً لمفاعيل العلاقات العلنية بين تل أبيب والرياض، التي اتخذت حتى وقت قريب طابعاً غير رسمي، لتتحول إلى تحالف سياسي استراتيجي بداية من 2015، سبقه تمهيد على مستويات شعبية وثقافية تؤهل للقبول بتطبيع سياسي ودبلوماسي.
فمنذ أواخر 2012 وحتى أواخر 2015 يتسرب إلى الإعلام – عن قصد في معظم المرات- خبر أو تصريح يشير إلى سعي السعودية وإسرائيل للتقارب لبعضهم البعض، وهو الأمر الذي يبدوا صادماً لو حدث قبل عشرة أعوام، وبالتحديد قبل تزعم الرياض لمبادرة للصلح والتطبيع مع إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية، التي سميت بمبادرة السلام العربية التي لم يتجاوب معها الإسرائيليين وقتها كما كان طارحيها يتوقعون، التي أضحت في الآونة الأخيرة وبحسب سياسيين إسرائيليين قابلة للتنفيذ عن ذي قبل، فخلال السنوات الثلاث الأخيرة أصبح هناك أكثر من مبرر وأكثر من فرصة لتطبيع معلن وشرعي بين الرياض وتل أبيب، وهو الأمر الذي ينظر له بعض الأطراف في العاصمتين كضرورة حتمية عن أي وقت مضى.

وتجدر الإشارة هنا إلى ما أعلنته شبكة سي إن إن الأميركية في ديسمبر 2013  أن نائب وزير الدفاع السعودي وقتها، الأمير سلمان بن سلطان زار إسرائيل برفقة وفد عسكري سعودي، وربط ذلك بتوصيات مؤتمر هرتسليا الأخير التي شملت على وثيقة أمنية أعدها عشرات الخبراء العسكريين والأمنيين والسياسيين، نص بندها الأول على أنه يجب على إسرائيل خلق مجال تحالف استراتيجي جديد في الخليج، عن طريق إقامة علاقات رسمية أو غير رسمية مع دوله وعلى رأسها السعودية، انطلاقا من مبادرة السلام العربية، بنظرة سريعة للخلف نجد أنه منذ نهاية العقد الماضي ازدادت وتيرة التقارب بين الرياض وتل أبيب، فرئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، أصبح مسئول تسويق وتفعيل مبادرة السلام العربية وكذلك مسئول ملف التواصل مع إسرائيل منذ ذلك الحين، وبعيداً عن كواليس السياسة غير المعلنة، شهد مؤتمر الأمن الدولي بمدينة ميونخ الألمانية في دورته المنعقدة عام 2010 مصافحة ومحادثة ودية بين الفيصل وبين نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني إيالون، ومثلت هذه الواقعة إشارة هامة لتوجه السياسة السعودية تجاه إسرائيل، بعد هذه الحادثة بدء سيل من التصريحات الإيجابية والخطابات “المفتوحة” من جانب الرياض على لسان مسئول الملف حول التطبيع وربطه بانسحاب الاحتلال لحدود ما قبل الخامس من يونيو67، ومحادثات ودية ومؤتمرات مشتركة ومناظرات بين تركي ومسئولين إسرائيليين، مثل لقاءه برئيس الوزراء ووزير الدفاع الأسبق إيهود باراك ووزيرة الخارجية والعدل سابقاً تسيبي ليفني على هامش مؤتمر الأمن الدولي في فبراير الماضي، الذي أثنى فيه الفيصل على أسلوب إدارة ليفني لجلسة مناقشة حول أسس ودوافع مبدأ “يهودية الدولة” ورد ليفني عليه بأنها تتمنى أن يشاركها المنصة وأن تتحول العلاقات السرية بين تل أبيب والرياض إلى علاقة علنية.

اللقاء الأبرز بين تركي الفيصل ومسئولين إسرائيليين كان قبل ثلاثة أشهر، حيث جمعته مناظرة بعاموس يدلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق ورئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي حالياً، تباحثا فيها سوياً الخطر الإيراني على دولتيهما وتفعيل المبادرة العربية للسلام ومسألة تسليح المعارضة السورية “المعتدلة” وتمكينها من إحلالها محل النظام السوري. وتجدر الإشارة أنه للمرة الأولى -بشكل علني- يتباحث الطرفان الإسرائيلي والسعودي الأزمة السورية وتقاطع مصلحتهما رؤيتهما فيها، والتي على رأسها بحسب قول الفيصل وقتها ضمان عدم سيطرة المتطرفين على سوريا بعد سقوط نظام الأسد.

