Herelllllan
herelllllan2

مقتطفات من المحاضرة الرمضانية 18 للسيد عبدالملك الحوثي

القرآن قدم غزوة بدر الكبرى مع دروس وعِبر
[الآيات القرآنية] اختلف أسلوبها في تقديم هذه الغزوة عن طريقة أصحاب السِّير والتاريخ؛ لأن القرآن الكريم كتاب هداية، فهو قدَّم هذه الغزوة وضمَّنها الدروس والعبر، والتعليمات المهمة التي تحتاج إليها الأمة، وتستفيد منها الأمة جيلاً بعد جيل إلى آخر أيام الدنيا.
سورة الأنفال هي السورة التي عرضت إلى حدٍ كبير غزوة بدرٍ الكبرى.

الجهاد: فريضة قرآنية لاقت التشويه الشنيع
هذه الفريضة العظيمة التي لقيت من جانبٍ: تثبيطاً، وتخذيلاً، وإعراضاً، وتجاهلاً، وشطباً، وإلغاءً، حتى كأنها ليست من فرائض الإسلام، وكأنها لم ترد عنها ولا حتى آية واحدة في كتاب الله، ولقيت من جانبٍ آخر: تشويهاً شنيعاً، حتى قدِّمت بشكلٍ بشعٍ، وبشكلٍ مشوِّهٍ للإسلام نفسه، وبشكلٍ يقدِّم أسوأ صورة ممكنة عن الإسلام، كما فعل ذلك التكفيريون، التكفيريون هم قدَّموا ولا زالوا يقدِّمون صورةً مشوَّهةً سوداء عن مفهوم الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى.
بعودتنا إلى القرآن الكريم، ومن خلال الآيات المباركة التي تحدثت عن الجهاد بشكلٍ عام، أو قدَّمت لنا الغزوات والجهاد في حياة رسول الله – صلوات الله عليه وعلى آله – وهو القدوة والأسوة، وما ضمَّنته مع هذا العرض من دروس وتعليمات وتوجيهات، تقدِّم لنا صورةً إيجابيةً مكتملةً راقيةً عظيمةً عن هذه الفريضة المقدَّسة.
بِـســـمِ اللهِ الرَّحـمَـنِ الرَّحِـيـمِ
{يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} [الأنفال: 1]
تاريخياً: بدأت بالعرض من حيث انتهت المعركة؛ حيث تشاجر البعض من المسلمين من المجاهدين الحاضرين في تلك الغزوة على الأنفال وساء ذات بينهم، وسألوا رسول الله – صلوات الله عليه وعلى آله – من موقع الخصومة التي دارت بينهم على موضوع الغنائم، عندما حرص البعض أن يحصل على قصدٍ وافر، وأصبحت المسألة حسَّاسة.
الدروس: القرآن الكريم جعل المدخل إلى مسألة الجهاد في سبيل الله في هذه السورة المباركة، من نقطةٍ مهمةٍ جداً: فالجهاد في سبيل الله ليست مجرد عملية عسكرية تنطلق فيها وأنت تحمل هاجس النصر والغنيمة، إنما هي مسيرةٌ عظيمةٌ مقدَّسةٌ، تنطلق معتمدةً على أسس ومبادئ وتعليمات وأخلاق، وأول خطوةٍ فيها في هذه السورة المباركة هي: التجرد من الأطماع المادية والمكاسب والمقاصد الشخصية.

إذا حضرت الأنانية ستكون الهزيمة نتيجة حتمية
في القرآن الكريم حديثٌ واسع يركِّز على هذا الجانب في صياغة الشخصية المسلمة، وفي بناء الإنسان المجاهد في سبيل الله سبحانه وتعالى؛ كي يتطهر من الطمع، يخلص من التوجه الذي يغلب عليه المقاصد والمكاسب الشخصية والأنانيات.
إذا دخلت المكاسب والمقاصد الشخصية وحضرت الأطماع المادية وغلبت الأنانية؛ فهذا سيوجه ضربة قاضية لكل ما لا بدَّ منه للنجاح في العمل في سبيل الله: من ألفة، من تعاون، من تنسيق، من تآخٍ، يساعد على العمل الجماعي. لأن العمل في سبيل الله هو عمل جماعي ومسؤولية جماعية، وحينها لا يمكن النجاح، النتيجة التي تترتب على فساد ذات البين، على ضعف التعاون، على الخلل في الألفة، في التنسيق، في تظافر الجهود، التي تسبب الخلل في مدى اللحمة والتعاون، هي ستكون نتيجةً حتميةً هي الهزيمة، الهزيمة ستكون هي النتيجة الحتمية لذلك.

{يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}
الله سبحانه وتعالى يربينا في القرآن الكريم على أن نتجرَّد من الأطماع، أن نتخلص من المقاصد الشخصية، والأنانيات، وهو في نفس الوقت سيمنُّ علينا هو من واسع فضله؛ لأنه عندما قال: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1].
بعد أن يجرِّد الشخصية المسلمة من الأطماع والمقاصد الشخصية والمكاسب الشخصية، هو لا يحرمها من ذلك، في نهاية المطاف إنما تتجه الأنفال التي هي لله والرسول، وما يمنُّ الله به سواءً على مستوى الغنائم أو غيرها، إنما يتجه في نهاية المطاف إلى ما يمثل عاملاً مساعداً لتنفيذ المسؤوليات والأعمال، فرعاية الله تتجه إلى عباده، والخير من الله سبحانه وتعالى واسع، والبركة واسعة، إذا تجرَّد الناس من الأنانيات، والأطماع، والحساسيات الشخصية، والتنافس على الغنائم.
ثم يرسِّخ عندنا هذه النظرة، ويقررها كحكمٍ شرعي: أنها لا تعود إلى الملكية الشخصية أبداً، لا يتجه الإنسان ابتداءً وهو يرى أن له فيها ملكية شخصية، أو استحقاق شخصي، وأنَّ هذه النظرة إذا تعامل الإنسان على ضوئها، وأخذ شيئاً بناءً على ذلك، أو طمع شيئاً بناءً على ذلك، فهذا يعتبر من الغلول، ومن الخيانة التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها، فهي بدءاً تدخل في إطار الحق العام، على هذا النحو الذي يخضع لتوجيهات الرسول وتعليماته كقائدٍ للمسلمين، وهذا ما يزيح عن الناس التنافس والحساسيات، إذا بقيت المسألة مسألة أطماع ومكاسب شخصية، سيترتب عليها الحساسيات الكبيرة، والفتن، والتنافس غير الإيجابي، التنافس السلبي، التنافس غير الشريف، التنافس المطبوع بالطابع المادي والطمع.

بالطاعة لله ورسوله يتحقق النجاح وتأتي الغنائم
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} [الأنفال: 1]، الأمر بتقوى الله سبحانه وتعالى وبصلاح ذات البين وبالطاعة لله ولرسوله – صلوات الله عليه وعلى آله – ركائز أساسية للعمل في سبيل الله، وتتحقق عليها النجاحات، وتأتي الأنفال والغنائم، وتأتي الانتصارات والتمكين الإلهي، ويأتي الرزق والبركة من الله سبحانه وتعالى، ويترتب عليها كل خير. وهذا ما يجب أن نرسِّخه، لأن البعض يكون مهووساً وراء أن يسعى هو شخصياً إلى هذه المكاسب، وتتحول حالة الطمع لديه من وراء عمله وتحركه في سبيل الله إلى سلوك سلبي، وهدَّام، يخرِّب حالة الألفة والتعاون، ويؤثِّر في نهاية المطاف على زكاء النفوس، وعلى التأييد الإلهي، ويؤثِّر حتى على النجاح في الميدان؛ لأنه يتحول إلى هدف.
يوم تحوَّلت المكاسب المادية والحصول على الغنائم إلى هدف في معركة أحد سببت هزيمة المسلمين، والإسلام يربي تربية عالية وعظيمة وأخلاقية وناجحة عملياً.

التزامٌ إيماني: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم}
لا بدَّ من تقوى الله حتى في ذلك: حتى في صلاح ذات البين. لأن البعض ممن هو ناقص الإيمان والوعي، يستهتر بأهمية هذه المسألة، ولا ينظر إليها بما تمثله من أهمية كبيرة، وعامل في النجاح، وقيمة إيمانية وأخلاقية.
صلاح ذات البين من الأمور المهمة الإلزامية، ويعتبر الاهتمام بها من ضمن الالتزامات الدينية الإيمانية، فالإنسان الذي هو مؤمنٌ حقاً، وصادقٌ مع الله، سيحرص على صلاح ذات البين، وأن تكون العلاقة الأخوية مع بقية أبناء مجتمعه المؤمن وإخوته المؤمنين والمجاهدين والعاملين في سبيل الله علاقةً أخويةً إيجابيةً سليمة، ويسعى بكل ما يساعد على صلاح ذات البين: من حسن التعامل، من بذل المعروف، من الاحترام المتبادل، من الإنصاف عند الخطأ، من العدل في المعاملة، بكل ما يساعد؛ وهي تعليمات كثيرة جعلها الله سبحانه وتعالى سبباً لصلاح ذات البين.

