Herelllllan
herelllllan2

قرارٌ مزَّق نفاقَ العروش وأسقط جبروتَ الإجرام.. السماء ليست لكم أيـضًا

يمانيون../
بعدَ أن جُهِّزت الأرضُ للخيانة، وتواطأ الملوك والأمراء، وتقدمت أنظمة العار لتسليم مفاتيح المسجد الأقصى عبر بوابة الصمت والتطبيع، كان لا بد أن يصعد صوت الحق من مكانٍ ما؛ من صنعاء التي مزَّقت الطوق وفرضت أولَ حصار جوي شامل من نوعه في التاريخ العربي القديم والحديث.

في زمن السقوط العربي الكامل، حَيثُ بيعت فلسطينُ مقابل حِمايةِ العروش، وذُلَّت الشعوب باسم الأمن والسلام الإقليمي، خرج اليمن من تحت ركام حرب عشر سنوات، ليعلن أنه القوة التي تعيد صياغة المعادلات، ويقرّر حظر الطيران من وإلى كيان الاحتلال، بعد أن أثبت للعالم أن مطار اللد المحتلّ المسمَّى صهيونيًّا “بن غوريون” نفسه تحت مرمى نيرانه.

لم يعد الصاروخ اليمني مُجَـرّد مقذوف، كما كانت تحب وسائل الإعلام الصهيونية والمتصهينة أن تنعته، بل جاء رسالة من السماء قلبت الطاولة، وقالت للعدو: لا أمان لك في السماء، كما لا أمان لك في البحر، ولا أمان لك في الأرض، ولحلفائه العرب، أبرقَ: من لم يقف مع غزة اليوم، فعدوه ليس الصهيوني، بل الأُمَّــة.

وفي وقتٍ باتت أبواق الأنظمة العميلة تجلد “المقاومين” تحت لافتة “طاعة ولي الأمر”، وترتعش أقلامهم في وجه إبادة أطفال غزة، ارتفع صوت اليمن ليقول: “لن نسمح باستباحة سوريا ولبنان، ولا بتهويد القدس، ولا بخنق غزة”، وحوّل الكلمات إلى أفعال، أصابت المطار، وأجبرت شركات الطيران على الإلغاء والانسحاب.

هنا لا تقف القصة عند حدود اليمن، بل يجب أن تمتد لتصبح نموذجًا لما يجب أن يكون عليه الموقف؛ إذ لا مساومة، لا حياد، لا تردّد؛ بل قتال حتى يرتدع العدوّ؛ فالتحذير اليمني ليس إعلان نوايا، بل كان إعلان مرحلة جديدة: كُـلّ من يمُسّ فلسطينَ، سيمسّه لهيبُ صنعاء.

وما بين عجز الأمم المتحدة، ونفاق الإعلام الدولي، وخيانة بعض الأنظمة، ظهرت الحقيقة ساطعة، بأن إرادَة الشعب اليمني برغم جراحه لا يزال هو من يكتب التاريخ، وأن “الفتحَ الموعودَ” لم يكن شعارًا؛ بل وعدًا يتشكَّلُ على وَقْعِ العملياتِ المتنوعةِ هُنا وهُناك.

القرارُ اليمني الجريء بفرضِ الحصار الجوي، كشفٌ كامِلٌ لضَعِفِ الكيان العسكري، ولزيف قوته الدعائية؛ فأول صاروخ على مطاره هزَّ أركانه، ويتساءل مراقبون عسكريون: كيف لو جاءت زَخَّات منه أكثر عددًا، وكيف لو تكرّرت؟ فعن أيَّةِ مطارات آمنة بعد اليوم يتحدثون؟

لقد أراد الأمريكي نقل المعركة إلى اليمن، فنجح اليمن في نقلها إلى العمق الصهيوني، وأربك الحسابات الأمريكية والغربية، وأعاد للأُمَّـة بُوصلتها، مفجِّرًا في الوقت نفسه أسئلة الخيانة والتخاذل في قصور العرب، من الذي بقي وفيًّا لفلسطين؟ من الذي لا يزالُ يرى في الجهاد والمقاومة خلاصًا لا إرهابًا؟

في الأثناء أجاب العالَمُ الحُرُّ ميمِّمًا وجهَه شطرَ اليمن: أنتم أيها اليمنيون الأنصار جبهة التحرير الجديدة، في زمن الردة والخِذلان؛ فالمعركة اليوم ليست معركة فلسطين أَو مقاومتها في غزة، بل هي لما تبقى من شرفٍ لَدُنْ الأُمَّــة، فإما أن يلتحق الجميع بركب اليمن نحوَ العزةِ والكرامة، أَو أن يدفنوا رؤوسَهم في رمالِ الذلة والعار.

عبدالقوي السباعي | المسيرة

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com