ولم يقف الأمر عند لقاءات على هامش فعاليات دولية، بل امتد إلى مشاركة الفيصل في مؤتمرات استراتيجية تنظمها هيئات إسرائيلية، كمؤتمر “إسرائيل للسلام” الذي تنظمه صحيفة هآرتس الإسرائيلية، التي نشرت كلمة فيصل للمؤتمر، التي دعا فيها المجتمعين إلى تخيل أنه باستطاعته حال موافقة إسرائيل على المبادرة العربية زيارة تل أبيب أو زيارتهم هم إلى الرياض وجده، وتشديده على التحديات المشتركة التي تجمع البلدين كمواجهة “التطرف والإرهاب” في الوقت الذي كانت تقصف فيه الطائرات الإسرائيلية قطاع غزة إبان عدوانها الأخير، ولم تقف تصريحات فيصل في هذا التوقيت عند دعوات السلام والمودة بين بلده و دولة الاحتلال، ولكن تجاوزتها لإدانة المقاومة وتحميلها نتائج عدوان إسرائيل على القطاع، و في الفترة ما بين 2012: 2015 وأهم اللقاءات المعلنة التي جمعت مسئولين سعوديين وإسرائيليين كانت أواخر سبتمبر 2014، حيث نشر موقع “والا” الإسرائيلي، أن وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل وشقيقة  تركي الفيصل كانا عرابا لقاء عشاء جمع بين تسيبي ليفني وما لايقل عن 20 دبلوماسي عربي بينهم وزراء خارجية دول مصر والكويت والإمارات والأردن ولبنان، وتطرق المدعوون على مأدبة ليفني- الفيصل لقضايا مكافحة التطرف والإرهاب، والحلف الدولي ضد “داعش”، بالإضافة للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل.
على الجانب الأخر، رحبت إسرائيل بخطوات التقارب السعودي وبادلتها بالمثل، فرحب مسئوليها بمبادرة السلام العربية أخيراً، حتى من أعتى الساسة الإسرائيليين تطرفاً، مثل وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، الذي صرح في  أغسطس 2014 لإذاعة “صوت إسرائيل”  قائلاً: “المبادرة صارت ذات معنى الأن وواردة عن أي وقت مضى، وأنني أفضلها عن سواها من مبادرات التسوية المنفصلة مع الفلسطينيين (..) إحياء عملية السلام ستكون ممكنة جداً في هذا الإطار، إلا أن هذا يتطلب القضاء على حماس التي يعوق حكمها لغزة أي تقدم في هذا السياق”.

بالإضافة إلى ذلك يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في تصريح له في أكتوبر2014 في اجتماع مجلس الوزراء المُصغر الأسبوعي أنه “في ظل التغيرات الجوهرية التي تعصف بالشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة تجد دول عربية كبرى وخاصة في منطقة الخليج لم تعد تعتبر إسرائيل دولة عدوة، بل شريك في مواجهة إيران والتنظيمات الإرهابية (..) العرقلة الوحيدة في سريان الأمور بشكل طبيعي بين تل أبيب وهذه الدول هي عدم اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، لم أزل مصراً على حتمية هذا الأمر وأن يكون هناك ترتيبات أمنية وطيدة ذات ضمانات دولية وإقليمية في سياق أي تسوية في المستقبل”.

فيما كانت تسيبي ليفني أكثر وضوحاً بقولها في حوار مع إذاعة “الإذاعة العامة الوطنية” الأميركية في أكتوبر 2013 “أنه لا توجد دولة تشارك إسرائيل قيم الاعتدال والموقف من إيران وضرورة مواجهة التطرف مثل السعودية، عندما تسمع السعوديين يتحدثون عما ينبغي عمله لمنع إيران من أن تتسلح نوويا فإن ذلك يبدو مألوفا، اعتقد أن اللهجة العربية تبدو قريبة من اللهجة العبرية حين يتعلق الأمر بإيران”.
ويتسق ما صرحت به ليفيني مع رؤية داني إيالون التي صرح بها مطلع أكتوبر 2014 في أحد البرامج الحوارية على قناة آي24 الإسرائيلية، حيث رأى إيالون أن إسرائيل مُلزمة بالتعاون مع السعودية في شتى التحديات التي تواجه الدولتين سواء على صعيد الصراع بينهم وبين إيران، و إيجاد حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو الحل الذي أولى خطواته ممارسة دول عربية مهمة كالسعودية ومصر والأردن ضغوطها في تحجيم قدرة حماس العسكرية.

وبالإضافة إلى السابق، ففي الوقت الراهن يتوفر للسعودية وإسرائيل ساقا أخرى تساعد في تسريع وتيرة التطبيع بينهم، فبخلاف المبادرة العربية العرجاء، أتت الأزمة السورية لتستقيم خطوات الدولتين في تقاربهم العلني، فالأزمة السورية مثلت ساحة تقاطعت فيها مصالح الرياض وتل أبيب، ليس فقط إسقاط النظام أو إضعاف محور المقاومة، أو حتى تسليح ودعم “المعارضة المعتدلة”، ولكن أيضاً كفرصة تعطي للدولتين نفوذ إقليمي أوسع، وتخرج الرياض من أزمة إقليمية وداخلية قد تقوض أمد استمرار المملكة بشكلها الحالي، وأيضاً تريح تل أبيب من صداع الصراع العربي الإسرائيلي إلى الأبد، وظهير عربي في صراعها مع محور المقاومة، وبالتالي نقلت تطوير العلاقات بين الدولتين من حيز التطبيع لحيز التحالف.