من يُفسد ذات البين ليس بمؤمنٍ حقاً
يحذر [الإنسان] مما يُفسد ذات البين، مما يُفسد العلاقة الأخوية: من سوء تعامل، من أوهام، من سوء الظن، من تصرفات سيئة، من معاملات سلبية ظالمة، كل التصرفات وكل التأثيرات النفسية التي تفسد ذات البين يتجنبها ويحذر منها، فهذه مسألة مهمة جداً، وهي تدخل ضمن الالتزامات الإيمانية. بمعنى: أنَّ من يخل بها، من يستهتر بها، ومن لا يلتزم بها، فهو يبرهن على أنه ليس بمؤمنٍ حقاً، أنه ناقص الإيمان، لم يصل بعد إلى مصداقية تامة مع الله سبحانه وتعالى في انتمائه الإيماني.

وجود الإشكالات لا يبرر إفساد ذات البين
لا يبرر للإنسان وجود إشكالات في الواقع العملي أن يتعامل مع ذلك بإفساد ذات البين؛ لأن هذا يخالف توجيهات وتعليمات الله سبحانه وتعالى.
طريقة التعامل مع الإشكالات هي: الحلول بأسلوب عملي، المعالجة بطريقة عملية، وليس بإفساد ذات البين، ونشر البغضاء والكراهية، وسوء الظن، وتوجيه الاتهامات، ونشر الكلام السلبي الذي يهدم حالة الأخوة الإيمانية التي هي فريضة إيمانية بحد ذاتها؛ فصلاح ذات البين من الالتزامات التي يجب أن تراعى بدافعٍ إيماني كطاعةٍ لله سبحانه وتعالى.

التزاماتٌ تجلي مصداقية الإيمان
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} [الأنفال: 1] لأن الالتزام العملي والطاعة هي التي لا بدَّ منها تجاه كل هذه التوجيهات، الإنسان الذي يسمع ثم لا يطبِّق، لا يلتزم، لا يعمل، ليس بمؤمنٍ حقاً؛ أو يطبِّق جزئياً ويرفض الجزء الآخر بحسب مزاجه الشخصي، لا يجوز أبداً أن يكون المزاج الشخصي هو الذي يحكم عملية الالتزام والتنفيذ العملي، لا يجوز ذلك. يجب أن يكون الإنسان مطيعاً لله سبحانه وتعالى طاعةً تامة، قانتاً لله، وأن يتعامل مع هذه التوجيهات سواءً: في صلاح ذات البين، أو في تقوى الله سبحانه وتعالى والالتزام بتقواه في أداء المسؤولية، أو في التجرد من المقاصد الشخصية والأطماع الشخصية والأطماع المادية؛ يجب التعامل بطاعة وتنفيذ لتوجيهات الله سبحانه وتعالى، وأن تكون عملية الالتزام هي الطابع الذي يحكم الواقع العملي، والتنفيذ في مسار العمل في سبيل الله سبحانه وتعالى،
{إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} [الأنفال: 1]، إن كان الإنسان مؤمناً حقاً فمصداقية إيمانه تتجلى من خلال هذا الالتزام: الالتزام بتقوى الله، الالتزام بصلاح ذات البين، الطاعة في الواقع العملي وفي مسار العمل في سبيل الله سبحانه وتعالى.

الجهاد عمل إيماني يجب أن تكون دوافعه إيمانية
مسيرة الجهاد في سبيل الله يجب أن تكون منطلقاتها إيمانية، إذا غاب الدافع الإيماني، تحول العمل في سبيل الله إلى عمل روتيني تحكمه أطماع وأهواء، فيمثل هذا انحرافاً يترتب عليه سلبيات كثيرة في الأداء العملي؛ حينها يحصل الظلم، حينها يحصل الفساد، يحصل الشتات، تظهر السلبيات الكثيرة، وهذا غير مقبول أبداً ولا يمثِّل الجهاد في سبيل الله.
فالجهاد في سبيل الله هو عمل إيماني، منطلقاته إيمانية، دوافعه يجب أن تكون إيمانية، والالتزام فيه في كيفية الأداء، في عملية التنفيذ، في كل تفاصيلها، يجب أن تكون محكومةً بالإيمان، الإيمان أخلاق، الإيمان تشريع، الإيمان كذلك توجيهات وتعليمات، الإيمان ضوابط يلتزم بها الإنسان.

