ثورة الشعب والقائد العظيم

وفاء الكبسي
تتزاحم الحروف والكلمات حين أحاول الكتابة عن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، وتعجز التعابير عن وصف عظمتها وعظمة قائدها. إنها ثورة عظيمة ومحطة تاريخية فاصلة لشعبٍ لا يزال يسطر انتصاراتها حتى اليوم.
ثورة الإصلاح الشامل العالمي التي استمدت عالميتها وشموليتها من عالمية القرآن الكريم وقيمه ومبادئه. ومع أن مركز انبثاقها من اليمن، إلا أن مداها تجاوز الحدود ليصل إلى أرجاء المعمورة، وهي مستمرة وأزلية كأزلية الظلم والفساد، وكأزلية السعي نحو تحقيق الإصلاح. جاءت هذه الثورة كضرورة حتمية لإرساء دعائم العدل والحرية، وإن بلغت التضحيات ذروتها.
لقد استطاعت هذه الثورة التحررية أن تنعش الآمال، وتنقل اليمن إلى مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح السياسي والوطني الشامل. فالرسالة التي تحملها هذه الثورة المجيدة والمشروع الذي تنهض به، ليس موجهًا لمرحلة محددة أو لأشخاص بعينهم، بل هو مشروع للإنسانية جمعاء. إنها لا تقتصر على جانب سياسي أو عسكري أو اجتماعي، بل هي مشروع إصلاح إلهي للإنسان من كل الجوانب، وفق القيم والمعايير التي أرادها الله للإنسان وجعلته مؤهلًا لخلافته في الأرض.
ومن أجل ذلك قامت هذه الثورة العظيمة لتقضي على النفوذ الذي كان يحتكر الثروة وكل مقدرات البلد، فأوقفت مشاريع الفساد، وأنهت الاستئثار بالسلطة والتوريث، ونفضت عن الوطن غبار الوصاية والهيمنة والتبعية الخارجية، وأعلنت سيادة الشعب اليمني وميلاد يمن جديد.
لقد اختزلت هذه الثورة في مبادئها وقيمها وأسسها بناء الإنسان اليمني، وغرست فيه العزة والكرامة والشموخ والحرية والصمود، فاستطاع اليوم مواجهة العدوان البربري الغاشم بكل جحافله وجيوشه وأسلحته المدمرة، حتى أصبح الإنسان اليمني معجزة وأسطورة أذهلت العالم بأسره. وكذلك المرأة اليمنية العظيمة التي كان دورها في الثورة أسطوريًا، سيكتبه التاريخ للأجيال القادمة. فقد دعمت أخاها الرجل، وشاركت في المسيرات، وضمدت الجراح في المستشفيات، وأعدت الطعام للمرابطين في مختلف الساحات. وما زال دورها البطولي وصبرها الجبار ممتدًا حتى اليوم في مواجهة العدوان والحصار، لتصبح بحق قدوةً ومثالًا لكل نساء العالم.
وكما كان لهذه الثورة القرآنية العظيمة رجال ونساء ثوريون عظماء، كان لا بد لها من قائد عظيم محنك، فالثورات بلا قيادة مصيرها الفوضى والانهيار. والمتتبع لمسيرتها سيدرك عظمة قائدها: سليل بيت النبوة، وعَلَم من أعلام الهدى، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله – القائد الرباني والإنساني الذي حمل مزايا وصفات قلّ أن تجتمع في قائد أو ثائر في هذا الزمن.
لقد كان رائدًا ومعلمًا في مسيرة الخير والتحرر والاستقلال والتنمية، وداعيًا للعدالة وحقوق الإنسان، وحاملًا لكل معاني الشرف والبطولة. هو القائد الذي جدد للأمة مسيرة جده الإمام علي كرم الله وجهه، وقاد هذه الثورة العظيمة لتكون لكل الأجيال ولكل الأزمنة، بل للإنسانية جمعاء. وليس ذلك بغريب، فهو الامتداد الأصيل للنهج المحمدي الأصيل، وقائد ثورة الحق على الباطل، وثورة المعروف على المنكر؛ ثورة إلهية صافية تقود الأمة إلى النور والكرامة.
إن هذه الثورة لا تخص بقعة جغرافية معينة ولا فئة محدودة من الناس، بل تخص الإنسان كل الإنسان. وقد اكتملت أهم أركانها وأسسها بوجود هذا القائد العظيم؛ فلا يمكن أن تقوم ثورة أو تنهض أمة بلا قيادة حكيمة.
لقد رأينا كيف اشتعلت البلاد العربية بما سُمّي “الربيع العربي”، لكن ثوراتها وئدت سريعًا وتحولت إلى فوضى، لأنها افتقدت القيادة التي يلتف حولها الناس. أما اليمن فقد شهد ثورة عظيمة بأهدافها وإنجازاتها بقيادة ربانية حكيمة، فكانت استثناءً مشهودًا له عالميًا.
حتى غدت ثورة الـ21 من سبتمبر “أمّ الثورات”، ورائدة الثورات، وخيمة الإنسانية التي أنعشت الآمال والأحلام بحياة أفضل، وأفق أرحب، وكرامة مصونة، لكل الأمة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com