تطور محددات التحالف السعودي الإسرائيلي

شكلت حرب تموز2006 نقطة فارقة في مسار تلاقي المصالح الاستراتيجية بين الرياض وتل أبيب، فالأخيرة التي هُزمت في حرب على يد المقاومة اللبنانية المدعومة من إيران تلاقت مع الأولى في العداء الحيوي لها، وهو الأمر الذي بخلاف دعم طهران لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، فإنها شكلت تهديداً استراتيجياً لكل من الدولتين من زاوية محورية الدور الإيراني في المنطقة على حساب المركزية المطلوبة لكل من السعودية وإسرائيل؛ وامتداد مفاعيل هذا الأمر لمحاصرة نفوذ إيران من ناحية علاقاتها مع مختلف دول العالم، فكانت العقوبات النووية صمام أمان للرياض وتل أبيب كضمانة لتعطيل وكبح نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي استخدمت فيه الرياض الورقة الطائفية وكرست صراعها السياسي مع طهران على نحو مذهبي مفاعيله امتدت على طول المنطقة وعرضها، وسرعان ما تحول في السنوات الأخيرة إلى عمود فقري للسياسة الخارجية السعودية، الأمر الذي وظفته تل أبيب لصالحها، فلعبت على هذا الوتر الطائفي كامتداد لتصنيف الدول العربية لـ”دول الاعتدال السني” و”المحور الشيعي” بكلمات نتنياهو في خطابه الذي وجهه لأوباما عشية تشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش.
وقبل ذلك كان البرنامج النووي الإيراني الأساس الثاني الذي انطلقت منه ضرورة التحالف بين السعودية وإسرائيل، التي سرعان ما تحولت بعد الاتفاق النووي إلى ضرورة وجودية كما سنوضح تالياً عبر ثلاث محاور:

1- طبيعة المرحلة الحالية في استراتيجية إسرائيل الخارجية التي تقوم على أساس توصيات استراتيجية سابقة بفتح مجالات تعاون استراتيجي بين دولة الاحتلال و دول عربية، بما في ذلك دول الخليج بقيادة سعودية.

2- التعاون مع هذه الدول يقوم على أساسين رئيسيين؛ التصدي لإيران، وكذلك التعاون ضد الإرهاب، الذي بحسب المفهوم الإسرائيلي يتضمن حركات المقاومة كحزب الله.

3- يتطلب تحقيق السابق إقامة علاقات طبيعية بين تل أبيب وهذه الدول، بشكل غير علني في معظم الأوقات، الأمر الذي أُسست عليه علاقة دولة الاحتلال بهذه الدول في العقديين الأخيرين، حيث تفضل هذه الدول إدارة العلاقات الثنائية في الغرف المغلقة، مع تدريج في إعلانها من حين إلى أخر.

وانطلاقاً من هذه المحاور الثلاث رُصد حتى كتابة هذه السطور نقطتين أساسيتين شكلا مفاعيل التحالف بين تل أبيب والرياض بصفتها قاطرة تحالف “دول الاعتدال” “الدول السُنية”: الأولى متمثلة في البرنامج والاتفاق النووي الإيراني، والثانية في التصدي للمقاومة المدعومة من إيران، وتضييق الخناق الإقليمي والدولي عليها.

بالنسبة للنقطة الأولى، في عام 2012 حيث ذروة التهديد الإسرائيلي بضرب البرنامج النووي الإيراني، كشفت قناة “إن.بي.سي” الأميركية عن مخططات إسرائيلية لضرب المنشآت النووية الإيرانية  بواسطة ضربة جوية تسمح فيها المملكة السعودية بعبور المقاتلات الإسرائيلية من مجالها الجوي وصولاً للمجال الجوي الإيراني، ولفتت القناة في تقريرها هذا أن عدد من الدول الخليجية بخلاف السعودية، سيؤيدون هذه الضربة، وذلك في معرض شرح التباين بين وجهتي النظر الأميركية والإسرائيلية حيال الملف النووي الإيراني، حيث كانت الإدارة الأميركية تسعى حينها لإيقاف البرنامج النووي الإيراني باستخدام سلاح العقوبات الاقتصادية، وتجنب استخدام الحل العسكري. وهو ما قد يفسر استثمار بعض وسائل الإعلام الأميركية والغربية لتسريبات الموساد الأخيرة، التي يعارض فيها مسئولي وخبراء الموساد وجهة نظر نتنياهو الخاصة بقرب توصل إيران إلى تقنية صناعة القنابل النووية.

سريعاً إلى الأمام، تتكررت هذه المساعي الإسرائيلية عشية الاتفاق النووي وقبيل التوقيع عليه، وكالسابق تتقاطع كل مصلحة إسرائيل والسعودية.

ونشرت مجلة  “ذا أتلانتك” الأميركية أن نتنياهو عن طريق السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، وجه دعوة رسمية إلى عدد من سفراء الدول الخليجية في الولايات المتحدة لحضور خطاب نتنياهو أمام الكونجرس، بدعوى أن هذه “الدول السُنية” لها مصالح مشتركة مع إسرائيل ضد إيران “الشيعية”، أهمها اهتمام هذه الدول مع إسرائيل بإيقاف البرنامج النووي الإيراني، وبموازاة هذه الجهود الدبلوماسية المشتركة، كشفت القناة الثانية الإسرائيلية عن جهود عسكرية مشتركة يعاد إحياءها خاصة باستخدام  إسرائيل للمجال الجوي السعودي حال قررت تل أبيب ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وأن السعودية تربط ذلك الأمر بتحقيق تقدم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أي قبول إسرائيل بمبادرة الملك عبدالله للسلام التي تبنتها جامعة الدول العربية عام2002.

