اليمن في مرمى الاستهداف الصهيوأمريكي .. محاولة فاشلة لكسر النصير الأقوى لغزة
في خضم العدوان المستمر على غزة، يواصل العدو الصهيوني، بتنسيق مباشر مع واشنطن ودول غربية تحركاته لتفكيك جبهات الدعم حول فلسطين، ولأن اليمن تحوّل إلى أحد أبرز ميادين التأثير الاستراتيجي والميداني في معادلة الصراع، فقد تصدّرت جبهته أولويات الاستهداف الصهيوأمريكي، ليس فقط عبر الغارات الجوية، بل أيضًا عبر محاولات إشعال الساحة الداخلية مجددًا، وتحديدًا من بوابة الجنوب اليمني.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
في حين تتكثف الغارات على صنعاء والحديدة، كشفت تقارير ميدانية واستخباراتية متطابقة عن تحركات إسرائيلية غير مسبوقة في بعض المحافظات الجنوبية، شملت زيارات لضباط أمن صهاينة بغطاء “تنسيق أمني” مع قيادات موالية للتحالف السعودي الإماراتي.
فلماذا اليمن؟ وما دلالات هذا الاستهداف في هذا التوقيت؟ وماذا قال السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله حول هذه التطورات؟
اليمن .. جبهة أربكت الحسابات الصهيوأمريكية
منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى”، برز اليمن كلاعب رئيسي في دعم الشعب الفلسطيني، ليس فقط بالمواقف، بل بالفعل العسكري النوعي، وخاصة عبر العمليات البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، هذه العمليات استهدفت السفن التابعة أو الداعمة للكيان الصهيوني، واستهداف العمق بصواريخ وطائرات مسيرة وإصابة أهداف حساسة، في رسالة واضحة بأن اليمن لا يمكن فصله عن ساحة المواجهة.
الولايات المتحدة، ومعها الكيان الصهيوني، رأت في هذا الدور تهديدًا خطيرًا لمصالحها الاستراتيجية، فسارعت إلى تشكيل تحالف عسكري بحري في البحر الأحمر، وفشلت، ومن ثم عملت على تحريك أدواتها في المنطقة ممثلة بالأنظمة المطبعة ومرتزقة الداخل، لمحاولة فاشلة أيضاً تستهدف الداخل، فيما لا يزال العدو الصهيوني يوجه الضربات الجوية على الأعيان المدنية واستهداف المواطنين.
أبعاد هذا الاستهداف .. ماذا يريد العدو؟
الاستهداف الصهيوأمريكي لليمن ليس معزولًا عن سياق الحرب على غزة، بل يأتي في سياق خطة ممنهجة لتفكيك دور اليمن المقاوم والمناوئ للجرائم التي ترتكب بحق أبناء غزة، وعزل فلسطين عن عمقها الشعبي والسياسي والعسكري، خصوصًا بعدما ثبت أن الدعم اليمني أربك الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني، وفتح جبهة ضغط دولية عليه
ومن وجهة نظر العدو ، فإن وجود قوة مقاومة نشطة في اليمن تعني تهديدًا مباشرًا للخطوط البحرية التي تربط الكيان بالعالم، باب المندب لم يعد ممرًا آمنًا في ظل التهديدات التي تتعرض لها سفنها، ولذلك، فإن كسر هذه الجبهة يعتبر هدفًا استراتيجيًا لا يقل أهمية عن إخضاع غزة.
ومن خلال التصعيد العسكري، يسعى العدو الصهيوأمريكي، إلى جرّ اليمن إلى معركة دفاعية داخلية، تستهلك قدراته وتُشغله عن القيام بدوره الميداني والسياسي في دعم القضية الفلسطينية، لكن حتى الآن، لم تنجح هذه الخطة، بل أتت بنتائج عكسية.
مخطط جر المرتزقة لخوض حرب بالوكالة
في تطور خطير، تم الكشف عن زيارات قام بها ضباط صهاينة إلى بعض المحافظات الجنوبية تحت غطاء “خبراء أمنيّين”، بالتنسيق مع قوى انفصالية وميليشيات تابعة للتحالف السعودي الإماراتي، أنظمة عربية مطبّعة أبرزها السعودية والإمارات والبحرين تعمل كقنوات تنسيق بين العدو الصهيوني وبعض القيادات المحلية في الجنوب اليمني، وفي الساحل الغربي، الغرض من ذلك إعادة تفجير الوضع الداخلي، وتأجيج صراعات مناطقية تضعف القوات المسلحة اليمنية وتشتت جهودها في دعم غزة.