المؤمنون حقاً:
{إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم}
هم من: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم} [الأنفال: 2] لاستشعارهم لعظمة الله، لخوفهم من الله، لمحبتهم لله، لرجائهم في الله، قلوب ملؤها الإيمان، الإيمان حاضرٌ فيها، يحل محل الأطماع، محل الأنانيات، إيمانٌ يعمر هذه القلوب ويؤثِّر فيها؛ فإذا ذكر الله، وذِكرُ الله سبحانه وتعالى هو ذكرٌ في مقام العمل، في مقام المسؤولية، في مقام العبادة والطاعة؛ وبالتالي تتأثر وتتقبل.
الإنسان الذي يوجل قلبه من ذكر الله سبحانه وتعالى، إذا ذُكِّر بالله حتى في حالة الغفلة التي كان فيها قد خالف، أو أخطأ في شيءٍ ما، أو كان توجهه في موضوعٍ ما توجهاً خاطئاً، فهو بالتذكير له بالله سبحانه وتعالى يتأثر، ويخاف من الله سبحانه وتعالى؛ فيتقبل، وينضبط، ويلتزم، ويطيع الله سبحانه وتعالى، وينفِّذ تلك التعليمات مهما كانت مخالفةً لهوى نفسه، مهما كان بمزاجه الشخصي لا ينسجم معها، مهما كان في حالة غضبٍ وانفعال، أو في حالة اغراءٍ وأطماع، أو في حالة مخاوف ضاغطة سلبية، فالتذكير له بالله سبحانه وتعالى يترك أثراً إيجابياً في نفسه يساعده بل يدفعه إلى الالتزام العملي

المؤمنون حقاً:
{وَإِذَا تُلِيَت عَلَيهِم آيَاتُهُ زَادَتهُم إِيمَاناً} [الأنفال: 2]
إذا ذُكِّروا بآيات الله سبحانه وتعالى يزداد وعيهم، يزداد فهمهم، تزداد بصيرتهم، تزكو نفوسهم، يتأثَّرون؛ فيتقبَّلون، وفي نفس الوقت تتجلى لديهم الحقائق في الواقع العملي بما يزيدهم بصيرةً، بما يزيدهم قناعةً، بما يزيدهم يقيناً.
فزيادة الإيمان عند التذكير بآيات الله هي زيادةٌ في الوعي، زيادةٌ في الفهم، زيادةٌ في البصيرة، زيادةٌ في المعرفة، زيادةٌ في زكاء النفس، زيادةٌ في إصلاح الإنسان وتهذيبه، وتصحيح وتصويب تصرفاته وأعماله وسلوكياته ومواقفه، وفي تصحيح توجهاته واندفاعاته ومنطلقاته؛ وهي أيضاً تَجلٍ في الواقع بشكل حقائق تظهر في الواقع العملي، ونتائج تظهر في الواقع العملي، تمثل شواهد لتلك الآيات التي سمعها الإنسان في كتاب الله سبحانه وتعالى فيزداد يقيناً بهدي الله وبآيات الله سبحانه وتعالى.

المؤمنون حقاً:
{وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]
يعتمدون بشكلٍ أساسيٍ وتامٍ وكاملٍ على الله سبحانه وتعالى، اعتمادهم على الله سبحانه وتعالى كلياً من منطلق الثقة بالله سبحانه وتعالى، من منطلق الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، والاعتماد عليه، والأمل بفضله، والرجاء فيما وعد به، ولذلك لا يعتمدون على أنفسهم، ولا ينطلقون من حسابات يرتكزون فيها على ما يؤملون أن يحققوه شخصياً، بل كل اعتمادهم على الله، وتوكلهم على الله سبحانه وتعالى، هذا التوكل الذي يساعدهم على الانطلاق في مواجهة التحديات مهما كانت، في عدم التأثر بالمخاوف والاعتبارات الأخرى.
فهم دائمو التوكل على الله سبحانه وتعالى في مختلف المراحل والظروف، عندهم ثقة بالله وأمل عظيم بما عند الله، مهما كانت التحديات، مهما حصل في الواقع، لا يفقدون ثقتهم بالله، ولا أملهم بالله، ولا التجاءهم إلى الله سبحانه وتعالى.