هنا وجدت توجهات نتنياهو في خلق ظهير عربي بصيغة طائفية أرض خصبة، بتقاطع المصلحة الإسرائيلية مع مصلحة بعض الدول العربية، على الرغم من عقيدة إسرائيل التي لا يكل نتنياهو نفسه عن البوح بها، التي مفادها تعزيز الصراع في المنطقة وتحويله من خلاف سياسي إلى صراع طائفي لا يوجد فيه رابح سوى إسرائيل، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان جوهر خطاب نتنياهو الشهير في الكونجرس الأميركي مارس2015 يدور حول الخطر الإيراني ليس على إسرائيل فقط ولكن على واشنطن ومصالح حلفائها “السُنة” في المنطقة على حد تعبيره، ملمحاً إلى “دول سُنية معتدلة” توافق وجهة نظرها حيال البرنامج النووي الإيراني وجهة النظر الإسرائيليةالتي بالضرورة توافق وجهة نظر الإدارة الأميركية التي تخوض حرب مع حلفاءها من هذه الدول “السُنية المعتدلة” ضد تنظيم “داعش”، ملخصاً طرحه هذا بقوله: “عندما نأتي إلى إيران وداعش فعدو عدوك هو عدوك أيضاً”.

هذا الأمر لم يكن غريباً أو جديداً على سياسات نتنياهو، فهو ومنذ تصدره للعمل العام في دولة الاحتلال منذ منتصف التسعينات ويسعى شأنه شأن أي سياسي إلى توظيف أخطاء الخصوم لمصلحته، لكن الجديد هذه الأيام أن التوظيف السياسي يتعدى مرحلة الاستفادة من أخطاء عشوائية وغير متكررة، لكنها سياسة عدد من دول عربية على رأسها السعودية تسعى لتقليص مساحات التباين بينها وبين الكيان الصهيوني منذ مطلع الألفين، سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقتها، أو حالياً بالتحالف مع إسرائيل لمواجهة إيران على أساس تقاطع مصلحة الدولتين فيما يتعلق بالنووي الإيراني على اختلاف وسائل التقارب بينهم سواء إعلامية أو دبلوماسية أو حتى عسكرية.

مراحل التقارب هذه بين السعودية وإسرائيل شهدت ذروتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة أصبح هناك أكثر من مبرر وأكثر من فرصة لتطبيع معلن وشرعي بين الرياض وتل أبيب، وهو الأمر الذي ينظر له بعض الأطراف في العاصمتين كضرورة حتمية عن أي وقت مضى، خاصة في وقت تفاقمت ظاهرة “داعش” ومحاولة توظيفها من جانب السعودية وإسرائيل في صراعهم مع إيران، زاد التقارب بين الرياض وتل أبيب إلى الحد الذي يراهن فيه الإسرائيليين على العرب “السُنة” سيحلو محل الولايات المتحدة إذا أنجزت الأخيرة اتفاق نووي مع إيران، من باب أن كل من إسرائيل وهذه الدول العربية “السُنية”، تجد أن إيران “الشيعية” إذا تمكنت مع إنجاز اتفاق نووي فأن ذلك سيعزز من نفوذها في المنطقة، ما جعل هذه الدول العربية تعرب عن قلقها للولايات المتحدة، ما حدا بصحيفة “جيروزليم بوست” الإسرائيلية أن تبرهن بذلك على وحدة موقف إسرائيل وهذه الدول العربية حيال النووي الإيراني، فيما ذهب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نيويورك ومدير وحدة الشرق الأوسط بمعهد السياسي الدولية، ألون بن مائير، إلى أن كل من موقفي إسرائيل والسعودية حيال البرنامج النووي الإيراني واحد بدافع أن كل من الدولتين تعتبران حلفاء إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق أعداء لهم، وذلك في مقال له نشره موقع سي.إن.إن. بعنوان “مخاطر إيران النووية  وتداعياتها على السعودية وإسرائيل”.

ما امتد تأثيره للإعلام السعودي، فنشرت قناة “العربية” السعودية في موقعها باللغة الإنجليزية -دون نشره في النسخة العربية- مقالاً لكاتب سعودي يدعو أوباما إلى الإصغاء لخطاب نتنياهو، مسهباً في شرح تفاصيل الضرورة التي توجب على واشنطن وحلفاءها في المنطقة مع إسرائيل الوقوف ضد الخطر الإيراني.

