صفقة مسقط .. صنعاء تكسر جمود الملف الإنساني وتنتزع حرية مئات الأبطال
يمانيون | تقرير
في خطوة هامة تعكس التزام صنعاء الدائم بالحلول الإنسانية، تم توقيع اتفاق جديد اليوم يقضي بالإفراج عن 1700 من أسرى الجيش واللجان الشعبية مقابل 1200 من أسرى الطرف الآخر، بينهم 7 سعوديين و23 سودانيًا، في اتفاق جرى بوساطة سلطنة عمان.هذه الصفقة تمثل بداية جديدة لتحريك الملف الإنساني في اليمن، حيث تواصل صنعاء سعيها لتحسين الأوضاع الإنسانية بعيدًا عن الضغوط السياسية والتدخلات الخارجية.
مفاوضات طويلة ونتيجة إيجابية
رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام،رحب بالخطوة، معربًا عن تقديره الكبير لسلطنة عمان على جهودها الفاعلة في إنجاح هذه الجولة.
وقال عبد السلام في تصريح له، “إن هذه الخطوة تمثل نقلة هامة في ملف الأسرى، وتؤكد الجدية في معالجة القضايا الإنسانية التي تهم الشعب اليمني.”
ومن جانب آخر، كشف رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبد القادر المرتضى تفاصيل الصفقة، مؤكدًا أن الترتيبات لتنفيذ الاتفاق جاريّة، وأن التفاصيل الدقيقة سيتم نشرها في وقت لاحق.
وكانت المفاوضات قد استمرت لمدة 11 يومًا في سلطنة عمان، إذ توصلت الأطراف إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين من جميع الأطراف المتنازعة في اليمن.
أهمية الاتفاق في سياق الملف الإنساني
وفي بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، أكد أن المفاوضات التي جرت في عمان كانت مثمرة، وأن الاتفاق يعتبر خطوة إيجابية وهامة نحو تخفيف معاناة الأسرى وأسرهم في مختلف أنحاء اليمن.
البيان دعا إلى ضرورة البناء على هذه الخطوة من خلال تكثيف الجهود لإتمام عمليات الإفراج عن المزيد من المحتجزين في المستقبل، معربًا عن الأمل في أن تؤدي هذه التقدمات إلى نتائج ملموسة في الملفات الإنسانية الأخرى.
سلطنة عمان، التي لعبت دور الوسيط المحوري في هذا الملف، أعربت عن ارتياحها لإتمام الاتفاق، مشيرة إلى أن الروح الإيجابية التي سادت خلال المفاوضات أسهمت في الوصول إلى هذه المرحلة.
وأكدت عمان أن هذه الخطوة تمثل بداية لتحريك باقي الملفات الإنسانية التي طال انتظارها، مشيرة إلى أهمية معالجة القضايا الإنسانية في اليمن على نحو شامل وفعّال.
الخارجية : تقدير وتهنئة للأسرى وعائلاتهم
في سياق متصل، باركت وزارة الخارجية الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن صفقة تبادل الأسرى، مؤكدة في بيانها الرسمي عن تقدير حكومة صنعاء العميق لجهود سلطنة عمان في تسهيل هذه المفاوضات.
البيان، أشاد بما تضمنته الصفقة من إطلاق سراح 1700من أسرى الجيش واللجان الشعبية مقابل 1200 من الأسرى في صفوف الأطراف الأخرى، بينهم سبعة سعوديين و23 سودانيًا.
وأضافت الخارجية في بيانها: “إن هذه الصفقة تعتبر خطوة هامة نحو تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى وعائلاتهم، التي طالما انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر.”
وأكدت الوزارة أن هذه الخطوة تمثل بداية لحلحلة الملفات الإنسانية العالقة في اليمن، معبرة عن أملها في أن تسهم هذه الاتفاقية في دفع باقي الملفات الإنسانية نحو حل شامل، بما في ذلك فتح المطارات والموانئ ورفع الحصار، فضلاً عن استكمال إجراءات دفع رواتب الموظفين الحكوميين في اليمن.