من يتوكل على الله لا يتأثر بأي مخاوف
مثلاً: الخوف من الفقر، أو الخوف من الظروف الصعبة، أو الخوف من نفاد ما يمتلكونه أو ما بأيديهم من وسائل لا يؤثِّر عليهم، وهذا يساعدهم على الاستقامة، إذا ضعف توكل الإنسان على الله، فهذا يؤثِّر عليه تأثيراً سلبياً حتى لو كان يتحرك في سبيل الله. مثلاً: يظن أنه إذا لم يغل من الغنائم، إذا لم يحسب حساب مصالحه الشخصية، أو حتى في إطار الحسابات العملية، فيتجه إلى اللعب، ويتجه إلى الإخفاء، ويتجه إلى تصرفات سلبية؛ لأنه يظن أنها هي التي ستفيده في المستقبل، هنا لم يعد يحسب حساب الله سبحانه وتعالى، يحسب حساب شطارته – حسب التعبير المحلي – أنه وبحسب ذكائه وما يفعله من حيل والتواءات وتصرفات فيها غش، فيها غلول، فيها خداع، فيها ابتزاز، وفيها سلوكيات مقيتة، لا تشرفه أخلاقياً، ولا إنسانياً، ولا إيمانياً، فهو يتصرف ليحصل على أكبر حصة ممكنة من الإمكانات على حساب كل الأعمال الأخرى، وكل الجبهات الأخرى، أو يتصرف بأي طريقة غير سوية، ولا سليمة، ولا إيمانية، ولا أخوية، ينطلق وهكذا سجيناً وأسيراً للحسابات الشخصية والنظرة الشخصية، وقد ضعفت ثقته بالله سبحانه وتعالى، وأمله بالله، وتوكله على الله سبحانه وتعالى.
التوكل على الله ركيزة أساسية في العمل في سبيل الله سبحانه وتعالى، أمام كل هذه السلبيات والمخاوف، المخاوف من الأعداء، المخاوف أيضاً على المستوى الاقتصادي، المخاوف على المستوى المادي؛ المخاوف من كل جانب، الإنسان المؤمن حقاً هو دائماً دائماً في كل الظروف، في كل المراحل، في كل المحطات، تجاه مختلف الأوضاع، هو متوكلٌ على الله سبحانه وتعالى.

مواصفات المؤمنين
{إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَإِذَا تُلِيَت عَلَيهِم آيَاتُهُ زَادَتهُم إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ المُؤمِنُونَ حَقّاً لَهُم دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 2-4].
قُدِّمت هذه المواصفات: الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً، على ربهم يتوكلون، كلها معطوفةً على بعضها البعض كمواصفات إيمانية موجودة وقائمة ومستمرة ولازمة.
ولاحظوا أهمية ذلك: لأن البعض قد تكون منطلقاته إيجابية في البداية، إلى أن يصل إلى مراحل معينة تتغير نفسيته، يضعف التزامه العملي، طاعته، استقامته، وأصبح لا ينفع فيه التذكير بآيات الله، يصل إلى هذا المستوى من السوء، وهذه حالة لم يعد فيها الإنسان مؤمناً حقاً.

الإصرار على فساد ذات البين يُفسد الإيمان!
إذا أصر على فساد ذات البين وهو يذكر بماذا؟ بآيات الله، بكلمات الله، بتوجيهات الله، بتعليمات الله، بأوامر الله في إصلاح ذات البين، فيرفض ويصر على فساد ذات البين؛ عليه أن يعرف حتى وإن كان قد جاهد، حتى وإن كان قد عمل، حتى وإن كان قد ضحى، لكنه وصل إلى وضعية خطيرة وهو في منزلقٍ خطير قد فقد فيه إيمانه بالله سبحانه وتعالى وأصبح أسيراً لأسباب شخصية، لمقاصد شخصية، لأغراض شخصية، لمنطلقات شخصية سجنته وغطت على قلبه، وأفسدت نفسيته إلى درجة فقد فيها التأثر بآيات الله سبحانه وتعالى، ليست مسألة سهلة إذا فقد الإنسان تأثره بآيات الله، قضية خطيرة جداً، قضية خطيرة للغاية.
{سَيَذَّكَّرُ مَن يَخشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشقَى * الَّذِي يَصلَى النَّارَ الكُبرَى} [الأعلى: 10-12]، يعتبر هذا مؤشراً خطيراً على الإنسان إذا أحسَّ به في نفسه أن يحذر، أن يسعى للخروج من تلك الحالة الخطيرة جداً.