وغني عن الذكر أن هذا المقال وجد اهتماما بالغا من صُحف إسرائيلية اعتبرته يمثل وجهة النظر السعودية، ما أكدت عليه صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية التي قالت –حسبما أورد موقع “المصدر” الإسرائيلي– إن ما قاله نتنياهو عن خطر تمدد النفوذ الإيراني للعواصم العربية كان يجدر أن يقوله رؤساء دول عربية. وبعيداً عن أصداء خطاب نتنياهو، التي تراوحت وقتها بين التقليل من أثره كون جوهره لم يأت بجديد بالنسبة للولايات المتحدة ويستخدم لأغراض دعائية انتخابية، أو الاحتفاء به كونه ينم عن رؤية جذرية لمواجهة خطر إيران ككل وليس برنامجها النووي؛ فإن اللافت والجديد عن حق هذه المرة هو مطابقة علنية لرؤية الدولتين تجاه طهران، وهي الرؤية التي قاربت على نحو غير مسبوق بينهم، وقد تكون كافية لتطبيع العلاقات بين الحكومتين في تل أبيب والرياض –حتى دون حل للقضية الفلسطينية طبقاً لمبادرة السلام السعودية- ليس فقط فيما يخص البرنامج النووي الإيراني، لكن أيضاً لتوافق العاصمتين في موقفهم تجاه إيران وحلفاءها في المنطقة، حتى وإن استدعى ذلك إصباغ مسوح مذهبية على  الصراع السياسي بين السعودية وإيران، المستفيد الأول من ذلك هي إسرائيل.

محاور التحالف بين السعودية وإسرائيل

وفي نفس المسار السابق، أصرت كل من تل أبيب والرياض على دفع واشنطن لربط الاتفاق النووي بملفات أخرى، بعد أن فشلت مساعي الأولى في إفساد خطوات الإدارة الأميركية داخلياً وتحويل التفاوض النووي إلى سجال الكونجرس الأميركي الذي استضاف نتنياهو ليلقي خطابا على النحو السابق ذكره، وتكراره جوهر خطابه السياسي في 2012 المتعلق بكون إيران “تهديد أقصى يجب مجابهته بكل الوسائل بما فيها العسكرية، مطوراً إياه إلى طرح شروط يجب أن يتضمنها أي اتفاق نهائي على رأسها اشتراط اعتراف إيران بإسرائيل. السعودية من جانبها، وطبقاً لعقيدتها السياسية الرامية إلى إفشال أي نهضة لأي قوى إقليمية تقلص من دورها كقاطرة للسياسات الأميركية، طالبت بضمانات من واشنطن بأن لا يتضمن أي تفاهم مع إيران إلى تعزيز نفوذ الأخيرة الإقليمي ويضمن استعادة التوازن لصالح الرياض، بعد خلل انتابها من سلسلة من الفشل المتوالي لساستها في سوريا والعراق أدى إلى ظاهرة “داعش”، وخروج اليمن عن السيطرة السعودية المعهودة، إضافة كون التحركات السعودية في هذا الشأن تثبت سياسة “نحن أو لا أحد” التي حددها الملك عبدالله بالنسبة لتعامل إدارة أوباما مع إمارات وممالك الخليج، ووصل الأمر إلى تهديد ببدء سباق تسلح في المنطقة حتى انتشار نووي إذا جرى الاتفاق مع إيران بكلمات وزير الخارجية السعودي السابق، سعود الفيصل.

وهنا يجب الإشارة إلى أن مفهوميّ كل من تل أبيب والرياض تجاه طهران لا يقف عند التقاطع في تخوفاتهم والتطمينات الأميركية لهم، لكن تعدى ذلك إلى توافق ضمني وعلني، تكرر أكثر من مرة على لسان مسئولين في السعودية وإسرائيل، ووجد صدى إعلامي يردد ما يتم في الكواليس والعلن من تقارب بينهم على أرضية توافقية تجاه “عدو” مشترك هو إيران، سرعان ما تطور إلى واقع سياسي بعد فوز ترامب في الانتخابات الأميركية وتكرس في جولته الخارجية الأولى التي بدأت في الرياض وانتقل منها إلى تل أبيب، مردداً نفس الخطاب الذي كانت الدولتين تتمسكان به عشية الاتفاق النووي وبعد التوقيع عليه، وهو البدء في إجراءات “وقائية” تُضمن مسألة دعم طهران لحركات المقاومة في المنطقة لحزمة الاتفاق النووي وكذلك الصواريخ الباليستية، التي تُعنى بها واشنطن بشكل رئيسي.

هذه العقيدة السياسة لكل من تل أبيب والرياض سببها المباشر ارتبط منذ بداية الجولات النهائية للمفاوضات النووية 2013 بإصرار طهران على سياسة الفصل بين الملفات والعقوبات؛ فمسار التفاوض وحدوده دائما ما كانت التكهنات حوله من كل الأطراف المعنية إقليميا وعالميا قبل وأثناء وبعد كل جولة مفاوضات ترتبط بإمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يطبع العلاقات بين إيران والغرب، ويمهد لتسوية لملفات أخرى بخلاف النووي، ما سيترتب عليه إعادة تدوير لزوايا العلاقات بين إيران والولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة وعلى رأسها السعودية وإسرائيل؛ الأولى لازالت تخشى أن تدير واشنطن علاقة جيدة مع إيران ينتج عنها زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة على امتداد الخارطة من لبنان إلى اليمن، ما يغلب الرؤية الإيرانية في معالجة الملفات المهمة من مكافحة الإرهاب والأزمة السورية، بينما إسرائيل ترى أن أي توافق من أي نوع بين إيران والغرب -تحديداً واشنطن- سيضر بها، من هنا بدأ الطرفين في طرح اشتراطات ومحاذير وخطوط حمراء لأي توافق مستقبلي بين واشنطن وطهران، فقبل الاتفاق التمهيدي في 2013، الذي بدأت بموجبه جولات المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق لوزان التمهيدي، كان أغلب المحللين على اختلاف جنسياتهم يروا أن إيران تسعى إلى طرح ما يزيد عن الملف النووي على مائدة المفاوضات، سواء كتكتيك تفاوضي يرجى منه التوصل إلى مكاسب في الملف النووي، أو سعي لمحاصصة بينها وبين واشنطن في النفوذ الإقليمي في العراق وإيجاد حلول وسط للأزمة السورية وغيرها من المتشابكات التي تربط إيران مع حلفاءها في المنطقة في سوريا ولبنان وفلسطين وأخيراً اليمن.

