ثورة الكرامة: بصمة يمنية تنحت حاضر الأمة ومستقبلها
علي أحمد السدعة
في فضاء التاريخ حيث تختزن أمجاد الأمم وتصنع إراداتها انبثقت من أعماق اليمن السعيد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، لتضيء شمعة جديدة في ظلام حالك وتعيد للأمة رونقها وللشعب كرامته وللقرار سيادته. لم تكن مجرد تحول سياسي عابر بل كانت نهضة شاملة أعادت تشكيل الوعي وبلورة الهوية وصناعة المصير.
لقد استعاد اليمن بفضل هذه الثورة المجيدة روحه الأصيلة فعادت إليه هويته الإيمانية المتجذرة في أعماق التاريخ وقيمه القبلية الأصيلة التي تشد من أزره وتراثه الحضاري العريق الذي يروي حكاية أمة كانت ولا تزال حاملة لراية العلم والإيمان. لقد تحرر من ربقة الاستعمار والوصاية وأمسك بمقود قراره بيد من حديد ليعلن للعالم أن اليمن لأهله وإرادته ليست سلعة في سوق النخاسة الدولية.
كانت الثورة محنة لأعداء الأمة ونقمة على مراكز النفوذ التي تقاسمت السلطة والثروة لعقود فجعلت من الشعب غريمًا ومن الوطن غنيمة. فجاءت ثورة سبتمبر لتعيد الحق لأهله، وتقضي على تلك الجزر المنعزلة التي حكمت بمزاجها لتبني دولة للمواطن كله لا لفئة مستبدة.
وفي خضم هذه العاصفة المباركة، بسط الأمن والأمان في ربوع البلاد بعد أن كانت معقلاً للإرهاب والفتن. فكانت الثورة السيف البتار الذي قطع دابر الإرهاب وأزال بؤره التي كانت تهدد أمن اليمن والإقليم ليعود المواطن آمنًا على نفسه وأهله مطمئنًا على مستقبله.
ولم تكن هذه الثورة محلية النظرة ضيقةَ الأفق بل نظرت بعين الأمة فرفعت اسم اليمن عاليًا في المحافل الإقليمية والدولية ووهبته مكانة تاريخية لم يكن ليتحقق لها لولا موقفها الثابت تجاه قضايا الأمة المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فأصبح اليمن نموذجًا يحتذى في العزة والكرامة ينطق بلسان حال الأمة ويدافع عن مقدساتها.
وهذه الإنجازات العظيمة ما كانت لترى النور لولا الجيش الوطني الباسل الذي أعيد بناؤه على أسس وطنية خالصة ليكون درع الأمة وحامي حماها وقاطع طريق أي وصاية خارجية.
إن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ليست مجرد ذكرى تحكى بل هي دلالة على سيادة القرار وعلامة على عظمة الموقف اليماني ورغم التحديات التي ما زالت قائمة فإن هذه الثورة أثبتت أن إرادة الشعب أقوى من كل المؤامرات وأن مستقبل اليمن سيبقى مشرقا بعزيمة أبنائه وثبات قيادته وصدق إيمانه.
فهنيئًا لليمن ثورته.. وهنيئًا لأمتها بهذا الصرح الشامخ الذي سيظل منارة للحرية وشاهدًا على أن الكرامة لا توهب بل تنتزع انتزاعا.