اليمن يخنُـقُ المجرمَ نتنياهو وترامب يعلنُ الفشل [الحقيقة لا غير]
يمانيون../
العملياتُ اليمنية الداعمةُ لغزة والتي تضرِبُ عُمقَ كيان العدوّ الإسرائيلي مُستمرّة بلا انقطاع؛ إذ لا يمر يوم أَو أسبوع دون تنفيذ عدة عمليات، غير أن بعضَ هذه العمليات تحقّق تأثيرًا كَبيرًا ورادعًا يشكّل صدمةً قوية للأعداء.
من أبرز هذه العمليات التي كان لها تأثير، المُسيَّرة “يافا” التي تمكّنت بنجاح من اختراق أنظمة الدفاع الجوية التابعة للعدو الإسرائيلي، ووصلت إلى قلب كيان العدوّ في منطقة يافا المحتلّة “تل أبيب”، وانفجرت على بُعد أمتار قليلة عن السفارة الأمريكية في 19 يوليو 2024م.
هذه العملية، التي كانت الأولى في قلب عاصمة كيان العدوّ، وبما حملته من أصداء وتأثيرات على الصعيد الدولي، تُشبه العملية قبل الأخيرة التي استهدفت مطار اللُّد المسمى إسرائيليًّا “بن غوريون” يوم الأحد، 4 مايو 2025م، حَيثُ تمكّن الصاروخ من تخطِّي أنظمة الدفاع الأمريكية والإسرائيلية، ووصل إلى هدفه بدقة، وأَدَّى إلى تشكيل حفرة بعُمقِ 25 مترًا في محيط المطار.
عملية مطار اللُّد قبل الأخيرة، التي تميزت بوجود توثيق للحظة وصول الصاروخ في المطار من مختلف الزوايا، ونفس الأمر جرى في عملية الطائرة المسيَّرة “يافا” قبل حوالي تسعة أشهر، عندما انتشرت مقاطع توثِّقُ لحظةَ وصول الطائرة إلى عاصمة العدوّ، وسطَ ذهول وعجز أمني وعسكري واستخباري إسرائيلي عن اكتشافِ الطائرة قبل وصولها وانفجارها في هدفها المحدّد.
العمليتان السابقتان تُعَدّان ذروةً وعلامةً فارقةً في مسارٍ كاملٍ ومتواصل من عمليات الإسناد اليمنية لغزة؛ فالفارقُ الزمني بين العمليتين قرابةَ تسعة أشهر؛ إذ إن عمليةَ “يافا” تمَّت في ظل عدوان أمريكي على اليمن في تلك الفترة، تحت شعار ما سُمّي بتحالف “حارس الازدهار” الذي أَسَّسته أمريكا نهاية العام 2023م؛ بغرض مساندة العدوّ الإسرائيلي والتصدي لعمليات الإسناد اليمنية لغزة.
كان الرئيس الأمريكي السابق بايدن، أَيَّـام ما يُسَمَّى بـ “حارس الازدهار”، في السلطة، حَيثُ كان يُجبَرُ العدوّ الإسرائيلي على تنفيذ غارات عدوانية مباشرة على اليمن نتيجةً لعجزِ وفشلِ قواته في تلك المرحلة؛ للحفاظ على هيبة الولايات المتحدة، وما تسمى (إسرائيل)، التي كانت ترتكب جرائمَ ومجازر وحشية في غزة ولبنان وسوريا، وتسعى لتقديم نفسها على أنها منتصرة وقوية لا تُقهَر.
لكن العمليات اليمنية التي تنفذها القوات المسلحة، أَدَّت إلى انهيار الصورة التي حاول العدوّ الإسرائيلي بناءَها حول قوة الردع والهيمنة، وسقوط مفاعيل بطشه وانتصاراته التي حقّقها عبر جرائمه ضد الشعوب العربية في فلسطين ولبنان وسوريا.
هذه قراءاتُ وتحليلاتُ بعض الخبراء بعد تنفيذ عملية يافا قبل تسعة أشهر، ومنذ ذلك الحين وقبلها وبعدها، يستمر اليمن في تنفيذ عملياته العسكرية المتنوعة ضد العدوّ الإسرائيلي، وعلى الرغم من الغطرسة الإسرائيلية والجرائم التي يرتكبها كيان العدوّ، والاستخدام المفرط للقوة في التدمير واستهداف كُـلّ شيء حي أَو غير حي في غزة والضفة الغربية، يبقى الكيان أمام اليمن عاجزًا، ضعيفًا، ومتقهقرًا وفاشلًا.
ويوجه اليمن ضربات قوية جِـدًّا للعدو في المواقع الحساسة التي تحظى بتأثير حاسم على مستقبل هذا الكيان وهيبته وقدرته على الردع والرد.