تلك التحليلات ارتبطت بأمنيات ومخاوف لكل من الرياض وتل أبيب من سعي طهران إلى تحسين وضعها كقوة إقليمية واضطرار واشنطن للتعاطي معها بإيجابية لحل أزمات الشرق الأوسط، وعلى رأسها مواجهة الإرهاب و”داعش” في سوريا والعراق، إلا أن ما تجلى عشية الاتفاق التمهيدي والأيام الذي تلت الإعلان عنه، هو أن إيران أصرت على أن التفاوض سيدور فقط حول الملف النووي، لاشيء أخر سواء يرتبط بها كملف الصواريخ الباليستية، أو مرتبط بحلفائها ودعمها لهم في سوريا ولبنان والعراق، والدليل العملي بعيداً عن تصريحات القادة والسياسيين المنتمين إلى محور المقاومة عن أن إيران لا تفرض شروط على حلفائها عموماً وفي وقت المفاوضات النووية خصوصاً، هو رد حزب الله على الاعتداء الإسرائيلي في القنيطرة بمهاجمة قوات إسرائيلية داخل مزارع شبعا المحتلة أوائل 2015، مع بدء جولة المفاوضات النووية الأخيرة.

ومرة أخرى في العراق، حيث اصطناع أزمات حول دور الحشد الشعبي في تحرير المدن والمحافظات العراقية، ومحاولات عرقلة دوره من جانب التحالف الدولي بقيادة واشنطن، حيث أتى ذلك بالتوازي مع وصول المفاوضات في لوزان إلى مرحلة حرجة عشية الاتفاق المبدئي، إلا أن إيران لم تغامر بالضغط على حلفائها من أجل تأجيل هذه المعركة أو تلك لكي لا تعرقل المفاوضات النووية، بل استندت إلى سياسة الفصل التام بين الملفات التي بطبيعة الحال متداخلة بالنسبة للكثير من المتابعين والمحللين، ما أكد المخاوف السعودية والإسرائيلية فشرعوا في تطوير تحالفهم السياسي المتقاطع عند الملف النووي الإيراني إلى سياسات ثنائية بمعزل حتى عن إدارة أوباما، الهدف منها الحد من نفوذ طهران الإقليمي ومحاصرة حركات المقاومة.

هذه السياسات الثنائية لم تكن فقط نتيجة فشل تل أبيب والرياض في سعيهم المشترك لإجهاض الاتفاق النووي، بل أيضاً كعامل يؤكد فرضية أن التحالف بينهم لم يكن أمر عرضي طارئ تجاه الملف النووي الإيراني، فالشراكة بينهم لم تكن مرحلية ولا تكتيك آني له مداه الزماني والمكاني المحدودين، لكنه تعاون استراتيجي يصل إلى أرقى درجات التحالف السياسي بما فيه من أوجه تكامل وفق أجندة أهداف محددة على اختلاف الملفات والساحات التي يُطبق فيها هذا التحالف، هنا بالطبع كانت المقاومة في لبنان وفلسطين على رأس أولوية الدولتين، فإسرائيل تعتبر حتى كتابة هذه السطور وعلى الرغم من كل الأخطار الأمنية التي اكتنفت المنطقة في السنوات الأخيرة أن حزب الله والمقاومة في غزة التهديد العسكري الأول ضد الكيان، والسعودية تعتبر أن الحزب ليس فقط عائق أمام نفوذها وتنفيذ إرادتها في لبنان –وهو ما يمكن أن يدار طبقاً لأبجديات ما بعد اتفاق الطائف وفق سيرورة السياسة هناك- ولكن كونه عائق أمام النفوذ السعودي في المنطقة ككل، ليس فقط لعلاقة الحزب بإيران، ولكن لمدى القوة السياسية والعسكرية التي بلغها الحزب في سنوات ما بعد حرب تموز 2006، وتحوله لقوة إقليمية فاعلة على كل الساحات المشتعلة من سوريا مروراً بالعراق، وأخيرا اليمن حسب الإدعاء السعودي، هذا التوافق الإسرائيلي السعودي ضد حزب الله يكفي وحده لتصعيد الأمور إلى ما هو أبعد من الإجراءات الأخيرة، ربما حتى إلى حد تقسيم الأدوار في أي عدوان جديد على لبنان تشنه إسرائيل بعدما تهيئ السعودية الداخل اللبناني بإجراءاتها الأخيرة التي تستهدف محاصرة حزب الله وعزله على المستوى المحلي والعربي بخلاف الاستمرار في تأجيج الخطاب الطائفي ضده. باختصار تطورت العلاقات بين السعودية وإسرائيل من التطبيع بكافة أوجهة السياسية والأمنية، إلى التحالف وفق أجندة واحدة تعنون بالعداء للمقاومة، وما يتبع ذلك من تقاسم للأدوار تقوم الرياض فيه بدور إيجابي بالنسبة لتل أبيب، التي رحبت وأثنت على قيادة السعودية للقرار الخليجي والعربي عبر مؤسسات الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله كحزب إرهابي في مارس وإبريل 2016، بعد سلسلة إجراءات سابقة تضمنت حظر المنابر الإعلامية التليفزيونية والإلكترونية المناوئة لإسرائيل ليس فقط داخل المملكة، ولكن على مستوى دول التعاون الخليجي والجامعة العربية أيضاً، وهو الأمر الذي امتد لإجراءات قانونية ومصرفية ضد هيئات وشخصيات لبنانية وعربية على علاقة بالمقاومة ومحورها، بل امتدت أيضاً إلى سياسات شبه عقابية ضد الشعب اللبناني سواء عن طريق تجميد المساعدات السعودية للحكومة اللبنانية أو الحظر المصرفي ضد مصرف لبنان المركزي في دول مجلس التعاون بشكل ممأسس، وأيضاً امتناع البنوك السعودية أو البنوك الأجنبية المساهم فيها سعوديين من العائلة المالكة من التعامل مع المصارف اللبنانية.

