الخطاب القرآني في مواجهة الاستباحة الصهيونية .. دروس من خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله

في زمنٍ يتكالب فيه الأعداء على أمتنا، ويُغلف العدوان بأغلفة “السلام” و”الاتفاقيات”، تتكشف الحقيقة الناصعة كما هي، لا حياد في معركة الهوية، ولا مجال للمراهنة على العدو،  أمام مشهد دموي يُترجم العقيدة الصهيونية بوضوح لا لبس فيه، تبرز الحاجة لقراءة واعية تستند إلى الرؤية القرآنية التي بيَّنها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله في خطاب مثّل خارطة طريق للموقف والرؤية والوعي.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

العقيدة الصهيونية .. منطق الاستعلاء والاستعباد

لم يعد خافيًا أن العقيدة الصهيونية تقوم على رؤية عنصرية استعلائية، ترى الآخر حتى الحليف أو العميل  مجرد وسيلة تُستخدم ثم تُلقى، أحد جنرالاتهم لم يتردد في القول: “العرب الذين يعملون لصالحنا ليسوا إلا حيوانات نركبها للوصول، وهنا نُذكّر بكلام السيد القائد حفظه الله: ((يسعى العدو الإسرائيلي والأمريكي، يسعى صهاينة اليهود ومن معهم من الصهاينة في كل أقطار الأرض، إلى استعباد هذه الأُمَّة، واللهِ يسعون إلى استعباد هذه الأُمَّة من دون الله…)).

فهي ليست مجرد شطحات خطابية من العدو، بل تجليات واقعية لعقيدة استكبارية لا ترى فينا إلا أدوات طيّعة، ويكشفها الله بقوله: {هَا أَنتُمْ أُوْلَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} [آل عمران: 119].

 

مشروع الشرق الأوسط  .. حرب على الدين والهوية

العدوان على غزة ليس معزولًا عن سياق أوسع، بل هو جزء من مشروع صهيوني أمريكي لإعادة تشكيل المنطقة، بشعار “الشرق الأوسط الجديد” الذي أعلنته أمريكا ، وأعلنه المجرم نتن ياهو ، تجسيدًا لهذا التوجه، واستمر العدو في تكراره حتى اللحظة، وقد أكد السيد القائد على مخاطر هذا المخطط حين قال: (( والمجرم (نتنياهو) لا يفتأ يعبِّر في كل أسبوع عن هذا الهدف، وبهذا العنوان: [تغيير الشرق الأوسط]، في هذا الأسبوع عبَّر عن ذلك: [تغيير الشرق الأوسط]، بل إنَّه يجعل هذه الجرائم، هذه الاعتداءات، هذا الانتهاك لسيادة الدول، والاستباحة لحرمتها، يجعله بالفعل من هذا العنوان، من تفاصيل هذا العنوان، من ممارسات العدو الإسرائيلي التي تأتي في إطار هذا العنوان، يعني: عنوان [تغيير الشرق الأوسط]، يعني: بالنسبة للعدو الإسرائيلي أن يحتل أي منطقة يريد احتلالها، وأن يستهدف أي بلد يريد استهدافه، أن تكون هذه المنطقة بكلها مستباحةً له في: الدم، والعرض، والمال، والمقدَّسات… وفي كل شيء، وهذا يبيِّن أهمية أن تتَّجه هذه الأُمَّة لموقفٍ صحيحٍ رادع؛ لأن مِمَّا يشجِّع العدو الإسرائيلي على الاستمرار في ذلك، والإصرار على هذا الطغيان والإجرام والاستباحة: ما يقابل ذلك من أُمَّتنا العربية والإسلامية من انعدام الموقف الفعلي، هذا مِمَّا يشجِّع العدو الإسرائيلي))

ما يجري هو محاولة لاستبدال هوية الأمة، وتحويل الكيان الصهيوني إلى مرجعية إقليمية سياسية وأمنية، مع خلق فوضى داخلية مذهبية وعرقية تعمّ المنطقة.