المؤمنون حقاً:
{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ}
من الحالات اللازمة لهم الصلاة القيمة:
فهم مستمرون على اهتمامهم بالصلاة، وأن تكون صلاةً قيمة، تؤتي ثمرتها في أنفسهم، في استقامتهم، في التزامهم، تنهاهم عن الفحشاء وعن المنكر بكل أشكاله، المنكر الذي يأتي إلى التصرفات والسلوكيات والأعمال والمواقف والتوجهات والنفسيات.
يحملون روحية العطاء بشكلٍ دائم:
فكل ما رزقهم الله رزقاً ينفقون منه، وهي حالةٌ مستمرةٌ عندهم روحية العطاء والإنفاق، ولذلك ليسوا ممن يحمل روحية الطمع، ولا يفكر إلا بأن يأخذ، ولا يفكر إلا بأن يحتكر، ولا يفكر إلا بأن يسيطر على المزيد والمزيد، لا، هم يختلفون عن ذلك، روحيتهم روحية عطاء وروحية إنفاق، وهذا على نحوٍ واسع يعني: يشمل الزكاة، يشمل الإنفاق في سبيل الله، يشمل الصدقة في البر، يشمل التعاون في العطاء فيما فيه الخير، فيما فيه العمل في سبيل الله سبحانه وتعالى.

المؤمنون حقاً:
{لَهُم دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ}
{لَهُم دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِم} [الأنفال: 4]، مراتب عالية، هذه المراتب عند الله سبحانه وتعالى يترتب عليها رعاية من الله، يترتب عليها مستوى العطاء الإلهي لهم، حتى مستوى منازلهم في الجنة، ومستوى ما أعده الله لهم في الجنة، البعض مثلاً في مقابل أن يحصل على رتبة، قد تكون هذه المسألة في غاية الأهمية عنده، وأن تكون رتبة عالية، رتبة عقيد، رتبة عميد، رتبة لواء، رتبة مشير، رتبة فريق؛ المراتب هذه، طموح إليها، وقد يعمل أي شيءٍ في مقابل الوصول إليها. هذه المراتب أعلى، أعلى من مسألة رتبة عميد أو لواء أو فريق أو مشير أو غير ذلك؛ رتبة عند الله ومنزلة عالية عند الله سبحانه وتعالى يترتب عليها أشياء كبيرة جداً في تدبير الله، في رعايته، فيما أعده، فيما يعطيه من واسع فضله سبحانه وتعالى، وهذا ما تطمح إليه النفوس العالية، وذوو الهمم العالية والنفوس الرفيعة تطمح إلى المقام والمنزلة العالية عند الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الأهم.

المؤمنون حقاً:
{لَهُم دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ}
{وَمَغفِرَةٌ}: مغفرة على الزلل، مغفرة على التقصير الذي يسعون إلى تداركه، وعلى التقصير الذي قد يحصل – عادةً – في الواقع العملي مهما بذل الإنسان جهده يبقى عنده تقصير، فهم ينيبون إلى الله، وهو جل شأنه الذي يغفر لهم بهذا التوجه، بهذا التقبل، بهذا الاهتداء، بهذا التجاوب، هذه الاستجابة مع تعليمات الله وتوجيهات الله سبحانه وتعالى.
{وَرِزقٌ كَرِيمٌ}: وعدٌ من الله سبحانه وتعالى بالرزق الكريم، رزقٌ كريمٌ في الدنيا وفي الآخرة، في الآخرة الجنة، رزقٌ كريمٌ جداً وعظيمٌ جداً، وفي الدنيا يمنحهم الله ما يمنُّ به عليهم من الرزق بكرامة: من دون تحيلات، من دون أساليب سلبية ووسائل غير مشروعة للحصول على المال من هنا أو من هنا، أو للخيانة أو للغلول، أو للحيل والالتفافات للحصول على المزيد والمزيد من الأموال، الطرق غير الكريمة، الطرق التي هي سلبية وسيئة ودنيئة؛ أما هم فيحصلون على رزقٍ كريمٍ من الله لالتزامهم وإيمانهم وتقواهم.

{كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقَاً مِنَ المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5]
تاريخياً: عندما خرج رسول الله – صلوات الله عليه وعلى آله – إلى بدر، كان البعض ممن خرج كارهون للخروج؛ لأنها ستكون أول عملية عسكرية كبيرة، وأول صدام مباشر وكبير بين المسلمين وأعدائهم، كان البعض متخوفين وقلقين، ولربما يتوقعون – إلى حدٍ كبير – الهزيمة، ويتوقعون أن يسحقهم العدو، وهذا كان حالاً ينم عن قصور في الجانب الإيماني، وفي التوكل على الله، والثقة بالله.
الرسول – صلوات الله عليه وعلى آله – كان خروجه بأمرٍ من الله، بتوجيهاتٍ من الله، وهذا هو الذي نتربى عليه في الجهاد في سبيل الله: أن نتحرك بناءً على تعليمات الله، استجابةً لتوجيهاته، {كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ}؛ ولأن هناك توجيهات من الله سبحانه وتعالى فهذا كافٍ في أن يتحرك الإنسان، وفي أن يندفع، وفي أن ينطلق، وفي أن يستجيب لله سبحانه وتعالى، والدافع الإيماني يدفع الإنسان للالتزام والطاعة والتحرك.

{كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ} [الأنفال: 5]
والخروج هو بالحق، عندما تتحرك في سبيل الله فلا بدَّ أن تكون في موقف الحق؛ لأن الله سبحانه وتعالى عندما أمرنا هو يأمرنا بالحق؛ والقضية التي تتحرك فيها لا بدَّ أن تكون قضية حق، لا تكون فيها ظالماً؛ إنما تتحرك وفق التعليمات الإلهية، وهذا يستوجب أن يكون المنطلق منطلقاً إيمانياً، من أجل الله سبحانه وتعالى، وأن تكون قضيتك عادلة، لا تقف في موقف الباطل، الذي يقف في موقف الباطل حتى لو سماه جهاداً في سبيل الله فليس بجهاد، عندما يكون ظالماً، مبطلاً، مفسداً، غاشماً، مجرماً، كما يحصل اليوم:
التكفيريون يتحركون بظلم وإجرام وإفساد، وخدمة لأعداء الأمة، ويسمون ذلك جهاداً
المعتدون على بلدنا – على اليمن – يسمون ما يرتكبونه من أبشع الجرائم الرهيبة والشنيعة، وسعيهم لاحتلال هذا البلد واستعباد هذا الشعب، جهاداً في سبيل الله
ليست المسألة مسألة عنوان، بل لا بد أيضاً من المضمون، تكون القضية حقاً وبالحق، وهذا كافٍ للخروج والتحرك.

{يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرُونَ} [الأنفال: 6]
فهم يجادلون من منطلق مخاوفهم وليس من منطلق أن هذا الموقف خاطئٌ يجب تصحيحه، ليس من منظور الحق؛ وإنما من منظور المخاوف النفسية التي هي ناتجة عن ضعفٍ في الإيمان.
كانوا يعانون من هذه الحالة: مخاوف شديدة طغت عليهم وأثرت عليهم حتى لم يكونوا مؤملين للنصر وراجين للنصر، كأن المسألة الحتمية هي الهلاك والتوقعات التي أصبحت توقعات رئيسية لديهم هي النهاية، فكانت توقعاتهم وحساباتهم خاطئة، هناك درس مهم من هذا؛ لأن الكثير من الناس لا يزال ينظر هذه النظرة الفاقدة للأمل، اليائسة من النصر، التي لا تثق بالله سبحانه وتعالى، والتي تنطلق من حساب التكافؤ المادي والعددي، وليس بحساب التوكل على الله، والأخذ بأسباب النصر التي أرشد إليها القرآن الكريم.

{وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم} [الأنفال: 7]
{الطَّائِفَتَينِ}، طائفة العير: القافلة التجارية التي كان على رأسها أبو سفيان ومعه عددٌ معه؛ والطائفة الأخرى الجيش المسلح الذي خرج من مكة يقوده أبو جهل بهدف القضاء على المسلمين عسكرياً.
الله وعد المؤمنين إحدى الطائفتين – الظفر بإحدى الطائفتين – فكانت رغبتهم تتجه في أن يظفروا بـ{غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ}، يعني: غير الطائفة المسلحة، يعني القافلة التجارية التي على رأسها أبو سفيان ومعه عددٌ معه من المشركين، ومعنى هذا أنهم كانوا يرغبون بالحصول على تلك القافلة التجارية ومن معها، كان أبو سفيان بنفسه هدفاً مهماً بالنسبة للمسلمين؛ باعتباره أحد القيادات البارزة والأساسية للأعداء، ومعه البعض ممن معه. وكانوا لا يرغبون بالاصطدام العسكري، كانوا لا يرغبون بالدخول في المعركة العسكرية ولكن إرادة الله سبحانه وتعالى أن يلتحموا عسكرياً، وأن يكون الظفر بالجيش المسلح الذي خرج للقاتل من جانب العدو، لأن تحطيم قوة العدو العسكرية كان الأهم، والأكثر نتيجة من مسألة الظفر بالطائفة غير المسلحة، التي هي طائفة القافلة التجارية: أبو سفيان ومن معه.

{وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ} [الأنفال: 7]
لأن إحقاق الحق يكون بتحطيم قوة العدو العسكرية وبإفشاله عسكرياً؛ هذا الذي يحق الحق في الواقع العملي؛ لأن الحق يبقى عنواناً، ما لم يأتِ التحرك به وإزاحة كل الباطل من أمامه في الواقع العملي، إحقاق الحق يأتي بالتضحية، يأتي بالموقف، يأتي بالعمل، يأتي بالجهاد في سبيل الله وفق التعليمات والتوجيهات القرآنية، لو كنت صاحب حق ومظلومية ولا تريد أن تتحرك، ولا تريد أن تضحي، ولا تريد أن تنهض بهذه المسؤولية؛ فلن يتحقق لك هذا الحق، سيبقى مجرد عنوان، {وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ} يعني: عن طريق توجيه ضربة قاضية لتلك القوة العسكرية التي خرجت.

{لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمُونَ}
ليُحق الحق في الواقع! يتحول إلى حالة قائمة، حالة سائدة في الواقع، وليس مجرد عناوين؛ إنما عملياً من خلال انتصار لهذا الحق ولأهله، فيتحول إلى حالة قائمة في الساحة ولو كره المجرمون. {وَيُبطِلَ البَاطِلَ} يبطل الباطل كذلك بضربه، وبتحطيم قوته وما يستند إليه وما يعتمد عليه؛ حتى يزاح من الواقع.
ولو كرهوا وترتب على كرههم هذا كل ما يستطيعونه، وكل ما يحيكونه من مؤامرات ومكائد؛ لأن تحت عنوان (كَرِهَ) كل ما سيفعلونه من أعمال، وما سيخططون له من أعمال، ويكيدون له من مؤامرات، فكل مؤامراتهم ستبوء بالفشل، عندما تتحرك الأمة بجد، بصدق، بتوكلٍ على الله سبحانه وتعالى وفق التعليمات والتوجيهات الإلهية، بصلاح ذات البين، بالتعاون، بالالتزام بهذه التعليمات والقيم، الله سبحانه وتعالى يحق الحق.
وفعلاً هذا ما حصل: أحق الله الحق وانتشرت راية الإسلام، وثبت الإسلام واستقوى أمره، استقوت الأمة الإسلامية ونمت وعظمت، وكانت هذه المعركة بداية السقوط لقوى الشرك والاستكبار آنذاك حتى اضمحلت وتلاشت وانتهت وهُزمت هزيمةً نهائية، وحتى أتى يوم الفتح الذي فتح الله به مكة، وانتشر به الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية كافة، فإذاً لا بدَّ من التحرك.

ما الذي أحقَّ الحقُّ في لبنان وغزة والعراق واليمن؟
عندما نتأمل مثلاً في نماذج كثيرة في واقعنا المعاصر، مثلاً: في مظلومية الشعب اللبناني كان الحق هو خروج إسرائيل من لبنان، وطرد إسرائيل من لبنان، من الذي أحق هذا الحق، هل مجلس الأمن؟ هل الأمم المتحدة؟ هل الجامعة العربية؟ الله أحق هذا الحق بجهود وتضحيات المجاهدين اللبنانيين في حزب الله وحركات المقاومة، عندما تحركت واعتمدت وتوكلت على الله، عندما جعلت من المنطلقات الإيمانية منطلقات تتحرك بها في الواقع العملي، في نهاية المطاف أحق الله هذا الحق عملياً، وطُردت إسرائيل.
ما الذي أحق الحق في غزة؟ ما الذي أحق الحق يوم طردت أمريكا من العراق؟ ما الذي أحق الحق في ثبات شعبنا اليمني إلى اليوم؟ إلا أن يتحرك الناس وفق توجيهات الله سبحانه وتعالى من هذه المنطلقات الإيمانية العظيمة التي تمثل وقوداً عظيماً، وتمثل طاقةً هائلة في مواجهة التحديات مهما كانت.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com