وبمد الخط على استقامته، في ظل مستقبل منظور لا توجد فيه الرعاية السياسية والتقاطع المصلحي المعهود من جانب واشنطن لحلفائها، فإن كل من الرياض وتل أبيب، سيشكلا سوياً قاطرة سياسات مشتركة وفق مصلحتهم باعتبارهم القوى الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط إزاء تحديات جسام تعانيها المنطقة مؤخراً، وهذا بحد ذاته لا يتشرط التوافق التام من باقي دول المنطقة على مقتضيات التحالف بين تل أبيب والرياض؛ فالأخيرة تراهن على مدى استمرار نفوذها في السياسة العربية متمثلة في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، وفيما يبدو الأول مستعد بل ومبادر لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، قد يكون بالنسبة لأحد مكوناته تحفظ بخصوص الاندفاع السعودي فيه نحو أفق الصدام مع محور المقاومة، هذا بالطبع بخلاف باقي الدول العربية، التي تقيم الرياض علاقاتها معها على نفس المقياس الذي اتخذت فيه إجراءاتها الأخيرة ومنع المساعدات المالية عن لبنان، هذا بخلاف أن المملكة تعاني من تدهور اقتصادي سيؤثر بطبيعة الحال على مقدرة المال السياسي لديها في ظل تراكم سياسات الارتجال والعشوائية التي تنتهجها الرياض منذ 2015، وبالتالي فإن مدى استفادة الرياض من هذا التحالف تكاد تكون معدومة، في حين أن تل أبيب تضمن من خلاله أفق أوسع من الحركة والمبادرة وسط “شرعية” تكفلها لها المملكة وتوابعها، وليس أدل من ذلك بصورة ساطعة سوى القمم الثلاثة التي عقدت مؤخراً في الرياض بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كفل للمملكة وإسرائيل خطاب تقاطعي مع سياسات واشنطن ثمنه 480 مليار دولار.

المرحلة المستقبلية المتوقعة لمسار العلاقات الإسرائيلية السعودية لا تقف فقط عند التحالف السياسي الإقليمي ولكن لما يمكن تسميته بالتحالف الثنائي الوجودي الذي قد لا يرمي بالاً إلى عقبات ينظر إليها الطرفان على أنها عقبات دعائية وإعلامية، وكذلك ثغرات من الممكن أن تُفسد بنيان العلاقة بينهم أهمها القضية الفلسطينية، فالبشائر الأولية حول هذه النقطة كانت عابره لمفهوم الحلف السياسي بصورته الكلاسيكية إلى تجذيره بصورة عضوية متمثلة مثلاً في طرح دور لإسرائيل في استراتيجية التنمية المستقبلية في السعودية المعروفة إعلامياً بـ”رؤية 2030″، وتتوسع لمستوى إقليمي على نفس المقياس العضوي والوجودي لمتغيرات جيوستراتيجية حدها الجغرافي البحر الأحمر، وتحديداً خليج العقبة ومضايق تيران.

