Herelllllan
herelllllan2

لماذا لم تطبّع السعودية مع الكيان الصهيوني لحدّ الآن؟

يمانيون – متابعات
تتمتع السعودية بنفوذ استثنائي بحكم مكانتها الدينية، ومن خلال قدرتها الاقتصادية، تنفق المملكة مبالغ طائلة لشراء المؤسسات الدينية والمثقفين الدينيين، وتمويل رجال الدين والمنابر والتلفزيونات والصحف. لتعزيز نفوذ عابر للحدود، حصلت عليه من الأماكن المقدسة كجامعة للمسلمين من كل أنحاء العالم، إلا أن هذه القوة، لا بدّ أنها ستتقلّص بشكل كبير لحظة الإعلان عن التطبيع مع الكيان المؤقت، ذلك أن ثمة غالبية عربية ومسلمة، ترفض التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.

بدء أفول الهيمنة الدينية السعودية

أحرزت المملكة تقدمًا هائلًا في هيمنتها الدينية إثر المشروع الأمريكي في تقسيم المنطقة. إذ قادت نشر الفكر الوهابي في كافة الدول، من خلال بناء المساجد وتمويل المؤسسات وتصدير الوهابية على كافة المستويات اللوجستية والأمنية والعسكرية والتمويلية والثقافية وحتى الفتاوى الشرعية.

كما استطاع السعوديون الحدّ من نفوذ الأزهر من خلال تأمين المنح المجانية للطلاب المسلمين في شرق آسيا وتقديم الرعاية لهم في المؤسسات الدينية في المملكة. خاصة في الفترة التي وضع فيها السيسي يده على الأزهر، وأصبح ممولًا ذاتيًا.

تمكنت المملكة أيضًا من تحصيل نفوذ هائل في الأعوام 2003 لدى الاحتلال الأمريكي للعراق، وعام 2011 لدى الحرب السورية وعام 2015 لدى حرب العراق مع داعش، إذ تولّت تمويل وتحريض وإدارة وتسليح بالإضافة إلى الإسناد الإعلامي للحركات التكفيرية. الا أن كل هذه الجهود ذهبت سدى مع انتصار محور المقاومة وإنهاء الحرب في سوريا والعراق.

ومنذ صعود الملك سلمان وابنه محمد، ركزت السعودية على الترويج لسلسلة معينة من السلفية في المنطقة، بما فيها الأزهر، تدعى “المداخِلة”. بقيادة الزعيم السلفي السعودي الثمانيني الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي، العميد السابق لدراسة أفعال النبي محمد وأقواله في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. والتيار المدخلي هو تيار ديني يقوم أساسه المنهجي على رفض الطائفية والفرقة والتحزب والامتناع عن السياسة، ومذهبه “عدم جواز معارضة الحاكم مطلقاً، وعدم إبداء النصيحة له في العلن”.

التخلي عن المؤسسة الدينية

ثم جاءت رؤية 2030 ليتخلى بن سلمان عن المؤسسة الدينية ويضع الكثير من رموزها في السجون، وإعلان مواسم المهرجانات، وظهور الاحتفالات الغريبة عن المجتمع الإسلامي على كافة الوسائط الإعلامية، بالإضافة إلى تعديل الفتاوى المتشددة لتتناسب مع واقع الرؤية المنفتحة الجديدة، وتعديل المناهج الدراسية التي سيطر عليها الفكر الوهابي لعقود. كل ذلك أضعف المكانة الدينية لدى السعودية لتبقى الرمزية التي تشكلها مكة المكرمة والمدينة المنورة بالنسبة للمسلمين.

معاداة حماس وقيادة جهود التطبيع

ليس ثمة دعم سعودي يذكر لحركة حماس قبل أن يعلن النظام السعودي حربه على المقاومة الفلسطينية، إذ قام السعوديون بوضع حماس على لائحة الإرهاب، وسجن مجموعة من قياداتها. خلال هذه المرحلة كانت العلاقات السعودية مع الكيان بدأت بالظهور إلى العلن، إلى أن بدأ آل سعود جهودًا علنية لتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع العالم العربي ورعايتها لها.