كذلك تحركات التمويل والتسليح والتدريب لعناصر في عدن وشبوة وحضرموت تشهد تصاعدًا، وسط تقارير تؤكد إدخال معدات مراقبة وتجسس صهيونية إلى بعض القواعد العسكرية الإماراتية في الجنوب، وهو ما يتقاطع مع تقارير دولية عن نشاط استخباري إسرائيلي في سقطرى والمهرة.
وفي سياق آخر عمد العدو إلى تأجيج إعلامي موازٍ، وموجة جديدة من الخطاب الإعلامي التحريضي ضد اليمن وقواتها المسلحة عبر منصات ممولة خليجيًا، في محاولة لإعادة إنتاج مشهد الفوضى والانقسام، متزامنًا مع التصعيد العسكري الأمريكي على الجبهة الغربية.
السيد القائد .. ووضوح الرؤية
في خطابه الأخير، شدد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله على أن معركة اليمن مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة هي معركة وجودية، وأن كل ما يُحاك في الجنوب ما هو إلا محاولة خائبة لاستنزاف الجبهة اليمنية وكسر تأثيرها في معادلة الردع، وأكد السيد القائد أن اليمن لن يقف متفرجًا على محاولات إشعال الداخل، وأن أي تحركات تخريبية في الجنوب أو غيره ستُواجه بالحزم، مشيرًا إلى أن العدو يحاول إشغال اليمن من الداخل بعدما فشل في إخضاعه من الخارج.
وفي تأكيد على المبدأ الثابت، شدد السيد القائد أن اليمن سيواصل تحركه العملي لنصرة الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الضربات لن تتوقف إلا بتوقف العدوان على غزة.
الدلالات الاستراتيجية لهذا الاستهداف
المخطط ليس عسكريًا فقط، بل استخباري سياسي شامل، هدفه شلّ إرادة اليمن وكسر دوره التحرري، ودور الأنظمة العربية المطبّعة بات مكشوفًا، وتورّطها في دعم العدو ضد شعوب الأمة تجاوز التطبيع إلى المشاركة في تمزيق الدول الرافضة للهيمنة، وأن اليمن أثبت وعيًا عاليًا، وسرعة كشف هذا المخطط تعكس يقظة القوى الوطنية ووعيها بمخاطر المرحلة.
والنتيجة فشل الرهان على إسكات اليمن، فالضربات المتكررة لم تضعف موقف اليمن، بل زادته صلابة، والدليل هو استمرار عمليات الردع البحري والجوي والتصعيد أكثر، وبات واضحًا للرأي العام العالمي أن الموقف الأمريكي والغربي المساند للعدو يأتي في إطار تأمين مصالحه في المنطقة، في المقابل أصبح اليمن نموذجًا في الوعي الشعبي بأن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تُترك وحدها، وأن هناك من يقف بالفعل وليس فقط بالشعارات إلى جانب غزة.
خاتمة
لم يكن استهداف اليمن صدفة، بل هو حلقة في سلسلة ممتدة من محاولات كسر إرادة الشعوب الحرة، والعدو الصهيوني، المدعوم أمريكيًا، يدرك أن معركته في غزة محكومة بالفشل طالما بقيت جبهات مثل اليمن مفتوحة وفاعلة، لذلك، يتحرك في الجنوب كما في البحر، في الداخل كما في الخارج، أملاً في إسكات هذا الصوت الحر.
لكن اليمن، قيادةً وشعبًا، قال كلمته، فلسطين ليست وحدها، والمعركة ليست مؤقتة، بل ممتدة حتى زوال الاحتلال وتحرير القدس، وأرسل السيد القائد يحفظه الله رسالة واضحة للعالم، أن اليمن حاضر في معركة التحرر، وأن فلسطين ليست وحدها، وأن أية محاولة لإخماد صوت الحق، ستُواجه بصوت أشد وأقوى.