هيئة حقوق الإنسان: مسؤولية دعم التنفيذ الفعلي
بدورها رحبت هيئات حقوق الإنسان بالصفقة، مشيدة بالجهود الإنسانية التي بذلتها سلطنة عمان، في حين حذرت من أن أي تأخير أو انتقائية في تنفيذ الاتفاق يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في اليمن أكدت أن الإفراج عن جميع الأسرى والمختطفين يجب أن يكون دون قيد أو شرط، داعية الجهات الدولية والإنسانية إلى الضغط لضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.
وتأمل الهيئة أن يكون الاتفاق خطوة أولى في معالجة باقي الملفات الإنسانية الملحة، بما في ذلك دفع رواتب الموظفين الحكوميين وفتح المطارات، معتبرة أن هذه القضايا هي حقوق إنسانية وقانونية لا يمكن التنازل عنها.
توقف ملف الأسرى: الضغوط السياسية على السعودية
وتعود آخر عملية تبادل للأسرى إلى أبريل 2023، بعد إعلان الهدنة، إلا أن جميع الجهود بعد ذلك فشلت في تحريك الملف الإنساني نتيجة للضغوط الأمريكية على السعودية من أجل المضي قدماً في الاتفاق، خاصة في ظل الموقف اليمني الداعم للقضية الفلسطينية في معركة “طوفان الأقصى”.
هذه الضغوط السياسية جعلت الملف الإنساني معلقًا، حيث استمرت معاناة الأسرى والمحتجزين بسبب غياب التقدم الفعلي.
ومنذ عام 2022، توقفت العمليات العسكرية الجوية التي شنّتها السعودية والإمارات على اليمن، في إطار هدنة أدت إلى تهدئة الأوضاع العسكرية.
لكن رغم ذلك، لم يشهد الملف الإنساني أي تقدم، حيث ظلت المطارات مغلقة، خصوصًا مطار صنعاء الدولي، واستمرت العراقيل في وصول البضائع إلى ميناء الحديدة.
وأكثر من ذلك، فشلت جميع المحاولات للإفراج عن الأسرى، ما أثار مخاوف من أن يؤدي استمرار الوضع إلى العودة إلى المربع الأول من الصراع.
تحذيرات صنعاء واشتراطاتها المستمرة
ولطالما حذرت صنعاء من استمرار حالة “اللاسلم واللاحرب”، مشددة على أن عدم معالجة القضايا الإنسانية، مثل ملف الأسرى، قد يؤدي إلى عودة الأوضاع إلى دائرة التصعيد.
صنعاء تعتبر أن معالجة القضايا الإنسانية يجب أن تكون في مقدمة أي مفاوضات سياسية، بما في ذلك الإفراج عن الأسرى، ودفع رواتب الموظفين، وفتح المطارات والموانئ، وهي ملفات لا يمكن تجاهلها إذا ما كان هناك رغبة حقيقية في الوصول إلى حل شامل.
وإلى جانب صفقة تبادل الأسرى، تواصل صنعاء الضغط على تحالف العدوان للوفاء بمجموعة من الاستحقاقات الإنسانية، مثل دفع التعويضات للمتضررين من العدوان، ودفع رواتب الموظفين، وفتح المنافذ البرية والجوية، بالإضافة إلى انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية.
وتعتبر هذه الشروط أساسية لأي تقدم سياسي أو إنساني، ولا يمكن تجاوزها في أي مفاوضات قادمة.
ختاماً ..
إن صفقة تبادل الأسرى تمثل خطوة إيجابية ومؤشراً على إصرار صنعاء على تحقيق العدالة الإنسانية، حيث تواصل العمل من أجل تنفيذ الاستحقاقات التي تضمن حقوق الشعب اليمني.
هذه الصفقة، رغم كونها جزئية، تعكس التزام صنعاء بالمضي قدماً نحو حل شامل يتناول جميع القضايا الإنسانية، بدءاً من الأسرى وصولاً إلى الملفات الأخرى مثل الرواتب وفتح المنافذ.
وتؤكد أيضً أن هذه الصفقة لا ينبغي أن تكون خطوة معزولة، بل يجب البناء عليها بتسريع تنفيذ باقي الاستحقاقات الإنسانية.
إذ لا سلام حقيقي دون معالجات جذرية لمشاكل الشعب اليمني، وعلى رأسها إنهاء الحصار، فتح الموانئ والمطارات، ودفع رواتب الموظفين.