الضفة الغربية على حافة تحول استيطاني..مشاريع بناء تهدد مستقبل الأرض الفلسطينية
يمانيون | تقرير
تشهد الضفة الغربية تطورات خطيرة، حيث تواصل سلطات الاحتلال تنفيذ مخططات استيطانية جديدة تفوق التوقعات في حجمها وتعقيداتها.
في تقريره الأسبوعي الصادر في 8 نوفمبر 2025، حذر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان من أن الضفة الغربية على أعتاب موجة استيطان غير مسبوقة قد تغير بشكل جذري معالم الأراضي الفلسطينية.
هذه الموجة تترافق مع تسارع غير مسبوق في المصادقة على مشاريع البناء، وخاصة بعد تصديق سلطات الاحتلال على مشروع “E1” شرق القدس المحتلة، الذي يعد أخطر مخطط استيطاني منذ عقود.
تسارع المصادقات على مشاريع الاستيطان
أشار التقرير إلى أن هذه الأنشطة الاستيطانية تزداد بشكل لافت في ظل التوترات السياسية التي تمر بها الحكومة الإسرائيلية، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في نهاية العام المقبل.
وبحسب التقرير، فإن الوزراء الإسرائيليين وفي مقدمتهم وزير المالية سموتريتش، يتسابقون لترويج مشاريع استيطانية جديدة، مستفيدين من منصبهم لتعزيز الاستيطان ونهب المزيد من الأراضي في الضفة الغربية.
منذ تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة، أعلن عن 25,960 دونمًا كـ “أراضي دولة”، وهو ما يعادل تقريبًا حجم الأراضي التي تم إعلانها كـ “أراضي دولة” على مدار السبع والعشرين سنة الماضية، ما يدل على تسارع وتيرة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
وبالأخص، أشار التقرير إلى أن سموتريتش، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الاستيطان، أعلن عن خطة لبناء نحو 1973 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية. هذه الخطوة تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية في توسيع الاستيطان بشكل غير مسبوق في الأراضي الفلسطينية.
المخططات الجديدة: خطوات استراتيجية لتعميق الاستيطان
من بين أبرز المشاريع الاستيطانية التي من المتوقع أن تتم المصادقة عليها قريبًا، يأتي مشروع بناء 133 وحدة استيطانية في “تفوح غرب” جنوب نابلس، و720 وحدة في “أفني حيفتس” قرب طولكرم، و568 وحدة في مستوطنة “عيناف” في طولكرم.
بالإضافة إلى ذلك، تم إقرار بناء نحو 178 وحدة في “غاني موديعين” في رام الله، و246 وحدة في “روش تسوريم” في بيت لحم، و128 وحدة في “عيتس إفرايم” في سلفيت. كما صادق مجلس التخطيط الأعلى في نهاية أكتوبر على خطة بناء 1300 وحدة استيطانية في تجمع “غوش عتصيون” جنوب القدس.
من أهم الخطط الاستيطانية التي تثير القلق بشكل خاص هي خطة “E1” التي تم التصديق عليها مؤخرًا. هذه الخطة ستربط مستوطنة “معاليه أدوميم” بالقدس المحتلة، وتعمل على فصل الضفة الغربية إلى قسمين، مما يشكل تحديًا كبيرًا للوجود الفلسطيني في المنطقة ويؤدي إلى تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية.
هذا المشروع يُعتبر تحولًا استراتيجيًا في خارطة الاستيطان، ويهدد بشكل جدي التواصل الجغرافي بين شمال وجنوب الضفة.
ارتفاع استيطاني غير مسبوق
منذ بداية العام 2024، شهدت الضفة الغربية ارتفاعًا كبيرًا في وتيرة النشاط الاستيطاني، حيث تم الدفع بـ 28,872 وحدة استيطانية إلى مراحل التخطيط والمناقصات.
كما أعلن الاحتلال عن مصادرة أكثر من 24,000 دونم من الأراضي كـ “أراضي دولة”، مما يمثل نصف مجمل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بهذا الأسلوب منذ توقيع اتفاق أوسلو.
وفي العام 2025، تجاوزت المصادقات على مشاريع الاستيطان 21 ألف وحدة خلال أشهر قليلة، حيث يتم عقد اجتماعات أسبوعية لمجلس التخطيط الأعلى للمصادقة على هذه المشاريع.
هذه الأرقام تكشف عن مدى تسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، وهو ما يثير المخاوف من أن الاحتلال يهدف إلى فرض أمر واقع جديد من خلال تكثيف النشاط الاستيطاني.
عمليات الاستيلاء على الأراضي والمضايقات المستمرة
لا تقتصر المخاطر على مشاريع البناء فقط، بل يترافق معها موجة واسعة من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية من قبل المستوطنين.
يُذكر أن الاحتلال لا يكتفي بإنشاء المستوطنات، بل يتبع سياسة تطهير عرقي تشمل هجمات متكررة على الفلسطينيين ومضايقات في الأراضي التي تم الاستيلاء عليها. هذه السياسات أدت إلى تهجير أكثر من 60 تجمعًا بدويًا فلسطينيًا من مناطقهم، حيث تعرضت منازلهم ومراكز سكنهم للتدمير.
إن الاستيطان في الضفة الغربية لا يمثل تهديدًا للأراضي الفلسطينية فحسب، بل يشكل تهديدًا وجوديًا للفلسطينيين في مناطقهم. هذا التوسع الاستيطاني يعمق الانقسام الجغرافي ويفصل العديد من المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، مما يعيق أي جهود لتحقيق السلام أو إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
مخاطر استراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي
إن استمرار الاحتلال في تنفيذ هذه المخططات الاستيطانية يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياسة التوسع والتسلط على الأراضي الفلسطينية.
في ظل هذا الواقع، تزداد المخاطر على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية، حيث تواجه هذه الأراضي خطرًا حقيقيًا من الضم والتهويد. هذا التوسع الاستيطاني لا يعكس فقط إرادة الاحتلال، بل يعكس أيضًا فشل المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات حازمة للحد من هذه السياسات.
كما أن هذه السياسة الاستيطانية تأتي في وقت حساس، حيث يزداد الدعم الأمريكي لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، مما يعزز من عدم استقرار الوضع في المنطقة.
إن التحديات السياسية والاجتماعية التي يواجهها الفلسطينيون في الضفة الغربية تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية للضغط على الاحتلال لوقف هذه السياسات الاستيطانية التي تهدد السلام والأمن في المنطقة.