 

استهداف قطر .. سقوط وهم الحماية الأمريكية

حين استُهدفت قطر سياسيًا واقتصاديًا رغم احتضانها أكبر قاعدة أمريكية، ورغم علاقاتها الواسعة بالغرب، كان ذلك إعلانًا صريحًا بانتهاء صلاحية الرهانات التقليدية على “التحالفات” و”العلاقات الدولية”، وفي هذا السياق، قال السيد القائد حفظه الله: ((العدو الإسرائيلي الذي يتجرَّأ على الاستباحة لقطر، بالرغم مِمَّا تمتلكه قطر من ثقل سياسي، ومن علاقات دولية واسعة، ومن علاقات اقتصادية ومصالح اقتصادية مشتركة مع كثيرٍ من البلدان، بما فيها الدول الكبرى في الغرب والشرق؛ مع كل ذلك لم يراعِ العدو الإسرائيلي أياً من هذه الاعتبارات: لا ثقل سياسي، لا علاقات دولية، وحضور دولي سياسي معروف لقطر، وثقل سياسي معروف لها، ولا مصالح اقتصادية مشتركة بينها وبين دول أخرى، من كبريات الدول، كل هذه الاعتبارات لم يعطها العدو الإسرائيلي أي قيمة، وتجاوزها بكلها، واستهدف قطر ، هذا نذير كبير لكل العالم الإسلامي، لكل البلدان، لبلدان الخليج، لحكوماتها، وزعمائها، وقادتها، ولغيرهم، معناه: أنَّ العدو الإسرائيلي لن يرع لأحدٍ هذه الاعتبارات:

–         لا أنَّه يرتبط بمصالح اقتصادية كبيرة مع بلدان الغرب والشرق.

–         ولا أنَّ لديه علاقات قوية مع دول الغرب أو الشرق.

–         ولا أنَّ له ثقل سياسي وازن… ولا أياً من هذه الاعتبارات.

–         ولا حتى أنَّ في أرضه قواعد أمريكية كان يؤمِّل فيها أن تكون عاملاً من عوامل حمايته، والدفع للخطر عنه، ولا حتى ذلك.

إنها رسالة مباشرة إلى كل الدول الخليجية والعربية، أن العدو لا يحترم إلا من يملك القوة والموقف، لا من يملك السفارات والقواعد.

 

الاتفاقيات .. أوراقٌ بلا وزن في ميزان القوة

من كامب ديفيد إلى أوسلو وأبراهام، جُرّت الأمة إلى أوهام “السلام” عبر اتفاقيات لم تُسفر إلا عن مزيد من التنازلات والإهانات. ما يُسمى بـ”التفاهمات” لم تمنع الاعتداءات، وما كُتب بالحبر شُطب بالنار.

وهذا ما أكده السيد القائد بقوله:  ((هذا شيءٌ مؤسف: أن تكون المخرجات فقط بيانات دون مواقف عملية! والعدو الإسرائيلي سخر منها،  ليست المسألة منحصرة على قطر، بل وسائر العالم الإسلامي)).

فلا اتفاق يحمي، ولا تفاهم يصون، ما لم يكن هناك قوة رادعة وموقف حازم.

 

واشنطن .. شريك دائم في العدوان

الولايات المتحدة ليست مراقبًا محايدًا، بل هي الممول، والداعم، والحاضن للمشروع الصهيوني، وهي من تمنح “الضوء الأخضر” لكل مجازر العدو، ولا تُخفي ذلك، بل تُعلنه بلا مواربة.

كما أوضح السيد القائد: ((الموقف الأمريكي واضح تماماً، الموقف الفعلي والحقيقي: أنه مع العدو الإسرائيلي، ومستمرٌ في دعمه .. وليفعل الإسرائيلي ما يريد فعله، فالأمريكي معه على كل حال)).

رهان بعض الأنظمة على واشنطن هو انتحار سياسي، فالحليف الأمريكي لا يحمي إلا مصالحه، ولا يتورع عن التضحية بأي “شريك” في اللحظة الحرجة.