وبين فترةٍ وأُخرى تعلن القوات المسلحة اليمنية عن سلاح جديدٍ أقوى وأكثر تطورًا وقدرةً على تجاوز تقنيات العدوَّين الأمريكي والإسرائيلي، العسكرية والعِلمية، وفي مجالات الرصد وأحدث منظومات الدفاع الجوي.
وأمام العمليات التي يتم تنفيذها على مرأى ومسمع العالم، ويتم تصويرها وتوثيقها، ويتحدث عن تأثيرها وتقدمها وتفوقها الخبراء والمحللون والمختصون في المجال العسكري، يجب أن ندرك حقيقة التفوق العسكري الذي وصل إليه المجاهدون الأبطال في القوات المسلحة اليمنية، على مستوى التصنيع والإنجاز والاستعداد لتأديب الأعداء والاقتصاص من المعتدين ومواصلة إسناد أبناء غزة المستضعَفين.
اللواء الطيار هشام الحلبي، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في القاهرة، تحدث في قناة سعوديّة حول تقنية الصاروخ اليمني الذي أصاب مطار اللُّد.
وأوضح أن هذه التقنية تجعل العدوّ الإسرائيلي غير قادر على التعامل مع الصاروخ، أولًا: بسَببِ مساره غير المتوقع الذي يتغير بشكل سريع ويتَّبِعُ اتّجاهات متعددة؛ مما يتطلب توافر منظومات دفاعية أكثر تقدمًا من تلك التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي حَـاليًّا.
ثانيًا: شدّد على أن مدى الصاروخ يتجاوز 2000 كيلومتر، وهي مسافة تحتاج إلى أنظمة إنذار مبكر، وهذا غير متوفّر لدى العدوّ الإسرائيلي.
وأشَارَ أَيْـضًا إلى أن الولايات المتحدة تمتلك قدرات لرصد وتصدي هذه الصواريخ، لكن الواقع أثبت فشل منظومة “ثاد” الأمريكية، التي تُعتبر الأحدث والأكثر تطورًا في هذا المجال، في إيقاف التقنية الصاروخية اليمنية، وذلك بفضل الله.
هناك معادلات جديدة مذهلة يفرضها اليمن ضد كيان العدوّ الصهيوني، من خلال العمليات العسكرية التي تحمل دلالات وأبعادًا تؤكّـد أن العالم العربي والإسلامي قبل انخراط اليمن في معركة “الجهاد المقدس والفتح الموعود”، غير ما هو عليه الأُمَّــة حَـاليًّا؛ لأَنَّ اليمن أصبح يمثل موقف الشعوب العربية والإسلامية بشكل عام.
ولهذا فَــإنَّ النموذج الذي يقدّمه اليمن في كافة المجالات – الشعب والقيادة والقوات المسلحة – بقدر ما هي العمليات العسكرية ضد العدوّ الأمريكي والإسرائيلي، يجب أن يكون استنهاضًا للأُمَّـة، وإعادة بعث الروح والحياة في جسدها حتى تنهضَ وتتعافى وتغادرَ حالة المذلة والتيه والضياع.
لو عُــدنا إلى عملياتِ الإسناد اليمنية المُستمرّة منذ أُكتوبر 2023م؛ أي بعد عملية “طوفان الأقصى” بحوالي أسبوعَينِ فقط، فَــإنَّ الثباتَ والاستمراريةَ بوتيرة متصاعدة، وفي ظل تطوير مُستمرّ في نوع وفاعلية وقدرة ومدى الصواريخ والطائرات المسيّرة، تُشكّل مسارًا نوعيًّا وتصاعديًّا.
وعندما نتأمل في هذا المسار وأبعاده، ندركُ أن هناكَ تغييرًا كَبيرًا، ونخرج بنتيجة أن اليمن قد لقّن العدوّ الإسرائيلي هزيمة كبيرة واستراتيجية غير مسبوقة في تاريخ الأُمَّــة العربية والإسلامية وتاريخ الكيان نفسه.
والآن، وفي ذروة المواجهة والعدوان الإسرائيلي على غزة، بدأ اليمن في توجيه الضربات الأقوى والأكثر تأثيرًا ضد العدوّ، بالإضافة إلى الاستدارة الأمريكية التي شكّلت ضربةً أُخرى ضد العدوّ، الذي كانت استراتيجيته أن يتفرغَ لغزة وللشعب الفلسطيني، وأمريكا تقوم بالمواجهة مع اليمن، لكن بعد أن استدار المجرم ترامب مثلَ الحاملة “تورمان”، نحن أمام حدثَين مهمَّين: أولًا: إعلان أمريكا عن فشلها الرسمي أمام اليمن وبشكل لم يكن أحد يتصوره، وثانيًا: انحشار العدوّ الإسرائيلي في زاوية ضيِّقة.
