Herelllllan
herelllllan2

الهجرة النبوية.. محطة وعي وبناء في وجه الهيمنة

يمانيون | تقرير
في زمن تعصف فيه التحديات بالأمة الإسلامية، وتتجدد فيه حملات الاستكبار والغزو الثقافي والفكري، يبرز إحياء ذكرى الهجرة النبوية الشريفة كحدث يتجاوز حدود التذكّر التاريخي إلى استنهاض روحي وثقافي يعيد للأمة بوصلتها الإيمانية والتحررية.

إذ أن الهجرة لم تكن مجرد انتقال من مكة إلى المدينة، بل كانت ثورة تغيير شاملة، ونقطة تحول صنعت من المستضعفين أمة حاملة لمشروع إلهي، قاومت به طواغيت الأرض وانطلقت لبناء حضارة العدل على منهاج النبوة.

وفي هذا السياق، شهدت عدة محافظات، وعلى رأسها الحديدة وإب وريمة، فعاليات ثقافية وخطابية متعددة في ذكرى هذه المناسبة العظيمة، حملت رسائل وعي وصمود، وتأكيد على ارتباط أبناء اليمن العميق بنهج الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، واستلهام دروس الهجرة في مواجهة الطغيان الحديث، وتجديد العهد مع قيم التضحية والبناء والتحرير.

إحياء ثقافي واسع للهجرة النبوية في مديريات الحديدة
في الجامع الكبير بمدينة الزيدية بمحافظة الحديدة، نظّمت التعبئة العامة ندوة ثقافية جامعة بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية للعام 1447هـ، حضرها عدد من العلماء والقادة المحليين والشخصيات الاجتماعية، في مشهد إيماني وثقافي يجسّد عمق التفاعل الشعبي مع هذه الذكرى الخالدة.

في الندوة أكد اللواء فاضل الضياني، مسؤول التعبئة العامة وقائد المحور الشمالي، في كلمته، أن الهجرة تمثّل لحظة انقلاب استراتيجي في مسار الأمة، إذ لم تكن انتقالًا مكانيًا، بل كانت نقطة انطلاق نحو صناعة الوعي وبناء الدولة المقاومة.

وأوضح أن استحضار هذه الذكرى اليوم، في ظل تكالب الأعداء على الشعوب الإسلامية، يحمل دلالات عظيمة على الثبات والارتباط بالمشروع المحمدي التحرري.

كما أشار مدير مديرية الزيدية، حسن الأهدل، إلى رمزية الهجرة في نقل الأمة من زمن الاستضعاف إلى زمن البناء والانطلاق، مؤكدًا أن ذكرى الهجرة النبوية مسؤولية جماعية ينبغي تحويلها إلى وعي حيّ يتحرك في مواجهة المشاريع الاستعمارية التي تستهدف هوية الأمة.

أما العلامة أحمد شوعي فقد تناول سيرة الرسول الأعظم في لحظة الهجرة وما سبقها من صبر وثبات وتحدٍ للواقع، مشيرًا إلى أن تلك اللحظة لم تكن فقط خلاصًا من الاضطهاد، بل كانت انطلاقة لبناء مجتمع قائم على الإيمان والعدل، ومثالًا يُحتذى في مسار التحرر من الهيمنة الغربية المعاصرة.

الهجرة منهج تحرر لا حدث عابر
وفي مديرية السخنة بالحديدة، أقيمت ندوة ثقافية نظّمها مكتب الأوقاف وقطاع الإرشاد، بحضور علماء وخطباء وممثلي المكاتب التنفيذية، ناقشت أبعاد الهجرة النبوية كمنهج تحرر ومقاومة.

وأجمعت الكلمات على أن الهجرة ليست مجرد حدث تاريخي، بل تمثل انطلاقة لبناء الأمة على أسس من التضحية والصبر والثبات، في مواجهة قوى الضلال والاستكبار.

كما شددت على أهمية الاستلهام من دروس الهجرة في سياق الواقع الراهن، الذي يشهد محاولات متواصلة لطمس هوية الأمة وتجريدها من منظومتها القيمية.

الهجرة النبوية مصدر صمود وقيم نضالية متجددة
وفي ذات السياق، نظّم صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب، فعالية خطابية مميزة تحت شعار “كلمة الله هي العليا”، شارك فيها عدد من مسؤولي القطاعات ومدراء الإدارات والموظفين.

وفي كلمته، وصف مسؤول التعبئة العامة بالمحافظة، عبدالفتاح غلاب، الهجرة بأنها محطة تعبوية عظيمة، تُزود المؤمنين بقيم التضحية والصمود والثبات.

واستعرض جانبا من أحداث الهجرة ودور اليمنيين التاريخي في نصرة النبي الكريم والدعوة المحمدية، مؤكدا أن الشعب اليمني اليوم يواصل ذلك الإرث الإيماني في دعمه للمستضعفين في فلسطين وإيران، ومواجهته لمشاريع الهيمنة.

كما دعا إلى التمسك بالنهج النبوي وتجسيد الهوية الإيمانية قولا وفعلا، في وقت تتطلب فيه المواجهة مع قوى الاستكبار صمودًا فكريًا وعقديًا يُغذي الروح قبل السلاح.

الفعالية تخللتها قصيدة شعرية معبرة، ألقاها الشاعر عبدالقادر البنا، جسدت معاني الهجرة وروح التحدي والمقاومة.

 نحو جيل نقي الهوية وقوي الانتماء
في محافظة ريمة أيضاً، نظمت التعبئة العامة بالتعاون مع مكتب الأوقاف والإرشاد فعالية خطابية بعنوان “كلمة الله هي العليا”، استحضرت من خلالها معاني الهجرة النبوية ودورها في إحياء القيم وتحصين الأجيال من الحرب الناعمة.

وفي كلمته، أشار مسؤول التعبئة بالمحافظة، محمد النهاري، إلى الهجرة كنقطة انبعاث جديدة للحق في وجه الطغيان، مؤكدًا أنها تمثل زادًا روحيًا وثقافيًا في مقارعة مشاريع الإفساد والاستعمار.

بدوره، دعا مدير مكتب الأوقاف فتح الدين النهاري ومسؤول قطاع الإرشاد رضوان الحديدي إلى تعزيز الهوية الإيمانية وترسيخ حب النبي الأكرم في وجدان الأجيال، باعتبارها حصانة حقيقية من كل أشكال الاختراق الثقافي والاستلاب.

مشروع ثقافي وروحي متكامل
تُجسد هذه الفعاليات في محافظات الحديدة وإب وريمة ملامح مشروع ثقافي وروحي متكامل، يعيد للذكرى معناها الأصيل كمحطة تحرر واستنهاض، ويحوّل المناسبة إلى منصة وعي جماهيري، تتفاعل مع التحديات السياسية والثقافية التي تواجه الأمة الإسلامية.

إن ربط اليمنيين اليوم بين الهجرة النبوية ومواقفهم العملية في مواجهة الهيمنة، يعكس عمق ارتباطهم بالمنهج المحمدي الأصيل، ويؤكد أن الهجرة ليست فقط من الماضي، بل من الحاضر أيضًا، وتؤسس لمستقبل تتحقق فيه كلمة الله، ويُرفع فيه لواء الكرامة في مواجهة قوى الاستكبار والعدوان.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com