في مولد خير الورى والأمة تضل الطريق
أمة الجبار الجرموزي
في الوقت الذي تهل علينا ذكرى عطرة ومباركة، نذوب في نفحات ذلك الحب الأزلي والنور الأبدي. نشعر بتلك النفحات، نتلمس روحانيتها فينا. يهب علينا مولد النور، مولد خير البشر وأسمى من ذُكر. مولد سيد الكونين وخاتم النبيين محمد صلوات الله عليه وآله.
تتنصل الأمة عن مسؤوليتها وواجبها الديني والإنساني أمام الله وأمام رسوله، تتخلى عن مبادئها وفطرتها الإنسانية بغية استجداء إرضاء عرابدة الغرب، سافكين دماء الأبرياء، في جريمة إنسانية بشعة تُعدّ خيانة كبرى للإسلام والإنسانية. في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة أن تكون أقرب من نبيها محمد، معززة لمحمد، معظمة له، مطبقة لنهج محمد، تخطوه خطاه، تسير بسيرته. نرى الٲمة تسير في الطريق المعاكس الذي لا يمت للإسلام بصلة، بل هو انحراف خطير عن المبادئ والقيم الإسلامية.
هناك في غزة تستمر عملية التطهير العرقي لأهالي القطاع في حرب إبادة لم يشهد الغزاويون من قبلها مثيل، مجاعة تهدد أرواح الكبار والصغار، وتشريد وتدمير لا مثيل له. لم يكتف اليهود من قتلهم بالأسحلة المحرمة ومن إلقاء الآلاف القنابل والصواريخ على منطقة لا تتجاوز مساحتها(365) كيلو مترًا ، بل أصبحوا الآن يستخدمون سلاحاً آخر، سلاح التجويع والقتل أثناء التجمعات لإلقاء المساعدات، في جريمة حرب واضحة لا تغتفر.
لا عجب من تصرف اليهود، فهم العدو الذي قال الله أن نحذره (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ). العجب العُجاب في الأمة التي غضت الطرف عن كل تلك الأحداث والمأساة الجارية، والتي تتسم بالتواطؤ والتخاذل. ما الذي حل بأمة محمد لتصبح بذلك الذل والهوان أمام أعدائها؟ ما الذي أوصل الأمة لذلك الحال المزري من التنصل واللامبالاة تجاه كل ما حصل ويحصل في القطاع المحاصر؟
لماذا أصبحت بذلك الجبن والخوف أمام العدو، وقد قال الله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ). لماذا نرى الآية في هذا الموضع تحولت تماماً عما أراده الله أن تكون عليه؟ بل وأصبح شغلها الشاغل السعي الحثيث في إرضاء اليهود والنصارى والتودد لهم، بل ودعمهم بمبالغ هائلة، وأصبح لهم دور فعال في محاصرة القطاع من جميع الجهات. باعت قضيتها وباعت دينها وباعت مبادئها وأخلاقها وفطرتها لإرضاء اليهود. وقد قال الله (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). ولا شك أنهم قد أصبحوا كذلك، فأفعالهم من تدل على ذلك.
لا غرابة في ذلك، فالسبب كل السبب ابتعادهم عن تعاليم الله وعن النهج الذي رسم الله لهم السير عليه من خلال خاتم الرسل. ومن ضل عن ذلك النهج بغية النجاة، فحتماً سيعيش الخزي والذل والهوان في الدنيا والآخرة.