ختام

مرت العلاقات السعودية الإسرائيلية بمسار يختلف عن معظم العلاقات بين دول المنطقة وبعضها البعض؛ اختلافاً جذره بنيوياً متعلقا بشذوذ نشأة الكيان الصهيوني في المنطقة عن المعتاد في نشأة الدولة الحديثة في المنطقة وبعيداً عن سياقها التحرري، فكانت إسرائيل على العكس وليدة للاستعمار وربيبة له، ما تماثل بنسبة كبيرة مع السعودية بعد نشأة دولتها الثالثة وليس كسبب مباشر لهذه النشأة، ساعد فيها المستعمر قوى محلية للآخذ بزمام الأمور تحت إبان فترة الحروب العالمية الأولى والثانية، ولكن السمة الأساسية المشتركة بين تل أبيب والرياض من حيث الاستمرارية والاستقرار أنهما اعتمدا على المستعمر، في علاقة عضوية استمدت متانتها من دوريهما في التصدي لمشاريع التحرر الوطني التالية على الحرب العالمية الثانية، التي كان مثالها الصارخ كما وضح في بداية الدراسة التقاطع ضد مصر في حرب اليمن1962، ناهيك عن تبني الدولتين نفس المواقف العدائية لمصر منذ بداية 1956.

هذا الأساس المتين استمر على مد الخط الزمني لحاجة عضوية وجودية لاستمرار العلاقات بين الدولتين، التي استمرت في معظمها حتى بداية الألفية الثانية طي الكتمان وعند الضرورة وحدودها أمنية واستخباراتية، وما لبثت إلى أن تحولت لفعل سياسي شبه علني بدأ بالتوافق فالمبادرة فالتحالف؛ وليس فقط كتحالف ثنائي بين دولتين ولكن كإستراتيجية سياسية محورها مركزية تل أبيب والرياض كقيادة إقليمية تحت مظلة وتوجيه السياسات الأميركية، جذرها الأساسي تقاطع الثلاث في أولوياتهم السياسية ضد عوامل نفي دور كل من إسرائيل والسعودية الوظيفي كقواعد متقدمة للسياسات الأميركية في المنطقة، حتى وإن كان هذا على حساب باقي دول المنطقة التي أقرت وبثت ودعمت فيها المملكة سياسات مذهبية وطائفية استفادت منها إسرائيل وأضرت بمعظم دول المنطقة بما فيهم حلفاء الطرفين وحلفاء الولايات المتحدة، وتهمش دورهم وسيادتهم الداخلية والخارجية لصالح استقرار الرياض وتل أبيب وتكريس مركزيتهما الإقليمية سواء كدولة “يهودية متقدمة قوية” في الحالة الإسرائيلية أو كدولة “قائدة للعالم العربي والإسلامي” في الحالة السعودية.

مراجع:

1- السعودية وإسرائيل 2016: وجهان لعملة واحدة.
https://goo.gl/IFpGQB
2- تنفيذ «رؤية 2030» السعودية بعقول إسرائيلية.
https://goo.gl/4ujQYn
3- «المعارضة المعتدلة».. إرهاب شرعي بغطاء أمريكي إسرائيلي سعودي.

https://goo.gl/4vBFmt

4- اغتيال مصطفى بدر الدين.. ثمرة للتعاون الإسرائيلي- السعودي؟.
https://goo.gl/kSPsJg
5- بقاء إسرائيل تضمنه السعودية.. أم العكس؟.
https://goo.gl/drLuWT
6- العلاقات الإسرائيلية السعودية نحو تطبيع رسمي؟.

http://goo.gl/lXlfms

7- العلاقات الإماراتية – الإسرائيلية.. حجر زاوية «السلام الدافئ».
http://goo.gl/bS84tO
8- من التطبيع إلى التحالف.. السعودية وإسرائيل ضد “حزب الله”.
http://goo.gl/dnkHNP

9- 2015.. تطبيع علني بين الكيان الصهيوني ودول الخليج.

http://goo.gl/KtwfKU
10- التطبيع مع دول الخليج أولوية رئيس الموساد« الجديد».
http://goo.gl/PURfpD
11- ازدهار العلاقات بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي.
http://goo.gl/xgBWMk
12- السعودية ودول الخليج يستعدون لشراء ” القبة الحديدية”.
http://goo.gl/zL1NYG
13- ويكيليكس تكشف المزيد عن العلاقة بين السعودية وإسرائيل.
http://goo.gl/iqIIuS
14- هل بدأ تطبيع رسمي بين السعودية وإسرائيل؟.
http://goo.gl/gHP3Pr
15-كاتب إسرائيلي: تعاون وثيق بين السعودية وإسرائيل.
http://goo.gl/IZ4oPu
16-السعودية وإسرائيل في اليمن ضد مصر..عدو عدوي صديقي!
http://goo.gl/WQGGZ5
17-الاتفاق النووي الإيراني ..إسرائيل والسعودية واللعب في الوقت الضائع.
http://goo.gl/oBAWQ7
18- النووي الإيراني بين السعودية وإسرائيل .. تطبيع قاب قوسين أو أدنى.
http://goo.gl/A2QuuT
19- تقاطع مصالح إسرائيل والسعودية ..إحياء تنسيق عسكري ودبلوماسي لإجهاض اتفاق نووي إيراني.
http://goo.gl/RN86Ak
20- معهد واشنطن: “السعودية” و”الإمارات” و”الكويت” مستعدين لعقد سلام مع “إسرائيل”.
http://goo.gl/k0ybRY
21- السعودية وإسرائيل .. توافق فتقارب فتطبيع.
http://goo.gl/KC7EuB
22- توصيات مؤتمر “هرتسيليا” : التحالف مع السعودية هام لإسرائيل !
http://goo.gl/0HSjJy
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com