 

المقاومة .. الرد العملي على مشروع الاستباحة

التاريخ أثبت أن الصمود والمقاومة، لا البيانات والوساطات، هي من تحمي الأوطان، ما يجري في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، يؤكد أن خط المقاومة هو الخيار الوحيد المجدي، والمعبّر الحقيقي عن إرادة الأمة.

السيد القائد لخّص ذلك بقوله: ((يسعى العدو الإسرائيلي والأمريكي، يسعى صهاينة اليهود ومن معهم من الصهاينة في كل أقطار الأرض، إلى استعباد هذه الأُمَّة، واللهِ يسعون إلى استعباد هذه الأُمَّة من دون الله، من دون الله! فعندما نجاهد ضد عدوانهم، وطغيانهم، وإجرامهم، ومساعيهم لاستعباد هذه الأُمَّة، ولاستعبادنا ونحن جزءٌ من هذه الأُمَّة، نحن نجاهد في سبيل الله فيما نحن بحاجة إليه، إلى الموقف الذي هو موقفٌ ضروريٌ لِحُرِّيَّتَنا، لكرامتنا، لعِزَّتنا، لشرفنا، نقف في وجه معادلة الاستباحة، التي يريدون أن يعمِّموها))

القرآن الكريم .. مرجعية الموقف والتوجه

في خضم هذا الظلام، يقدم القرآن الكريم النور، ويبين طريق النجاة، الاعتصام بحبل الله، والعودة إلى الرؤية القرآنية، هي السبيل لتوحيد الصف والوعي والبوصلة، ويؤكد السيد القائد ذلك بقوله:((أيضاً في تلك القمة: مخرجاتها، الكلمات فيها، هي أيضاً من التجلِّيات الواضحة لإعراض هذه الأُمَّة، على مستوى القادة، والحكومات، والأنظمة، وعلى مستوى معظم النخب، وعلى مستوى معظم التيارات الشعبية، إعراضهم عن القرآن الكريم، هي تجلِّيات واضحة لذلك الإعراض، ليس هناك أي تفكير بالعودة إلى القرآن الكريم، ولا بأن يكون الموقف قرآنياً، والأُمَّة في هذه المرحلة أحوج ما تكون إلى أن تضبط موقفها بهذا المعيار العظيم والمهم، هو الذي سينتشل الأُمَّة من الهوَّة التي وقعت فيها، أن تعتصم بحبل الله جميعاً، أن تتحرَّك تحرُّكاً جماعياً وفق تعليمات الله، وفق هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن تستنير بنور الله، بهديه العظيم، الله قال عن القرآن الكريم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:9]، اعرفوا العدو من خلال القرآن؛ لتكون معرفتكم معرفةً صحيحة، تبنى عليها مواقف صحيحة، توجُّهات صحيحة، تصرفات صحيحة؛ وكـذلك اعرفوا الحلول العملية من خلال القرآن الكريم، الخطوات والمواقف التي ينبغي التَّحَرُّك فيها، لتتحرَّكوا فيما هو أقوم، في أقوم المواقف، في أَصَحِّها، في أكثرها نفعاً، تأثيراً، إيجابيةً، {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة:16]. ))

 

الفرصة ما زالت قائمة .. إن كنا من المستيقظين

رغم وحشية العدوان وضخامة المؤامرة، ما زالت هناك فرصة حقيقية أمام الأمة. فالمعركة لم تُحسم، وصوت المقاومة يعلو، ووعي الشعوب في تصاعد. من يقف في صف القرآن، في صف الحق، هو المنتصر الحقيقي.

> {فَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].

 

رسالة السيد القائد .. موقف وليس مجرد خطاب

قدم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ، رؤية متكاملة، تستند إلى القرآن والواقع، وتوجه الأمة إلى بناء موقفٍ عملي، موحد، رادع، ينهي معادلة الاستباحة، ويؤسس لنهضة حقيقية عنوانها: العودة إلى القرآن،  والاصطفاف في مواجهة العدو الواحد، بموقف واحد، وببوصلة لا تنحرف.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com