العدوّ الإسرائيلي في وضعٍ صعبٍ قبل انسحابِ أمريكا واعترافها بالفشل أمام اليمن، أمَّا بعد الاتّفاق فالانزعَـاجُ والقلق الإسرائيلي واضحٌ جِـدًّا، لا قدرة للمجرم نتنياهو على الاستمرار في جرائم الإبادة في غزة، فشل المجرم وتخبُّطُه يؤدي إلى تكثيفِ الضغوط السياسية الداخلية عليه؛ لأَنَّ هناك صراعًا سياسيًّا داخل المجتمع الصهيوني حادًّا ومتفاقمًا على واقع الأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي تضرب عمق الكيان، وهذا نتيجة موقف اليمني والحصار البحري على العدوّ الإسرائيلي، وحَـاليًّا يدخُلُ على الخط الحصار الجوي؛ مما يفاقمُ الفشلَ لحكومة العدوّ في تأمين الجبهة الداخلية وتوفير عوامل الاستقرار المعيشي والأمني.
الموقف اليمني المتكامل عسكريًّا وسياسيًّا وإعلاميًّا وشعبيًّا نجح -بفضل الله- في ضرب البيئة المستقرة للجبهة الداخلية الإسرائيلية، لدرجة أن اليمن يكاد ينجح في خنق العدوّ ومحاصرته وإجباره على توقيف الحرب والعدوان، وهذا نتيجة تأثير الموقف اليمني: حصار بحري وضربات صاروخية جوية في العمق تُسقِطُ التفوُّقَ الإسرائيلي عسكريًّا وأمنيًّا، وحصار جوي وعزوف الكثير من شركات الملاحة الجوية عن الذهاب إلى مطار اللُّد المحتلّ.
على كُـلّ حال، بدأ تأثير ونتائج العمليات العسكرية اليمنية الأخيرة في قلب كيان العدوّ، وما آلت إليه وتؤول إليه نتائجُ الموقف اليمني من نصر كبير جِـدًّا يلوحُ في أفق المواجهة المفتوحة مع العدوّ الإسرائيلي، سواء في غزة أَو على صعيد المواجهة المفتوحة في عددٍ من الدول العربية.
لكن حدث الأسبوع الماضي، والذي لا يزال يسيطرُ على الأجواء الإعلامية والسياسية، وهو الهزيمة والفشل الأمريكي أمام اليمن، يؤكّـد الفشل الأمريكي الذي أعلنت عنه القيادة في صنعاء منذ بداية العدوان الأمريكي على اليمن؛ إسنادًا للعدو الإسرائيلي، حَيثُ شكَّلت أمريكا تحالفَ ما يسمى بـ “حارس الازدهار”؛ بغرض العدوان على اليمن ووقف عملياته المساندة لغزة.
وبعد مرورِ قرابة عام على تشكيل ذلك التحالف، تم الاعتراف الواضح بفشله وفشل أمريكا، وعلى الرغم من أنَّ تحالفَ “حارس الازدهار” وُلد ميتًا بالأَسَاس من يومه الأول، وجاء بعده المجرم ترامب الذي كان يصفُ بايدن بالفاشل والضعيف، وبدأ يوزِّعُ تصريحات التهديد والوعيد والويل والثبور تجاه اليمن وشعبه وقيادته، كانت النتيجة الفشلَ نفسه.
هذا ترامب الفاجر الذي راهن عليه أُولئك المرتزِقة واعتقدوا أنه من يصنع الأقدار، وعلى يديه تجري المتغيرات، ولم يمضِ سوى أقلَّ من شهرين وَإذَا بأمريكا -وعلى لسان ذلك المجرم- تعلن الفشل والتراجع، بل ترامب نفسه يبرّر فشلَه ويعترفُ بشجاعة وصلابة وقوة من يصفهم بالحوثيين.
الحقيقة التي كانت واضحةً من أولى الغارات العدوانية الأمريكية على اليمن هي الفشلُ الأمريكي، حَيثُ جاءت إنجازاتُ أمريكا بارتكاب مجازرَ بحق المدنيين وبحق الأبرياء، وَمقابل ذلك كانت البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية تتلقى ضرباتٍ قوية، وهذا باعتراف المجرم ترامب، واعتراف أمريكا بسقوطِ طائرتين من نوع إف-18؛ بسَببِ ما سمُّوها الإرباكَ نتيجةَ الضربات اليمنية.
وأخيرًا فَــإنَّ الشعبَ اليمنيَّ العظيمَ -بقيادتِه الحكيمة وبحضوره وبوعيه وشجاعته- يقطفُ اليومَ ثمرةَ النصر التاريخي الذي ليس له مثيلٌ على مستوى العالم.
عباس القاعدي | المسيرة