علي الريمي

عقب التفجيرات التي شهدتها باريس في نوفمبر الماضي سارعت فرنسا للالتحاق بركب التحالف الذي تقوده أمريكا منذ نحو عام بهدف القضاء على ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بعد أن كانت فرنسا تقوم بتنفيذ ضرباتها الجوية ضد التنظيم المتواجد في عدة مدن ومحافظات عراقية فقط, لكن قيام داعش بمهاجمة العاصمة باريس أجبر الحكومة الفرنسية على مد أو تمديد طلعاتها الجوية لتشمل مواقع تابعة لداعش في سوريا.

والتحقت بريطانيا مؤخراً بفرنسا لكي يقوم سلاح الجو الملكي البريطاني – بدوره – بتنفيذ غارات جوية ضد المواقع التي يسيطر عليها تنظيم داعش داخل الأراضي السورية, علماً أن البريطانيين كانوا أيضاً ينفذون طلعات جوية ضد التنظيم المذكور, لكن داخل الحدود العراقية فقط, وكانت فرنسا وبريطانيا من ضمن الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام وبلغ عدد الدول المنخرطة في هذا التحالف أكثر من (60) دولة تتابع انضمامها على مراحل لتنضوي كل تلك الدول تحت لواء أمريكا, والهدف المعلن للجميع هو استئصال خطر التنظيم الإرهابي المسمى (داعش) والقضاء عليه في العراق ولاحقاً في سوريا.
اللافت في رغبة المملكة المتحدة من أجل القيام بهجمات جوية ضد داعش (فرع سوريا), احتاج لموافقة البرلمان البريطاني على طلب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للسماح له بمهاجمة داعش في سوريا, في حين أن انخراط كاميرون في التحالف الذي تقوده أمريكا منذ عام على التنظيم الإرهابي (فرع العراق) ثم من دون الحاجة لموافقة مجلس العموم البريطاني (البرلمان), وبالطبع فقد كان قبول كاميرون المشاركة في التحالف الستيني بقيادة أمريكا لمحاربة داعش (الفرع العراقي) استجابة لطلب أمريكا منه ذلك.
المهم أن البريطانيين سارعوا لضمان (حصتهم) من الأهداف الداعشية داخل سوريا, ليس كخطوة استباقية لمنع الدواعش من شن هجمات إرهابية على الأراضي البريطانية – كما حصل لباريس – ولكن من أجل مساندة الأمريكان في استهداف داعش (بفرعه السوري) نكاية بالحملة القوية والجادة التي بدأت روسيا بها للقضاء على تنظيم داعش الذي كان قد سيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية فقط لا غير, ونجح الدب الروسي في تقليم مخالب داعش خلال أقل من شهر من بداية الطلعات الروسية الموجهة ضد مواقع هذا التنظيم في مختلف المدن السورية وكشف التدخل الروسي العديد من الأسرار والخفايا المتعلقة بالممولين أو الداعمين لداعش, ولعل إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية فوق الأجواء السورية المحاذية للحدود التركية أكبر دليل على وجود داعمين (دوليين) و(إقليميين) كان السبب وراء التوغل والتمدد الرهيب للتنظيم الإرهابي على أجزاء شاسعة من الأراضي العراقية والسورية.

آخر السطور..
حتى ألمانيا لم تتأخر عن الالتحاق بالركب فأعلنت بداية الأسبوع الجاري أن سلاح الجو الألماني سينخرط بدوره في مسلسل الذاهبين إلى الشام لإلقاء ما تيسر من صواريخهم وقنابلهم الذكية منها وغير الذكية حتى النجاح في استئصال كامل البؤر الداعشية المنتشرة على الأراضي السورية.

خلاصة القول : لن يكون مجدياً انضمام المزيد من الدول إلى جوقة المنخرطين في فيلم محاربة داعش من الجو للقضاء عليه في سوريا وحتى في العراق, ذلك أن إنهاء وجود أو خطر داعش في البلدين المتجاورين لن يتحقق ما لم يتم توحيد أهداف ونوايا كل الراغبين في محاربة داعش, سواءً في سوريا والعراق أو في أي بقعة في العالم, فوجود (حلفين) الأول بقيادة أمريكا ومعه (60) دولة والثاني بقيادة روسيا, لن يحقق الهدف الأساسي لكل الشعوب والدول على أرجاء المعمورة والمتمثل في إزالة كل مخاطر الإرهاب والإرهابيين وفي المقدمة القضاء على داعش والقاعدة ومتفرعاتها : بوكومرام في نيجيريا والشباب المؤمن بالصومال وباقي الفروع الأخرى متعددة الأسماء ومتوحدة الأهداف… إلخ.

أما استمرار المسلسل (الجاري عرضه حالياً) والذي بات سخيفاً إلى درجة الملل, حيث إصرار أمريكا على المضي في تنفيذ أجندة تحالفها في العراق وسوريا, في حين يواصل الدب الروسي تنفيذ تدخله ضد داعش في سوريا وكل طرف منهما له أهدافه الخاصة, فلن يكتب لكلاهما النجاح في تحقيق رغباتهم ولن ينتهي الوباء الإرهابي طال الزمان أو قصر في ظل تعدد الأهداف وتنوع الغايات عند كل هؤلاء المحتشدين بقذائفهم وطائراتهم, وكلٌّ يدّعي أنه جاء للقضاء على داعش, فقط المطلوب تشكيل حلف أو تحالف واحد موحد الأهداف والنوايا لإزالة الخطر الإرهابي.