وبهذا، لا بدّ أن النظام السعودي قد تخلى عن رغبته بقيادة العالم الإسلامي، خاصة بعد صعود المنافسة التركية والقطرية والإماراتية، إذ ثمة تقاسم في القيادة السنية لم يكن موجودًا في السابق، وحصل نتيجة فشل الحروب الطائفية في المنطقة، والتقلب الأيديولوجي للمملكة، وخسارة الحرب في اليمن.

التحوّل من القيادة الدينية إلى القيادة السياسية

الإعلام السعودي يمارس دوره بشكل جيّد للحفاظ على أكبر قدر ممكن من التقدير والمصداقية، وقد برزت جهود تحويل قيادة العالم العربي من القوة الدينية إلى النفوذ السياسي والاقتصادي، وهو المشهد الذي رأيناه في حفل الصفقات الكبرى مع الرئيس الصيني، قام بن سلمان بإجراء ثلاث قمم عربية على الأراضي السعودية وحشد أكثر من 30 زعيم وقائد عربي، في محاولة لإظهار الأهمية الإقليمية، إذ حرص المسؤولون في الرياض على تصوير وصول الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية على أنه تأييد تشي لمطالبة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقيادة الشرق الأوسط. والرواية التي يتم الترويج لها في الإنجازات الإعلامية هي أن بن سلمان فاز بالدور الرائد بوضع حد لاعتماد المنطقة الطويل على الولايات المتحدة.

شروط محمد بن سلمان للتطبيع

نشرت قناة اي 24 نيوز في بداية الشهر الجاري تقريرًا عن مسؤولين سعوديين كبار يقولون إن التطبيع مع السعودية هو مسألة وقت، لكنه سيتأخر قليلًا في الوقت الحالي. وينقل التقرير عن “وثائق رسمية”، بأن السعودية قدمت قائمة مطالب لواشنطن مقابل إحراز تقدّم في ملفّ التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. فما هي هذه المطالب؟

– تأكيد التحالف الأمريكي السعودي وتقديم الحماية العسكرية كما كان الوضع سابقًا والالتزام بمتابعة إمدادات الأسلحة كما لو كانت السعودية دولة في حلف شمال الأطلسي.

– وجود اتفاقية تسمح للسعودية باستغلال الاحتياطي من اليورانيوم الذي تملكه، لتنفيذ برنامج نووي مدني، قابل للتحول إلى نووي في حال وصلت إليه إيران.

يروّج النظام السعودي لنفسه على أنه “ليس دولة هامشية صغيرة كالإمارات والبحرين” اللتان تبحثان عن حماية إسرائيلية، وأن الثقل السياسي لكلا الدولتين أقل بكثير من الثقل السياسي للسعودية. وبالتالي فإنها قادرة على فرض شروطها وتحقيق المكاسب، فلا تطبيع بدون مقابل. والحديث عن حلّ الدولتين الذي كان سائدًا قبل هذه المرحلة المكشوفة، لم يعد مسموعًا إلا في إطار التضليل والكذب على الجماهير العربية والمسلمة.

الدور الوظيفي السعودي لم ينتهِ بعد

تلعب السعودية دورًا وظيفيًا في المنطقة منذ أيام عبد الناصر، وعلى الرغم من التوتر المستمر منذ سنوات بينها وبين الإدارة الأمريكية الديموقراطية، وكل السلوكيات الاستعراضية التي تقوم بها لإظهار الأهمية الإقليمية وتحدّيها للولايات المتحدة، إلا أنّ الضعف السعودي أمام الأمريكي يظهر واضحًا في الشروط التي طلبها بن سلمان عن حاجته إلى الحماية العسكرية من الأمريكي، وليس من المتوقع أن توافق الولايات المتحدة ولا الكيان على حصول بن سلمان على سلاح نووي.

* المصدر: موقع الخنادق اللبناني

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com